العدد 3895 - الإثنين 06 مايو 2013م الموافق 25 جمادى الآخرة 1434هـ

من العراق إلى سورية!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في أحد أشرطته الشهيرة في مطلع الثمانينيات، قال الشيخ عبدالحميد كشك رحمه الله إن صدام حسين حينما ينتهي من حرب إيران سيستدير إلى الكويت.

نبوءة الرجل تحققت بعد عامين فقط، فقد أرسل صدّام جيشه ليحتل الكويت خلال نصف نهار، وأعلن إلحاق الفرع (الكويت) بالأصل، ونصب عليها حاكماً عسكرياً.

خلال ستة أشهر، تشكّل تحالفٌ دولي من 33 دولة تقوده الولايات المتحدة، وتم طرد جيش صدام وتحرير الكويت، وتدمير ما بقي من أسلحته، وتعرّض شعب العراق إلى حصارٍ دام 12 عاماً، شاركت فيه الدول العربية بحماسة منقطعة النظير.

بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، كانت السياسة الأميركية تبحث عن كبش فداء للانتقام لكبريائها. وبدأت بأفغانستان حيث توجد حكومةٌ هشّةٌ تعيش في القرون الوسطى، فأطاحت بها خلال أسبوعين من القصف. وهو ما لم يرو عطش آلهة الثأر التي ظلّت تبحث عن ضحية أخرى، فوجدتها في العراق، حيث يوجد نظام دكتاتوري معزول، وشعب محاصر.

لم تكن المبررات مقنعة، فوقف كولن باول (وزير الخارجية آنذاك) ليقدّم وثائق مفبركة عن امتلاك العراق أسلحة دمار شامل. كان قرار الحرب قد اتخذ، ولم تكن أميركا تنتظر موافقة الأمم المتحدة، ولا أخذ إذنٍ من إيران أو تركيا، فضلاً عن استئذان الدول العربية أو المعارضة العراقية، وهكذا شنت الحرب.

هذه من حقائق التاريخ، وذاكرتنا لم تجف بعد، ومازلنا نتذكّر كيف انطلقت الطائرات الأميركية، والقوات البرية، من قواعد عسكرية من الدول العربية المحيطة بالعراق. وبعد أشهر من الغزو وإلقاء القبض على صدام وتقديمه للمحاكمة، شهدنا أكبر عملية تلاعبٍ بالعقل العربي، إذ حوّل الإعلام العربي صورة صدّام من طاغية مستبد دكتاتور مجرم، إلى شهيد الأمة بعد إعدامه.

لم يفكّر أحدٌ من زعامات الأمة الذين شاركوا في الحربين (الكويت وغزو العراق)، بأن انقلاباً ضخماً في موازين القوى يشاركون فيه دون إدراك. فالمعادلة التي استقرت لأكثر من عشرة قرون من تمركز الحكم بيد فئةٍ معينةٍ من العراقيين على حساب الأكثرية، تم تقويضها نهائياً خلال أيام، وهذا هو سر استمرار البكاء على أطلال العراق، والإصرار على عدم استقراره حتى الآن.

في سورية، التي شهدت حركةً شعبيةً سلمية تطالب بالتغيير تجاوباً مع آمال الربيع العربي، تم قمعها بقوة. وخلال ستة أشهر تحوّلت إلى عمل مسلح، دخلت على خطّه مجاميع عسكرية «جهادية» متنقلة، لتزيده تعقيداً. كما دخلت دول عربية تطالب بالديمقراطية للسوريين وهي لا تملك برلماناً أصلاً. أما تركيا فدخولها أعاد تذكير السوريين بمآسي أربعة قرونٍ من السيطرة العثمانية التي يعتبرها أردوغان فترة الأمجاد الذهبية.

اليوم، وأمام هذه المحنة التي يدفع كلفتها الشعب السوري، دماً ودموعاً، يدخل الإسرائيلي على خط المواجهة لتصفية الحسابات القديمة، بعد ثلاثة أسابيع من تشديد النظام السوري الخناق على المعارضة المسلحة وتطويق تحركاتها، مع تهديده بالحسم خلال الشهرين المقبلين. وبينما وقف العرب يتفرجون في غزو لبنان 1982، وشاركوا في غزو وتدمير العراق في 1993، وحرّم بعضهم في حرب تموز 2006 الدعاء للمقاومة التي هزمت «إسرائيل» مرتين خلال ستة أعوام، وافتخر بعضهم بتشديد الحصار على غزة في حرب الرصاص المصبوب في 2008، نراهم اليوم يلزمون الصمت في الغارات الاسرائيلية الجديدة على سورية، وبعضهم خانته الكياسة حتى أظهر الفرح على رؤوس الأشهاد.

