العدد 3906 - الجمعة 17 مايو 2013م الموافق 07 رجب 1434هـ

«البحرين للفن المعاصر» تستذكر تأسيسها بمشاركة نخبة من الفنانين

بمشاركة مجموعة من الفنانين من جيل الرواد والجيل الحديث، تحاول جمعية البحرين للفن المعاصر أن تجتاز إلى مفهومها في المعاصرة والتأكيد عليه، وذلك خلال معرضها الأخير الذي تقيمه بمناسبة مرور 43 عاماً على تأسيسها.

يضم المعرض أعمالاً متنوعة لمجموعة من الفنانين على رأسهم الثنائي المتجدد والحاضر في المشهد الفني دائما الفنان عبدالكريم العريض، والفنان راشد العريفي، وبمشاركة كل من الفنانين سيد حسن الساري، وأحمد عنان، ومدينة علي، وفاطمة السرحان، وحسين الشاخوري، وعلي حسين ميرزا، ومحمد قنديل، ورحاب الرأس رماني، وناجي سوار، وأيمن حاجي، ونعيمة الماجد، وشقير الدرازي، وعادل الذوادي، وعقيل الدرازي، ونادر عبدالرحيم، وباسم العلوي، بالإضافة إلى سيسيل سكاروس، وسيمونا بانسيو، وماريا كرياسو.

للوهلة الأولى تصافحك الألوان وتخلب عيونك في صالة العرض بمبنى جمعية البحرين للفن المعاصر إذ تستقبلك اللوحة الأولى للفنان عبدالكريم العريض وقد أحب هذه المرة أن يستعيد أجواء لحظة أثيرة وخالدة في الذاكرة، دائماً ما تصنعها المخيلة بهذه الصورة الأثيرة عند استعراض السيرة النبوية، وهي لحظة غار حراء حيث نسج العنكبوت خيوطه، وحلت الحمامتان بكل سكينة ووقار على المكان، ويبدو الفنان مأخوذاً بهذه اللحظة حين جسّدها بألوان مريحة فيها من الدفء الكثير، متمعنا ومتئداً حين يسقط الرشة لينسج بمهارة العنكبوت تلك الخيوط التي استطاعت على رغم رهافتها أن تفرّق القوم وتصرفهم عن الأذى والسوء الذي عزموا عليه، وهي لحظة تاريخية فارقة خلدت على مستوى السرد فبرعت المخيلة في تصريفها إلى الفنون الأخرى.

أما الفنان راشد العريفي فأحب كعادته الاشتغال على تقنية السطح عبر لوحتين تتجسد فيهما خبرة لتراكم حرفي بدون توقف يمتد 43 عاماً هو عمر الجمعية والتي كما يشير العريفي أخذت على عاتقها الاستمرار من خلال رؤية تتجه إلى الجمع بين الأصالة والمعاصرة، وأن تجمع تحت سقفها مختلف الأجيال الفنية من دون عقد أو انحياز سوى إلى المنحى الإنساني، فالفن بطبيعته لغة إنسانية، مؤكداً أن هذا المعرض نستعيده كل عام منذ 43 سنة، وهو نتاج تراكم تاريخي والاستمرار فيه بمثابة التحدي لدى الفنانين.

ويضيف العريفي «لقد كنا نتنافس في إقامة المعارض الفنية الفردية والثنائية والجماعية المشتركة بجهود ذاتية، والآن لدينا الجمعية التي استطاعت أن تراكم هذا الجهد الفني، فلدينا كمٌّ كبيرٌ من المعارض الفنية وليس لدينا عقدة من أي أحد، والجمعية تضم فنانين من مختلف الأجيال ودائماً يكون لدينا فنانون أجانب يشاركوننا بما يثري الرؤية الفنية، ويصنع تمازجاً فكريّاً لمختلف التوجهات، فالفن حركة إنسانية عابرة لمختلف الثقافات».

وفي المعرض الكثير من الأعمال اللافتة التي تسترعي القراءة، حيث تشدّك أعمال الفنان سيد حسن الساري إذ شاء هذه المرة أن يقدم لنا الوجه الآخر لديه كفنان مشتغلاً على مجموعة من الحروفيات مبرزا الحرف في صورته الأولية مع نقاطه وقواعده ومقاييسه وتقلباته وتداخلاته قبل أن ينضم في سياق الجملة بما يبرز الحالة الجمالية للحرف حتى وهو مستقل بذاته وهو تحد للفنان يمارسه كهواية ومران وتجريب قبل الكتابة.

