مرت عملية التنمية الإدارية بمملكة البحرين بمراحل ومحطات حاسمة ساهمت بشكل أو بآخر في بناء وتطوير وتوسع الأجهزة الإدارية، استجابةً لمتطلبات الخدمات التي يحتاجها المواطن. ومما لاشك فيه أن هناك العديد من المواطنين الذين شغلوا مختلف مستويات المناصب وتركوا بصماتهم المميزة بجهودهم الخلاقة والمتواصلة في بناء الدولة الحديثة. وإنني كمواطن ارتأيت أن استفيد من خبرتي التي امتدت على مدى ثلاثين عاماً في العمل الحكومي، في تدوين وتوثيق ذاكرة الوطن في جانب تطور التنمية الإدارية من خلال متابعتي وخبرتي الشخصية، وقد شاءت الظروف أن أكلف من قبل معهد الإدارة العامة بكتابة ورقة لتكون أحد الفصول التي تم نشرها في كتاب تجارب التنمية الإدارية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية المعد من قبل معهد الإدارة العامة بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، والذي ساهم في إعداده مجموعة من الباحثين من قبل دول المجلس. وقد ساهم بمراجعة هذه الورقة مشكوراً زميلي رئيس ديوان الخدمة المدنية سابقاً الأستاذ أحمد البحر، الذي كلف من قبل معهد الإدارة بمملكة البحرين بمراجعة وتصويب الورقة، وقد عرضت فكرة نشر هذه الورقة على صحيفة «الوسط» فرحّبت بالأمر، وأعيد صياغتها لتنشر على عدة حلقات، بحيث يسهل متابعة قراءتها والاستفادة منها من قبل المهتمين.
اعتمد مصدر وأسلوب الدراسة على مسح واستقصاء واستعراض أهم مصادر الوثائق والمعلومات من خلال الاطلاع على الأدبيات التاريخية لمختلف القطاعات ذات العلاقة بالدارسة. ومقابلة ومناقشة عدد من المسئولين (المتقاعدين والحاليين) في مختلف القطاعات للحصول على أهم المعلومات، والتعرف على تجاربهم وخبراتهم ومشاركاتهم في تطوير القطاعات المستهدفة من هذه الدراسة. وتوثيق التجربة والخبرة الشخصية لكاتب هذه الوثيقة فيما تم معاصرته من تطور في الجهاز الإداري، وإضافة ما هو لازم للخروج بتوثيق بعض الجوانب التي ساهمت في تنمية وتطوير الجهاز الحكومي.
تستعرض هذه الوثيقة تطور الجهود الوطنية في مجالات التنمية الإدارية من خلال رصد التجارب والممارسات التي ساهمت في بناء الدولة الحديثة، واستعراض أهم ملامح تجربة مملكة البحرين في مجال التطور والتنمية الإدارية. وتنقسم هذه الوثيقة البحثية إلى عدة أقسام رئيسية:
القسم الأول: مراحل التطور الإداري بمملكة البحرين: ويستعرض مراحل تطور التنمية الإدارية منذ مطلع القرن الماضي حتى يومنا الحاضر، وقد تم تشخيص ذلك ضمن خمس مراحل تم وصفها على النحو التالي:
- مرحلة التأسيس الحديث للدولة.
- مرحلة التكوين الحديث للدولة.
- مرحلة الإصلاح والتطوير للجهاز الإداري.
- مرحلة التوجهات الإستراتيجية لدفع عملية التنمية.
- مرحلة الرؤية الشمولية للمستقبل - الرؤية الاقتصادية حتى عام 2030.
أما القسم الثاني فقد خصص لديوان الخدمة المدنية باعتباره مرتكزاً أساسياً في عملية التنمية الإدارية، فهو يركّز على تأسيس وتطور ديوان الخدمة كجهاز مركزي مسئول عن وضع ومتابعة وتنفيذ السياسات والبرامج الخاصة بإدارة الموارد البشرية في الحكومة، وتتضمن أهم النقاط الأساسية ضمن هذا المحور في التركيز على بدايات تأسيس ديوان الخدمة المدنية واختصاصاته، ثم إبراز بعض اللمحات لأهم البرامج والانجازات التي تمت منذ إنشائه حتى وقتنا الحاضر، والمتمثلة في دور ديوان الخدمة المدنية في تنظيم الأجهزة الحكومية وفق أحدث التقنيات الحديثة، ومجالات تخطيط القوى العاملة، ودراسة الموظفين الفائضين، ومشروع تحديث المهام الوظيفية على مستوى الإدارات لمختلف أجهزة الخدمة المدنية، ومبادرة الديوان في إدخال نظم الجودة في مختلف الوزارات وأجهزة الخدمة المدنية، واعتماد تقنية ونظم المعلومات الإدارية للموارد البشرية، وتطوير سياسات وبرامج التدريب والتطوير.
