وثيقة هذا الأسبوع حُررت في 18 شوال لعام 1368 هـ (الموافق 13 أغسطس/ آب 1949)، عن مستشار حكومة البحرين المعروف (تشارلز بلغريف). تتحدث الوثيقة عن طرد مهم وصل من خارج البحرين ومازال محتفظاً به في دائرة الجمارك البحرينية آنذاك باعتبارها مسئولة عن الصادر والوارد للبلاد. ولذا انتدب المستشار لجنة ثلاثية اختار أفرادها بعناية فائقة نتيجة خبرته الطويلة حتى تلك الأيام في البحرين (1926 - 1949).
اللجنة تعتبر من لجان المستشارين الاقتصاديين في البلاد إبان زمن الغوص. وقد اختار بلغريف اللجنة المذكورة من أعمدة خبراء اللؤلؤ في البحرين وأرسل إليهم هذه الرسالة بأسمائهم، وهم (يوسف بن عيسي بوحجي، منصور بن محمد حسين العريض، وحسن بن علي المديفع)، فلنقرأ الوثيقة سويّاً.
«العدد 18- 2463 / 1368
إدارة مستشار حكومة البحرين
حرر في 18 شوال 1368
حضرات الأفاضل الكرام -
يوسف بن عيسي بوحجي
منصور بن محمد حسين العريض المحترم
حسن بن علي المديفع
بعد التحية والاحترام -
المرجو أن تتفضلوا بالحضور في دائرة الجمرك يوم السبت الموافق 18 الجاري في الساعة الرابعة عربي صباحاً وذلك لكي تفحصوا طرداً من اللؤلؤ وصل من الخارج.
هذا ما لزم ودمتم.
عن- مستشار حكومة البحرين»
- يلاحظ في الرسالة الموجهة إلى الثلاثة أنها شملتهم بتقدير مفرد (المحترم) وليس بتقدير جمع (المحترمون)، مما يبدو أنها أخذت صيغة الأرصدة أو الاستمارات المكتوبة مسبقاً لمثل هذه الدعوات.
- كما يلاحظ أنها موقعة عن المستشار (بلغريف) ولا يتبين من التوقيع من هو الذي كان ينوب عنه في توقيع هذه الرسالة، مع أن التوقيع بخط اليد باللغة الانجليزية يحاول أن يتشبه بتوقيع المستشار نفسه كما نلاحظ في حركة الحروف، إلا أنه لا يوضح على اسم الموقع، وإن كان الاحتمال الأكبر أنه أحد مساعديه الأجانب في دائرة الجمارك.
- والملاحظة الثالثة، أن هذه الوثيقة، كما ذكرنا سابقاً، عند الحديث عن وثائق الغوص المشابهة لها؛ تدل على أن زمن اللؤلؤ لم ينته بظهور النفط مباشرة كما كتبت بعض الدراسات السابقة في هذا المجال وإن كان خف بريقه وقلت أرباحه. وبقي اللؤلؤ كصناعة وبيع يدخل ضمن موازنة الدولة واهتماماتها الاقتصادية حتى سنوات الأربعينات ومطلع الخمسينات من القرن العشرين.
وسبب تكوين بلغريف للجان بحرينية لفحص اللؤلؤ القادم من الخارج هو تسرب كميات كبيرة من اللؤلؤ الصناعي الياباني إلى سوق اللؤلؤ في البحرين وبدء عمليات الغش في تلك التجارة بين اللؤلؤ الطبيعي الثمين واللؤلؤ الصناعي الرخيص.
ويذكر أنه حدثت العديد من عمليات الغش المقصودة من بعض تجار اللؤلؤ عن طريق خلط الصناعي الرخيص باللؤلؤ الطبيعي الثمين وبيعه على أساس أنه لؤلؤ طبيعي، سواء في البحرين أو بقية إمارات الخليج العربي آنذاك، وهناك وثائق تجارية تثبت ذلك.
وقد انطلت عمليات الغش تلك على بعض تجار اللؤلؤ حديثي العهد بالسوق، ووقف ضدها كبار تجار اللؤلؤ ذوو الخبرة والثقة والسيرة الحسنة، أمثال أعضاء هذه اللجنة، حفاظاً على شرف وسمعة المهنة ومكانة سوق اللؤلؤ البحريني ومصداقيته في الخليج.
ولهذا قام بلغريف أيضاً بإصدار بعض القرارات والقوانين التي تمنع استيراد اللؤلؤ الصناعي الياباني إلى البحرين ومنع تداوله في الأسواق، وحذر من يقوم بذلك بأنه سيتعرض للعقوبات الصارمة. كما أن عضو اللجنة منصور العريض سبق أن سعى لإقناع الحكومة بشكل مبكر في منتصف الثلاثينات بوضع قوانين تحمي الثروة الطبيعية من اللؤلؤ، واقترح على بلغريف أن تتجه الحكومة لتنويع مصادر الدخل احتياطاً للأزمات الاقتصادية التي تعصف بالدخل القومي بسبب ما يحدث لسوق اللؤلؤ الطبيعي.
العدد 3913 - الجمعة 24 مايو 2013م الموافق 14 رجب 1434هـ