شمل عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، بحضور رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، برعايته يوم أمس الأحد (26 مايو/ أيار 2013)، الاحتفال الذي أقيم بمركز عيسى الثقافي بمناسبة تسليم جائزة عيسى لخدمة الإنسانية في دورتها 2011-2012، والتي فازت بها جميلة محمود من ماليزيا في مجال الإغاثة من الكوارث والخدمة الإنسانية الشاملة.
ومنحت الجائزة تقديراً لمحمود نظير خدماتها الإنسانية من خلال تأسيسها منظمة «ماليزيا الرحمة»، وتتألف الجائزة من ميدالية ذهبية ومبلغ مالي قدره مليون دولار أميركي.
جلالة الملك يشمل برعايته احتفال تســليم جائزة عيسى لخدمة الإنسانية
المنامة - بنا
شمل عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، بحضور رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الامير خليفة بن سلمان آل خليفة، برعايته الكريمة يوم امس الاحد (26 مايو/ ايار 2013)، الاحتفال الذي اقيم بمركز عيسى الثقافي بتسليم جائزة عيسى لخدمة الانسانية في دورتها 2011-2012، والتي فازت بها الدكتورة جميلة محمود من ماليزيا في مجال الاغاثة من الكوارث والخدمة الانسانية الشاملة.
فلدى وصول جلالة الملك، كان في الاستقبال نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس امناء جائزة عيسى لخدمة الانسانية سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة.
كلمة العاهل
وفي بداية الاحتفال عزفت الفرقة الموسيقية السلام الملكي، وبعد تلاوة آي من الذكر الحكيم، ألقى حضرة صاحب الجلالة العاهل كلمة سامية هذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب السمو والمعالي والسعادة، ضيوفنا الكرام،،،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
إنه ليوم مشهود في حياة الوطن وحياتي الشخصية أن نحتفي معاً بذكرى والد الجميع، المشمول برحمة الله ورضوانه، صاحب السمو الوالد الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، نستحضر خصاله وشمائله الإنسانية.
نتأمل فيها قليلاً، وبإيجاز، صور القيم والشيم، التي جسدها الراحل الكبير، والتي بقيت في قلوبنا قيادة، وشعباً، حقائق عامرة بالمحبة والطيبة والوفاء.
وعليه فقد قررنا تخصيص جائزة تحمل اسمه الكريم، «جائزة عيسى لخدمة الإنسانية»، والتي نحتفل بدورتها التأسيسية الأولى، لتكون قدوة ومحفزاً، ولتظل مملكة البحرين منارة تضيء سبل العاملين المخلصين من أجل إرساء أسس التعايش وإشاعة فضائل الخدمة الإنسانية.
صور كثيرة، للوالد والقائد والإنسان الذي بنى بلده متكاتفاً مع شعبه ومنفتحاً على العالم والإنسانية جمعاء.
كان أميراً وقائداً، أباً للجميع، أخاً للجميع، صديقاً لكل فرد من أبناء شعبه وإنساناً كبيراً، أحبه واحترمه العالم كله فأعطانا من رصيده الإنساني ما سيبقى ماثلاً على مر الأجيال، فكان أصدق تجسيد لما في البحرين من وفاء وتسامح وتحضر.
الحضور الكرام،،،
حينما اعتمدنا هذه الجائزة وأصدرنا مرسومنا بإحداثها وتحديد شروطها، حرصنا أن تكون جائزة يُكافأ الفائز بها، بغض النظر عن أي اعتبار عقائدي أو جغرافي أو قومي، غايتها المثلى الحث على خدمة الإنسانية. جائزة تتعدى الحدود المكانية، أسسناها لتكريم أجمل ما في الإنسان وتحرينا أن تكون خالصة لتقدير العمل الإنساني، ما يعكس سعينا الأكيد لكي يكون شعب البحرين مثالاً للانسجام والتآخي على أساس العلاقات الإنسانية المتينة، ليعيش في أجواء الانفتاح الديمقراطي، من خلال تثبيت دعائم التعايش، والتكاتف، والتسامح. وهي ذات القيم التي آمن بها صاحب السمو الوالد الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة رحمه الله، مستلهمة من تواضعه الصادق، وقربه من المواطنة والمواطن في مملكة البحرين، في أفراحهم وأتراحهم وفي تطلعاتهم وانفتاحهم على العالم.
