حذر مشاركون في الاجتماع الحادي والثلاثين لمجلس العمل المشترك المنعقد بالبحرين برعاية صاحب السمو الملكي ولي العهد من أن الحروب القادمة ستكون على مصادر المياه وليس النفط أو شيء آخر، داعين إلى ترشيد الاستهلاك حول العالم عامة، وفي منطقة الخليج العربي خاصة التي تشهد اضمحلالا في مصادر المياه الجوفية مقابل نمو سكاني كبير.
ودعا المشاركون في الاجتماع بجلستهم الصباحية يوم امس الجمعة (10 مايو/ ايار 2013)، تحت عنوان «المياه وروابط الطاقة» إلى المزيد من التنسيق الدولي لإيجاد حلول لمشكلة نقص المياه عبر تسهيل نقل التكنولوجيا المتطورة في هذا المجال من ألمانيا تحديدا إلى دول العالم الثالث والقيام بحملات وعي عبر الأمم المتحدة وإجراء المزيد من الأبحاث عن الأمن الغذائي والزراعة التي تستهلك نحو 80 في المئة من المياه حول العالم.
وذكر أحد المشاركين، وهو عمل في مجال أبحاث الطاقة بالولايات المتحدة لـ27 عاما، أن الغرب تمكن من تطوير أدوات تمكنه من التنبؤ بمستقبل المياه، وهذه الأدوات التي تستخدم حاليا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا غير معروف مدى دقتها، لافتا إلى أن معظم المناقشات الدولية بشأن استخدام المياه لا يحضرها الشركاء الحقيقيون وهم المزارعون الذين يستهلكون 80 في المئة من المياه، ودعا إلى إعطاء دور أكبر للقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني في مجال ترشيد استخدام المياه.
ولفت المشاركون، وهم من الخبراء الدوليين في مجال الطاقة، إلى أنه خلال العقد الأخير كان النقاش يدور حول قضيتين أساسيتين هما الخشية من نضوب النفط والتغيير المناخي، لكن بعد أن أزمة عام 2008 الاقتصادية لم يعد أحد يلتفت لذلك كثيرا، وأكدوا ضرورة إعادة تقييم سياسات التغيير المناخي التي فشلت حتى الآن، وخاصة بعدما تبين أن الأهداف التي وضعت كانت حالمة ومكلفة للغاية.
وأشار المشاركون إلى تنامي الحاجة لمعالجة نقص الطاقة الذي يؤثر على الاحتياجات البشرية والنمو، لافتين إلى أن التغطية الكهربائية غير متاحة لـ55 في المئة من سكان الدول ذات الدخل المنخفض فيما لا يحصل نحو 1.3 مليار شخص حول العالم على الطاقة كما يجب.
كما أشار المشاركون في مداخلاتهم إلى أن مفهوم «أمن الطاقة» تطور كثيرا في السنوات الأخيرة، واستطاع تجاوز الأزمات العالمية وأصبح أكثر مرونة مما كان عليه قبل 15 أو20 سنة، حيث ان سعر النفط لم يتذبذب كثيرا إزاء الاضطرابات السياسية التي حدثت عام 2011 وأدت لخروج نحو 11 في المئة من النفط العالمي من السوق، وإزاء إعصار تسونامي في اليابان الذي شلَّ جزءا كبيرا من انتاجها من الطاقة النووية، والأعاصير التي ضرب الولايات المتحدة.
وتخلل الجلسة عرض لأرقام وبيانات ورسوم غرافيكية عن مصادر الطاقة من النفط والغاز حول العالم وما هي التوقعات المستقبلية للانتاج والاستهلاك والأسعار، وأشارت الدراسات المعروضة إلى أن تصدير النفط من الشرق الأوسط سيزيد بشكل مستمر وثابت، حيث ان وكالة الطاقة تتوقع زيادة انتاج الخليج من 25 مليون برميل يوميا إلى 35 مليونا.
ولفت المشاركون إلى أن المشكلة الأساس الآن هي إيجاد آلية لمعرفة ما ستكون عليه أسعار النفط خلال السنوات العشر القادمة على الأقل، ما سيمكن الدول المنتجة والمصدرة من رسم سياساتها الاقتصادية بدقة وتجنب التأثيرات السلبية لتذبذب الأسعار بالنسبة للطرفين، وخاصة بالنسبة للدول المصدرة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تعتمد بشكل كامل تقريبا على تصدير النفط والغاز، مشيرين إلى أن سجل التنبؤ في مجال أسعار الطاقة ضعيف وغير صائب.
وأشار المشاركون إلى أن الولايات المتحدة كانت من أكبر مستوردي النفط حول العالم، بمعدل 12 مليون برميل يوميا خلال العقد الماضي، وفي عام 2012 هبط هذا الاستيراد إلى سبعة ملايين برميل، ومن المتوقع أن يصل إلى ستة ملايين برميل نهاية العام الجاري، كذلك تخفض الصين والهند استهلاكهما من الطاقة التقليدية وتبحثان عن بدائل، ودعوا إلى رسم سياسات واضحة في هذا الشأن عبر منظمة «أوبك».
ولمواجهة ما قد يترتب على ضعف الطلب على النفط، أكد المشاركون أن المخرج الوحيد أمام الدول المصدرة هو تنويع الاقتصاد بما يؤدي إلى تنويع مصادر الدخل، وخاصة أن صناعات النفط والغاز لا تستطيع بمفردها توليد وظائف تستوعب أعداد الشباب الوافدين بازدياد إلى سوق العمل.
ولفت المشاركون إلى أن الاكتشافات الجديدة في مجال الطاقة وخاصة اكتشافات الغاز قبالة سواحل لبنان وفلسطين وقبرص يمكن أن تلعب دورا في تحقيق تفاهمٍ ما بين هذه الدول يمكنها من البدء بعمليات الاستخراج والتصدير وتقاسم الثروات بدل أن تسود الأطماع والحروب.
وحظيت مناقشة دور التكنولوجيا الحديثة في رفع كفاءة استكشاف مصادر الطاقة واستخراجها ونقلها واستهلاكها حول العالم بحيّز واسع من النقاشات، وجرى استعراض تجارب عالمية عديدة في هذا الصدد.
وأشار أحد المشاركين في مداخلته إلى أن سوق الطاقة اليوم متوازنة وتحقق العدالة بالنسبة للمصدرين والمستوردين، لافتا إلى أن احتياطيات النفط تضاعفت ثلاث مرات خلال العقد الماضي وأصبح توليد الطاقة من المصادر البديلة كالرياح والشمس أكثر جدوى، ومقابل ذلك زاد طلب الاقتصادات الناشئة على الطاقة، وهذا ما حفظ للسوق توازنها، وقال ان الأسعار العالمية للنفط والغاز التي كانت تشكل قلقا للمنتجين والمستهلكين أصحبت الآن أكثر شفافية.
العدد 3899 - الجمعة 10 مايو 2013م الموافق 29 جمادى الآخرة 1434هـ