دشن القاص أحمد المؤذن مجموعته القصصية الجديدة «وجوه متورطة» «وذلك بمركز جدحفص الثقافي، مساء يوم الأحد الماضي (19 مايو/ أيار 2013)، بتقديم من الناقد حسن جعفر الذي نوّه بتجربة المؤذن، مشيراً إلى مسيرة المؤذن في الكتابة القصصية برؤية نقدية سريعة.
بعد ذلك قدم رئيس مركز جدحفص الثقافي كلمة عبّر فيها عن اعتزاز المركز باستضافته حفل التدشين، ودعمه للتجارب الإبداعية عبر تشجيعها وتبنيها والمساهمة في الطباعة والنشر، ثم وقع المؤذن نسخاً من مجموعته القصصية للأصدقاء، وحضر حفل التدشين نخبة من المثقفين والأدباء والمهتمين.
بأحاسيس أسمنتية متصدعة في محاولة لكسر تصلب ما، وَقفة من حزن تعود بنا إلى زمن ربما مضى، وربما مازال يسري فينا، وبثمن ظلمة حالكة لا ندري من يدفعه، وصفقة رابحة، وبالسحابة التي انجلت بعد هطول الأشباح، وبالبرد الذي يغادر غير مكترث بشيء، وبشهيق الحزن الذي قد يقتل أحياناً، وقطف الجمر الذي يحرق يد قاطفه، راح المؤذن بهذه اللغة الشفيفة يعنون قصصه ليسرد ما حبكته المخيلة من أحداث ارتأى أن يضمها في مجموعته الجديدة «وجوه متورطة».
احتوت مجموعة «وجوه متورطة» على خمس عشرة قصة قصيرة، وثماني عشرة قصة قصيرة جدّاً أما القصص القصيرة فهي أحاسيس أسمنتية، قفتها من حزن، وهي مستريحة، ثمن الظلمة، مناوبة ليلية، كنيكا، صفقة رابحة، الأشباح، زينب، وها موتي يفرح، البرد لا يغادر، غير مكترث بشيء، في بيت الحسين، تلك الأيام التي ...
فيما جاءت عناوين (قصصه القصيرة جداً) كالتالي: فلافل، في الزقاق، انتحار، مجنون، مشبعة، بالسرقة، ويشهق الحزن، القيم السابق، غزو السوس، هواجسه، قطف الجمر، الفاتورة، المزرعة، فعّال خير، وهو يبتسم، من أنت، تسلق، سجن، في المسجد، تحطم.
صدرت المجموعة «وجوه متورطة» بدعم من إدارة مركز جدحفص الثقافي، عن دار فراديس للنشر والتوزيع بمملكة البحرين، في 112 صفحة، قدّم لوحة الغلاف الفنانة هدير البقالي بوجوه غائمة غائبة عنها الملامح تحاكي عنوان المجموعة في التورط بالمصائر التي سردتها مخيلة المؤذن.
وتذكــــر
هو ابن البحر . ماذا يفعل هنا بين الجدران الخرسانية، وأسقف الجبس الملونة بالرفاهية؟ هذا المكيف يحوله إلى قطعة لحم مجمد. النهار طويل وممل، خرج بعيداً عن الفيلا ماشياً، استقل سيارة أجرة إلى الشاطئ.
جاء يمشي إليه مشتاقاً. يعرف مكانه، هناك في نومته الأبدية ملتحماً خشبه المهترئ والعتيق برمالٍ ينسحب ويقبل عليها رقص المو . وصل إليه... «البانوش» العجوز يعاند سطوة الماء وخشبه يذوب وينتحب.
وضع كفه المرتعشة على كومة الخشب، فاستيقظت الذكرى... وها هو يراهم يقتحمون بأجسادهم السمراء زرقة الخطر. علموه كيف يكون رجلاً. هي ذي ذراعه التي لسعها كائنٌ غريب وازرقت يومها وكيف غاص فيها السيخ المحمي على النار وشم رائحة جلده المحروق وتمزق صوته صراخاً يختلط بالهذيان.
سمع «الهولو واليامال» وضرب الطبول، وبريق «الدانات» بين أكفهم الفقيرة، تذكر وتذكر وتذكر. لكن وجعه تفاقم، مرارة الذكرى تشبه المرات السابقة، حينما يرجع إلى الفيلا بحزن لا يبرأ وحنين لا يتوقف.
تحطم
نائب المدير العام مُحاط بأضواء الكاميرات وصخب الصحافة التي احتشدت في قاعة المؤتمرات.
تنحنح النائب أمام المايكروفون، وأبدى أسفه العميق لعائلات لضحايا، وبيّن أن البحث لايزال جارياً عن ناجين من حادث تحطم الطائرة. ثم أخذت الأسئلة تنهال عليه كالمطر.
تملص من الجو واعتذر بابتسامة صفراء، غادر القاعة والصحافة تلاحقه حتى سيارته. سائقهُ يفتح له الباب وينطلق به.
في الطريق تَرِده مكالمة، يستفز كل تركيزه واهتمامه أمام الرئيس ويؤكد... أن الوضع تحت السيطرة والحادث قضاء وقدر، وأنه لا بد من تقليص سقف التعويضات من أجل ربحية الشركة!!
تسلق
الأول صرخ غاضباً في الثاني بعدما تصاعد دخان الحريق بينهما...
- هنيئاً لك، ركبت الموجة.
رد الثاني متفجراً مثل بركان...
- لا فضل لأحد عليّ، هذا من تعبي وشقائي.
ضحك الأول وقال في الوجوه التي أمامه:
- ومن بقايا جثث الذين تسلقتهم في طريقك.
ثم انتفض الثاني وركبه الشر، لكن الأيدي منعت اندفاعه المتهور داخل حجرة مجلس الإدارة، رذاذ فمه يتطاير كحال شتائمه فضحت ماكياجه المزيف.
قصص قصيرة جداً
أحمد المؤذن
العدد 3913 - الجمعة 24 مايو 2013م الموافق 14 رجب 1434هـ