أربعة عشر يوماً تفصلنا عن الانتخابات الرئاسية الإيرانية. لا يبدو الأمر طبيعياً في الجمهورية الإسلامية هذه الأيام. فلم تعد التيارات السياسية، متسامحة مع بعضها بمستوى «خفض الجانب» كما كان يحدث، بل هي مُتَنَمِّرة ضد بعضها بشكل واضح، حتى داخل التيار الواحد.
المحافظون نَزَلوا بأربعة وجوه ونِصفَي وجه. والإصلاحيون، نزلوا بوجهَيْن ونِصفَي وجه. لم ينسحب أحد لصالح أحد (لغاية الساعة على الأقل). وهو ما يعني أن حدود التحالفات والبرامج ليست مسكوكة بينهم بشكل مبرم. وإن حصل، فمن باب «ليس لنا مِنْ خيار إلاَّ هو» لا أكثر.
إحدى عشرة دورة رئاسية مَرَّت على إيران منذ 34 عاماً. وفي كل منها يَتَلَمَّظ المتابعون طعماً مختلفاً. في انتخابات 1980 الرئاسية التي فاز فيها أبو الحسن بني صدر، كان الصراع مكتوماً بين الإسلاميين والعلمانيين، وما بين الإسلام التقليدي، والإسلام الأوَّلي. وخلال انتخابات 1981 الرئاسية والتي فاز فيها محمد علي رجائي كانت المعركة لتثبيت الهوية الدينية الخالصة.
وخلال انتخابات العام 1981، والتي فاز فيها آية الله علي خامنئي، كانت مسرحاً لبداية عهد سيطرة العمامة وزحفها على مقاليد السلطة بعد إقصاء العلمانيين. وخلال انتخابات 1985 والتي فاز فيها آية الله خامنئي لدورة ثانية فقد كانت انعكاساً تاماً لجبهة الحرب المستعِرة مع العراق.
وفي العام 1989 كانت الانتخابات التي فاز فيها هاشمي رفسنجاني مسرحاً لصراع «روحانيون مبارز» (اليسار الديني) و«رحانيت مبارز» (اليمين الديني) على السلطة، وانتصار الثانية على الأولى، في أكبر عملية التفاف تقوم بها القوى الثورية ضد القوى الأكثر راديكالية في السلطة.
وفي انتخابات 1993، التي فاز فيها رفسنجاني لدورة ثانية فقد كانت صورة كربونية من سابقتها لا أكثر، بعد تفرُّد تيار البناء بمقاليد السلطة، ونشوء ما كان يُعرَف باليمين الصناعي، أو مجموعة الستة عشر، التي ظَهَرَ منها لاحقاً (أو هي ساهمت في نشوء) التيار الإصلاحي.
وفي معركة مايو 1997، كانت الانتخابات تعبيراً حتمياً للجيل الثالث، والفتوَّة الإيرانية الصاعدة، حيث كَشَفَت تلك الانتخابات، عن مدى ابتعاد خطاب السلطة المحافظة، عن قطاعات كبيرة من الشعب الإيراني، الأمر الذي شكَّل صدمةً للحكم والحوزة الدينية.
وخلال العام 2001، كانت الانتخابات تعبيراً عن بداية اليأس الإصلاحي في إيران، بعد تقهقر الخاتمية لدورتيْن، وانشطار القوى الإصلاحية. وفي العام 2005 كانت الانتخابات انعكاساً للشِّقاق الرأسي في بُنيَة السلطة داخل إيران، وبالتحديد داخل مراكز القوى اليمينية التقليدية.
وفي يونيو 2009، كانت الانتخابات التجلي الأكبر لمشروع هَدْم الأخلاق السياسية في إيران، حيث سَلَكَت النجادية المتشددة، مبدأ ضرب الرؤوس، وفسخ الوحدة الوطنية، وتثبيت حالة الشَّك داخل الطبقة السياسية الحاكِمة، الأمر الذي أدى إلى ظهور أنصاف محافظين، وانزياح أطراف في داخلها نحو اليسار الديني أو نحو الانفراد بشكل جديد من الرأي السياسي.
أما الانتخابات التي ستجري في الرابع عشر من الشهر الجاري، فهي في الحقيقة، انتخابات الإزاحة والنقاء الثوري. فلأول مرَّة، يتم تعبيد الطريق بهذا الشكل لوصول أشخاص لا يمتلكون فرصة تثوير جدل سياسي داخلي، كونهم لا يحظون بكاريزما ولا قدرة على المناطحة الصلبة.
كان الحال في السابق، يجري على المستوى البرلماني، حيث هناك 290 نائباً. فقد قام مجلس صيانة الدستور في العام 2004 برفض أهلية 3600 مرشَّح إصلاحي ومستقل من أصل 8160 أي بنسبة 44.1 في المئة ممن تقدموا بطلبات ترشيح للانتخابات النيابية السابعة بينهم 82 نائباً برلمانياً حينها.
