اعتبر حقوقيون أن السلطات الرسمية تفرض قيوداً على حرية الصحافة في البحرين، وهو ما عكس تراجع البحرين في مؤشرات حرية التعبير الصادرة عن المنظمات الدولية، مشيرين إلى أن ذلك يأتي في الوقت الذي لا تتخذ فيه أي إجراء ضد بعض وسائل الإعلام البحرينية التي تحولت إلى محرض على بث الكراهية وخلق المزيد من الشق الطائفي.
وفي هذا الصدد؛ أبدى رئيس الجمعية البحرينية للشفافية عبدالنبي العكري أسفه لاستمرار تراجع البحرين في تقارير المنظمات الدولية التي تقيس مستويات حرية الصحافة، وكان آخرها تقرير منظمة «فريدوم هاوس».
وقال: إن «تصنيف حرية الصحافة والتعبير وفقاً لتقرير (فريدوم هاوس) يعبِّر عن واقع الحال لمستوى الصحافة في البلاد، والتي صنفها على أنها «غير حرة». وهي نتيجة طبيعية لاستمرار سياسة تكميم الأفواه، والتي تتبعها الدولة منذ العام 2006، لكنها اتخذت طابعاً أشد في معاقبة الصحافيين والذين يعملون في مجال التعبير عن الرأي».
وتابع «تقييد حرية الصحافة في البحرين، يأتي ضمن الحملة الشاملة لتقييد الشعب، إذ تم قمع كل وسائل التعبير عن الرأي، بما في ذلك المسيرات أو الشعارات التي ترفع فيها، كما تتم الآن ملاحقة الناشطين في الفضاء الإلكتروني، إذ إن هناك نحو ثلاث قضايا تُنظر في القضاء بسبب تغريدات، بتهمة الإساءة إلى الذات الملكية. وهذا اتهام فضفاض يحتمل عدة أوجه».
وانتقد العكري حجب الآلاف من المواقع الإلكترونية بحجة مخالفتها الآداب والأخلاق العامة، مشيراً إلى أن نحو 90 في المئة من المواقع الإلكترونية التي تم حجبها هي في واقع الأمر مواقع تبدي وجهة نظر انتقادية للسلطات الرسمية وتغطي أخبار الاحتجاجات التي تشهدها البلاد.
وأضاف «المفارقة أنه تم حجب موقع الأمم المتحدة في العام الماضي لدى بثه جلسة خاصة بحرية التعبير في مجلس حقوق الإنسان التابع إلى الأمم المتحدة بجنيف، والتي تم خلالها التطرق إلى حرية التعبير في البحرين».
وقال العكري: «من الواضح أن السلطات الرسمية خصصت أجهزة لمراقبة المواقع الإلكترونية والحسابات الإلكترونية الخاصة، وهذا يتضح من ملاحقة العديدين، والاعتماد على ما تمّ التنصت عليه دليلاً في التحقيق مع الأشخاص. حتى من دون الحصول على إذن من النيابة العامة».
وحذر العكري من استمرار تبعية غالبية الصحف المحلية لتوجيهات الدولة، والتي تعزف على «أوركسترا الكراهية»، على حد وصفه، وقال: «بعض الصحف المحلية بات شغلها الشاغل هو التحريض والطعن في عقيدة فئة كبيرة من الشعب البحريني والمعارضة ورموزها وقياداتها الدينية، ووصفها بالعمال والصفوية والخيانة، وغيرها من التهم».
وأضاف «لقد كان تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق واضحاً في دعوته لوقف التحريض الإعلامي، والذي كان له دور كبير في زرع الكراهية بسبب المواد التي يضخها والتي تخلق المزيد من الشق الطائفي، ومن الواضح أن هناك هيمنة على الإعلام واحتكاره وتوجيهه باتجاه حملة الكراهية».
واستدرك بالقول: «المراقبون يرون أن البحرينيين هم من أفضل الشعوب العربية كفاءة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، للتعبير عن قضيتهم وحراكهم السياسي، ولذلك استمروا في الحصول على الجوائز التي تمنحها المنظمات الدولية في هذا المجال».
وأبدى العكري تفاؤله بما يملكه الشعب البحريني من وعي يمكنه من التمييز، على رغم حملة الكراهية بكذب الادعاءات، بما يتوافر من بدائل لهذا الإعلام المحرض، على حد تعبيره.
وختم حديثه بالقول: «البحرين كانت لها الريادة في الصحافة، وأنا على ثقة بأنها ستستعيد مكانتها الرائدة».
