يحضرني حوار دار بيني وبين مسئول خليجي رفيع عندما كنت أعمل في منتصف الثمانينيات في إحدي المنظمات العربية الخليجية. كان الحوار حول أخلاقيات وقيم أهل الخليج العربي بشكل عام ونظرتهم للعمل وإنتاجيتهم بشكل خاص، حيث تحدّث قائلاً: «لدينا كل شئ ونعيش حياة رفاهية، ولكن كنت دائماً أتمني أن يكون لدينا شعب كأهل البحرين في أخلاقياتهم العالية وثقافتهم الواسعة وتواضعهم الجم الذي يخجلك، وعدم ازدرائهم للعمل أينما كان، ونظرتهم وقناعتهم المفرطة ونظرتهم المنفتحة للأجنبي».
وأضاف متسائلاً: أتعلم يا أخي؟ البحرين الدولة العربية الخليجية الوحيدة التي عندما أنزل في مطارها أشعر بالارتياح، لأن كل من يتعامل معك من خروجك من باب الطائرة إلى استلامك لحقائبك إلى «التاكسي» بحريني». حينها شعرت بالفخر والاعتزاز كوني بحرينياً أولاً، وثانيا لأن الشهادة لم تصدر من أهل البيت، ولكني شعرت في الوقت نفسه بحسرة بالغة وألم شديد يعتصر النفس، وقلت للمسئول الخليجي بعد أن شكرته علي مشاعره الطيبة تجاه أهل البحرين: يقول المثل الشعبي: «اللي ما يدري يقول حلبه واللي يدري متوحل به»، فردّ متسائلاً: ما قصدك؟ فقلت له: الموضوع يطول شرحه والوقت داهمنا... ولكنه كما أعتقد عرف ما أقصده من وراء المثل.
أتعلمون؟ ليس الخليجيون فحسب بل العالم بأسره ينظر هكذا لأهل البحرين، على إنهم أصحاب حضارة وتاريخ عريق وثقافة واسعة وأخلاق وقيم عالية في التواضع والتسامح، ويكفي أن تذهب للعمل في أية دولة مجاورة أو تحضر مؤتمراً لتجد التقدير العالي من الجميع، فقط لكونك بحرينياً. ولكني أكاد أجزم بأن أغلبية أهل البحرين ما عدا «الطبالة» يشعرون بالغبن والحسرة والظلم عندما يأتي التقدير للإنسان البحريني من الخارج، بينما يعاني البحريني في بلده من الذلّ والهوان وعدم التقدير وعدم العدالة من قبل حكومته في كافة مناحي الحياة، على الرغم من سعة صدره وصبره وشعوره بأنه أصبح «طوفة هبيطة» وشكوته «ضايعة» أمام تصلب المسئولين وإدارتهم لأجهزة الدولة كإقطاعيات خاصة بهم، فهذه الأجهزة ومن يعمل فيها وميزانياتها ملك خاص يفعلون بها ما يشاءون! بالله عليكم ماذا يخيفهم إذا أمنوا العقوبة؟ ألم تكشف تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية فساد عدد ليس بالقليل من المسئولين؟ هل رأينا أحداً من تكلمت عنهم التقارير الرسمية وراء القضبان بسبب فساده وسرقته للمال العام؟ أضف إلى ذلك موجات التجنيس السياسي التي فعلت مفاعيلها في تعميق الغبن والقهر لدى المواطن البحريني الأصيل، وأضاعت الكثير من حقوقه، حتى بدأ أهل البحرين يشعرون أنهم غرباء في وطنهم! وتزيد آلام البحرينيين الشرفاء والمخلصين الذين قدموا وضحوا من أجل الوطن وبصمت ودون بهرجة إعلامية خلال المناسبات الوطنية التي توزع فيها الأوسمة والشهادات حيث تمنح إلى من يتم ترشيحه من قبل الوزراء ومن لف لفهم على أساس قاعدة ذهبية وهي «هذا ولدنه يستاهل»، وهو بالطبع لا يستحق الوسام ولكن هو «ولدنه»، واللي ما يعجبه «يطق راسه في الطوفه»، وهذه معايير تقدير وتكريم أبناء الوطن المخلصين ولا ننسي طبعاً القاعدة الذهبية في التكريم في أن يكون الشخص من جماعة (الشور شورك يايبه) وأن لا يكون من الأشخاص الذين يعارضون سياسات الحكومة لأن عليه «يمش بوزه» من أي تكريم!