إنه عصر انفلات القبائل والأحقاد العربية، واسترجاع أمجاد حرب البسوس!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3895 - الإثنين 06 مايو 2013م الموافق 25 جمادى الآخرة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 34 | 4:25 م

      أحسنت سيدنا

      العجب كل العجب من ان رجل فلسطيني يذهب للجهاد في سوريا بينما العدو في جنبه ويراه بعينه ،،، اي استخفاف بالعقل

    • زائر 33 | 8:34 ص

      طنبورها

      {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }البقرة120

    • زائر 32 | 7:59 ص

      النفاق بعينة

      تبريرهم أحتلال صدام للكويت , نفس تبرير قتل يزيد للأمام الحسين (انقولهم أحتل الكويت الدولة الشيقية في مجلس التعاون , قالك كفر عن ذنبة !! والقهر ليس بصغير وقد عاصر ايام الأحتلال للكويت وحرب التحرير , انذكره بالشهداء والتدمير الي حصل !! شلون تقنع عقل كلمة توديه و كلمه ترجعة

    • زائر 31 | 7:07 ص

      لأنهم يمثلون كراسيهم ولا يمثلون شعوبهم

      كل ما تروه من مصائب يقف خلفها هؤلاء النعاج فلا تستغربوا. سيأتيهم الدور لأن المصالح هي التي تحكم وجودهم .

    • زائر 30 | 6:38 ص

      زأر 25

      فتح عيونك زين السيد لم يدافع عن بشار وقال هناك مطالب عادله لاشعب السوري

    • زائر 29 | 6:38 ص

      الى زائر 25

      وحشرك الله مع من يمتهنون الزنا باسم "جهاد النكاح"

    • زائر 28 | 6:04 ص

      القوم أبناء القوم

      مقالك الرائع المؤلم ذكرنا بواقعة كربلاء حين جاء الإمام الحسين عليه السلم إلى الأعراب المجرمين داعيا فيهم قبل الحرب ..أيها الناس أتعرفون من أنا ...أتحاربوني لقتيل قتلته منكم ...قالو لا يا إبن رسول الله نحاربك بغضا منا لأبيك ...لأنه قتل آبائنا في الحروب ..قال لهم الإمام الحسين الشهيد إن كنتم لا تخافون الله ولا تخشون المعاد ..فكونو أحرارا في دنياكم. وهؤلاء الأعراب في هذا الزمن أشد كفراً ونفاقا.

    • زائر 27 | 5:26 ص

      موضوعك مشوق ولكن

      كلامك كله صحيح في حالة هذه الامه المفككه والذي بعضهم يريد ارجاع الامه الى ماقبل الميلاد من كثرة ارصدة دولهم من بيع الاخيرات الذي انزلها الله عزوجل في اراضيهم وبدل أن يعمرو بها البلدان الفقيرة وبناء المصانع والمساكن الى المعوزين في الدول الاسلاميه والعربيه,تراهم اية رائيس او زعيم لايرغبون فيه يهدرو تلك الاموال لازالته ولو على جثامين الابرياء في تلك البلاد ولكن سوف تدور الدنيا عليهم طال الزمن اوقصر,لانه وكماتدين تدان وهم في طغانهم يعمهون.ص

    • زائر 25 | 5:15 ص

      مبروك عليك

      مبروك عليك بشار ومن يسانده

    • زائر 22 | 2:37 ص

      بدأ اللعب على المكشوف واصبح الصهيوني أخ وحليف ونصير

      لا تؤاخذ الله قوما على أمر ما مالم تكن حجته بالغة وواضحة حاشى لله ان يأخذ الناس على أمر مبهم فيحاسبهم ويعاقبهم عليه لا بد ان تكون الامور جليّة وواضحة.
      ما يحصل الآن هو اتضاح الامور وبيانها على حقيقتها بلا لبس ولا اشكال حتى تتم لله الحجة ويبلغ العلم مداه.
      اصبح الاعراب المستعربة الآن اخوة اشقاء واصدقاء وحلفاء مع العدو الصهيوني
      واخذوا ينفذون اجندات الصهاينة بأموال العرب ودماء العرب.
      هذا ليس جهلا وانما انقلاب للصورة والفهم(كيف لي بكم اذا رأيتم المنكر معروفا والمعروف منكرا) تحقق ذلك

