لقد علمتنا أزمة الوطن الكثير، وكشفت لنا من سوء بعض الناس أكثر. عَرّفتنا على من أحبنا صادقاً، وكشفت لنا زيف المُدّعين. عَلِمْنا أن ليس كل من رفع راية الوطن، عاشق للوطن. عرفنا منهم من يعشق أصحاب الفساد، لينال بعضاً منه. وعرفنا من يختزل تملك الوطن وثرواته، في ساحة جامع واحد وتجمع واحد قديماً وحديثاً.
ووَضُح أن كلتا الحادثتين، تشابهتا في أمرين، الأول أن كلتيهما، تنادت لها قلة من مالكي السلاح والثروة، وجمعت حولها كلَ من جهل حقيقة النوايا، بترغيب في الغنائم، وبِسبيٍ بالتمييز، مقابل نفي واضطهاد أهل الوطن الآخرين، وحين الغلبة، من بعد رحى حرب لم تطل، وجد كل مساند، نفسه هاوية، وأكياس الغنائم عنده خاوية، إلا نفر قليل، فقد انفرز الجمع، وتفتت الإجماع، لرؤوس قبائل دون سواد غالبها، في الواقعة، ولخوّانٍ لتابعيه من الناس في الساحة، ليستفرد الكبار بالمكيال، وينوب تابعيهم الإهمال، وكلتاهما تنادت ونادت، لطرد وصد الصفوية الفارسية... فلم يستجد أمر على أهل البحرين، والدليل ما آلت إليه التراتبات التاريخية من البدء لغاية اليوم، بل في تواتر السوء بالأسوأ، أما الثانية فقد بُنيت على وهم، رغم حقيقة قرار أهل البحرين بشيعته قبل سنته، برفض تبعية البحرين لإيران سنة 1971، وما زالوا، ولكن لمحاولات بث الفرقة الطائفية بين أهل البحرين، وَجَدَ الساعون إليها، ربط شيعة البحرين بإيران، امتداداً لحقب تاريخية أكل الدهر عليها وشرب، فقد اختلف البشر، واختلفت الأديان، إلا أن المذهب الإثنا عشري، هو الرابط الوحيد بين غالبية شعب إيران وشيعة البحرين، والمذاهب والأديان تتساند في كل بقاع الأرض كعقيدة، أما الأوطان، فلكل وطنٍ مواطنوه، ولا يقبل مواطنٌ، استعمار وطنه، فإن أُلبس شيعة البحرين رذيلة ربط المواطنة بدولة أخرى، بناءً على اشتراك العقيدة، فليس طاهراً منها أصحاب المذاهب الأخرى، لارتباطهم أيضاً بالعقيدة مع مواطني دول أخرى، إلا إني أُبرِّء جميع مواطني البحرين من تهمة الارتباط بالخارج، ويبهرني انتماؤهم للوطن. والأمر لا يعدو، أن غالب الشعب، قد زهق الركادة المستمدة لقرن، بوضع سياسي يدير الدولة بعقلية من يملكها، وما الشعب إلا مأجورين عنده، يوليهم الوظائف بما يخدم النظام، ويتفضل عليهم بما يجود به تفضلاً، فالثروة ثروة النظام وليست ثروة الشعب، فتطلع الشعب سعياً للتغيير، وإعادة الميزان إلى عدله.
فالحراك الشعبي، توزّع على أطراف متعددة، في أداء وطني متفاوت، فهناك من المعارضة، التي اجتمعت أطراف منها، على هدف التغيير السلمي، في الانتقال بالوطن سلمياً إلى رحاب الديمقراطية التعددية، وتداول السلطة، عبر الانتخابات وفق مبدأ الصوت الواحد لكل مواطن، فجمعية الوفاق، ذات الرؤية الدينية القابلة للآخر، وهي من أكبر جمعيات المعارضة، وجمعية الإخاء، إسلاميتا التوجه، والتي تتفارق أيدلوجياً مع جمعية وعد، وجمعية المنبر الوطني، العلمانيتين ما بين اليسار والليبرال، والتجمع القومي العروبية التوجه، وآخرها الوحدوي، وفي جانب آخر هناك حركة حق، والوفاء وأحرار البحرين، التي تحالفت هي الأخرى تحت اسم التحالف من أجل الجمهورية، وآخرها ائتلاف 14 فبراير، وقد اتفق الجميع على التغيير، واختلفت أطرافها على التغيير إلى ماذا.