أما رحلة المذلة من أجل تأمين ضروريات الحياة فهي تبدأ بعد زواجك مباشرة عندما تقدم طلباً للاستفادة من الخدمات الإسكانية الحكومية، وهنا عليك أن تتجمل بصبر سيدنا أيوب (عليه السلام) على بلواه، لأنك سوف تنتظر على الأقل خمسة عشر عاماً، ثم تستمر مسيرة المذلة في حصولك على مكرمة الإيجار ومكرمة غلاء المعيشة والمساعدات التي لا تسمن ولا تغني من جوع التي تمنحها وزارة التنمية الاجتماعية للأسر المعوزة. هل تعلمون أن أكثر من 15 ألف أسرة بحرينية تعيش تحت خط الفقر والحكومة ترقيهم وتطلق عليهم مصطلح «الأسر محدودة الدخل» حتى ترفع من معنوياتهم من جهة، ومنعاً للإحراج أمام العالم بشكل عام والدول الخليجية بشكل خاص من جهة أخرى.
ويستمر مشوار الذل في محاولتك الحصول على وظيفة بعد التخرج سواء كنت من حملة الثانوية العامة أو الشهادة الجامعية. ففي الوقت الذي تصرح فيه وزارة العمل بوجود آلاف الشواغر (خلوا بالكم آلاف وليس مئات) نجد أن عدد العاطلين عن العمل يتجاوز العشرة آلاف بحريني، يضاف إليهم سنوياً ما يقارب السبعة آلاف من خريجي التعليم الأساسي والعالي. وفي الوقت نفسه نجد إن عدد الأجانب في ازدياد، حيث وصلت نسبة العمالة الأجنبية بالقطاع الخاص ما يقارب 80% بعدما كانت في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن الماضي ما يقارب الـ 70%، وهذا يعني أن الأجانب والمجنّسين سياسياً هم من يحصلون على الوظائف، والمواطن البحريني عليه أن يشرب من ماء البحر. ألم أقل لكم من قبل «خيرنه لغيرنه ما صدقتوني»، وإذا رفض البحريني الوظيفة بسبب ضعف الراتب أو التحقير الذي يمارسه عليه المسئول الأجنبي، يُتهم بأقسى الاتهامات ومنها عدم الرغبة في العمل والكسل وعدم المسئولية. ألم يسأل المسئولون في وزارتي التربية والتعليم والعمل أنفسهم قط بأن سبب معاناة البحريني في سوق العمل هي سياساتهم الارتجالية والمتخبطة، وفشلها المزمن في المواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل!
ورحلة شقاء المواطن البحريني ذي الدخل المحدود لا تنتهي حتى يوضع في قبره، عندها سوف يشعر بالراحة لأن الله سبحانه وتعالى وضع حداً لشقائه حيث كان ينتظر بأمل الأيام الجميلة التي لم يعشها.
يا من يعنيه الأمر -إن كان يعنيه حقاً- المواطن البحريني لم ولن يكون «طوفة هبيطة»، وأقولها ناصحاً: لا تستغلوا صبر البحريني وطيبته من خلال تخديره بالوعود الجوفاء المعسولة بالعيش الكريم، ولا تتلاعبوا بمشاعره الوطنية من خلال اللعب على وتر الطائفية البغيضة ولا تختبروا إرادته من خلال قمعه. حذار من صمت المواطنين الشرفاء الطيبين المتعففين لأنهم إن خرجوا مجتمعين للمطالبة بحقوقهم كما حصل في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات فلن توقفهم أية قوة على الأرض، وما جرى في مصر وتونس وليبيا واليمن وسورية خير دليل، فإرادة الشعب إن أراد الحياة فلا بد أن يستجيب لها القدر. وأملنا أن يصحوا الجميع ويقدروا هذا الشعب البحريني الأبي حقّ قدره قبل خراب البصرة... فمن يرفع الشراع؟
إقرأ أيضا لـ "عيسى سيار"العدد 3888 - الإثنين 29 أبريل 2013م الموافق 18 جمادى الآخرة 1434هـ
شكرا لايادي البيضاء
شكرا لك يابن وطني الاصيل وشكر لقلمك الحر
يا ابن سيار
انت بحريبي.اصيل لك ألف تحية
كلامك هو الدليل
أكبر دليل علي كلامك بخصوص أهل البحرين هو أنت شخصيا لكونك شريف واصيل ودائما ما تضع النقاط على الحروف شكرا ياسيار على هذا المقال الرائع
حلوة الأسر محدودة الدخل يا بوعبدالله!!