من جهته، اعتبر عضو الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان أحمد الحجيري، أن الوضع الصحافي في البحرين أشبه بالوضع الحقوقي العام فيها، والذي لم يشهد أي تحسن يُذكر، وخصوصاً مع استمرار العوائق التي تُوضع في طريق الصحافيين للحيلولة دون القيام بدورهم، على حد تعبيره.
وقال: «تم اقتياد عدد من الصحافيين أثناء تغطيتهم الأحداث الجارية في البلاد إلى مراكز الشرطة، مما شكل عرقلة لأداء مهمتهم وإرهابهم، كما تم منع عدد من الصحافيين القادمين من الخارج من دخول البلاد. ولاتزال الفرصة متاحة أمام بعض الصحافيين لمواصلة أسلوبهم في التحريض ونشر الكراهية وتحوير الحقائق ومهاجمة المعارضة والتشكيك في وطنيتها».
واعتبر الحجيري أن السكوت عن مشروع قانون الصحافة الذي كان من المفترض أن يرى النور منذ أعوام، جعل الصحافيين وجهاً لوجه أمام القانون الحالي، بما فيه من نواقص وعقوبات تهدد الصحافيين بالحبس والغرامات المالية، مؤكداً الحاجة إلى قانون صحافة عصري يتماشى مع المعايير والاتجاهات الدولية.
وقال: «لاتزال أبواب الجهات الرسمية موصدة أمام الصحافيين، ناهيك عن محاذير إدلاء الموظفين العموميين بأية معلومات يسعى إليها الصحافيون. يضاف إلى ذلك ما يواجهه مستخدمو الصحافة الإلكتزونية من أخطار تعرضهم للتحقيقات وتطبيق القوانين المشددة بحقهم، وهو أمر شارك للأسف في تقنينه النواب الذين كان من المفترض بهم عدم الانسياق لمثل ذلك حماية لحرية الرأي والتعبير».
أما رئيس دائرة الرصد في جمعية الوفاق سيد هادي الموسوي، فعلق على تسمية البحرين بـ «عاصمة الصحافة»، بالقول: «إن البلد الذي يُطلق عليه عاصمة الصحافة، يجب أن يكون تاريخه خالياً من المضايقات أو الإهانات أو انتهاك حق الحرية الصحافية، وهو ما لا ينطبق على البحرين».
وأضاف «في البحرين هناك صحف تتدلى على أكتاف السلطة وتهين مهنية العمل الصحافي، وتجعل من الإسفاف في التعدي على أصل التركيبة المجتمعية وسيلة لها، وتحتمي بالسلطات الرسمية التي لم تتخذ موقفاً منها».
وتابع «من المفترض بعاصمة الصحافة أن يكون فيها الخبر الصحيح ذو المصداقية نابعاً من السلطة قبل المؤسسات الإعلامية الأهلية أو الخاصة، بينما وسائل الإعلام الرسمية في البحرين تغطي ما يحلو لها تغطيته، وتوجه الأخبار فيما يصب في صالح المؤسسة الرسمية، على رغم أنها أنشئت من الموازنة العامة للدولة، والتي هي من حق المواطنين».
وأشار الموسوي، إلى أن هناك أعداداً من الصحافيين غير البحرينيين، الذين يفترض أنهم ليس بينهم وبين البحرين أية أجندات خاصة أو أهداف مضرة، تم منعهم من دخول البلاد، فيما تم طرد آخرين منهم، على رغم أن من بينهم صحافيين تتمنى دول كثيرة أن تستضيفهم؛ لأنهم أسماء لامعة في مجال الصحافة، معتبراً أن هذا المشهد لا يتوافق مع كون البحرين عاصمة للصحافة، على حد قوله.
وتساءل الموسوي عن مصير طلبات جمعيات المعارضة بالترخيص لإصدار صحفها، لافتاً في هذا الإطار إلى أن جمعية الوفاق تقدمت بطلب الحصول على ترخيص بإنشاء صحيفة منذ نحو ثلاثة أعوام، من دون أن تحصل على رد لطلبها من الجهات الرسمية بعد، منوهاً إلى أنه في الوقت الذي يتم فيه عدم الرد على طلب الجمعية بإنشاء قناة فضائية، يتم الترخيص لقنوات أخرى تستضيفها الحكومة وتتبناها وهي تشتم وبعيدة عن المهنية، وفقاً له.
العدد 3891 - الخميس 02 مايو 2013م الموافق 21 جمادى الآخرة 1434هـ