يستغرق السياسيون والحقوقيون دائما في تناول تفاصيل الأحداث اليومية التي ما تنفك تلقي بظلالها على المشهد المحلي البحريني، فجهة تتحدث عن مجريات الحوار الوطني الجامد غير المتحرك الواقف مكانه منذ شهرين وأكثر من النصف، وجهات أخرى توثق الانتهاكات التي لم تتوقف منذ أكثر من عامين ونيف، وآخرون منشغلون بالأحداث التي تقع في الشارع يوميا.

غير أن المواطن البحريني البسيط ينام كل يوم على حلم واحد يختصر كل هذا المشهد ويلملم تفاصيله التي لا تكاد تنتهي أو تتوقف، فيتمنى أن يصحو في غده على وطن ترفرف في سمائه الحرية والكرامة والديمقراطية والعدالة والخير للجميع، ولا أظن أن بحرينيا واحدا لا يرغب في ذلك بغض النظر عن الأيدلوجيات والطوائف والمواقف.

تحقق الديمقراطية الحقيقية هي انتصار لكل الشعب، وليست لفئة على أخرى، ولا لطائفة دون أخرى، لأن الحرية غاية إنسانية راقية تعبر عن إرادة مؤمنة بالكرامة والعدالة والخير للجميع، وتكاد هذه الغاية أن تكون غريزة جبل عليها الإنسان أينما كان.

الشعب سوف يحقق أحلامه، ربما اليوم أو غدا أو حتى بعد غد، لأن سنن التاريخ وكل دروس الدنيا لا تعطيه خيارا غير ذلك، وقطعا ذلك متحقق، فكل شعوب الأرض التي دفعت ثمن حريتها وكرامتها غاليا نالت في نهاية المطاف غايتها ومرادها.

الشعب سوف يحقق أحلامه، لأن نضاله الممتد على مدى العقود يسكت كل الألسنة التي يرتفع نعيقها بطائفية المطالب الديمقراطية الحقة، ويخرس كل خطابات الكراهية الرخيصة التي ما تزال تقبض ثمن بثها للفرقة بين أبناء الوطن الواحد.

هذا الشعب سوف يحقق أحلامه، لأنه جدير بالحرية التي دفع ثمنها من الضحايا والشهداء والمعذبين والجرحى والمفصولين ومن المساجد التي هدمت والحرمات التي انتهكت، ومن آلام الأمهات وصرخات الأطفال وخوفهم، ومن العيون التي غار نورها والصفعات التي أصابت الوجوه، والجنسيات التي سحبت من أهلها بسبب مواقفهم الداعية للعدالة والكرامة والحرية لأبناء هذا الشعب.

الشعب سوف يحقق أحلامه، لأنه كسر جدار الخوف، وبات أكثر إصراراً على المطالبة بكل حضارية وسلمية عن حقه وحق أبنائه في مستقبل لا ينخر فيه التمييز والظلم والفساد وسرقات الأراضي والبحار، ولا وجود فيه لزوار الفجر ولا للتعذيب والحلول الأمنية التي لم تقدم في يوم من الأيام حلاً للبحرينيين.

هذا الشعب سوف يحقق أحلامه، لأن مطالبه عادلة في تحقيق المساواة بين أبناء الشعب الواحد، فلا مواطن من الدرجة الأولى وآخرون من الدرجة الخامسة، ولأن التمييز في التوظيف والترقيات والخدمات والبعثات والإسكان يؤكد ألا محيص لهذا الشعب عن الديمقراطية التي توقف المتجاوزين والفاسدين ومن يتاجرون بآلام الناس وآمالهم بسبب حالة الاستفراد التي تنخر في البلاد والعباد ليس من الآن، بل على مدى عقود.

هذا الشعب سوف يحقق أحلامه، لأنه قدم الكثير من التضحيات عبر عقود من النضال الذي لم يفرق فيه بين شيعي ولا سني، وكلما اشتدت الأمور في هذا البلد وزاد تعقيدها، سوف يظل الأمل يتردد في القلوب.