آنه ما أستطيع العمل من حوالي 30 سنة، و ما عندي تقاعد، و كل مدخولي هو مساعدة التنمية الإجتماعية و علاوة الغلاء. يعني دخلي الشهري ما يتعدى 200 دينار فقط، و بيتي خراب و دمار وانه من أوائل المسجلين في الآيلة، و ما عندي أمل البلديات تهدم بيتي و تبنيه عقب ما ألغوا مكرمة الآيلة كعقاب جماعي بدون ذنب، و فاتورة الكهربه فيها متأخرات حوالي 600 دينار ما أقدر أدفعها بها المدخول الضعيف، و يدي على قلبي من خوفي على أمي و اعيالي إذا اقطعو علينه الكهربة. هل هاذي اهو العيش الكريم للمواطن اللي يدّعيه كبارمسئولينه ؟
صدقت يا بن سيار
لقد شخصت المرض في البحرين لذلك خرج أبناء البحرين في الرابع عشر من فبراير 2011 يطالبون بالحرية والكرامة والمساواة في الحقوق والواجبات ليس أكثر. لذلك على أصحاب القرار في البحرين الغالية أن يبعدوا المتمصلحين من الوضع غير السوي الحالي وأن ينفذوا برنامج إصلاحي حقيقي يكرس مباديء العدالة والمساواة بين المواطنين في ظل مجتمع ديمقراطي.
جزاك الله خير يا بن سيار على وطنيتك العالية
أنت حقا رجل مخلص تحترم كلمتك
أسجل تقديري أحترامي لكل من يحترم نفسه ويكتب بحرقة قلب عن هذا الشعب المطهد الذي يستحق كل تقديرا ..
رجال الوطن
صح الله لسانك وسلمت اناملك وكثر الله من امثالك ورحم الله والديك وجعل الله سعيكم لرفعت الوطن والمواطنين في ميزان حسناتكم شكراًلكم ياشرفاء الوطن يداً بيد نبني الوطن
ابكيتنى
لقد ابكيتنى ايها الشريف حقا نحنو اغراب فى بلدنا اصدق كل مااطلع من البيت اتلفت يمين ويسار احس ان بجون الشغب ويعتقلونى لان انه من الفئه المغضوب عليها لا امان في بلد الامان الامان فقط الا الاجانب الله اصبرك ياشعبى
التميز لكل الشعوب مهما كانت
و الشعب البحريني يتميز خارج بلادة
فيقول وزير التربية ان المعلم البحريني يرفض التدريب و الواجب ان يقول المعلم البحريني يرفض الظلم الواقع عليه و العلم من وزارة التربية
سيار -مريم -سيادي
انتم شددتم عن الخط المرسوم من انجبتكم حرة ابية هنيئا للبحرين بكم ما كنت اظن سأى مثلكم فانتم خرتم عن الخط المألوف السنتكم حرة اقلامكم جريئة اكيد شربتم من عذب كربلاء الحسين-ع- تسلمون للبحرين كلها
يريدون تحطيم كل جميل في هذا الشعب
هناك مخطط لضرب كل جميل في هذا الشعب وكل ما يتميز به من صفات انسانية
وحضارية راقية.
انها جريمة كبرى تحاك ضد اصالة البلد وشعبه الا ترى انهم يعمدون الى كل
تراث جميل يحاولون القضاء عليه
وهل ستحقق ذلك؟؟
حذار من صمت المواطنين الشرفاء الطيبين المتعففين لأنهم إن خرجوا مجتمعين للمطالبة بحقوقهم كما حصل في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات فلن توقفهم أية قوة على الأرض.