أما الفنان أحمد عنان فقد اشتغل على تجسيد شيء من البراءة عبر توظيف الخطوط الخارجية للعناصر التي ضمتها اللوحة، من خلال عنصر البساطة اللونية والمباشرة في توزيع اللون على اللوحة وهو أشبه ما يكون برسم طفولي ليصنع الفنان إحساساً لدى المتلقي بالبساطة والبراءة التي ترصدها اللوحة، فثمة إنسان واقف بجانب شجرة كمن يرمي بذوراً في الأرض وثمة طير في الأعلى.

أما الفنانة مدينة علي فقد اشتغلت على تجسيد لحظة ذاتية أثيرة، إذ تبدو كمن يكافئ نفسه بكأس من الشاي مستمتعاً بالنكهة والبخار يعبق بأنفه في شكل دخان وكريات من الندى تتعالى للأفق، ونظراته معلقة بما في الكأس حيث تغيب الخلفية وكل التفاصيل وتتداخل الألوان وتبقى الكأس والكف التي تمسك والوجه والعيون المتعلقة الممعنة في الكأس وبقايا ابتسامة ولحظة الاستمتاع والمكافئة، كل ذلك من خلال ألوان تتداخل مع بعضها بعضاً بين الأزرق البحري والبنفسجي وألوان الجسد الداكنة.

أما الفنانة فاطمة السرحان فتبدو في لوحتها مأخوذة بلحظة ترجع فيها الذات إلى داخلها في أمن وتأمل حيث تمسك الفتاة بعقدها لتجسد حالة الأمن والهدوء حيث تجلس الطيور بين يديها وعلى كتفها في غير قلق ولا خوف ولا رعدة حيث تتحد ألوان الثوب وألوان الطيور عبر البنفسجي الداكن والفستان المزخرف كحالة موسيقية ناعمة تجمع بين الزخرفة وأشكال الطيور. أما الفنان حسين الشاخوري فقد اشتغل بالألوان المائية على لحظة فنية أخرى حيث رصد ذائقة الناس حين يهتمون بالطير وهي فعلاً ذائقة فنية أخرى حيث تراهم يهتمون بالألوان والأشكال تماماً كما يصنع الفنان لوحته وفي هذه اللوحة التي جسدها الشاخوري يقف هاوي الطيور ليحمل الببغاء محدقاً فيه بعيونه وعين الطير تفر إلى الخارج بينما في جهة من اللوحة تلتصق كتابات وحروف متلاشية في شيء من الكولاج حول الاهتمام بالحدائق.

أما الفنان ناجي سوار فقد اشتغل على الجمع بين لحظتينـ هي لحظة الأصالة والمعاصرة جامعاً بين فتاة وغزال ونظرتين بألوان ممعنتين متقنتين بألوان الأكرلك، مؤكدا على فكرة أن العمق في الداخل لا الخارج، منحازا إلى المضمون لا الشكل فيما ركز الفنان علي ميرزا في لوحته على جلسة في لحظة هدوء وسكينة على رغم الصخب ورقابة العالم الخارجي، كمن يضع رأسه بين يديه بعيدا عن الصخب والضجة.

وهكذا تتابعت اللوحات في المعرض فبينما محمد قنديل أخذته ضربات الفرشات بألوان حارقة إلى خطوط سريعة، اختارت رحاب الرأس رماني، تجسيد بجعة هادئة بيضاء وسط بحيرة من السكينة والهدوء على رغم الألوان الحارة التي تشتعل بها الأشجار في شيء من التضاد الذي يبرز موضوع اللوحة.

وفي المعرض الكثير مما يقال، وما يترك للمتلقي لوحده لأن يقرأه بعيونه وخصوصاً أن الكثير من الفنانين لديهم من الثراء ما يبهرون به متلقيهم من أول نظرة بما لا مجال لسرده خلال أسطر سريعة ونظرات عابرة.

العدد 3906 - الجمعة 17 مايو 2013م الموافق 07 رجب 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً