نقد الإلحاد... إشكالية الخرافة

يثير الملحد المعاصر في سياق نقده المستمر للتوجهات الدينية بصورة عامة بعض الإشكالات التي تعكس قصوراً كبيراً في استيعاب المتغيرات والظروف التي لها دورٌ حاكميٌ على بعض مخرجات الفهم لعامة التوجهات الدينية واللادينية في مختلف العصور، ولهذا فإننا لا نرى في هذه الإشكالات أي قيمة في ميزان الفكر والعلم والفلسفة، ولكن بسبب قوة التأثير العاطفي التي ينطوي عليها الطرح الإلحادي المعاصر، العربي وغير العربي، تجد هذه الإشكالات المبنية على جملة من المغالطات، طريقها في التأثير على قناعات وأفكار الشاب المسلم حول الإسلام بشكل خاص، أو الدين بشكل عام، فتؤدي إلى انحرافه على مستوى الفكر والسلوك، ولهذا فإننا نرى ضرورة تركيز الخطاب الديني المعاصر على معالجة هذه الظاهرة وأمثالها، لا للحؤول دون انتشارها على مستوى أوسع فحسب، بل لنقل مستوى الخطاب الديني من مستواه الحالي إلى مستوى أرقى في معالجة القضايا التي يُعنى بها المسلم المعاصر.

أقول إن الملحد الذي يشكل بهذه الإشكالية قد نسي على مر العصور من كانوا يعمدون إلى مختلف الأساليب في تفسير ما يحيط بهم من الظواهر الكونية، ليجيبوا بهذه التفسيرات عن الأسئلة التي تنقدح في أذهانهم جراء ملاحظتهم لهذه الظواهر، ولأن البشرية لم تمتلك من قبل ما تمتلكه الآن من الأدوات والآليات العلمية لم تتمكن في الأزمنة القديمة من تقديم تفسيرات بنفس مستوى المعقولية من التفسيرات التي تقدمها الآن لهذه الظواهر الكونية، وكلما تطور العلم، وتطورت إمكانات البشر، كلما تطورت صور فهم الظواهر الكونية.

وهذا هو السبب في كون التراث البشري عموماً، وليس التراث الديني فحسب، مليء - بحسب الرؤية العلمية - بالخرافات والتصورات الخاطئة حول المظاهر الطبيعية والظواهر الكونية، ومن الطبيعي كذلك أن نجد أن تفسيرات كثيرة للنصوص الدينية ينطبق عليها الكلام نفسه، فهذه التفسيرات مليئة بالمعتقدات والأفكار التي ثبت اليوم علمياً خطؤها، والسبب ببساطة هو أن أتباع الأديان وجدوا في النص الديني الفرصة الجيدة والمصدر المعتمد في تفسير الظواهر الكونية، والإجابة عن الأسئلة الكثيرة التي يطرحها الإنسان حول الطبيعة والوجود، فتكلفوا في تأويل النصوص أشد التكلف، وحملوا النصوص على أغرب المحامل، ووجهوها بأغرب التوجيهات، لأنهم أرادوا جعل النص الديني وسيلة لفهم كل شيء، والإجابة عن كل سؤال، فحملوا النصوص الدينية أكثر مما تحتمل.

يقول كارل سيغن، عالم الفضاء المشهور، والمعروف بموقفه المناهض للدين، في أحد كتبه: (إذا كنت لم تسمع عن العلم مطلقاً، ناهيك عن الطريقة التي يسير بها، فستكون بالكاد قادراً على إدراك أنك تعتنق الدجلنة (الدجل)، وما تفعله ببساطة هو التفكير بإحدى الطرق التي يفكر بها البشر دائماً، كارل سيغن هنا يشير إلى الأفكار والممارسات التي تُشاع بين الناس على أنها أشياء مثبتة علمياً، فتقوم الناس بالتعاطي معها بشكل طبيعي دون أن تدرك أنها ممارسات وأفكار خرافية ليس للعلم أي علاقة بها لا من قريب ولا من بعيد، ولهذا فليس الدين هو المصدر الحقيقي لنشوء الخرافات، بل إن نشوء الخرافات يرجع إلى طبيعة الطرق التي يفكر بها البشر.

