مرت عملية التنمية الإدارية بمملكة البحرين بمراحل ومحطات حاسمة ساهمت بشكل أو بآخر في بناء وتطوير وتوسع الأجهزة الإدارية للاستجابة لمتطلبات الخدمات التي يحتاجها المواطن، وهذه الورقة تستعرض تدرج التطور التاريخي لبعض قطاعات الخدمة المدنية.
في هذه الحلقة، نطرح المرحلة الثانية والثالثة للتكوين الإداري للدولة، حيث أطلقنا على المرحلة الثانية «مرحلة التكوين الحديث للدولة»، وحددنا بدايتها بالعام 1970 الذي تم فيه اتخاذ خطوات جديدة لإعادة التنظيم الإداري للدولة، تم على إثرها إنشاء مجلس الدولة بموجب مرسوم رقم (1) لعام 1970 باعتباره الجهاز التنفيذي الذي يتولى تنفيذ السياسة العامة للدولة وفق المراسيم والقوانين والأنظمة، وإصدار القرارات الإدارية واقتراح المراسيم وإعداد الميزانية وغير ذلك من الشئون الإدارية والمالية.
وفي العام نفسه صدر مرسوم يقسّم الدوائر إلى إحدى عشرة دائرة رئيسية، على خلاف ما كان عليه المجلس الإداري المكوّن سابقاً من ستة وعشرين دائرة، وانيطت برئيس كل دائرة إصدار وطباعة القرارات والأنظمة واللوائح الخاصة بدائرته. وفي العام ذاته صدر مرسوم رقم (3) بتعيين رئيس مجلس الدولة وتسمية وتعيين أعضاء المجلس كرؤساء للدوائر.
ومع بداية عهد الاستقلال العام 1971 تحوّل مجلس الدولة إلى مجلس للوزراء، وشهدت دولة البحرين انطلاقة جديدة وخطت خطوات كبيرة في مجال التصنيع والخدمات المالية على المستوى العالمي، وتم إنشاء المراكز التعليمية والعلمية، وترسّخت أسس التنظيم السياسي والإداري والاقتصادي للدولة، وتم إنشاء الصناعات الرئيسية مثل الألمنيوم والبتروكيماويات، والصيانة وصيد الأسماك. وفي مجال المواصلات الحديثة، تم تطوير مطار البحرين الدولي لتصبح البحرين محطةً مهمةً للخطوط العالمية بين غرب أوروبا وشرق آسيا. وتم إنشاء شبكة الاتصالات السلكية واللاسلكية، وانتشرت مكاتب البريد، وتم رصف الشوارع الرئيسية بالبلاد الموصلة بين المناطق المختلفة. وخلال هذه الفترة برزت الكفاءات الوطنية على اختلاف مستوياتها العلمية، كشريكٍ فاعلٍ مع الحكومة في عملية التنمية والتطوير والتحديث الإداري، وهو ما دفع بعجلة التنمية بشكل واسع نحو التعليم والتدريب على مختلف الأعمال المهنية، وكذلك الاستفادة من الاندماج من التعلم من العمالة الأجنبية الفنية التي تم استقدامها لحاجة بعض مشروعات إليها خلال تلك الفترة.
وشهدت هذه الفترة صدور أول دستور لدولة البحرين بتاريخ 6 ديسمبر/كانون الأول 1973، الموافق 12 ذي القعدة 1392 هـ، بعد أن تمت مناقشته وإقراره من قبل المجلس التأسيسي والمصادقة عليه من قبل صاحب السمو أمير دولة البحرين، والذي حدّد من خلاله السلطات الثلاث في الدولة (التشريعية والتنفيذية والقضائية) وصلاحياتها واختصاصاتها. ويمكن أن نشير هنا إلى أن البناء الحديث لدولة البحرين بدأ مع بداية عهد الاستقلال العام 1971 بتكوين أول مجلس للوزراء الذي حلّ مكان مجلس الدولة السابق الذي كان يتكوّن من 11 دائرة، حيث تم استحداث 16 وزارة بالإضافة إلى بعض الأجهزة والمؤسسات الحكومية المستقلة التي كوّنت نواة الجهاز التنفيذي للدولة بعد مرحلة الاستقلال. كما أن المرسوم بقانون رقم (13) لسنة 1975 بشأن تشكيل الوزارة جاء متلازماً مع بداية عمل المجلس الوطني المنتخب في سنة 1975 لتأطير العمل الدستوري بالدولة وخلق مناخ التكامل بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية. ثم تلا ذلك المرسوم بقانون رقم (18) لسنة 1978 بإعادة التنظيم الإداري ليحدّد اختصاصات الإدارات التي تكوّن كل وزارة من وزارات الدولة.