إن حياة وانجازات الأمير الراحل طيب الله ثراه هي حافز لكل إنسان يسعى ويعمل لخدمة بني جنسه والتخفيف من معاناة الإنسان أينما كان، نقف عندها وقفة تقدير واحترام لهؤلاء الأشخاص الذين عملوا لخدمة الإنسانية دون الالتفات إلى جزاء من احد في هذه الدنيا على سعتها، إلا من الله سبحانه وتعالى، فلهم منا كل تقدير واحترام.
الاخوة والأخوات،،،
لقد سررنا كثيراً أن تفوز بهذه الجائزة في دورتها الأولى، سيدة فاضلة، مشهورة بانجازاتها المميزة في مجال مساعدة الأفراد والجماعات، سواء في بلدها ماليزيا الشقيقة أو في سواها من البلدان الآسيوية والافريقية، حيثما لمست الحاجة إلى تدخلها الإنساني.
لقد تميز مسار الدكتورة جميلة محمود بالتفاني ونكران الذات من أجل إبلاغ رسالتها الإنسانية ونشر الوعي لحقوق الإنسان.
ويزداد تقديرنا لها كونها بدأت عملها بجهود شخصية مستهدفة الفئات المحتاجة أكثر من غيرها للدعم والمساندة، وتجاوزت ذلك بدعوة مختلف المؤسسات والمنظمات الحكومية والخاصة للإسهام في جهودها الإنسانية، في داخل ماليزيا وخارجها.
وإننا إذ نعرب للدكتورة عن التهنئة بفوزها المستحق، يسرنا كذلك أن نشكر رئيس مجلس أمناء الجائزة وأعضاء المجلس ولجنة الترشيح وهيئة التحكيم على ما بذلوه جميعهم من جهد ولما تميزت به مداولاتهم ومشاوراتهم من حيطة وتحكيم معايير الموضوعية والانصاف، والتجرد في اختيار الفائزة الأولى بالجائزة، مسترشدين في عملهم بما أكدنا عليه من مبادئ نراها والحمد لله مجسدةً في هذا الاختيار الموفق.
وحيث تُرسخ هذه الجائزة، طبيعة أهل البحرين وعاداتهم الخيرة، في التكافل والتضامن والشعور بمعاناة أخيهم الإنسان في أي مكان من هذا العالم متمثلين بذلك نهج الغر الميامين من الآباء والأجداد، فإننا ندعو الشباب الذين يشاركوننا الاحتفال بهذه المناسبة العمل من اجل مستقبل الوطن وخير الإنسانية جمعاء. شاكرين الحضور على مشاركتهم لنا هذا الاحتفال بهذه الجائزة التي تخلد ذكرى المغفور له بإذن الله تعالى الوالد ووالد الجميع.
والله نسأل أن تكون «جائزة عيسى لخدمة الإنسانية» قيمة مضاعفة وداعمة لصرح العمل الإنساني في مملكة البحرين وفي العالم. كما نأمل أن تصبح الجائزة مرجعاً نستحضر من خلاله مبادئ وأعمال فقيد الوطن والإنسانية والد شعب البحرين العزيز، صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح الجنان.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
كلمة محمد بن مبارك
بعد ذلك القى سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة كلمة قال فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم
حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله،،،
صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء،،،
أصحاب السمو والمعالي والسعادة،،،
الحضور الكرام،،،
بفيض من الشعور بالشكر والامتنان، وليتموني جلالتكم رئاسة مجلس أمناء جائزة عيسى لخدمة الإنسانية التي جاءت بمبادرتكم الكريمة بإطلاق اسم المغفور له بإذن الله الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه عليها، تخليداً لذكرى سموه العطرة واحتفاء بجهوده المتفانية والاستثنائية من اجل الإنسانية وتكريما للأشخاص والمؤسسات التي عملت في خدمة الإنسانية بغض النظر عن انتمائهم أو دينهم أو مواقعهم الجغرافية.
وإنه لمن دواعي اعتزازي البالغ وسعادتي الغامرة ان ارحب بجلالتكم وضيوفكم الكرام، وان أتحدث عن المغفور له بإذن الله تعالى صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه، الإنسان المحب لكل الناس، الكريم، المتواضع، الإنسان الذي عرفته عن قرب وتعلمت الكثير من خصاله ومزاياه، حيث شملني بمودته الصادقة ونال مني كل الولاء والاحترام والتقدير والتفاني في خدمته وخدمة الوطن، واني لأتشرف بتكليفي من لدن جلالتكم برئاسة مجلس أمناء جائزة عيسى لخدمة الإنسانية، هذه المهمة، التي هي من أعز المهمات التي أقوم بها .
