دائماً المواطن الصالح والإنسان الحكيم يستدل على توجهاته وسياساته طبقاً لما هو أصلح للمجتمع، ووفقاً لتجارب الآخرين في استقرار ومنفعة بلده وخير شعبه.
في جلسة حوار نقاشية عن وضع الدول الأوروبية التي فتحت الباب لكل الجاليات لدخول بلدانها والحصول على الجنسية، وكان من بينهم موظف الفندق الذي نزلت به، وصعقني حديثه عن المشاكل المترتبة على تغيير التركيبة السكانية في بلده، حيث أصبح يخاف من الخروج لوحده ليلاً في وطنه.
في هذا النقاش العابر مع هذا الموظف عن الحياة في بلده، التي تعتبر من أغنى الدول الغربية، ولا تعاني من أزمات اقتصادية كما هو الحال في كثير من الدول الغربية. وحين تحدثنا عن السياحة، حذّرني موظف الاستقبال بالفندق من الخروج وحدي بعد التاسعة ليلاً، حيث الطريق غير آمن، فقلت له: وما الضير من ذلك؟ فما سمعته وقرأته عنكم أن مواطنيكم يتسمون بالود والتعاون والهدوء ورقي السلوك والمعاملة مع السياح، فقال بحرقة: هذا صحيح لو أن الأمر مقتصر على مواطنينا، ولكن الأمر اختلف تماماً في العقد الأخير من الزمن، فالمواطنون لا يتعدون 20 فس المئة من بين الجاليات المنتشرة في البلد، من دول افريقيا وأميركا اللاتينية وشرق وجنوب آسيا والعرب، إضافةً إلى المجنسين من تلك الجاليات، ولتلك الأسباب ستتعرض للسرقة أو النهب والابتزاز إن خرجت لوحدك.
وواصل: أنا مواطن وأحذر الخروج في هذا الوقت لانتشار السرقات والنصب والشجار وبيع الهيروين، وكل يوم نقرأ في الصحف عن جرائم غريبة كأفلام هوليوود.
توقف عن الكلام بعد أن لاحظني شارد الذهن، وسألني: أين ذهبت بخيالك؟ فأجبته: هذا قريب مما يحصل عندنا، فالشوارع مزدحمة بالكثير من الأجانب، ونادراً ما نلتقي بأصدقائنا في المدرسة والجامعة أو ممن عمل معنا في مختلف الوظائف والأعمال.
ما كنت أفكّر فيه أكثر وأبعد، فإذا كان الأمر مقلقاً الآن، في ظرفنا الحالي، فماذا سيكون الوضع بالنسبة للاجيال المقبلة، وماذا ينتظرها من مستقبل بعد التخرج في ظلّ الظروف القاتمة التي بدأت ملامحها تظهر بوضوح، كزيادة البطالة بين الشباب، فضلاً عن المشكل الإسكاني الذي ستترتب عليه مشاكل اجتماعية متصلة، وزيادة الفساد والرذائل في الحانات والفنادق.
حديث موظف الاستقبال بالفندق في تلك الدولة الأوروبية، جعلني أفكّر بهذه المقارنة، وما سيحدث لأجيالنا المقبلة بعدما تكبر هذه الجاليات الجديدة، وتتضخم أعداد العمالة الأجنبية ويصبح الشعب لا يتعدى 30 - 40 في المئة. وهي قبل وصول هذا السقف بدأت تتباهى بالنفوذ على حساب المواطنين، وتعتبر نفسها تستطيع العبث بحقوق الناس متى شاءت، ما زاد من عدد الشكاوى المقدمة لدى مراكز الشرطة. فماذا ينتظرنا في السنوات القادمة إذا ما لم يتم احتواء هذه المشاكل من الآن؟
بالتأكيد هذا جرس إنذار لجميع العقلاء في هذا الوطن، ودرسٌ مهم من بلد غربي غني. ونحن نقرع هذا الجرس لوقف هذه السياسة فيما يخص التجنيس السياسي واستيراد المزيد من العمالة الأجنبية... اللهم إني قد بلغت، اللهم فأشهد.
إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"العدد 3896 - الثلثاء 07 مايو 2013م الموافق 26 جمادى الآخرة 1434هـ
مقال تحفة دكتور
كل مرة تتحفنابمقال تنظيري. نتمنى لك التوفيق في مهمتك الرسمية أبو حسن الستر أوي
جعفر العصفور
شكرا لك يا ابو يوسف على هذا الابداع .. واتمنى لك التوفيق دائما .. شكرا لكم
إبداع بطريق غير مباشر
يا أخي يحتاج من يفهم ويتمعن في القصد. ستراوي
شكرًا للكاتب
مقال يستحق للقراءة حقاً