يشقى بنوها والنعيم لغيرهم،،،،
لا لا لا هذه شهادة غير مقبولة احنا نقول ارهابيين وانت تقول من اطيب الشعوب
لا لا لا ايها الكاتب مع احترامنا لك نحن نختلف معك في الرأي احنا نقول الشعب
البحريني يمتيز بالارهاب والطيبة التي تتحدث عنها سوف نجعل العالم يتحدث
عن امر مختلف تماما.
لا بد ان نجعل شعب العالم يقول ان شعب البحرين ارهابي ومخرب ومجرم
اي ليش يطالبون بحقوقهم؟
لا يا اخي انت غلطان احنا شعب البحرين ارهابيين وصفويّن ومجوس وعملاء
الصفات المذكورة اعلاه واكثر منها نحن صناع سلاح سفاحين محبين لسفك الدماء
نحن شعب متأصل في الاجرام ارهابي صانع للقنابل والمتفجرات نريد تفجير العالم كله.
نعم بل واكثر من ذلك من الصفات التي تبثها صحفهم الصفراء. فليعذرني الكاتب لم أتجنى على احد بل هذه الصفات توزع علينا يوميا وفي كل مكان نسمعها احيان
ونحسّ بها احيانا اخرى وما يحصل لنا من اقصاء دليل على ذلك الشعور المقيت
تجاهنا فهناك اماكن في وطننا محرم علينا دخولها
مشكور على هالمقالات الرائعة
صح لسانك ياولد البحرين
في الصميم لا والي يشتغل وحامل شهادة عليا مهمش في العمل لأنه من الطائفة المغضوب عليها
خاص وسري - مشخص
أهل البحرين أهل حضارة عاصرت وإنعصر ولم يذب الذوق والأخلاق الحسنه والطيبه، ووصف أحد شعراء البحرين بقوله يا مشخص هل البحرين لأي بحريني يتصف الأخلاق الحسنة ليس بجديد. فالاحساس والشعور فيها مشاكر قد تكون جياشه وهذا ليس من البدع ولا من المحدثات للخطايا. فكما معبد باربار وقلعة البحرين كما في مسجد الخميس تاريخ لا يقل ولا يزيد على ما قيل بل يؤكد حيقيقة هذا الشعب الفريد من نوعه. لكن الغريب في لما تكالب على هذا الشعب الهاديء والطيب كل صنوف الاطهاد رغم صبره؟
شكرا
تستحق الشكر على هذه المقالة الرائعة..
الله يخليك مقال حلو
عندما يكتب البحريني الغيور على وطنه نحس بارتياح كبير
وهو يحس بنا ونحس به شعور كبير
بارك الله فيك ولكنك تنفخ في جربة مبطوطه
الواقع الذي تتكلم عنه يعرفه تماما كل فرد على هذه الأرض الطيبة وفي مقدمتهم المسؤولون في الدولة وبدل أن يقدّموا العلاج يمعنون في الأذى لشعورهم بأنهم الأقوى غير ملتفتين بأن الأيام دائما تحمل معها مفاجئات .. رحم الله آباءنا عندما كنا في الصغر كانوا يحذّروننا دائما (بأن لا تحبس القط في غرفة وتضربه معتقدا بأنك الأقوى وهو الأضعف لأنه في حينها سيستميت في الدفاع عن نفسه فليس لديه ما يخسره) .
فديتك يابن سيار
صح الله السانك ياشريف الله يكثر من امثالك
ما اروعك
كلمة شكرا قليله في حقك ولو يترجم المقال الى الانجليزيه ستكون الرساله اقوى .. ما اروعك
تسلم
تسلم والله كلام روعه
عموما
بإختلاطى و عيشى فى دول متعددة وجدت فرقا رئيسيا بين تفكير الأفراد بالدول المتأخرة و المتقدمة. الأولى لا تعرف التقدير أصلا و تعيش على الماضى. الثانية تقدر كل شيء و كلمة الشكر على لسانه افراده هنا عندنا نقدرالشخص عندما يتوفى. إحضروا أى مجلس يعقد بعد وفاة شخص أو فاتحته. تجد القارئ و الكل يمدحونه و يصفونه بصفات و كأنه من القديسين. نفس الشخص و عند حياته لم يهتم أحد به. هل أجبت على سؤالك: متى ستعرفون قيمة الشعب البحرينى؟