إلا أنه لو افترضنا النظام الحزبي في البحرين، فلا أي طرف قادر بإمكانياته الذاتية، على إدارة الدولة، فكان مفترضاً أن تتعلم أطراف المعارضة من الأزمة، أن تتوحد في تنظيم حزبي كبير واحد، أو أقله حزبين يتحالفان، لتبقى بعض الأطراف، في أحزاب صغيرة مكملة، فالخارطة الحزبية القائمة ترينا، أن جمعيات وعد والمنبر التقدمي والقومي، يمكن أن تتوحد في حزب واحد، بتجاوز الخلافات التاريخية التي لم يعد لها واقع لدى أي منها، خصوصاً أنها جميعاً تجمع عضويات غير طائفية بأعضائها المتعددي الانتماءات الطائفية، وتستطيع توسعة قاعدتها، باجتذاب مجدداً من انحسر من أعضائها والواعين من الغالبية الصامتة من الطائفتين، متى ما استطاعت تجاوز سلبيات الأثرة التي تتباهى بها كجمعيات وبعض من قياداتها، بأنهم أصحاب تحقق هذا المطلب الشعبي أو ذاك، والتنافس على ذلك فيما بينها، إضافة إلى التخلي عن نزعة القائد الأوحد، بتطبيق مبدأ سيد القوم خادمهم.
أما جمعيات ائتلاف الفاتح، فلا أنصحهم إلا بالتخلي عن الطائفية، وبقبول الآخر المختلف عنهم مذهبياً، فالدين والوطن يجمع الجميع، وهم يعلمون علم اليقين أن الطائفة الأخرى لا ترغب ولا تستطيع، الاستئثار بمذهب الدولة الرسمي، حتى وإن كان ذلك، أسوةً بما هو قائم اليوم باستئثار المذهب السني، فلن يؤدي ذلك إلا للاقتتال الطائفي، على مستوى المشايخ، ولن يطال ذلك شعب البحرين، فلا طائل من المناوحات الطائفية، إلا ضغانة القلوب وصفاقة أصحابها، ويعلمون علم اليقين، أن شيعة البحرين مواطنون بحرينيون أسوةً بهم، ومرتبطون وجدانياً بمواطنتهم البحرينية، ويأبون بكل كبرياء، أن تتبع البحرين أية دولة خارجية مهما كانت، فكفانا صوت التفرقة، وليلتفت الجميع، لبناء وطن التعددية، التي بدونها لن تقوم للوطن قائمة.
إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"العدد 3896 - الثلثاء 07 مايو 2013م الموافق 26 جمادى الآخرة 1434هـ
المواطنة
ليس من حق أحد التشكيك في وطنية الرأي المخالف لأن حق أحترام الرأي يعكس درجة الوعي الوطني والديمقراطي والمستوى الثقافي بالذات للذين يتحدثون بلغة القانون ..أن المنعطف والمأزق الذي تم استدراج الحركة الوطنية إليه لا يعطي لهذا التوجه الحق في طعن وطنية وإخلاص وحب من يختلف معهم . لسنا من القطيع ليتم إخضاعنا من خلال التخوين والتشكيك ..العقلية الطفولية في فرض الرأي والمسار السياسي الذي قد لا يستقيم ويتعارض مع أبسط مقومات الحداثة والمنطق وأرث تجربتنا الوطنية والمعطيات المحلية والإقليمية والدولية س.د
شكرا لك سيدي
أخي وحبيبي أ. يعقوب على روحك الوطنية التي تجمع ولا تفرق. بارك الله في عائلة سيادي المحترمين فقد أنجبت (عائلة سيادي) أبناء صالحين مثل حضرتك والاستاذ سامي سيادي (أبو عمار).
نعم بحرين فيها مجلس نواب كامل الصلاحيات وفق صوت واحد متساوي وقضاء مستقل وسلطة تنفيذية منتخبة. نعم لمحاكمة من أساء للبحرين عن طريق الإعتداء على حقوق الإنسان فقتل وعذب.
اخوان سنة وشيعة هذا الوطن مانبعه
شكرا للاخ الكريم الله يكثر من أمثالك.
دائما وتبقى
يعجز الشكر عن شكرك ياوفي لوطنك واهله وكل يوم تكشف الحقائق المرة لما يعيشه شعب البحرين اليوم ولكن والحمدلله لربى ضرة نافعه واطالة الازمه السياسيه في البلاد كشفة الوجوه المقنعه من دينين ومن علمانين وعيرهم من الذينه يعيشون على قطع الارزاق الناس لكي يأخذؤ مكانهم والغير الذي يدافع عن الفساد لكي ينال من الغنائم بسرقة المال العام من اموال واراضي ولكن الله يمهل ولايهمل.