    • زائر 20 | 1:44 ص

      الفكر الأموي لا يتغير

      ليس الرومان من قتلوا الحسين وأنما الأعراب ، ليس أمريكا قادرة على احتلال العراق لولا مساعدة الأعراب ..

    • زائر 18 | 1:39 ص

      من هم الأعراب

      سيد لتعرف الأعراب ارجع الي القرآن حيث قال الأعراب اشد كفرا ونفاق

    • زائر 16 | 1:32 ص

      عجيب

      أحسنت أحسنت ابو هاشم عشت .

    • زائر 11 | 12:05 ص

      عقل عنترا بن شداد

      أصبح العقل العربي حين ارتهن لإرادة الدول الكبرى يميل هنا وهناك ويترنح ويتقلب ،فما العجب ياسيد؟!!

    • زائر 10 | 12:04 ص

      زائر

      مقال جميل بس من يقرا فيفهم

    • زائر 8 | 11:48 م

      أفلام زمان cow boys

      من أفلأم هوليود أفلام رعاة البقر ولكل مرعي راعي يرعى فيه غنماته أو على طريقة راعي البقر. طريقة الشريف أو الشرطي الأمين لحفظ الأمن في المراعي ورعاة البقر المقربين ليس الى العشب لكن لمن يتعاون مع المصلحة الخاصة وليس للعامة مصلحه. فقد أسقطها بالتقادم الشرطي الشريف ليس لمصلحته، وإنما لمصلحة من يدفع له الأجر.
      فمن لمن يدفع الدولار للبترول؟ أم البترول للدولار؟

    • زائر 7 | 11:44 م

      جاهزون للتوظيف

      غيرة امريكا بالطبع على مسلمين افغانستان ليست هي الدافع وراء نقل السلفيين لقتال عدوهم الروسي في افغانستان بتمويل خليجي و من المخزون البشري العربي و اسلحة امريكية متطورة و ليست هي غيرة على سنة سوريا بنقلهم الى سوريا لقتال عدو اسرائيل النظام السوري و بتمويل نفس المصدر فكما تركت افغانستان ستترك سوريا دولة فاشلة

    • زائر 6 | 11:41 م

      سلمان دائي

      وماذا تعتقد أنهم سيعملون غير التآمر على سورية، وبعد سورية دور لبنان والعراق مرةً أخرى
      لكن لن يهنأ لهم بال والحزب موجود على أطراف فلسطين المحتله، وأي حماقة ترتكبها إسرائيل ستدفع ثمنها غالياً

    • زائر 4 | 11:35 م

      على رأس تلك الدول من هم اليوم يتظاهرون بأن قلبهم مع الشعب العراقي وما حبهم إلا للفتنة..

      وتعرّض شعب العراق إلى حصارٍ دام 12 عاماً، شاركت فيه الدول العربية بحماسة منقطعة النظير..

    • زائر 3 | 11:34 م

      ولد البلد

      لم تكن المبررات مقنعة، فوقف كولن باول (وزير الخارجية آنذاك) ليقدّم وثائق مفبركة عن امتلاك العراق أسلحة دمار شامل ...
      حتى باول لم يقل 5 طن ! بالرغم من أنه كان يتكلم عن (دولة) بحجم العراق.

    • زائر 2 | 11:02 م

      تلك من احابيل الشيطان الأكبر فحذروه

      نصيحة لمن وضع رقبته في يد الشيطان الاكبر الاترى بان يوما سيلف راسه ويأكلك
      كما أكل غيرك

    • زائر 1 | 10:10 م

      سيد الاعراب وما ادرك ملا الاعراب

      سيدنا الاعراب والقران الكريم ذكر الاعراب اشد كفر ونفاق

اقرأ ايضاً