يستيضيف قصر طوكيو في باريس حتى الخامس من حزيران/يونيو معرض "رقم 5 ثقافة شانيل" الذي يلقي الضوء على البيئة الفنية التي نهلت منها غابريال شانيل طوال حياتها لانشاء ماركتها وهي من الاشهر في العالم ، من خلال قطع لها رمزية كبيرة مثل عطر "رقم 5" الذي كان بدوره مصدر وحي لفنانين كثيرين.
هذه الرحلة المحفزة لحاسة الشم كما الذائقة الفنية، تبدأ بحديقة عمودية تنتشر فيها ازهار الياقوتيات لتنتهي في مشغل يفسر تركيبة عطر "رقم 5" واكتشاف كتاب اعشاب يحوي الازهار المفضلة لدى كوكو شانيل.
سينوغرافيا هذا المعرض المجاني بسيطة جدا فثمة ثلاثة صفوف متوازية من واجهات عرض شفافة ومستطيلة تذكر بقارورة العطر الشهير الذي صمم العام 1921 وهو لا يزال الاكثر مبيعا في العالم راهنا.
كل واجهة فيها مجموعة من الرسائل يكتشف من خلالها الزائر مصادر وحي كوكو شانيل والاحداث التي طبعت حياتها وامكنتها المفضلة والروابط الشخصية التي كانت تقيمها مع فناني عصرها.
وفيها ايضا ذكريات الميتم في اوبازين حيث شبت وتلك العائدة الى رحلاتها الى ايطاليا او الميثولوجيا الخاصة بها والتي تتمحور على شخصيات مثل كاترين دي مديسيس والفلك وقطع وكتب تثير الكثير من الذكريات.
ويتضمن المعرض اعمالا فنية وصورا وافلاما ووثائق ارشيف وقطعا ثمينة اتية من متاحف كبيرة في العالم او من مجموعات خاصة وهي منتشرة على طول المسار فيما ترسم الفنانة الهولندية ايرما بلوم في الوسط رؤيتها لعالم شانيل في مجموعة من الكتب البيضاء .
جميع الفنانين الكبار في مطلع القرن العشرين هنا: من كوكتو الى بيكاسو مرورا بابولينير وسترافينسكي وبيكابيا ومودلياني ومان راي وصولا الى دالي ودياغيليف، الذين يمثلون الحداثة التي اختارتها والتجريد الذي كان يؤثر على التيارات الفنية في تلك الفترة.
ويقول جان لوي فرومان منظم المعرض "عطر رقم 5 ليس مجرد عطر انه جزء من ثقافة تستند كليا على حس المغامرة الفني التاريخي". وقد اوجد العطر في بيئة فنية تشهد غليانا منذ الثورة التعكيبية مع "آنسات افينيون" لبيكاسو العام 1907 وحلول الاستقبالية الايطالية العام 1908.
فعندما كلفت غابريال شانيل، ارنيست بو "ايجاد خليط تجريدي فريد ورائع" اضافت الى ذلك انها تريد "عطرا لا يقلد عطرا للنساء تفوح منه رائحة المرأة (..) عطر اصطناعي واشدد على الاصطناعي مثل الفستان، اي ان يكون مركبا".
والعطر مؤلف من زهر الياسمين والايلنغ والسوسن و80 مكونا في المجموع من بينها مكونات كيميائية مركبة بكميات كبيرة.
واشار القيمون على المعرض الى ان هذا العطر كان بالنسبة لكوكو شانيل وسيلة من اجل تعويض غياب حب حياتها الكبير بوي كابيل الذي توفي العام 1919 في حادث سير، بطريقة غير مادية لكنها مثيرة.
ويؤكد فرومان "غابرييل شانيل اعطت شكلا لغياب الحب في حياتها. عند وفاة بوي كابيل رفعت هذا الرحيل الى مرتبة سامية من خلال تجسيده بعطر". وبما ان كوكو شانيل تتعلق بالرموز منذ طفولتها فانها اختارت رقم 5، رقمها المفضل مثل اصابع اليد الخمسة والاقتراح الخامس لارنست بو.
اما قارورة العطر فيعود شكلها الهندسي وسداداتها الى ساحة فاندوم الشهيرة فيما حرف "سي" المزدوج عائد الى زجاجيات اوبازين وتوقيع كاترين دو ميديسيس.
وقد شكل هذا العطر ايضا مصدر وحي لفنانين مثل اندي وارهول على ما جاء في العرض الذي يستعيد شهرته من خلال الاعلانات من الدعاية الاولى التي نشرت في مجلة "هاربرز بازار" في 1937 الى النجمات اللواتي جسدن هذا العطر من مارلين مونرو الى كاترين دونوف مرورا بكارول بوكيه ونيكول كيدمان واودريه توتو ..وصولا الى براد بيت اول رجل يجسد هذا العطر.