السنة اخواننا للأبد
الحكومة قدمت مجموعة من افراد الشرطة الاجانب للمحكمة بتهمة التسبب في قتل و تعذيب مساجين احداث 2011 و للاسف قام بعض المحامين المواطنين الشرفاء !!! بالدفاع عن الجناة مجانا وبلا مقابل و ذلك فقط كرها في الطائفة الضعيفة و لكن نستمر و نقول للابد اخوان سنة و شيعة
نظير في الخلق
ان قول الامام علي في تصنيف البشر والتعامل معهم على اساسه لهو الافضل الى البشرية جمعاء وعلى كل حاكم ان يقرا نصائح الامام في ادارة الحكم ليعيش ملكا بين شعبه وناسه حيث قال اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق اتمنى ان يسود هو المفهوم بين الناس ووضع قوانين صارمة تجرم اي طرف يشتم الطرف الاخر حتى تعيش الناس بسلام
فعلا كشف لنا هذه الازمة الوجوه القبيحة والانانية والتي تركض وراء المصالح
البعض يركض وراء مصالحه الذاتية حتى ولو كانت مغموسة بدماء الشهداء
والحمد لله الذي اوضح لنا الوجوه وحقائق النفوس لكي نعرف كيف نتعامل معهم
حسب ما يقتضي الوضع والدنيا دوّارة ولا بد من ينقلب السحر على الساحر
هكذا الدنيا تمحيص للناس
دخول الجنة ليس مجانا و بالسان بل بالافعال
المشكلة في قبول البعض بأن يكون مطية تستغلها السلطة كيفما تريد
هناك مجموعة لا يفهمون ولا يفقهون في السياسة ومسألة الاستغلال والاستحمار فهم لمجرد اعطائهم القليل مما سلب منهم يعتبرونه تكرما وتفضلا عليهم وبذلك يحنون وينكسون رؤوسهم لارجاع جزء من حقوقهم ويعتبرون
ذلك تفضلا ممن اعطاهم ولذلك يتم استغلالهم لابعد الحدود.
هذه الفئة هي مصيبة الوطن فهي التي تكسر التعاون
سلمت يداك المرهفات
رائع واكثر من رائع الي جنان الخلد من ربتك في حجرها وغذتك من لبنها
احسنت استاذ يعقوب
لقد عرفتنا هذه الازمه العدو من الصديق وازاحت اقنعة كثيره اعتقدناهم حمامات سلام وتيقنا بعدها بانهم ذئاب تنتهز الفرصه لتنقض على الغنائم والعطايا والمنح والمناصب .
نعم لاتعرف اخيك الا اثناء الازمات وحان الان ان نرسم خطوط اخرى للتعايش على ارض امنا البحرين.
من محاسن الأزمة
أن عرفتني على أناس لم أكن أعرف إلا أسمائهم (مثلك) تبهرني في كل يوم وتجعلني اطأطئ رأسي احتراماً لأمثالك القليلون في زمن كثر فيه أشباه الرجال .... فشكراً لك
يعطيك العافيه
يعطيك العافيه أستاذ ، والله أكثر من امثالك ، احنا ابناء وطن واحد والله يجمعنه ولا يفرقنا يارب .
من البر
كلام سنعرف قيمته .....عاجلا ام احلا....
سلمت
فقط ان نتبع هذا المقال بعفوية وصدق نستطيع أن نصل الى ضفة الحل
مقال في الصميم وسمى الأمور بمسمياتها
على غير ما اعتدنا عليه في الفترة الأخيرة منك حيث كانت مقالاتك تنصح على استحياء وبدون ذكر أسماء. ما ذكرته هو خلاصة قراءة متأنية للوضع ولكن للأسف يميل الكثيرين لمصالحهم الشخصية الآنية ولا نظرة للمستقبل ليديهم - ستراوي
أكبر ما كشف
أكبر ما كشف معادن الرجال ومواقفهم ومن اختار الوقوف هنا أو هناك مع الظالم أو المظلوم
شيعة البحرين
صباح الخير أخي الكريم. أشكرك على كتاباتك التي تعبر عن عدم التفرقة بين المواطنين والتوضيح للآخر ما يأخده على شيعة البحرين. فلقد عاش اجدادنا وآباءنا كما نعيش نحن الآن وكلنا وفي لهده الأرض الطيبة التي زرعت فيها الفتنة الطائفية التي لن تثمر إلا شوك البغض والكراهية لمن زرعها. (محرقي/حايكي)