إننا نشهد تدهوراً سريعاً للوضع المُدمّر جداً في سورية، حيث قُتل ما لا يقل عن 70 ألف إنسان وتشرد الملايين. يواصل الشعب السوري مواجهة هجمات مستنكرة ومجازر على يد قوات النظام، بما في ذلك استخدام الأسلحة الثقيلة، والطائرات، والصواريخ البالستية. لقد شعرنا بالسخط عند سماع التقارير الرهيبة حول قتل مئات السوريين خلال نهاية الأسبوع في ضاحية جديدة الفضل في دمشق. تبيّن هذه الأعمال بصورة دراماتيكية عدم اكتراث نظام الأسد التام بحياة المواطنين السوريين، بمن فيهم الأطفال.
ينبغي أن تكون هناك محاسبة على هذه الجرائم، ونحن نحثّ السلطات السورية على السماح بالوصول الحر وغير المُقيّد للجنة تحقيق لكي تجري تحقيقات حول هذه الارتكابات الشنيعة، كما وصفتها الجمعية العمومية ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
يشكل الازدياد الهائل في أعداد اللاجئين أحد الإشارات الأكثر وضوحاً لهذا الوضع الرهيب. لقد نزح أكثر من 400 ألف سوري خلال الأسابيع السبعة الأخيرة وحدها، كما أن لبنان والأردن وتركيا والوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة آخذة بالاقتراب من نقطة التشبّع. إننا نُثني على سخاء الحكومات والشعوب التي تستضيف هذه الأعداد المتفجرة من اللاجئين، ونعتمد على جميع جيران سورية في مواصلة الحفاظ على حدودهم مفتوحة لكي يستطيع الذين يهربون من النزاع العثور على السلامة. وإننا ندعو كافة البلدان للإيفاء بتعهداتها إزاء نداءات الأمم المتحدة بشأن سورية والنظر في ما يمكنها أن تفعله أكثر، في الوقت الذي تستعد فيه الأمم المتحدة لإطلاق نداء جديد الشهر القادم (مايو). إننا شاكرون لحكومة الكويت لإيفائها بمساهمتها السخية البالغة 300 مليون دولار إلى وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى. وتقدم الولايات المتحدة ما يزيد عن 409 ملايين دولار من المساعدات الإنسانية لتلبية الحاجات الصحية، والصرف الصحي والنظافة الجسدية. إننا نقدم أيضاً المساعدات الغذائية بما في ذلك ما يكفي من القمح لتأمين إمدادات من الطحين تكفي أربعة أشهر لما يزيد عن مليون إنسان.
إننا نُثني على ائتلاف المعارضة السورية لإعلانه الجريء حول المبادئ في اسطنبول الأسبوع الماضي، حيث سلط الأضواء على التزامه بحماية حقوق ومصالح الأقليات، ورفض التطرف، والسعي إلى حل سياسي للنزاع، والحيلولة دون استخدام أو نقل الأسلحة الكيميائية، والحفاظ على مؤسسات الدولة. لقد شدد وزير الخارجية كيري على الدعم الثابت للولايات المتحدة لالتزام ائتلاف المعارضة بالحل السلمي على أساس رؤيا شاملة، ومتسامحة لسورية، وذلك عن طريق الإعلان عن مضاعفة دعمنا غير الفتاك للمعارضة السورية إلى 250 مليون دولار لمساعدة مجالس المعارضة المحلية، وبناء قدرات الناشطين المدنيين وربط المواطنين السوريين مع ائتلاف المعارضة السورية ومجالس التنسيق المحلية.
إننا نستمر بدعم الحل التفاوضي للنزاع القائم على أساس بيان جنيف، ونستمر بالتشاور الوثيق مع عدد من البلدان للنظر في ما يمكننا أن نفعله أكثر لتغيير حسابات الأسد وتسهيل إنهاء منظم للنزاع. ونحثّ الدول الأعضاء للضغط على نظام الأسد للالتزام بإجراء مفاوضات جديرة بالثقة تستند إلى إطار العمل المعتمد في جنيف، والذي يدعو الأسد إلى نقل سلطاته التنفيذية الكاملة إلى هيئة حكم انتقالية.
إن وجود متطرفين عنيفين في سورية، بمن فيهم جبهة النصرة، والأخطار التي تسببها الأسلحة الكيمائية، أمر حقيقي جداً ومدعاة للقلق العميق. والشعب السوري يدرك مدى التهديد الذي يطرحه المتطرفون المرتبطون بالقاعدة على ثورتهم، إذ إنها ثورة قامت من أجل الكرامة واحترام حقوق الإنسان. ولقد كان السوريون واضحين بأن أيديولوجية المتطرفين الأجانب لا تتماشى مع الرؤية الديمقراطية والشاملة لسورية التي يقاتل العديد من السوريين الشجعان ويقضون نحبهم من أجلها. ونحن ندعم جهود الأمين العام للأمم المتحدة للتحقيق بشأن أية أو بجميع المزاعم الجديرة بالثقة حول استخدام الأسلحة الكيمائية في سورية. ولما كانت الحكومة السورية قد طالبت بوضوح الأمم المتحدة للقيام بالتحقيق، فإن على السلطات السورية إتاحة إمكانية الوصول الكامل وغير المُقيّد للفريق الذي جمعه الأمين العام كي يقوم بعمله بصورة شاملة.
