قال الرئيس أوباما إن أميركا باتت على مفترق طرق خلال تحديده الخطوط العريضة للإستراتيجية الأميركية المتطورة لمكافحة الإرهاب، والتي تستهدف التهديدات الفتاكة ولكن الأقل قدرة، والتهديدات الموجهة ضد المصالح الدبلوماسية ومصالح الشركات الأميركية في الخارج، والتهديدات الناشئة محليًا في الوطن.
واعتبر الرئيس أن ذلك يعني تحقيق توازن حاسم بين المهمة الأساسية المتمثلة في حماية الشعب الأميركي من الهجمات، والتي تشكل المهمة الرئيسية للحكومة الأميركية، وبين المحافظة في الوقت نفسه على المبادئ والمعتقدات الأساسية للبلاد حول الحريات المدنية المضمونة دستوريًا للفرد والأسس الديمقراطية لسيادة القانون.
وجاء في الخطاب الذي ألقاه الرئيس أوباما بعد طول تلهف وانتظار في 23 أيار/مايو في جامعة الدفاع الوطني في فورت ماكنير بواشنطن العاصمة: "والآن ومع مرور عشر سنوات من الخبرة التي تسنى الاستفادة منها، فقد حانت اللحظة التي يمكن أن نسأل أنفسنا فيها الأسئلة الصعبة حول طبيعة التهديدات الحالية، وكيف يتسنى لنا مجابهتها."
ورأى الرئيس أنه "يجب علينا تحديد طبيعة ونطاق هذا الصراع، وإلا فإنه هو الذي سوف يحددنا."
وأشار الرئيس أوباما إلى أنه مع الانخفاض التدريجي لقواتنا العسكرية في أفغانستان خلال العام المقبل، يجب على الولايات المتحدة أن تحدد جهودها ليس "كحرب عالمية على الإرهاب" بغير حدود، بل كسلسلة من الجهود الاستهدافية والمثابرة لتفكيك شبكات معينة من المتطرفين العنيفين الذين يهددون أميركا.
وذكر الرئيس أن الجانب الأفضل لإستراتيجية مكافحة الإرهاب خلال السنوات الاثنتي عشرة الماضية كان التعاون المتمخض عن جمع ومشاطرة المعلومات الاستخباراتية، واعتقال ومقاضاة الإرهابيين في جميع أنحاء العالم. وشمل هذا التعاون المكثف جميع الشركاء والحلفاء المعنيين في كل منطقة من مناطق العالم.
وأكد أوباما أن الولايات المتحدة ستواصل التصدي بقوة للإرهابيين والمجموعات الإرهابية مستفيدة في ذلك من شراكات عالمية فعالة، وأن استجابة الولايات المتحدة لا يمكن أن تعتمد على الإجراءات العسكرية أو على تدابير فرض تطبيق القانون فقط، إنما على طيف واسع من الإجراءات تشمل الشركاء والدول الأخرى.
وبدوره، قال وزير الخارجية جون كيري إن الإستراتيجية الواضحة للرئيس سوف تساعد في ضمان تصدي الولايات المتحدة بفعالية لتهديدات الأمن القومي المتفاعلة باستمرار في الوطن والخارج. لقد تطور الكفاح ضد التطرف بدرجة هائلة خلال السنوات الاثنتي عشرة الماضية منذ هجوم 11 أيلول/سبتمبر 2001، ومن المفروض أن تتطور دفاعاتنا أيضًا."
وأبلغ الرئيس أوباما جمهورًا من القادة المدنيين والعسكريين في خطاب متلفز أنه لا يوجد أي رئيس يستطيع أن يعد بإلحاق الهزيمة الكاملة بالإرهاب. وقال: "لن نستطيع أبدًا محو الشر الذي يكمن في قلوب بعض البشر، أو القضاء على كل خطر يحيق بمجتمعنا المنفتح."
ثم أضاف: "ولكن ما يمكن أن نفعله، وما يجب أن نفعله، هو تفكيك الشبكات التي تشكل خطرا مباشرا علينا، وأن نجعل من العسير على المجموعات الجديدة أن تتخذ لها موطئ قدم، مع صون الحريات والمثل العليا التي ندافع عنها."
وقال الرئيس إنه "يتعين علينا اتخاذ قرارات لا تستند إلى الخوف، إنما على الحكمة التي كسبناها بشق الأنفس. وذلك يبدأ بفهم التهديد الحالي الذي نواجهه."
وأشار الرئيس أوباما إلى أن الهدف الأول هو أن نستكمل مهمة دحر تهديد القاعدة والقوى المنتسبة إليها. ويتمثل جزء مهم من ذلك بإنجاز عملية نقل العمليات الأمنية في أفغانستان إلى الجيش الوطني وقوات الشرطة الأفغانية بحلول نهاية عام 2014 وفق العملية الانتقالية المتفق عليها بيننا.
وأكد الرئيس أن الولايات المتحدة ستواصل البناء على الشبكات العالمية في جمع المعلومات الاستخباراتية، وفرض تطبيق القانون، ومقاضاة الإرهابيين، واتخاذ إجراءات عسكرية عند الضرورة. وفي جوهر سياستنا، تفضل الولايات المتحدة اعتقال ومحاكمة وسجن الإرهابيين، غير أنه في بعض الأحيان يتم إغلاق هذا المسار أمام السلطات.