إذا أردنا دراسة النص الديني حقاً علينا أن نتخلى أولاً عن كل تصور مسبق، ثم بعد ذلك علينا حمل النص على المعنى الذي يعتبر هو الأقرب إلى ظاهر النص ومقصده، بمراعات السياق الزماني والمكاني والثقافي الذي صدر فيه النص، وهذا ما لا يقوم به الملحد، إما عجزاً أو تكاسلاً أو حتى تعمداً، وهكذا يُظلَم النص الديني، وتُظلَم الحقائق الدينية.

علي المنسي

البحث عن الكنز بالجهد والعمل وليس بالحلم والاتكال

قرأنا أيام ما كنا في المدارس الابتدائية كتباً فيها حكم ومن بين هذه القراءات قصة الهدف منها نشر حكمة بين الناس بأن «من جد وجد ومن زرع حصد»، ومع أنى لا أتذكر تفاصيلها بدقة ولكنى أتذكر محتواها العام والقصة تقول إن رجلاً كان يعيش في قرية ويعمل حطاباً ويسكن كوخه ويتعب في النهار بقطع الخشب ليبيعه ثم ينام في المساء ليريح الجسد من عناء العمل وليعاود المنوال نفسه في اليوم التالي وهكذا دواليك. وفى ليلة من الليالي حلم حلماً غريباً جعله يفكر ملياً فقد حلم أنه دخل القرية غير البعيدة عن قريته ودخل بيتاً هناك وحفر في بقعة معينة واقعة في حديقة البيت وحصل على كنز من المجوهرات وعندما استيقظ من النوم في الصباح وتذكر الحلم تحير كثيراً، وقد أثرت هذه الحيرة على سير عمله، إذ مال إلى الاعتقاد أن هذا الحلم يمكن أن يكون حقيقة وأن البيت الذي رآه في المنام موجود بالفعل في القرية المجاورة وبعد مرور أيام من الحيرة قرر السفر إلى القرية المجاورة والبحث عن البيت حاوي الكنز.

وصل إلى القرية المجاورة، وبدأ البحث في طرقاتها عن البيت المقصود، وقد إصابته المفاجأة السارة حين رأى البيت الذي رآه في المنام في أحد طرقات القرية، فدق بابه وخرج إليه صاحب البيت، فقال له مجريات منامه وطلب منه السماح له كي يحفر في بقعة معينة رآها في المنام في الحديقة فسمح له صاحب البيت بشرط إذا عثر على كنز فإنه سيتم تقسيمه ويحصل كل واحد منهما على نصف الكنز وبدأ الحطاب بالحفر واستمر فيه متوقعاً الحصول على الكنز بسرعة ولكن من دون جدوى حيث وصل إلى عمق غزير جداً ولم يحصل على شيء وأخيراً وصل إلى نتيجة أن ما رآه في المنام ليس إلا حلماً لا حقيقة له فقال له صاحب البيت إنه هو أيضاً حلم بالحلم نفسه عن وجود كنز مدفون في كوخ في القرية التي جاء الحطاب منها ولكنه لم يتعامل مع حلمه بجدية، ونصح الحطاب بأن يعتبر الحلم حلماً، وليس حقيقة وأعطاه بعض المال وودعه. رجع الحطاب إلى قريته وعندما اقترب من كوخه وجده مثل الكوخ الذي رآه صاحب البيت في القرية المجاورة، في حلمه والحاوي على كنز مدفون ففرح وهرول نحو كوخه وبدأ في حفر وسط الكوخ واستمر في الحفر وكانت النتيجة مثل النتيجة السابقة في البيت في القرية المجاورة وهنا تعلم شيئاً مهماً وهو أن الأحلام تتحقق بالأعمال وليس الاتكال على الغيبيات وأن الطموحات لا ترى النور بوجود ظلمات مقيده للفكر والعمل وكما ورد في القرآن الكريم: «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» (الرعد: 11).

عبدالعزيز علي حسين

نحتاج أكثر من الاحتفاء المعهود والانتقال إلى تحسين جذري لأوضاع العمال

«ولدي الصغير عندما تكبر وتصبح شاباً وتحقق أمنية عمري ستعرف لماذا أموت... ليس عندي أكثر من أن أقول لك إنني بريء»!

