مهنة الصحافة تعد واحدة من أصعب المهن في العالم، ومن يمتهن هذه المهنة بتفاصيلها الكثيرة يمر بمراحل ومطبات عدة حتى يستطيع مزاولة عمله. فإن كان يمارس صحافةً حقيقيةً تكشف المشهد الإنساني المرير والتجارب المثيرة للجدل، فهي بلاشك تضع الصحافي ضمن سلسلة طويلة من الملاحقات تصل إلى التهديد والموت. لذا فإن الصحافي الذي يعمل في بلدان لا تعترف بالتعددية في الرأي ولا في الإعلام، من الصعب عليه العمل في مثل هذه البيئة، ولكن يبقى التحدي هو ما يؤمن به الصحافي المحب لعمله حتى لو كلف ذلك حياته.
وبحسب تقارير منظمة اليونسكو بأن هناك أكثر من 600 صحافي وإعلامي قُتلوا في السنوات العشر الأخيرة، ما يعني أن كل أسبوع، يلقى صحافي مصرعه بسبب ما ينقله من أخبار إلى الجمهور.
وتدل هذه الإحصاءات على أهمية خطة عمل الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحافيين ومسألة الإفلات من العقاب التي يتمثل هدفها الرئيسي في تعبئة وكالات الأمم المتحدة وغيرها من الجهات المعنية، بما في ذلك الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، والهيئات الإقليمية المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، والمنظمات غير الحكومية، والمؤسسات الإعلامية، كي تعمل معاً لبناء بيئة أكثر أمناً للصحافيين. وبلدان منطقتنا العربية ليست بمنآى عن ذلك لا قبل ولا بعد مرحلة الربيع العربي، ولكنها تشارك مناطق أخرى في العالم ممن تهاب سلطة القلم وسلطة الصورة، سابقاً عبر أدوات الإعلام التقليدي والآن مع أدوات الإعلام الجديد. ولهذا فإن موضوع تأمين سلامة الصحافيين والإعلاميين أصبح أمراً ملحاً في السنوات الأخيرة من قبل منظمة اليونسكو التي اختارت موضوع أمن الصحافيين شعاراً لها هذا العام، في اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي صادف 3 مايو/آيار تحت عنوان «التحدث بأمان... ضمان حرية التعبير في جميع وسائل الاعلام»».
وتنص خطة عمل الأمم المتحدة على أن «عملية تعزيز سلامة الصحافيين يجب ألا تكون مجرد رد فعل على حدث معين. فهذه العملية تستلزم وضع عدد كبير من الآليات والتدابير الوقائية لمعالجة الأسباب الجذرية الكامنة وراء أعمال العنف المرتكبة ضد الصحافيين وظاهرة الإفلات من العقاب». «وتترتب على ذلك الحاجة إلى معالجة عدة قضايا منها الفساد والجريمة المنظمة، ووضع إطار فعال لسيادة القانون. ولابد أيضاً من التوصل إلى حلول بشأن القوانين التي يمكن استغلالها لمعاقبة الأنشطة الصحافية المشروعة (مثل قوانين التشهير التي تنطوي على قدر مفرط من القيود، وقوانين الأمن القومي التي يغلب عليها طابع العمومية). ويكمن التحدي في تعزيز احترام المعايير الدولية لحرية التعبير والقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة مثل قرار مجلس الأمن رقم 1738 (2006)».
لقد بدأت الأجهزة التابعة للأمم المتحدة باتخاذ تدابير من شأنها أن تسهم في تنفيذ خطة العمل المذكورة. وإلى جانب القرار الذي اتخذه مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان العام 2012، اعتُمدت في إطار الاجتماع الثاني المشترك بين وكالات الأمم المتحدة، وقد أُدرجت أربعة بلدان (جنوب السودان والعراق ونيبال وباكستان) في قائمة البلدان التي يمكن إحداث تغيير إيجابي فيها عن طريق مواءمة أنشطة الجهات المعنية. واعتُبرت أميركا اللاتينية من المناطق التي يُتوقع أن تحقق فيها خطة عمل الأمم المتحدة نتائج جيدة، وهو أمر سيتيح لسائر بلدان العالم استخلاص مجموعة من الدروس المفيدة.
إن الخبرات المكتسبة في بلد أو منطقة ما يمكن أن تستفيد منها الجهات الأخرى التي تسعى إلى تعزيز سلامة الصحافيين. ومن شأن التدابير الرامية إلى جمع وتبادل أحدث المعلومات وأفضل الممارسات وإجراء بعثات وتحقيقات دولية بشأن قضايا محددة، أن تسهم إسهاماً كبيراً في تحسين الأوضاع السائدة. ومع ذلك، لا يزال ثمة الكثير مما ينبغي القيام به للارتقاء.
وتطور المجتمعات لا يمكن أن يكون كاملاً إلا مع صحافة حرة وإعلام حر. فالسماح للشعوب العربية بالتعبير عن نفسها من خلال حرية إصدار الصحف ووسائط الإعلام المرئية والمسموعة والالكترونية واتخاذ الخطوات الكفيلة بضمان حرية الصحافة دون المساس بالحقوق الشخصية للمواطنين والتعرض لهم دون وجه حق... قد تحقق تلك الأجواء التي يبحث عنها المواطن العربي، وتعزّز التعددية سواءً في العمل الإعلامي أو العمل السياسي، وهذا لا يحدث إلا في البيئة «الآمنة».
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 3896 - الثلثاء 07 مايو 2013م الموافق 26 جمادى الآخرة 1434هـ
شكرا لكم شكرا
لم نرى صحيفه ولاكتاب مع هذا الشعب الا صحيفتكم هذه والكتاب انتم الذين كتبتم وقلتم الحق رغم الأزمة والمخاطر التي تحوم حولكم فشكرا لكم شكرا
لا سلامة للصحفيين ولا غيرهم في البحرين
كل القوانين العالمية مضروب بها عرض الحائط في البحرين
كنا نقول ونستغرب كيف تستطيع اسرائيل ضرب القوانين الدولية وها نحن نرى الآن نفس النهج في البحرين