عبارة أن «الشعب غير راشد» مسيئة بكل المقاييس السياسية والاجتماعية والإنسانية والأخلاقية والوطنية، لم يحسب قائلها أدنى حساب إلى مشاعر شعب بأكمله، ولم يراعِ سمعة وطنه الذي عرف في محيطه الإقليمي والعربي والعالمي برشد شعبه العريق سياسياً وإنسانياً وعلمياً وأخلاقياً. لم يسمع أحد في العالم يذمُّ رشد وأخلاق هذا الشعب الطيب، كل ما سمع هو مدح وثناء لوعي وأخلاق وثقافة هذا الشعب، الذي قيل عنه إنه علّم شعوباً أخرى كيف تطالب بحقوقها بصورة سلمية أذهلت الجميع، فما بال من عاش وترعرع في أوساط مجتمعات الوطن يصفه بعدم الرشد؟ هل فقد عقله؟ ومن أين أستخلص هذه النتيجة التي تخالف الحقيقة في مجملها وتفاصيلها؟ ما هو الدليل الذي أستند إليه؟
كل الوقائع تدل على أن الشعب في هذه الأيام يعيش في كامل الرشد السياسي، والعبارة المشينة قبل أن ينطق بها اللسان تكون أسيرة لصاحبها، أما إذا نطق بها فيكون هو أسيرها، بعد ردود الأفعال المجتمعية الواسعة على قائلها أولاً، وعلى الفصيل السياسي الذي ينتمي إليه ثانياً.
حاول قائلها بكل الوسائل المتاحة له أن يتملص منها وينكر قولها ولم يستطع، وائتلاف جمعيات الفاتح الذي ينتمي إليه لم يستطع أن ينفي قولها على لسان أحد ممثليه، فلهذا حاول جاهداً أن يلتف على الحقيقة بادّعائه أنه لم يسمعها، ومحاولته الالتفاف على الحقيقة جعل الشعب يتيقن من قولها، فبعض السياسيين قالوا إن ما قيل عن الشعب بأنه غير راشد هو هذيان سياسي، والبعض الآخر اعتبرها حماقة سياسية غير محسوبة العواقب، وحقوقيون اعتبروها إهانةً لأبناء الوطن. ومن المتخصصين في علم النفس قالوا إن العبارة تدل على أن قائلها يعاني من ضغوط وإسقاطات نفسية شديدة، جعلته يسقط ما يراه في نفسه على الشعب! والعارفون بعلم الاجتماع قالوا إنه يعاني من داء الجهل المركب بمجتمعه. أما أجمل تعليق سمعته عن قائل العبارة المشينة من أحد كبار السن، عندما ردد المثل الشعبي: «كلٌ يرى الناس بعين طبعه»!
ولاشك أن قول هذه العبارة بكل صراحة قد فتحت آفاقاً واسعة للبحث عن الماهية السياسية والإنسانية والنفسية لقائلها، وللائتلاف الوليد الذي أنجبته الأزمة السياسية بصورة مستعجلة وغير طبيعية، وحجم القاعدة الجماهيرية التي يدّعي تمثيلها في حوار حساس يبحث فيه عن حل لأطول أزمة سياسية تمر بالبلاد، والتي خلفت بسبب مواقفه الطائفية غير المتزنة وطنياً، الكثير من الضحايا والجرحى والمعتقلين والمعتقلات، وآلاف المفصولين والموقوفين عن العمل، وكلهم من مكون واحد. بعد أن ساهمت وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية في بث برامج طائفية بغيضة عبر الإذاعة والتلفزيون والصحافة، لإيجاد تباعد نفسي بين أبناء أكبر مكونين رئيسيين في البلد. وقد نجحت بنسبة معينة في تحقيق أهدافها الطائفية غير الوطنية، بإحداثها شرخاً كبيراً بينهما، يحتاج إلى سنوات لمعالجته.
ما ذكر ليس خافياً على أحد من أبناء الطائفتين الكريمتين، فقد اطلعوا جميعاً كما اطلع العالم أجمع على تفاصيله وحيثياته بعد ما وثق في تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق بكل وضوح، وبعدما أعلن البروفيسور محمود بسيوني عبر شاشة تلفزيون البحرين في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، السؤال الذي يدور في أذهان الشعب بكل شرائحه: كيف لمن ينظر لهذا الشعب العريق بهذه النظرة الدونية أن يدّعي تمثيله في الحوار؟ أنه لأمر غريب جداً لم يره أحد حتى في الأفلام الكرتونية. ونقول بكل صراحة، بعد انسلاخ قائل العبارة وفصيله الذي ينتسب إليه عن هذا الشعب، بادعائه زوراً وبهتاناً أنه الراشد الأوحد في هذا البلد، لابد من إعادة النظر في نوعية المتحاورين في الشأن السياسي. وقد اتضح بوضوح سبب وجود ائتلاف جمعيات الفاتح في الحوار بعد تصريح شخصية أخرى بارزة منه في أحد مجالس المحرق قائلاً إذا ما دخل الحكم في الحوار من باب فإنه سيخرج من باب آخر! لأنه يعتقد أن الانتقال إلى حوار جاد بين الحكم والمعارضة للبحث في حلول حقيقية للأزمة السياسية، لن يكون لوجوده أهمية تذكر، وهذا في حد ذاته يضرّ بمصالحه الشخصية والفئوية الضيقة التي قدمها على مصالح الوطن العليا.
إن التناقضات في أقوال وأفعال شخصياته السياسية، وإرباكه السياسي الذي أصبح واضحاً لدى الجميع، ورفضه غير المبرر لمبادئ الديمقراطية الحقيقية، قد أفقده مصداقيته السياسية والوطنية والأخلاقية والإنسانية.
إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"العدد 3890 - الأربعاء 01 مايو 2013م الموافق 20 جمادى الآخرة 1434هـ
مصداقية من المفقوده لكن هل يتذكر الناس
قبل أن يفقد هو مصداقيته السياسيه أنتم قبله قد فقدتموها فمنذ دخول الوفاق الى البرلمان الى خروجكها الدرامي قل لى ماذا فعلتم غير الجري على المصالح الشخصيه و توظيف الاقارب و الاصدقاء
سنابسيون
اخي سلمان هو قال ان الشعب غير راشد في رأيي الشخصي انه صادق لأنني أرى ان جماعة الفاتح هي فعلا غير راشده فهو قال الحقيقه فلو كانوا راشدين لهمهم امر البلد ولحاولوا حل الأزمه التي تعصف بالبد ولكن هم يحرضون على المزيد من القمع والقتل والتنكيل والاستهداف لنا فهم غير راشدين والله يوصلهم لسن الرشد
هم يعتبرون الشعب كذلك حقيقة فلماذا العجب
هم يعتبرون اتباعهم هكذا بشر كالقطيع يسيرون كيف ما يريد بهم صاحبهم فلماذا العجب منهم.
كذلك يريدون لنا ان نصبح مثلهم وهذا مستحيل
العبارات الهالكة
صباح الخير استاذي العزيز ردي على هذا المقال الجميل لو وضع الرجل المناسب في المكان المناسب لما وجدنا أمثال هذه الشخوص الكارتونية تجلس على الكراسي التي من المفترض ان تكون محجوزة الى الاشخاص النافعين والمخلصين الى الوطن.
تسلم ايدك يااستاذ
وسيأتي اليوم الذي يتأسف قائل هذه العبارة لانه اعلم بغيره من ثقافة الشعب البحريني على المستوى العربي وهذا مايشهد له كافة من عاصروه
تسلم ايدك
بارك الله فيك والله يقويك على ردع المخالفين للديمقارطية