ما أعجبني كثيراً زوجة أحد عمال ولاية شيكاغو الأميركية أوجست سبايز التي كانت تقرأ خطاب زوجها هذا لولده، في حينه سينفذ عليه حكم الإعدام غدراً لاتهامه برمي قنبلة في مايو/ أيار 1886 في تجمع لاعتصام وإضراب عمال شيكاغو.

وما أعجبني أكثر هو بعد 11 عاماً كشف الله سبحانه وتعالى الحقيقة ببراءة سبايز ورفاقه العمال المتهمين بتفجير القنبلة والمنفذ حكم الإعدام بحقهم حينما دخل الشرطي الذي فجر القنبلة مرض الموت وقبل أن يموت اعترف بجريمته، حينها هز قلوب جميع الولايات الأميركية والعالم بهذه الجريمة النكراء التي راح ضحيتها الأبرياء، لكن وللأسف إلى اليوم لاتزال مقصلة السجان باقية تنتظر الأبرياء وسيف السياف يقطر من دماء النساء والأطفال! وما تعجبت له أكثر في هذا الشعار ليوم العمال العالمي الذي يصادف الأول من مايو/ أيار من كل عام والمحمول من قبل أحد العمال المطالبين بحقوقهم وكما هو واضح أن شعار العمال يشرخ من المنتصف من قبل أرباب العمل المكرش المملوء كذباً ونفاقاً ووعوداً قديمة متكررة وأموالهم تسرق وتخزن في البنوك السويسرية. وطاقات تهمش وكوادر تسجن وتعذب، حيث يحمل هذا المكرش الجانب الآخر وهو جانب المال أي أن أصحاب العمل ما يهمهم هو المال لا العمال أي جمع المال على حساب العمال غير آبهين بيوم اسمه يوم العمال يحمي حقوقهم كما احتفى العالم والأمم المتحدة بهم ولمجدنا الذي بنوه وتاريخنا الطويل الذي كتبوه إما بسواعدهم الفتية التي شيدت ناطحات السحاب وربطت القرى بالمدن أو بعقولهم التي قربت لنا الشرق البعيد بالغرب التليد بشبكة هائلة من الاتصالات.

إن في هذا اليوم الكبير الذي خصص للسواعد القوية التي تحملت أي نوع من أنواع العمل في البر ويحفر لنشرب أغلى شيء في الوجود وهو الماء وتنقل أغلى شيء بعد الماء الوقود أما في الجو فكانت تنقل أغلى من الماء والوقود وهي النفوس والقلوب، وأما البحر فرجال البحر كان يطاردهم الموت قبل الموج، بينما لاتزال هناك كرش متخمة تملأ بطونها من حقوق العمال وألسنة سليطة مدفوعة الأجرة كاملة تمجد في أربابها! في هذا اليوم نقول إن عادة إلقاء الخطب والكلمات التي تحتفي بالعمال سنوياً وتكرم العاملين والعاملات البحرينيين الذين أثبتوا جدارتهم في أكثر من موقع من مواقع العمل والإخلاص والتفاني والتضحية أصبحت بالية وقديمة فالعمال لا يريدون كلمات وخطباً، يريدون أفعال تترجم إلى حقوق وتحسين ظروف العمل وأوقات ونوع العمل وحقوقهم في مستقبلهم ما بعد التقاعد، بدلاً من أن نكتفي بعبارة «أيها العمال الأوفياء... شكراً لكم!».

مهدي خليل

«الأشغال» تحضر لمشروع يغطي مواقع إضافية لتصريف مياه الأمطار بكلفة 10.9 ملايين دينار

إشارة إلى ما نشر بصحيفة «الوسط» العدد (3891) الصادر يوم الجمعة الموافق 3 مايو/ أيار 2013، بزاوية «لماذا»، بخصوص إيجاد حلول جذرية لمشكلة مياه الأمطار. نفديكم علماً بأن وزارة الأشغال تولى وبدعم من الحكومة اهتماماً كبيراً بخدمات الصرف الصحي المختلفة والتي تشمل المنظومات الثلاث وهي الصرف الصحي ومياه الأمطار والمياه المعالجة والتي تهدف من خلالها إلى تحقيق الأهداف التي وضعتها الدولة بحماية صحة الإنسان والمحافظة على البيئة وحمايتها.

