اعتبر سينمائيون خليجيون أن الرقابة والتحفظ الاجتماعي تقف حائلا أمام تطور صناعة السينما في منطقة الخليج، جاء ذلك في الليلة الافتتاحية من تظاهرة السلسلة الوثائقية في أبوظبي التي بدأت الخميس في سينما المارينا مول وتستمر حتى 14 من الشهر الحالي، وينظمها لأول مرة المعهد البريطاني بالتعاون مع مهرجان أبوظبي السينمائي.
وخصص اليوم الأول من التظاهرة لعرض أفلام وثائقية مبكرة صنعها مخرجون من الخليج، فعرض فيلم "صور من جزيرة البحرين" للمخرج البحريني خليفة شاهين، وفيلم "مسرح الأمل" لرائد صناعة السينما في الخليج الكويتي خالد الصديق، وفيلم "بين ضفتين" للإماراتية نجوم الغانم.
وبعد العرض ناقش المخرجون أفلامهم مع الجمهور، وقال خالد الصديق صاحب فيلم "بس يا بحر" الذي أنتج عام 1970 ويعد أول فيلم سينمائي روائي في المنطقة، انه توقف عن صناعة الافلام في الكويت "بسبب رقابة البرلمان وخاصة بعد الغزو العراقي للبلاد"، وتحول بدل ذلك الى انتاج الافلام في الخارج "تحت اسم مختلف"
واضاف "لم يحدث في الماضي أن قدمت سيناريو أحد أفلامي إلى جهة رقابية قبل أن أبدأ التصوير".
واعتبر الصديق في حديث لوكالة فرانس برس "هناك تحد كبير أمام صناع السينما الشباب اليوم في الكويت، فعليهم أن يحتالوا على رقابة الحكومة والبرلمان ليمرروا أفلامهم".
وقال "المعضلة الكبرى هي في رقابة مجلس الأمة الذي اخترنا نوابه عبر الديمقراطية، ولكنهم يمنعون أعمالا تلفزيونية وابداعية، في ممارسة لا تأتي إلا من قبل الأنظمة المتسلطة".
وشرح الصديق أن الأمر ذاته يتكرر في دول المنطقة عموما مثل إيران التي تحظر تواجد ممثلين في دور الأب والأم مثلا في غرفة النوم دون أن تغطي الممثلة رأسها، كما تحظر طرح العديد من القضايا الاجتماعية والإنسانية.
وقال "وصلت السينما الإيرانية إلى مستويات متقدمة عبر الاحتيال على الرقيب ببراعة وتمرير الرسائل عبر أدوار الأطفال غالبا".
وأضاف الصديق "يتفاجأ المخرجون الشباب في الكويت عندما أعرض عليهم بعض الأفلام والمسلسلات التي عرضت على تلفزيون الكويت في الستينات، لأنها كانت تعالج قضايا اجتماعية هامة دون محاذير مثل ادمان الخمور ولعب القمار والعلاقات الغرامية. إن التيار الإسلامي المهيمن على مجلس الأمة يفرض الكثير من القيود على الحياة الفنية في الكويت ويأخر السينما بالذات".
وقال الباحث وكاتب السيناريو الإماراتي خالد البدور معد المادة البحثية لفيلم "بين ضفتين" الذي أنتج عام 1999 في دبي "في الإمارات لم نجد عائقا رقابيا لإنتاج الأفلام الوثائقية، لكننا نصطدم بالتحفظ الاجتماعي عند طرح قضايا تتعلق بالعائلة والطفولة أو العنف ضد الأطفال، فكثيرون يرفضون الظهور في موقف الضعيف أمام الكاميرا، فالأفلام الوثائقية تتناول عادة مواضيع مؤلمة".
سبق للبدور أن اعد سلسلة تلفزيونية وثائقية للأداء الفلكلوري في الإمارات وثق فيها 20 نوعا من الأداء الشعبي، كما ساهم مع زوجته المخرجة نجوم الغانم في اعداد أفلام وثائقية طويلة تسجل انزياح الأصالة في مقابل المدينة الحديثة في الإمارات.
وقال " التغيرات الهائلة في المجتمعات الخليجية يجعل منها منطقة خصبة لصناعة الأفلام الوثائقية، بطريقة فنية راقية من البحث والحفر في موضوعات تجترح قلوب الناس وواقعهم المعاش".
وليس بعيدا عن قضية الرقابة، يقدم المهرجان تحية خاصة للمخرج السوري الراحل عمر اميرالاي الذي قدم أفلاما وثائقية ذات حس انتقادي سياسي واجتماعي. ويعرض له في المهرجان فيلما "الدجاج" و"طبق سردين" الجمعة. وقد توفي اميرالاي مخرج فيلم "طوفان في بلاد البعث" قبيل اندلاع الاحتجاجات في بلاده في العام 2011.
كما تعرض التظاهرة أفلاما وثائقية من فلسطين إلى جانب أفلام عربية وأجنبية أخرى بحضور مخرجيها الذين يناقشون أفكارهم مع الجمهور.