صاحب الجلالة، الحضور الكرام، ستبقى الإنسانية تذكر سموه رحمه الله، لأنه عاش من اجلها ومن اجلها قضى مرتاح الضمير، بما أنجزه وحققه للإنسان في البحرين، وما أسس له من علاقات حميمة وطيبة مع الجميع في داخل البحرين وخارجها.
«صديق السلام الصدوق»، كما وصفه الرئيس بيل كلينتون، «الداعم للاستقرار في المنطقة والعالم لسنوات عديدة» كما وصفه كوفي عنان، الإنسان الأمير، والحاكم الإنسان، صاحب الجائزة المغفور له سمو الأمير الراحل، فلقد كان تأثيره مشهوداً في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية طيلة أربعة عقودٍ، عمل خلالها، وبمعاونة أخيه ورفيق دربه الأمين رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، على النهوض بالبحرين فكرس جلّ وقته واهتمامه نحو تسخير موارد البحرين في مجالات التنمية البشرية والاقتصادية والعلاقات الدولية والرفاه الاجتماعي فاستحق أن يكون مثالاً للحاكم القائد والأمير الإنسان.
كان رجل الاستقلال واستكمال دولة القانون والنظام، أباً للدستور والشورى والممارسة الديمقراطية، رجل التنمية واستكمال النهضة الشاملة، رجل الوحدة الخليجية والتضامن العربي في أصعب الأوقات والمواقف، رجل السلم والتعاون الدوليين والصداقة المخلصة بين الشعوب.
لقد أعلى سموه من شأن العلم وعزز من مكانته واهتم بالرعاية الصحية والاجتماعية والتنمية البشرية والحضرية فبرؤيته النافذة وسياساته الحكيمة تمكن من تحويل البحرين إلى دولة حديثة ذات اقتصاد قوي ومتنوع، وبناء مجتمع متسامح ينعم فيه أهله بالأمن ويطمئنون فيه على مستقبلهم ومستقبل أبنائهم فمن مآثره هذه جاءت الجائزة بأمر جلالتكم لتكون حافزا لكل من سار على نهجه ودربه في خدمة الإنسان.
واليوم، ننظر إلى مناقبه وصفاته وسجاياه، فنراها حية في قلوبنا، ونجد الرصيد الإنساني لفقيدنا الكبير حقيقة راسخة، بحجم دوره الوطني والعربي والإسلامي.
لقد جاء قرار مجلس أمناء جائزة عيسى لخدمة الإنسانية بإعلان فوز جميلة محمود مؤسسة منظمة ماليزيا الرحمة بجائزة عيسى لخدمة الإنسانية بعد عمل دؤوب تطلب عامين للاختيار من بين مجموعة كبيرة من المرشحين، حيث يساور أعضاء مجلس الأمناء ولجنة الترشيح، يقين بأن الشخصية المختارة لنيل هذه الجائزة، لمستحقة لها لما قدمت من تضحيات موصولة، وجهد وتفان في خدمة المحتاجين من أبناء البشر حيثما وجدوا، دون تمييز أو تصنيف أو تفضيل.
وزادت سعادتنا حينما استقر رأي لجنة الترشيح بالإجماع على الفائزة، جميلة محمود، تقديراً للمرأة في شخصها وللمرأة في بلدها الشقيق ماليزيا وفي العالم.
بذلك، يا صاحب الجلالة، نكون قد ساهمنا بجهد متواضع في استحضار شمائل والدنا جميعاً، وإبراز قيمة أعماله الإنسانية، وفضائله علينا في الاهتمام بالإنسان، والحرص على كرامته، والأخذ بيده وقت الشدة والمحن آملين مخلصين ان نستوعب جميعاً مغزى ومقاصد هذه الجائزة التي تسعى إلى إحياء سجايا صاحبها وما تميزت به أعماله الخيرة، رحمه الله، التي شملت الجميع بروح المساواة، دونما تمييز.
الدكتورة جميلة، أرحب بك في مملكة البحرين، معرباً عن تقديري لجهودك وانجازاتك الإنسانية، وعن تهنئتي لك بالفوز بالجائزة متمنياً لك المزيد من النجاح والتوفيق.
وانتهز هذه المناسبة لان أعرب عن بالغ الشكر والتقدير للمؤسسة الخيرية الملكية لمساندتها ودعمها لجائزة عيسى لخدمة الإنسانية، وأتوجه بالشكر والتقدير أيضاً إلى أعضاء مجلس الأمناء والى لجنة الترشيح و هيئة التحكيم والأمانة العامة وكافة الجهات التي أسهمت بتعاونها وجهودها لإنجاح عملنا الإنساني النبيل وفاء لذكرى المغفور له بإذن الله تعالى صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بعدها ألقى رئيس هيئة الترشيح للجائزة يان بولسن كلمة في الحفل ذكر فيها، «لقد اعتمدنا قائمة اولية ضمت اكثر من 50 فردا ومنظمة ثم حددنا 15 مرشحا وبعد ذلك جعلناها 11 واخيرا حصرنا المنافسة في 3 مترشحين».