فكما اعترف هذا المجلس منذ أمد طويل، فإن النزاع في سورية بات يهدد استقرار الدول المجاورة له، وعلى وجه الخصوص لبنان، كما دلت على ذلك الهجمات الأخيرة في الهرمل والقصير. فحزب الله لا يواصل تقويض لبنان من الداخل عن طريق انتهاك سياسة النأي بالنفس التي تنتهجها الحكومة وحسب، بل إنه يُمكّن الأسد من توسيع الحرب بنشاط على الشعب السوري عن طريق تقديم المال، والسلاح، والخبرات للنظام وذلك في تنسيق وثيق مع إيران.
تدعم الولايات المتحدة بقوة سيادة واستقلال واستقرار لبنان. إننا نُثمِّن قيادة الرئيس ميشيل سليمان خلال هذه الفترة الزمنية المضطربة، ونهنئ تمام سلام بصفته الرئيس المُكلّف للوزراء. إن هذه التسمية بمثابة خطوة إيجابية أولى اتجاه تشكيل حكومة جديدة، وهذه العملية ينبغي أن تبقى بقيادة لبنانية. إننا نشجع قيادات لبنان على التمسك بإطار العمل القانوني والدستوري لأجل إجراء الانتخابات البرلمانية بموعدها.
وبالانتقال إلى السلام في الشرق الأوسط، لقد أفضت زيارة الرئيس أوباما إلى المنطقة إلى سلسلة من المحادثات البناءة مع القادة الإسرائيليين والفلسطينيين. وتبقى الولايات المتحدة ملتزمة بمحاولة إعادة الجانبين إلى المفاوضات المباشرة، كما أن محادثاتنا تركزت على خلق المناخ الضروري لذلك. ولقد وافقت الأطراف المعنية على بذل جهود جديدة لتعزيز التنمية الاقتصادية للشعب الفلسطيني عن طريق إزالة بعض الحواجز من أمام التجارة في الضفة الغربية، وتوسيع استثمارات القطاع الخاص في الضفة الغربية. وليس هذا بديلاً عن المفاوضات الجدية، لكننا نأمل بأن تساعد هذه التدابير في زيادة حظوظ نجاح المفاوضات. سوف تعمل الولايات المتحدة عن كثب مع كل من المسئولين الإسرائيليين والفلسطينيين، ومع ممثل اللجنة الرباعية طوني بلير للمساعدة في دفع العملية إلى الأمام. فكما قال الرئيس أوباما في القدس، بأنه على الرغم من التحديات الواضحة – واقتبس هنا – فإن «السلام ضروري»، «السلام العادل»، وأن «السلام ممكن».
ستواصل الولايات المتحدة دعم الشعب الفلسطيني وجهوده في بناء الأسس للدولة المستقبلية. لقد قدمنا مؤخراً 695.7 مليون دولار من المساعدات، بما في ذلك 200 مليون دولار دعماً لميزانية السلطة الفلسطينية. ولا تزال الولايات المتحدة المانح المنفرد الأكبر لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم (أونروا)، وقد قدمت أكثر من 233 مليون دولار للسنتين الماليتين 2012 و2013. إننا نواصل دعم تطلعات الفلسطينيين في إقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة. ونتطلع إلى السلطة الفلسطينية لمداومة عملها في إعادة تنشيط الاقتصاد الفلسطيني وإصلاح المؤسسات لأجل خدمة الشعب الفلسطيني بصورة أفضل.
علينا جميعاً إعادة إنعاش سعينا المشترك نحو حل الدولتين والسلام الشامل، مع الإدراك، طبعاً، للتحديات الباقية. إن الصواريخ التي يطلقها المتطرفون من غزة وسيناء على إسرائيل تواصل تقويض هذه الجهود وتهدد سلامة وأمن المواطنين الإسرائيليين العاديين. وكما أوضح الرئيس أوباما في تصريحاته الأخيرة لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين، فإننا نعرف جميعنا كيف يمكن للتوترات والاستفزازات على الأرض أن تتصاعد وتضرّ بالجهود الرامية إلى تحقيق حل الدولتين. إننا نحث القادة على تجنّب الاستفزازات التي تُعقّد عودة مفاوضات السلام والتعاون الإسرائيلي – الفلسطيني.
إن التقدم باتجاه السلام ضرورة ملحة ليس بالنسبة للإسرائيليين والفلسطينيين وحسب، بل وأيضاً للمنطقة ككل وللعالم أجمع. ويبقى هذا الهدف في صلب جهودنا.
إقرأ أيضا لـ "سوزان إي رايس"العدد 3889 - الثلثاء 30 أبريل 2013م الموافق 19 جمادى الآخرة 1434هـ
ازمة
ازمة سوريا سببه امريكا الشيطان الاكبر وعملائها العرب وراح ينتصر بشار الاسد عليهم باذن الله
مواقف أمريكا !؟؟
السبب في انتهاك حقوق الإنسان في العالم العربي والإسلامي هي أمريكا وذالك بدعمها لبعض الدكتاتوريات ومدحها لانها تدور في فلك أمريكا