والقسم الثالث: معهد الإدارة العامة كرافد رئيسي لتطوير وتنمية وتدريب موظفي الحكومة، وليكون «الشريك الأمثل لتطوير موظفي الخدمة المدنية بتميُّز»، ويقدّم خدمات القيمة المضافة للقطاع العام في أطر ضمان الجودة النوعية. ومساهم فاعل في تحقيق رؤية البحرين الاقتصادية 2030 والإستراتيجية الاقتصادية الوطنية من خلال تبنيه تنفيذ مبادرتين اقتصاديتين وطنيتين أولاهما إيجاد برنامج متميز لتدريب القيادات الحكومية وتطوير القادة في القطاع العام، والثانية تحسين نوعية ووفرة التدريب، وتتركز الخدمات التي يوفرها المعهد حول أربع محاور أساسية وهي:
أولاً: التدريب: ويشمل تقديم حزمة نوعية واسعة من البرامج التدريبية القيادية والإدارية والمتخصصة لمختلف المستويات الوظيفية من موظفي الحكومة. وثانياً: البحوث والدراسات التي تغطّي مختلف المجالات الإدارية، وثالثاً: الاستشارات التي يجريها المعهد لصالح الوزارات بالتعاون مع الجهات الاستشارية المحلية والعالمية. ورابعاً: التدريب الالكتروني الذي يوفّر خدمات التدريب بشكل خاص لموظفي القطاع العام وللمؤسسات الخاصة والمواطنين بشكل عام. ويستعرض القسم الرابع من هذا البحث تطور الإدارة والنظم المالية في الحكومة على مدى قرن من الزمان. والقسم الخامس: حول التعليم الحديث في البحرين بما يمثله من مسيرة حافلة بدأت العام 1899 وحتى وقتنا الحاضر، وساهمت بشكل فعال ومؤثر في دفع عملية التنمية. وتواكب ذلك مع برامج ومشاريع ومبادرات تكلّلت بجهود مثمرة وملموسة في دفع خطوات الإصلاح والتطوير حسب كل مرحلة من المراحل. والقسم السادس: يُعنى بمواكبة التقنية العالمية وثورة المعلومات، والذي تمثل بإنشاء هيئة الحكومة الإلكترونية التي بادرت بوضع استراتيجيات واقعية وعملية في هذا المجال أدت إلى وضع مملكة البحرين في مصاف الدول المتقدمة. والقسم السابع: يتعلق بصندوق العمل (تمكين) كمبادر ومموّل أساسي لتطوير الموارد البشرية في القطاع الخاص. ويركز القسم الثامن من هذه الوثيقة على تطور الخدمات البلدية خلال حقبة من الزمن تعود إلى العام 1919 حيث بدايات التنظيم الإداري للبلديات، مروراً بمختلف المراحل انتهاء بصدور قانون البلديات الجديد الذي أوجد خمس مجالس بلدية على مستوى المحافظات بمملكة البحرين. (يتبع).
إقرأ أيضا لـ "محمود التوبلاني"العدد 3915 - الأحد 26 مايو 2013م الموافق 16 رجب 1434هـ
الموضوعيه
نرجو ان تكون موضوعيا في طرحك وان تعطي كل دي حق حقه ولكل مجتهد نصيبه . نتوقع ان تسمي الأمور والأشخاص بأسماءهم وان توفيهم حقهم لما بدلوه من جهود مضنيه خصوصا في بداية السبعينات فقد تركو بصماتهم في تلك الفترة الحرجه وهي الفترة الأهم في تاريخ البحرين التي شهدت تطبيق احدث وأهم الأصلاحات الأداريه وأعطو الأداره الحكوميه أنداك نقلة نوعية رائده ووضعو اسس ادارة الأفراد بدءا من تأسيس ديوان الخدمه المدنيه وأنظمة التقاعد وغيرها الكثير .