يبدو من الجيد التشدق بالمصطلحات الرنانة التي سترسخ مع الوقت في أذهان الناس وإن لم تكن تلبّي طموحاتهم، ومن ذلك تكرار عبارات «الانجازات» و»المشاريع» و»الاصلاحات»!
وهو أمر بتفصيل جملة المعضلات التي يعاني منها الوطن وترهق المواطن، يختفي معنى هذه الجملة التي استُهلكت بشكل فاضح، فالإصلاح يتطلب عدالةً اجتماعيةً وهي تعني عدم الانحياز أو التمييز ومنح الفرص بشكل متساوٍ وعادلٍ للجميع، وهو الأمر الذي يتنافى مع الواقع إذ أن المحسوبيات والوساطات تنخر في عظام المؤسسات الحكومية بطريقة جعلت غير المؤهل يتبوأ المناصب، والمؤهل الجامعي عاطلاً عن العمل.
كما أن العدالة الاجتماعية تعني محاربة كافة أوجه التمييز، ومنها التمييز الطائفي والتمييز بسبب الجنس أو العقيدة، وللأسف فإننا نعاني من جميع أوجه التمييز خصوصاً التمييز الطائفي الذي ظهر جلياً وبصورة فاقعة بعد تبني سياسة الفصل العنصري التي مورست بجلاء منذ أحداث فبراير 2011، وعبّرت عنها عبر سجن وفصل مواطنين من أتباع مذهب معين. تلك الممارسات فتحت الباب أمام كثيرٍ من الطائفيين لإطلاق ضغائنهم وأحقادهم وتصفية خلافاتهم الشخصية مع شركائهم بالوطن، بشكلٍ انعدمت معه العدالة الاجتماعية، وما زالت ممارسةً حتى اليوم في كثير من المجالات كالوظائف الحكومية والبعثات الدراسية وغيرها.
الإصلاح لا يكون في ظل سياسات التهميش والإقصاء الممارسة ضد مكوّن من الشعب، ولا مبررات لقبول ذلك في ظل ادعاء دولة المواطنية التي تتطلب تطبيقاً لسياسات عادلة يتساوى أمامها المواطنون على اختلاف أديانهم ومذاهبهم وأفكارهم ومعتقداتهم.
إن العدالة الاجتماعية تهدف إلى إزالة الفوارق الاقتصادية الشاسعة بين طبقات المجتمع، وهو أمرٌ لا يتناسب مع واقع البلد الذي تزداد فيه الطبقات الثرية ثراءً فيما تُسحق الطبقات الفقيرة والمتوسطة تحت وطأة الدين وصعوبة توفير متطلبات الحياة الكريمة بشكلٍ تنعدم فيه العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات.
إن إنجازات المشروع الإصلاحي يجب أن تنصب على رفاهية المواطن بشكل جاد وملموس واقعاً، وليس عبر الخطابات والدعايات الإعلامية التي تروّج للفكرة بشكل غير مدعوم واقعاً. فالحلول السطحية لمشاكل المواطنين لن تسهم في تخفيف المشكلة بل إرجاء انفجارها لوقتٍ لاحق فقط. ونحن بحاجةٍ لإعادة تقييم مدى تحقق المشروع الاصلاحي وتطبيق العدالة الاجتماعية لجميع المواطنين.
عدالة القانون والتساوي المتكافيء أمامه يعد أحد أوجه العدالة الاجتماعية التي يجب أن تُطبّق، بالإضافة لتحقيق العدالة في كافة نواحي المجتمع، كما أن تمكين مبادئ حقوق الإنسان والمساواة يعتبر من أهم دعائم العدالة الاجتماعية ومساهم رئيسي في ترسيخ الإصلاح الشامل.
العدالة الاجتماعية حقٌ للجميع بحاجةٍ لتفعيلها على أرض الواقع، قبل ترويجها إعلامياً وتضخيمها بشكل لا يتناسب مع حجم الانجازات على مستوى الأرض. الإيمان أن غياب العدالة الاجتماعية غيابٌ للإصلاح الذي يعتبر ضرورةً في وقتنا الراهن وركناً أساسياً يعتمد عليه استقرار الأوطان.
إقرأ أيضا لـ "مريم أبو إدريس"العدد 3902 - الإثنين 13 مايو 2013م الموافق 03 رجب 1434هـ
شكرا يا استاذه مريم ؟
مقال رائع وضربتي على الوتر الحساس ، فعل نريد عدالة اجتماعية ، لو كانت هناك عدالة اجتماعية لما كانت ثورة شعب
أين العدالة؟
مقال في الصميم. اين هي العدالة؟ انها الحلقة املفقودة التي يناضل من أجلها الناس.
والعدالة غير موجودة يعني اصلاح ماكو
يذكرني مقالك بحدوثة كنا نرددها في الصغر
ونقول لك هم لا يريدون اصلاحا بالمرّة بل تكريس الفصل العنصري
تاريخ التمييز الطائفي في البحرين
التمييز الطائفي في البحرين بدأ منذ تسريح أبناء الطائفة الشيعية من قوة الدفاع.