لم تكن معاناة البحرين من حيث الدمار والخراب كغيرها من دول العالم سواء القريبة أو البعيدة من مركز الحروب والقتال خلال الحرب العالمية الثانية بين 1939 و1945. إلا أن تلك الحرب أثرت بشكل أو بآخر على الناس والبلاد وخصوصاً في مجال قلة المؤن والأطعمة، وزرع الخوف والرعب في قلوب الآمنين من أن تطولهم الضربات العسكرية بواسطة الطيران الحربي في أية لحظة باعتبارهم يعيشون ضمن مناطق الحماية البريطانية وبريطانيا العظمى تعتبر أهم دولة في معسكر الحلفاء آنذاك. ويتذكر جميع أهل البحرين في أربعينات القرن العشرين أصوات صفارات الإنذار التي أُطلقت حين تم الهجوم على مصفاة النفط وصور تلك القنابل التي سقطت على جزيرة سترة ولم تنفجر حتى تم اكتشافها بعد نهاية الحرب وهي مدفونة في الرمال. كما يتذكر شباب البحرين اليوم يوم كانوا صغاراً في العام 1991 إبان الحرب التي شنتها الولايات المتحدة وهي تتزعم العالم الغربي أو الحلفاء مرة أخرى على العراق، في عهد الحاكم السابق له صدام حسين بعد غزوه الكويت العام 1990.
يتذكر هؤلاء الشباب كيف كانت تدوي صفارات الانذار حين سماع دوي الصواريخ البسيطة التي كان يطلقها جيش حاكم العراق على دول الخليج ومن ضمنها البحرين انتقاماً منهم لمساعدتهم الحلفاء ضده. فالقضية ومعاناة البحرين في السابق والحالي كلها بسبب موقعها على خطوط تماس الحلفاء مع أعدائهم أينما كانوا.
ولهذا كانت الحكومة البحرينية في عهد المستشار (تشارلز بلجريف) تحاول التأقلم مع ظروف الحرب بإصدار إعلانات وبيانات تهم المواطنين بإرشادهم إلي كيفية التعامل مع تلك الظروف. ومن تلك الإعلانات وثيقة هذا الأسبوع والتي كُتبت بعبارة «تضئيل الأنوار»، أي تخفيف الإضاءة، ودوِّن زمن إصدارها في العام 1362 هـ. (1943 م)، وهذا نصها كما وردت من دون رتوش:
« حكومة البحرين
إعلان
العدد 29 / 1362
تضئيل الأنوار
ابدالا لجميع الاعلانات السابقة الصادرة بخصوص تضئيل الانوار - نعلن للعموم أنه ستوقف جميع تحديدات تضئيل النوار في البحرين الى أن تصدر أوامر أخرى، وهذا التوقيف خاضع للتحفظات المذكورة أدناه:-
التحفظات
1) بما أنه يحتمل أن تفرض مرة ثانية تحديدات تضئيل الأنوار في المستقبل يجب على كل شخص أن يبقى مستنداً للامتثال بهذه التحديدات بانذار قصير.
2) يجب أن تطفأ حالاً جميع الأنوار عند اطلاق صافرات الانذار بالغارات الجوية.
3) المنشآت التي يجب أن تواصل أعمالها أثناء الغارة الجوية تبقي على تراتيبها الحاضرة للانارة الضرورية.
حرر في 22 جمادى الثانية 1362
الموافق 26 يونيو 1943
مستشار حكومة البحرين
وللعلم أن معظم قرى البحرين وعديداً من حارات المدن الرئيسية لم تكن وصلت إليها الكهرباء بعد حتى تلك الفترة، لكن الإعلان أعلاه كان يقصد حتى الإضاءات اليدوية (مثل فتيلة التمر) أو ذات استخدام الكيروسين (الفنر)، أو الخشب لإشعال نار (التنور) للخبز المنزلي، أو الشيشة الشعبية المعروفة عند كبار السن في البحرين باسم (?دو)، فكلها كان يعتبر إشعالها عند الغارات العسكرية مصدر خطر على الناس والمنشآت القريبة منها.
العدد 3906 - الجمعة 17 مايو 2013م الموافق 07 رجب 1434هـ