لقد درسنا المترشحين الثلاثة دراسة مستفيضة ولم نعلمهم بانهم المرشحون المفضلون للجائزة.
سيداتي وسادتي: ارجو منكم ان تتأملوا في سبب منح هذه الجائزة مثلما تساءلنا نحن اعضاء اللجنة في البداية. بالتأكيد تعتقدون ان الشخص الذي يفوز بالجائزة يستحقها بسبب ميزاته الانسانية والتزامه وإيثاره للآخر. كما انكم تأخذون في الاعتبار مدى نجاعته في مساعدة الناس المحتاجين. كما تدركون اهمية الجانب المالي في مساعدة الفائزة بالجائزة على مواصلة نشر اهدافها الانسانية.
ثم قام جلالة الملك بتسليم جميلة محمود جائزة عيسى لخدمة الانسانية. وذلك تقديرا لجهودها وإسهامها في مجالات الإغاثة والتصدي للكوارث، والتعليم، وخدمة المجتمع، والعناية بالبيئة والتغير المناخي بالإضافة إلى التخفيف من وطأة الفقر والعوز.
كلمة الفائزة
بعدها ألقت جميلة محمود كلمة قالت فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة... ملك مملكة البحرين
صاحب السمو الامير خليفة بن سلمان آل خليفة... رئيس الوزراء
اصحاب السعادة اعضاء لجنة ترشيح الجائزة
سيداتي وسادتي: انه لمن دواعي سروري ان اقبل جائزة عيسى لخدمة الانسانية. خلال السنوات الماضية كانت لي الفرصة لأن أتكلم مع الكثير من الناس هنا في البحرين وكلهم تحدثوا عن الامير الراحل الشيخ عيسى بحب واعجاب وقاسموني نظرته الثاقبة وشخصيته القوية وكرمه وأجمعوا أنه كان انسانيا في العديد من النواحي. انه لشرف عظيم لي ان اكون الفائز الاول بهذه الجائزة القيمة واشعر بالشرف بأن أكون جزءا من تاريخ هذا البلد.
اود ان أشيد بجلالة الملك ومملكة البحرين على تأسيس هذه الجائزة الاولى من نوعها في منطقة الخليج وفي الحقيقة العالم الاسلامي كله. انها تعكس بوضوح المركز القيادي لمملكة البحرين وتفكيرها المستنير في هذا المجال من العمل الانساني الذي يحتاج دعما وأفكارا نيرة وفاعلين جددا.
إنه من قبيل الصدفة أن تتزامن 1999 تاريخ وفاة المرحوم الشيخ عيسى مع بداية رحلتي في عالم العمل الانساني. انا من ماليزيا بلد متعدد العرقيات والجنسيات ومواطنوه يعيشون بسلام في ثقافة قائمة على التسامح والتعايش والاحترام المتبادل. لقد قطعنا أشواطا كبيرة لكي نصبح دولة قائمة على الطبقة الوسطى فيها العديد من المختصين مثلي.
وقالت انني كدكتورة يؤلمني كثيرا عندما ارى الناس حول العالم يعانون اما بسبب الصراعات والحروب أو كنتيجة للكوارث الطبيعية.
وما يؤلمني اكثر هو عدم قدرتي على رؤية اناس أو منظمات غير غربية يقودون العمل الإنساني، وامرأة مسلمة في مقدمة ناشطي العمل الإنساني - على المستوى الإعلامي على الاقل.
تساءلت ماذا يعنيه التقدم في دولة ناشئة مثل دولتنا وشعرت ان لا دولة او شعب يعتبران انفسهما متقدمين بدون مساعدة الاخرين بغض النظر عن الجنس والدين والثقافة أو الحدود. بمعنى اخر ليس الموضوع مجرد إحسان بل هو تضامن ومسئولية لضمان تمتع هؤلاء الذين يعانون من الأزمات بحقوقهم، وأن يقع تقدير جهودهم وطاقاتهم. إن الأمر يتعدى الإغاثة.
هذا يقودنا الى تأسيس (ميرسي – ماليزيا) وهي منظمة اسستها وترأستها لمدة عشر سنوات. انها مؤسسة فريدة من نوعها تنبع من الجنوب وتنشط في 15 دولة وملتزمة بأعلى درجات المحاسبة وتشتغل مع المجتمعات المحلية والحكومات على القضاء على الحرمان ومستعدة لتقديم حلول طويلة الأمد.
لقد كان لي شرف العمل مع الزملاء الملتزمين والمتطوعين وساعدني الكثير من المعنيين من القطاعات العامة والخاصة.
انني كامرأة ناشطة في الميدان الانساني تحصلت على فرصة ذهبية للولوج في قضايا المرأة التي تعاني من الازمات – بيوتهم، عائلاتهم، ونظرتهم للاشياء، وثقافتهم.
قبل اربع سنوات تقاعدت وسلمت زمام القيادة الى اخرين لكي يواصلوا ما قمت به ويوفوا بالتزاماتي ويحافظوا على تأثيري في ميدان العمل الانساني من خلال الامم المتحدة والميدان الاكاديمي والادوار الاستشارية للعديد من المنظمات العالمية والوكالات.
لقد كان هدفي التأثير في العديد من الفاعلين لكي يلعبوا دورا اكبر من تقديم المساعدة الانسانية من خلال التركيز على خفض الخوف من الازمات سواء كانت صراعات أو كوارث طبيعية.
نحتاج الى طرق جديدة لتحقيق اهدافنا. علينا ان نستمع الى الناس المتأثرين بالازمات وبناء الثقة والاعتراف بهمومهم وإلى ما يصبون اليه واستراتيجيتهم وتسهيل العملية وبناء شراكات حقيقية وايجاد حلول مشتركة. نريد ان ندفع الاجيال الصغيرة ونبني قيادات وكل فرد له دور يلعبه.
اقف هنا بينكم وأنتم تثمنون ما تعتبرونه شجاعة والتزام امرأة لكني اؤكد لكم ان ما قمت به لا شيء مقارنة بما حصلت عليه من خلال هذا العمل. هناك العديد من القصص التي يمكن ان ارويها. كيف لي ان اكون اكثر شجاعة من بنت العشر سنوات في مخيم أنشئ بعد تسونامي. لم تخسر امها فحسب بل اصبحت مسئولة عن رضيعين. لقد كانت مبتسمة دائما عندما نلتقيها وتسرع للخيمة لكي تهدينا مشروبا أو بعض الاكل. رغم الظروف الصعبة التي يمرون بها والقليل الذي يمتلكونه فانهم الاكثر عطاء. انها واحدة من الاف الناس الذين اثروا حياتي وعلموني التواضع والعدل والصبر وأن أكون اكثر امتنانا على الفرصة التي منحت لي لاقدم المعونة.
اعلم ان عملي لم يكتمل واتمنى بعد الحصول على جائزة الشيخ عيسى لخدمة الإنسانية ان احقق أحد احلامي الكبيرة وهو تأسيس مركز يقدم العديد من النماذج وأساليب العمل ويركز على الوقاية من الازمات، السلام، والمصالحة ويساعد شباب الجنوب على القيادة ويجعل الشعوب المتأثرة بالازمات هدفا لكل الجهود.
سأكون مقصرة لو لم اشكر زوجي وعائلتي الذين هم معي الان. دون مساعدتهم وحبهم وتشجيعهم لكان مستحيلا عليّ ان ابدأ هذه الرحلة التي لم تخل من العناء والتضحية لكني متأكدة انهم سيواصلون مساعدتي وتشجيعي على بذل المزيد من الجهود في المستقبل.
قال النبي محمد (صلى الله عليه وسلم): «ينقطع عمل ابن ادم الا من ثلاث (صدقة جارية أو علم ينتفع به الناس أو ابن صالح يدعو له» . ادعو الله ان جائزة الشيخ عيسى تزيد من حسنات المغفور له الشيخ عيسى من خلال افعالي وتلك التي سيقوم بها الفائزون بها في المستقبل.
اليوم يصادف عشية ذكرى وفاة والدتي وارجو من الله الرحمة لها وان ينعم على والديّ ويغفر لهما ويدخلهما الجنة.
كما ادعو الله ان يغفر لكل الذين ساعدوني من الزملاء وناشطي حقوق الانسان الذين توفوا.
اشكر شعب البحرين الابي على حرارة الاستقبال والضيافة والكرم واتمنى ان تكون هذه المناسبة بداية علاقة وطيدة بيننا... اشكركم... الدكتورة جميلة محمود. واختتم الاحتفال بعزف السلام الملكي.
العدد 3915 - الأحد 26 مايو 2013م الموافق 16 رجب 1434هـ
مبروك
مبروك