نعم... هنالك خريجات عاطلات عن العمل حصلن على شهادة البكالوريوس بدرجات مرتفعة، في تخصص «علوم السمع والنطق»، وهو تخصصٌ لا يعرف الكثيرون عنه شيئاً بما فيهم مسئولو الوزارات التي يجب أن يعمل بها هؤلاء؛ فقد تعبت الخريجات من شرح مجالات تخصصهن لكل من يطرقن بابه؛ إذ يظن كثيرون أن التخصص هو متابعة الصم فقط وهو ما لا يدخل ضمنه، حتى قررن فتح صفحة خاصة بهن على الانستغرام للتعريف بتخصصهن حملت اسم: @bh_speech_therapist .

الخريجات اللاتي مضى على تخرجن أكثر من عام، وهن مبتعثات من قبل وزارة التربية والتعليم إلى الأردن لدراسة هذا التخصص، بعد أن شجعهن العاملون في وزارة الصحة على دراسته، حائرات اليوم أمام أبواب الجهات الرسمية التي تتقاذف كرة توظيفهن. فحين يقمن بمراجعة كل من وزارة العمل، والتنمية الاجتماعية، والصحة، والتربية والتعليم، وهي الجهات التي يتناسب العمل فيها مع تخصصهن، يكون الجواب بأن التوظيف لا يمكن أن يكون قرارهم وحدهم، بل يجب أن يكون عن طريق ديوان الخدمة المدنية، وحين يراجعن الأخير يجيبهن أنه لم يستلم طلباً بحاجة هذه الوزارات لهذا التخصص ولا يمكنه الإعلان عن وظيفة لتخصص غير مطلوب. إضافةً إلى أن هذه الوزارات قد أخذت بعض حاجتها من هذا التخصص من خلال توظيف خريجي التربية الخاصة وخريجي بعض الدورات البسيطة في هذا المجال.

الخريجات اليوم قادرات على علاج مشاكل الصوت خصوصاً عند المتعلمين الذين يعانون منها كثيراً، وهن قادرات على معالجة بعض المشاكل الأخرى كالتأتأة والتأخر في النطق، وتعثر اللغة، والأخطاء اللغوية، ومشاكل البلع، والحبسة الكلامية، إضافةً إلى تأهيل من فقد قدرته على الكلام بسبب حادث تعرض له، وقدرتهم على استخدام الأجهزة لقياس السمع. فهل تجد الوزارات أن هذه المشاكل لا تحتاج إلى متخصصين لعلاجها، ويمكنها إيكال مهمة العلاج إلى أي موظف آخر؟

وإذا عرفنا أن القسم المختص في مستشفى السلمانية، وهو المستشفى الوحيد التابع لوزارة الصحة الذي يهتم بهذه الجوانب، لا يستوعب عدداً أكثر مما يحتويه الآن من الموظفين وهم عشرة فقط، فلماذا لا تقوم الوزارة بفتح أقسامٍ للتأهيل الشامل في المراكز الصحية لتحل مشكلة الخريجات من هذا التخصص وتخصص العلاج الطبيعي أيضاً الذي وصل عدد خريجيه العاطلين عن العمل إلى المئات ممن لا يزالون يبحثون عن وظائف لأكثر من خمس سنوات حتى يكاد الخريج ينسى ما درسه، وكي لا يشعر الطلبة الذين ينتظرون تخرجهم هذا العام بالقلق تجاه مستقبلهم الوظيفي؟ فإذا كانت الحكومة عاجزةً عن توظيف خريجة دفعة 2011، والتي التحقت بها 4 خريجات من دفعة 2012، فكيف ستوظف الدفعات القادمة والتي وصل أعداد طلبتها إلى 20 للدفعة الواحدة؟

والسؤال الأهم الذي يُطرح مع كل مشكلة من هذا النوع: لم لا تقوم وزارة التربية والتعليم بإغلاق باب الدراسة للتخصصات التي لا تجد شواغر تنتظر خريجيها؟ ولماذا تصر الوزارة على ابتعاث الطلاب من المتفوقين إلى تخصصات غير مطلوبة في سوق العمل ولا يعرف عنها المسئولون شيئاً فيضيع جهدهم وتضيع سنوات عمرهم والوطن بحاجة للجميع ولوقت الجميع؟