المرحلة الثالثة: الإصلاح والتطوير للجهاز الإداري: قامت دولة البحرين بمحاولات عديدة جادة لإصلاح وتطوير الإدارة العامة، ونشير في هذا الخصوص إلى قرار رئيس مجلس الوزراء بتاريخ 4 مارس/آذار 1992، الذي أوضح فيه الجهود السابقة للحكومة على ضغط النفقات من أجل تخفيض العجز المالي المستمر في ميزانية الدولة، وحذّر من أن حكومة البحرين لن تستطيع تمويل العجز في حال استمراره بنفس المعدّل المتحقق في السنوات الأخيرة، نظراً لصعوبة زيادة الإيرادات الناجمة عن انخفاض كميات النفط المستخرج من آبار الدولة وانخفاض أسعاره في الأسواق العالمية في الوقت نفسه. وقد أكد سمو رئيس مجلس الوزراء على ضرورة إعادة النظر في السياسة المالية للدولة لإيجاد توازن معقول بين الالتزامات المالية المتزايدة على الدولة والقدرة المالية المتاحة بما يساهم في استمرار التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
في العام 1995 صدر المرسوم الأميري بشأن تشكيل مجلس الوزراء الجديد، كضرورة لمواصلة تحسين الأداء وكفاءة الأجهزة الحكومية. وبرزت من خلال هذه الفترة فكرة عملية الإصلاح الإداري، والتي تهدف إلى تطوير نظم العمل والإدارة الحكومية وإرساء إدارة حديثة قائمة على الكفاءة والثقة، وجعل الجهاز الإداري في الدولة المحرك الأساسي للتنمية الشاملة. وترتكز عملية الإصلاح على المفهوم الشامل لتحرير الاقتصاد وإقرار آليات السوق وتشجيع الاستثمار وتحسين الخدمة المقدمة للمستفيدين منها، وتطوير النظم والتشريعات والأدوات والأجهزة. وخلال هذه الفترة بلغ مجموع مستوى الإدارات في الدولة وما في حكمها في حدود 65 إدارة. ثم تلا ذلك عدة مراسيم تضمنت تعديلاً في اختصاصات بعض الوزارات وزيادة في بعض الإدارات حتى وصل عدد الإدارات في الحكومة ما يربو على 180 إدارة.
وننوّه إلى أن مستوى الإدارة في الأجهزة الحكومية يشير إلى برنامج تنفيذي ذي اختصاصات واضحة تميّزه عن برامج الإدارات الأخرى وفقاً لمهام وظيفية محددة يتم اعتمادها من قبل الوزارة المعنية وديوان الخدمة المدنية الذي يقوم بإصدار وتحديث دليل المهام والمسئوليات الوظيفية للإدارات الحكومية، للاسترشاد به منعاً للازدواجية في المهام بين الإدارات في الحكومة.
إقرأ أيضا لـ "محمود التوبلاني"العدد 3917 - الثلثاء 28 مايو 2013م الموافق 18 رجب 1434هـ
قفز غير مبرر
مع احترامي الكاتل يحاول ان يوثف لفترة تتصل تحديدا بتطور البحرين اداري ابان فترة الأستقلال . للأسف انت تسرد ولا توثق . لدلك انت تقفز غبر لسنوات ولا تعطي الموضوع مايستحقه من دقه وموضوعيه وترابط مابين مجريات الأمور والأسبات التي جعلت اصحاب القرار ينتهجون الأسلوب المتدرج لتطوير الداره بم يتوافق ورؤيتهم لجعل الأداره العامه قادرة علي مواكبة الطفره الأستثماريه والتنمويه التي كانت تنتظر البلاد غي تلك الحقبه . بصفتي مستشار في الأداره عمل وعاصر تلك الفتره فانني اشجعك علي اعادة النظر في اسلوب البحث ز
الهيكلية الادارية تعاني من تخمة ........تضخم رهيب
تم انشاء الكثير من الاجهزة الادارية للقيام بمهام مختلفة:
أغلب هذه المهام متكررة تقوم بها إدارات سابقة لدريجة أنه بعد فترة
يتم تفكيك بعض الوحدات المهمة في بعض الادارات نظرا لقيام جهات أخرى بمهامها
كما لوحظ مؤخرا ازدياد البعد العمودي في الهياكل الادارية مما أرجع البيروقراطية للكثير من الاعمال وتحولت على أثره للملل ، التأخير ، ومضيعة للوقت.
صراحة أقولها أن أغلب المدراء خصوصا في الإدارات الحكومية هم ليسوا أكفاء
واكثير منهم لا يفقه بأهم مبادئ الادارة
لا في مجال العمل
من تخطيط وتنظيم وتوجيه وقياس
ولا في الجانب الانساني
من علاقات اجتماعية وتكافؤ الفرص والتحفيز المعنوي والمادي والعدالة في العمل
الكثير منهم لا يدري بهذه المهام ولا يقوم بها
وهناك طوابير على منصب المدير الهدف منها تحسين المعاش التقاعدي فقط.
سيدنا ..يسعد صباحك
أخفى أو أغفل أو تجاوز مقالك حقبة الثماننيات !
فهل هذه الفترة كانت خالية من أي مراحل ومحطات حاسمة ساهمت في بناء وتطوير وتوسع الأجهزة الإدارية أستجابة لمتطلبات خدماتالمواطنين حسب ما أشرتم به في المقدمة ..
رغم حساسية هذه الفترة إداريا حسب اعتقادي القاصر
الجار العزيز