ومع أن الاهتمام غطى هذه الجوانب الثلاثة المذكورة أعلاه إلا أن الأولوية أعطيت لمنظومة الصرف الصحي نظراً لارتباطها المباشر واللصيق بصحة الإنسان وحماية البيئة وانعكس هذا التركيز في إنجاز مهم يتمثل في تغطية نحو 93 في المئة من سكان البحرين بهذه الخدمة حتى الآن، ونأمل من تغطية باقي سكان البحرين بحلول العام 2020، وفي سبيل تحقيق ذلك ومن أجل رفع مستوى جودة الخدمة فقد شرعت الوزارة في التنفيذ والإعداد لعدد من المشاريع الاستراتيجية ذات التكاليف العالية مثل مشروع محطة المحرق للمعالجة ومشروع توسعة محطة توبلي وبناء خطوط النقل الرئيسية وغيرها، إذ من دون هذه المشاريع الرئيسية والتي تغطي ما يعرف بالبنية الأساسية الأولية فلن يمكن الاستمرار في بناء شبكات الصرف الصحي في المناطق المختلفة.

وفيما يتعلق بمشكلة تجمع مياه الأمطار، فقد قامت الوزارة بإنشاء الكثير من شبكات تصريف الأمطار في الشوارع الرئيسية والسريعة وفي عدد من المناطق الداخلية إلا أنه لم يتقدم كأولوية في أعمال الوزارة نظراً لندرة هطول الأمطار ولم تبرز كمشكلة كبيرة تستوجب تخصيص موازنات ضخمة لها وكان التعامل معها من خلال العمليات التشغيلية بالشفط وبالتعاون مع وزارة شئون البلديات والتخطيط العمراني وفي المواقع الأكثر ضرورة، وهو الأسلوب الأكثر جدوى اقتصادياً بدلاً من التوسع الضخم في إنشاء الشبكات ومن ثم صيانتها بمبالغ كبيرة ولاسيما أنه لم يكن لهذه المشكلة بروز كبير في الماضي نظراً للمساحات والأراضي الخالية المنتشرة وغير المعمرة التي تسمح لهذه المياه بالتصريف الطبيعي وعدم احتجازها وتجمعها.

التطور العمراني خلال السنوات القليلة الماضية أبطل وعطّل هذه الميزة التي كانت متوافرة وبالتالي وفي الظروف البيئية المتغيرة والتي شهدناها في الماضي القريب أوجدت بعض المشاكل عند هطول الأمطار والتي نلمسها بشكل أكبر في بعض المناطق الداخلية وغير المنفتحة على البحر مثل الرفاعين ومدينة عيسى وعالي وسلماباد.

يذكر أن الوزارة على اتصال وتنسيق وتعاون مستمر مع وزارة البلديات والتخطيط العمراني والمجالس البلدية المختلفة، وفي سبيل معالجة مشاكل تصريف الأمطار والتي برزت منذ نهاية العام 2006، فقد قامت بتنفيذ عدد من المشاريع التي استجابت لطلبات المجالس البلدية منذ ذلك الحين ومن ثم الانتهاء من عدد كبير منها وقيد التنفيذ حالياً ما تبقى من ذلك، علماً بأن عدد المواقع من الطلبات الأصلية التي تم إنجازها من خلال هذه المشاريع تبلغ 65 موقعاً والمتبقية 33 موقعاً ومن المؤمل الانتهاء منها في سبتمبر 2013، كما أنجزت بالإضافة إلى ذلك أعمالاً لمواقع أخرى استجدت بعد ذلك تبلغ 141 موقعاً وتحضر الوزارة الآن لمشروع جديد سيتم طرحه قريباً ويغطي عدد من المواقع الإضافية والتي تم تسلمها من المجالس البلدية و تبلغ كلفة هذه الأعمال بنحو 10.9 مليون دينار بحريني. كل هذه الأعمال التي سبق الإشارة إليها كان لها أثر واضح في تخفيف حدة مشاكل تصريف الأمطار التي كانت بارزة في السابق وبشهادة المجالس البلدية ونأمل مع استكمال المواقع المتبقية سواء في المشاريع الجاري تنفيذها حالياً أو المزمع طرحها في القريب العاجل إلى تحسين الوضع بشكل أفضل.

فهد جاسم بوعلاي

مدير إدارة العلاقات العامة والإعلام

وزارة الأشغال