وحتى العام 2009، لم يكن النظام بصدد إجراء تشذيب في فروة الطبقة السياسية لديه، حيث سَمَحَ لمير موسوي ومهدي كروبي بالترشُّح، لكنه وبعد الاحتجاجات التي أعقبت الانتخابات، اتبع سياسة الفرز الحاد. واليوم بات التشذيب يطال حتى وسط اليمين، بعد رفض رفسنجاني.
من خلال الشخوص المترشِّحة، فإن من الجبهة المحافظة يبرز اسم محمد باقر قاليباف الذي يعتبر مُرشَّحاً له حظوظ جيدة من خلال موقعه كعمدة طهران، كما بيَّنت ذلك استطلاعات الرأي. سعيدي جليلي يعتبر هو الآخر مُرشَّحاً له حظوظ جيدة أيضاً كونه مدعوماً من أقصى اليمين، ومراجع تقليد في الحوزة الدينية، لكن لا يُوجد عليه إجماع تام من داخل قوى اليمين.
أما ولايتي وحداد عادل فهما من خارج السياق أصلاً، لقرب الأول سياسياً والثاني نَسَبِياً من المرشد الأعلى. وتشير معلومات، إلى أن مشائي المرفوض من قِبَل مجلس صيانة الدستور، قد يدفع بمؤيديه إلى التصويت لصالح جليلي، لمنع فوز الجنرال قاليباف أو أي مرشح إصلاحي آخر.
أما من الجبهة الإصلاحية، فيبرز محمد رضا عارف كأبرز وجه إصلاحي. وهو أيضاً مقبول من القوى المحافظة، لكنه لم يَذُب في خياراتها. وهو إن ذهب إلى جولة ثانية، فإن أصوات أنصار رضائي وروحاني وغَرَضي ستذهب إليه بالتأكيد، كونه الأقرب إلى قناعاتهم السياسية والعكس.
وإذا ما علمنا أن هناك خمسين مليون إيراني يحق لهم التصويت في هذه الانتخابات، فهذا يعني أن هناك 1.631.206 إيراني يشاركون لأول مرة في الانتخابات بينهم 799.562 من النساء و 831.644 من الرجال حسب الإحصائيات الرسمية المنشورة. وفي ظل المتغيرات الاجتماعية، والهموم الشعبية، فإن الأصوات ستكون أقل انشطاراً في التمييز ما بين الهمّ السياسي والاقتصادي.
الزيادة العددية في المصوِّتين، وحيرة المجموع ما بين الهَمَّيْن السياسي والاقتصادي، سيجعل المعركة أكثر تعقيداً على مستوى الميول الفردية. لكن الأكيد، أن الفروقات الكبيرة بين المرشحين قد تكون غائبة، وبالتحديد في مسألة تغيير نمط السلطة عمودياً، خارج الخطاب، في ظل تصادم إيران ومصالحها في ملفات الخارج، إلاَّ إذا حصلت هناك حلول جماعية في الإقليم.
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 3920 - الجمعة 31 مايو 2013م الموافق 21 رجب 1434هـ
الفائز
الفائز في الانتخابات هو المرشد الاعلى
تحليل عام جيد
الخطا لم يبقى خطا للابد. حتما كل دولة دكتاتورية مصيرها السقوط كايران وغيرها فى المنطقة
آآآآآه أين أنت يا خاتمي ايران
أين انتى يا خاتمي ايران ايران ايران تخرق في بحر دكتاتورياتهم
تصحيح إملائي
أنت وليس انتي. تغرق وليس تخرق
مخضرم انت .........لكك نظرة ثاقبة ...............مبروك
اعمل على تحسين إملائك.
الله لا يقول ...........لكن إن شاء الله للافضل.
اهم شئ افتكينة من اصحاب المشاكل.
الله يوفق
أيران
وشعبها.
معلومات واضحة وتحليل خاطئ...
اللي يقرأ المقال وما يدري عن الواقع شيء يقول هذه الدولة ستنهار بعد الانتخابات مباشرة..إيران منذ انتصار ثورتها في تطوّر وقوّة ولازالت مبدئيتها هي الحاكمة في سياستها الاستراتيجية وما هذا التنّوع إلا دليل قوّة لا زال المواطنون في الدول العربية يحلمون به...
المرض الفكري
عدم القبول بالتحليل وقراءة الأحداث هو مرض فكري يجب أن نتجاوزه
thanks
thanks Mohd. nice artical
الأخ محمد
السنابل المليانه رأسها للأرض أما الخاوية مثل العمامه دائما مرفوعه
رد على زائر1
العمامه صنعت دوله مستقله يحكمه دستور ودوله قويه تحسب لها الدول الكبره حساب ومستقله في سياستها وليس تابع للاستكبار العمامه وصلت الى الفضاء وهزت الكيان في الجنوب اللبناني