في معرض تناولهما لإمكانية ارتفاع أسعار المكيفات والثلاجات بسبب إلزامية مطابقتها للشروط البيئية مستقبلا، وزيادة كلفة شرائها وصيانتها و وقع ذلك على المواطن والدولة، أجرى الرئيس التنفيذي للمجلس الأعلى للبيئة عادل خليفة الزياني اجتماعا تشاوريا مع ماريا نولان الرئيس التنفيذي للأمانة العامة لصندوق التمويل متعدد الأطراف الخاص بتطبيق بروتوكول مونتريال لخفض المواد المستنفدة للأوزون التابع للأمم المتحدة، عرض فيه المسؤوليات المتعددة للمجلس الأعلى للبيئة، والاستعدادات الخاصة بتفعيل الشراكة مع الدفعة الأولى من مصانع وشركات أنظمة التبريد المحلية التي أبدت الرغبة في التعاون من أجل تبني مواد وغازات التبريد البديلة، وأوجه التعاون مع شركاء التنفيذ والمصلحة مثل شؤون الجمارك والموانئ و هيئة الكهرباء والماء وسائر الجهات والأطراف الفاعلة في هذا الملف الحساس.
وكان المجلس الأعلى للبيئة قد عقد مؤخرا وبالاشتراك مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة-المكتب الإقليمي لغرب آسيا اجتماعا و ورشة عمل لدول غرب آسيا بهدف إعداد الكوادر الوطنية في حوالي عشرين دولة للتعامل التشريعي والتقني مع غازات التبريد والتكييف الموجودة والصادرة والواردة تمهيدا للانتقال الكلي الى استخدام البدائل الأقل إضرارا بالبيئة والصديقة للأوزون مع مراعاة المناخ الإقليمي الحار الذي يجعل من عمليتي التبريد والتكييف ضرورتين لا غنى عنهما. وتضمنت سلسلة الاجتماعات المنعقدة بين مملكة البحرين وخبراء الأمم المتحدة البيئيين مباحثات تناولت التأثيرات المادية واللوجستية ومتطلباتهما، الى جانب سلامة المواد البديلة المستخدمة في التبريد. يشار الى أن هذه الجهود تأتي في سياق الجهود الدولية التي ترعاها الأمم المتحدة ممثلة في برنامجها البيئي للوصول الى مستويات مناخية آمنة يسهم البشر افرادا ودولا في ازدهارها واستدامتها لصحة وسلامة الأجيال القادمة.
ضم الفريق الوطني المسؤول عن دراسة ومباحثات حماية الأوزون، والمستضيف بالمناصفة لورشة العمل الإقليمية ممثلا عن المجلس الأعلى للبيئة كل من السادة ميرزا سلمان خلف مدير إدارة التقويم والرقابة البيئية بالوكالة، وجعفر أحمد سلمان رئيس قسم التحكم في التلوث والمسؤول الوطني للأوزون، وحسن علي مبارك رئيس وحدة إدارة المواد الكيميائية الخطرة، و إيهاب طارق عبدالعظيم المستشار القانوني للمجلس الأعلى للبيئة.
من جانبهم أفاد مسؤولو برنامج الأمم المتحدة للبيئة بأن عملية رصد الفوائد المناخية الناجمة عن الانتقال الى مواد التبريد الصديقة للأوزون سوف تبدأ بالتزامن مع الانتقال المرحلي الى إحلال هذه المواد محل نظيرتها الضارة، خاصة وأن البدائل لها سلبياتها من حيث امكانية حدوث تسربات وحوادث اشتعال في حال لم يتم التعامل معها بمهارة كافية، وهو ما يحتم اطلاق برنامج خاص لتدريب فنيي صيانة المكيفات واجهزة التبريد على التعامل مع هذه المواد، يضاف الى ذلك الحد من تكلفة استبدال الأجهزة الموجودة عن طريق تركيب أجزاء بديلة للأجزاء الموجودة بمقدورها استخدام المواد البديلة. وتبرز هنا – بحسب الخبراء الأمميين – إشكالية الإتجار في الأجهزة المستعملة وتصديرها الى الدول النامية، لا سيما الأفريقية منها، كما بينوا ضرورة اليقظة على المنافذ الحدودية وانتشار ثقافة حماية البيئة واشتراطاتها لدى أفراد ومسؤولي التفتيش الجمركي للحيلولة دون تهريب الأجهزة غير المطابقة من والى الدولة. كذلك بيّن الخبراء البيئيون أن إهمال الصيانة أو إجرائها دون مهارة كافية يؤدي الى تسربات مكلفة تستدعي زيادة منسوب غازات وسوائل التبريد التقليدية الضارة بالأوزون والبيئة في الأجهزة على الدوام، وهو ما يفرض الكلفة المادية والبيئية على الدولة أفرادا ومؤسسات بزيادة الانبعاثات من جهة وزيادة استهلاك المواد المبردة من جهة أخرى.
بدوره أفاد الزياني بأن مسألة الترخيص للأجهزة والمواد المطابقة لمواصفات التبريد والتكييف الصديقة للبيئة والأوزون تتطلب التشريع لممارسات فردية ومؤسسية مصاحبة لا غنى عنها بهدف اكتمال حلقة التعاون الصناعية التجارية الاستهلاكية بمنظورها البيئي. وبحسب الزياني، فإن التوعية العامة المستدامة التي ترتقي بسلوكيات الأفراد، مواطنين ومقيمين، تجارا ومستهلكين، هي من الضرورة بمحل بحيث تقتضي إدراجها في المناهج التعليمية والدورات التدريبية والتشريعات الخدماتية ليكون الفرد والمجتمع على دراية بأهمية استخدام المواد الصديقة للأوزون والبيئة في البيت والشارع ومكان العمل او الدراسة. وأضاف الزياني أنه لا بد من الموازنة بين زيادة كلفة الأجهزة الجديدة مستقبلا وقناعة المستهلك والمنتج بضرورة تحملهما لهذه الضريبة الصغيرة في مقابل تغيرات مناخية تهدد حياة الإنسان وسلامته وراحته وتوقف دولا بأكملها عن الانتاجية والتنمية عند تعرضها لأشكال من موجات الحر والصقيع والأمطار شديدة الغزارة والسيول والغبار الملوث، وكلها نتائج سببتها الممارسات الصناعية والاستهلاكية الحديثة.
جدير بالذكر أن المجلس الأعلى للبيئة يهدف في سعيه الدائم الى مطابقة كافة الممارسات المعيشية في مملكة البحرين مع النظم القياسية الدولية لمراعاة البيئة، مع العمل لاستيعاب متطلبات التنمية الاقتصادية المستدامة وحاجة الفرد الى الصحة البيئية بقدر حاجته الى توفير الرزق والأمن والازدهار لنفسه وللأجيال القادمة. ولبلوغ هذه الأهداف، فإن المجلس بصدد اعتماد سياسة التثقيف المجتمعي المنطوي على قناعة مسبقة بالأبعاد الإيجابية لتشريعاته وسياساته التنفيذية. كما يسعى برنامج الأمم المتحدة لبيئة-المكتب الإقليمي لغرب آسيا عن طريق مقره في البحرين الى تدريب ضباط وأفراد شؤون الجمارك على الممارسات العملية بواسطة برنامج للتدريب الإلكتروني معتمد من قبل المنظمة الدولية للجمارك في المستقبل القريب، بالتزامن مع مساعي المجلس لتدريب المصنعين والفنيين على تقنيات التبريد الصديق للبيئة بالتعاون مع الشركات المحلية ومعاهد التدريب الوطنية.