وكذلك تتضمن الاستراتيجية المتطورة لمكافحة الإرهاب تقديم إرشادات تفرض وضع معايير أشد صرامة على استخدام ضربات جوية من طائرات بدون طيار، وهي المعروفة باسم الطائرات الزنّانة المسيّرة عن بُعد. وتقوي هذه الإستراتيجية الإرشادات الواضحة والرقابة والمساءلة حول استخدامها، وهي إرشادات وردت في الأمر التوجيهي الرئاسي السياسي الجديد الذي وقّعه الرئيس أوباما في 22 أيار/مايو المتعلق باستخدام الإجراءات الفتاكة ضد الإرهابيين والمجموعات الإرهابية.
كما أكد الرئيس أيضًا نيته إغلاق مركز الاعتقال العسكري في القاعدة البحرية الأميركية في خليج غوانتنامو، كوبا. يضم مركز الاعتقال هذا حاليًا 166 معتقلاً. وقد تمت الموافقة على إطلاق سراح نصفهم للعودة إلى بلدانهم الأصلية، وسوف يواجه بعضهم محاكمات مدنية أو عسكرية.
جدير بالتنويه أنه عندما اعتلى الرئيس أوباما سدة البيت الأبيض في عام 2009، نقل 67 معتقلاً إلى بلدانهم الأصلية أو إلى دول أخرى وافقت على قبولهم كجزء من هدفه المعلن بإغلاق مركز الاعتقال هذا في نهاية المطاف. غير أنه أشار إلى أن الكونغرس فرض قيودًا قانونية منعت نقل المزيد من المعتقلين. وكان الرئيس السابق جورج دبليو بوش، خلال ولايتين رئاسيتين، قد نقل حوالي 530 معتقلاً من هذه المنشأة.
وقال الرئيس أوباما: "حيثما يكون ذلك مناسبًا، سوف نقدم الإرهابيين إلى العدالة في محاكمنا وأمام نظامنا القضائي العسكري. وسوف نصر على أن تتوفر المراجعة القضائية لكل محتجز."
وأشار الرئيس إلى أنه بالترافق مع التزام الولايات المتحدة بإغلاق معتقل خليج غوانتنامو، فإن القضايا التي تبقى عالقة بشأن ما يجب فعله بأولئك المعتقلين المشاركين في تنفيذ مؤامرات أو هجمات خطيرة، والذين لا يمكن مقاضاتهم، سوف تُحل بطريقة تتفق مع الالتزام الأميركي بسيادة القانون.
بالإضافة إلى ذلك، أوضح الرئيس أوباما أن الإستراتيجية الأميركية تنطوي أيضًا على معالجة المظالم الكامنة والصراعات التي تغذي التطرف من شمال أفريقيا إلى جنوب آسيا. أما النجاح في ذلك فيعتمد على الحوار الدبلوماسي المتواصل وتقديم المساعدات، مضيفًا أن المساعدات الخارجية تشكل أقل من نسبة 1 في المئة من الميزانية السنوية الأميركية، إلا أنها تبقى حاجة أساسية للأمن القومي.
وأضاف أن "ما أنفقناه في العراق خلال شهر في أوج الحرب هناك، يمكننا أن نوظفه لتدريب قوات أمن في ليبيا، والمحافظة على اتفاقيات السلام بين إسرائيل وجاراتها، وإطعام الجياع في اليمن، وتشييد مدارس في باكستان، وتأسيس مخزون من النوايا الطيبة التي تساهم في تهميش المتطرفين. وهذا يتعين أن يكون جزءًا من إستراتيجيتنا."
من ناحيته، صرح الوزير كيري بأن الدبلوماسية والأمن ليسا متعارضي الأهداف؛ فبناء العلاقات المباشرة بين الشعوب يشكل عنصرًا أساسيًا يصب في المصالح القومية الأميركية لأن ذلك يعني أن الولايات المتحدة قادرة على حل المشاكل قبل أن تتحول إلى أزمات عسكرية.
وخلص الرئيس أوباما إلى التشديد على أن اتخاذ إجراءات محددة الأهداف ضد الإرهابيين، وإنشاء شراكات عالمية فعالة، والانخراط الدبلوماسي والمساعدات الخارجية، القائمة ضمن إطار إستراتيجية شاملة، يمكن أن تخفف من احتمال وقوع هجمات إرهابية على نطاق واسع في الداخل الأميركي، وأن تخفض التهديدات الموجهة إلى الأميركيين الذين يعيشون ويعملون في الخارج. ولكن الولايات المتحدة يجب أن تتصدى أيضًا للتحدي الذي تطرحه الهجمات الإرهابية النابعة من داخل البلاد.
وبدوره، صرح وزير الدفاع تشاك هيغل في بيان له بأنه قد بدأ بالفعل توجيه وزارة الدفاع نحو العمل بشكل وثيق مع وكالات أميركية أخرى وحلفاء آخرين لتنفيذ إرشادات الرئيس حول مكافحة الإرهاب، بما في ذلك الجهود الرامية إلى إغلاق معتقل غوانتنامو.
بلد الشراع
سياسة حكيمة نتعاون مع الإرهابيين في سوريا للخلاص منهم ومن عدونا الحقيقي الأسد وحزب الله ومن يريد من سجناء غوانتنامو الإفراج عنه عليه الذهاب إلى سوريا للقتال مع القاعدة أما إذا تمادى أنصار القاعدة في اليمن أو باكستان أو أفغانستان سيكون تحت مرمى الطائرات الأمريكية التي لا تبقي ولا تذر منهم أحداً