في المؤتمر السنوي للجمعية المصرية للدراسات التاريخية، الذي نظم في الفترة من 22-24 أبريل/نيسان 2013 تحت عنوان «الدين والسياسة في الوطن العربي عبر العصور»، حظيت المفاهيم الإسلامية الصحيحة بالطرح والاهتمام، مثل مفاهيم العدالة الإسلامية، كما ظهرت في عهد عمر بن الخطاب (رض) والحرية والمساواة، وكذلك مفهوم الاعتدال الديني والسياسي في مصر عبر العصور باستثناء مراحل قليلة تعد خروجاً على السياق العام للتاريخ المصري.
وعلى الرغم من أن عنوان المؤتمر «الدين والسياسة في الوطن العربي عبر العصور»، فإن 80% من تركيز المؤتمر كان على مصر بوجه خاص وبتفصيل كبير، ولعل مرجع ذلك ثلاثة اعتبارات، أولها إن الجمعية هي جمعية مصرية، وثانيها إن أعضاءها مصريون في معظمهم ما عدا قلة، وثالثها إن قضية الدين والسياسة في مصر في هذه المرحلة ساخنة، بل هي قضية الساعة.
ومع ان المؤتمر تحت رعاية وزير الثقافة محمد صابر عرب، وهو ينتمي للمؤرخين المصريين والمثقفين، وسبق أن شارك في اجتماعات الجمعية، إلا انه لم يحضر المؤتمر ولم يوفد مندوباً عنه ليلقى كلمةً باسمه في الجلسة الافتتاحية، والشيء نفسه بالنسبة للأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة سعيد توفيق، فرغم أن اسمه جاء في الدعوة للمؤتمر كأحد الداعين مع رئيس الجمعية عادل غنيم، ورغم إن المؤتمر كان في مقر المجلس الأعلى للثقافة، فهو أيضاً لم يحضر، ولم يرسل مندوباً عنه لإلقاء كلمة في الجلسة الافتتاحية. ويبدو أن كلاً من وزير الثقافة وأمين عام المجلس الأعلى للثقافة كانا مشغولين بأمور وقضايا عليا تتعلق بمصر ومستقبلها والنظام السياسي واستقراره في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ مصر بعد ثورة 25 ينايرز
كان رئيس الجمعية عادل غنيم حريصاً على البقاء منذ الصباح الباكر وحتى نهاية الجلسات، يستمع ويتابع وينسق وينظم ويطمئن على سير الأمور سيراً هادئاً ومنظماً، وعلى تواجد المتحدثين ورؤساء الجلسات والإداريين، ويحل أية مشكلة تطرأ في أثناء المؤتمر. وهذا شيء يثير الانبهار والإعجاب بهذا الرجل الهادئ المبتسم، رغم كثرة مشاغله، ورغم بعض الظروف الصحية التي بدت عليه، فلم يغيّر من تواجده ولم يتأخر مطلقاً كما تأخّر حتى بعض المتحدثين أحياناً، بل كان متواجداً قبل بدء الجلسات وحتى نهايتها. واعتقد لو أن كل مسئول مصري فعل مثله لكانت مصر أصبحت أكثر استقراراً، وأكثر أمناً، وأكثر حريةً، وأكثر تقدماً، ودعواتي له بالصحة والعافية وطول العمر. وفي الوقت نفسه أشيد بدور اللجنة المنظمة والمجموعة الإدارية المعاونة وهم جميعاً يمثلون القوة الضاربة للجمعية، وقد عملوا بدأبٍ وتميّزٍ طوال فترة المؤتمر، وأنا على ثقة من إنهم عملوا لشهور عدة في الإعداد حتى جاء المؤتمر على أفضل صورة ممكنة، فلهم جميعاً الشكر والتقدير على هذا الجهد المتميز الذي جعل المؤتمر بحق مركز بحث فكري متعمق في قضية بالغة الأهمية في هذه المرحلة التي تعيشها مصر والمنطقة العربية، وتثير الكثير من اختلاف وجهات النظر حول علاقة الدين بالسياسة.
وختاماً نقول إن الجمعية المصرية للدراسات التاريخية أثبتت أنها تتمتع بأصالة علمية، ومعاصرة سياسية، فهي تبحث بعمق في قضايا ذات أبعاد تاريخية، وتسير بها عبر مراحل التاريخ حتى العصر الحالي، ومن ثم فهي عبّرت عن الحس السياسي في منهج البحث التاريخي، وهذا بفضل النخبة العلمية التي تقود الجمعية وتبحث وتفكر في محاور المؤتمر السنوي للجمعية. ففي العام 2012 ركّزت على مفهوم الثورات العربية ودورها في التطور السياسي عبر التاريخ، وهذا العام ركّزت على «الدين والسياسة والتفاعل بينهما عبر العصور». ولكن من الملاحظ أن الحضور كان في معظمه نخبوياً، والاهتمام الإعلامي وخصوصاً من القنوات الفضائية كان محدوداً. كذلك ضعف اهتمام المسئولين بمداولات المؤتمر، وهذا يعبّر عن الفجوة بين الفكر العلمي، وبين السياسة الواقعية الذي ينتهجها بعض الحكام، وبعض قادة الرأي، وهذا أحد المفارقات في مصر الحديثة وربما العالم العربي. كذلك محدودية حضور الباحثين من الأقباط رغم أهمية القضايا التي تناولها المؤتمر وتهم مختلف فئات وطوائف وأحزاب مصر في هذه المرحلة الفاصلة في تاريخها الحديث.
إقرأ أيضا لـ "محمد نعمان جلال"العدد 3911 - الأربعاء 22 مايو 2013م الموافق 12 رجب 1434هـ
ملل ونحل وخفيه وخلسة
لم يدعوا الله ولا أنبيائه ولا رسله الى السياسة ولا لإتباع ملة اليهود ولا النصارى - التجارة، بل دعوا الى ملة ابراهيم حنيفا. اليوم لا نجد سلام في الاسلام ولكن دعايه وإعلان. الناس تصلي في المساجد على طريقه الأمر كان بالمعروف. فعلى الرغم أنهم يقرءون قوله تعالى .. ولا تجهر بصلاتك و لا تخافت بها... هنا أتباع مذهب التسفير للتفسير لم يعرفوا أن هنا عن صلاتين- واحدة جهراً والاخرى خفية عن أعين الناس. فأيهما قابله للجهروأيهما تحتاج إخفاء وعدم إظهارها أثوب؟ وكيف كيف جمعه تظهرها سياسة جمعيات؟