اطلعت أخيراً على مقالات عديدة، تناولت بشكل فج، طائفة الحشاشين، أو اكتفت بالإشارة إليها في تحليلها لما يحدث في العالم العربي. لم تهدف هذه المقالات حقّاً إلى مناقشة تاريخ الحشاشين، بل بدا الأمر كاصطياد في الماء العكر. جاءت بعض تلك المقالات متسقة مع حملات الإعلام العربي «الرسمي» المسعورة ضد موجات الربيع التي غزت العالم العربي، إذ إنطلق مد مضاد يهدف إلى مصادرة رغبات التغيير والتجديد التي تضمنها الربيع، عبر تشويه وتغييب وتزييف وعي الشعوب.
شكوكي المحيطة بالمقالات، دفعتني إلى البحث في أمر «الحشاشين». الطريف أنني حين فعلت ذلك وجدت أن السحر انقلب على الساحر، وأن كل من هدف إلى استخدام هذه الحقبة التاريخية لإثارة المزيد من النعرات الطائفية والمذهبية سيجد نفسه محاصراً بكثير من الأسئلة ومداناً بما يدين به الآخرين.
الرحالة الإيطالي ماركو بولو أشار إلى أن قادة الحشاشين كانوا يعيشون في قلاع وحصون منيعة تمتلئ بحدائق غناء وتعيش فيها فتيات حسان، وإن هؤلاء القادة كانوا يقومون بتخدير تابعيهم بالحشيش ومن ثم يأخذونهم لتلك الجنان. حين يستفيق التابعون يجدون أنفسهم وسط هذه الجنان، لكنهم سرعان ما يذهبون في غيبوبة أخرى بفعل ما تسقيهم الفتيات. يوهمهم قادتهم بعدها بأنهم كانوا في الجنة وأن بإمكانهم العودة إليها إن اتبعوا أوامراهم في اغتيال قادة مسلمين وصليبيين.
مهما يكن من أمر، وسواء أكانت روايات ماركو بولو صحيحة أم لا، فإن الحديث عن الحشاشين وعن سياستهم مع تابعيهم أمر مهم للغاية، ومحطة يجدر بنا كشعوب عربية التوقف عندها، على الأقل لأننا نعيش اليوم الحالة ذاتها من تزييف الوعي.
السلطات باختلاف أنواعها، تحاصر تيارات الوعي التي تدفع بالمجتمعات إلى الرغبة في تغيير واقعها، عبر تغييب هذا الوعي أو تزييفه وهي وسيلة من وسائل السيطرة وضبط حركة الوعي نجحت على مر العصور.
تستبدل السلطات وعي التغيير بآخر بديل أو زائف يتسق مع سياساتها وعقيدتها الحاكمة. تستجيب له القطاعات الأقل وعياً وتتبناه وربما تروج له بوعي أو من دون وعي.
هذا الانجرار وراء خطابات السلطات يجرد العقول من قدراتها التجديدية، ويجعل المجموعات البشرية تنغلق على نفسها ما يؤدي إلى بروز الهويات الفرعية بكل أنواعها وظهور بوادر رفض الآخر وبالتالي تفكيك المجتمعات وتزييف أو تغييب وعيها.
سياسة شيوخ الحشاشين تعود إذن، ومهما تم الخوض في تلك المياه العكرة إلى أسباب طائفية، إلا أن ما تفعله مختلف السلطات اليوم هو تماماً ما فعله الحشاشون بتابعيهم، إن صدق ماركو بولو.
إقرأ أيضا لـ "منصورة عبد الأمير"العدد 3899 - الجمعة 10 مايو 2013م الموافق 29 جمادى الآخرة 1434هـ
الحر حر
سيدتي هناك نوعين من البشر. نوع يحب ان يكون حرا في دنياه والنوع الثاني يحب ان يكون عبدا في دنياه. والفرق بينهما. ان الحر سيبق حرا لانه يمتلك الشجاعة والضمير الحي ومهما فعلوا به سيبق مخلدا في داكرة الاحرار ام العبد فهو ترب على العبودية جبان. فاشل صحاب ضمير ميت هم الوحيد حب المال وهذا مصيرة مزبلة التاريخ
شكرا
المشكله ليست في القطاعات الاقل وعيا المشكله في طبقه المثقفين الاهثين وراء الدينار باي ثمن لقد باعوا ضمائرهم وباعوا ما تبقي لهم من كرامه