قبل أيام، ذَكَرَت صحيفة بريطانية خبراً لافتاً. الصحيفة (وهي جويش كرونيكل) قالت بأن «لحظة توجيه ضربة إسرائيلية لسورية وإيران قريبة». وأضافت الصحيفة المذكورة بأن «مسئولي أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية اعتبروا أن اللحظة التي تملي على بلادهم القيام بعمل عسكري في سورية وإيران تقترب بسرعة».
الأكثر مباشرة في الخبر، هو ما نقلته عن مسئول إسرائيلي قال بأن سورية «تتحوّل بسرعة إلى ثقب أسود يمكن أن يمتصنا ويبقينا منشغلين لسنوات طويلة مقبلة». ثم حديث الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الجنرال عاموس يادلين عندما توقع بأن «إسرائيل تتجه إلى مسار تصادمي مع إيران بنهاية العام الحالي».
هنا، سنضع النقل جانباً لنشتغل بتفكيك الخبر عبر ثلاثة من الاستفهامات الحقيقية. وقبل الحديث عن تلك الاستفهامات، فإن الحديث عن ضربة عسكرية، أو عن أيّ شيء له حالة عسكرية حربية، يقتضي منا النظر إلى الجغرافيا، التي ستقع فيها تلك الحرب، كونها الفضاء الفعلي الذي ستجري عليه تلك الأحداث. فالمسألة ليست جولة مفاوضات، بقدر ما هي ميدان أرضي له ظروفه وأوضاعه.
والحقيقة، أن الجانب الأكثر إثارة في الخبر، هو الحديث عن ضربة عسكرية إسرائيلية لإيران وليست سورية. فدمشق، قد انشغل بأوضاعها العالَم منذ عامين وبضعة أشهر، فتُرى أخبارها على الصفحات الأوَلى من الصحف، ومتصدرة نشرات الأخبار، وتقارير المراسلين وغيرها. أما إيران، فهي بالأساس، دولة ليس بها أكثر من مماحكات سياسية مع أطراف دولية محددة. لذا، فإنني سأفرِد الحديث بالأساس، على الجبهة الإيرانية وليس السورية.
قبل عام وثلاثة أشهر، تحدثتُ عن إمكانية ضربة عسكرية أميركية لإيران، ولكنها مشروطة. شروطٌ حاولتُ تجميعها من خلال السياسة والعلاقات الدولية، وتقوم على تسوية واشنطن للعديد من الملفات مع الروس والفرنسيين ودول في الاتحاد الأوروبي ومع الباكستانيين والصينيين والعراقيين وبعض الدول العربية في الشمال الأفريقي أيضاً.
اليوم، يمكننا أن نتحدث عن المشهد من الناحية العسكرية. أستحضر ما قاله الكولونيل سام جاردنر بل أربعة أعوام في هذا المجال، وهو جنرال متقاعد في سلاح الجو الأميركي، تحدث عن تباين في الرؤى ما بين الإدارتيْن الأميركية والإسرائيلية بشأن إيران.
جاردنر كان يقول بأن «المنشآت النووية الإيرانية نائية ومتعددة ومُحصَّنة بدرجة لا يمكن لإسرائيل التعامل معها بمفردها. ورأى أن الولايات المتحدة تعتقد بوجود ألف نقطة مستهدفة في حين أن ضربة جوية إسرائيلية لن تكون سوى ضد مئة نقطة فقط حسب قدرة الطيران الحربي الاسرائيلي، وهو ما يعني أنها ستكون ضربات غير مُدمرة. هذا الاستفهام الذي كفانا به جاردنر، مدعاة للتأمل كونه صادراً من خبير عسكري.
الاستفهام الثاني، الذي يُمكننا أن نُورِده كإشكال هو كيفية الوصول إلى تلك النقاط العسكرية المراد ضربها، بمعنى: أين هو المجال الجوي الذي يُمكن أن تستخدمه «إسرائيل» لتنفيذ تلك الضربة؟ هل هو من الشمال حيث لبنان؟ أم من الشمال الشرقي حيث سورية؟ أم من الشرق حيث الأردن؟ أم من الجنوب الغربي حيث مصر؟ هذه مجالات أوَّليَّة؟
إن تحدثنا عن مرورها بلبنان، فإن دوراً أكيداً سيكون لحزب الله في هذه الحرب، خصوصاً أن الاستغراق الزمني للضربة كافٍ لكي يضع حلفاء إيران في لبنان الإصبع على الزناد. وإن تحدثنا عن سورية، فإن إيران حاضرة اليوم على الأراضي السورية أكثر من أيِّ وقتٍ مضى، وبالتالي قد تتحوَّل الجولان إلى منصة للإيرانيين بعد أن كانت هامدةً منذ العام 1974، وهو ما يسبق الحديث عن مجالات جوية تالية في تركيا وثلاث من دول آسيا الوسطى الأخرى.
وإن تحدثنا عن الأردن، فهذا البلد، الذي لم يفعل ما فعله الأتراك عبر حدودهم مع سورية، لإدراكه رخاوته الاقتصادية والأمنية، لن يتورَّط فيما هو أكبر من ذلك، حيث المسألة الإيرانية. كما أننا نتحدث عن الأردن دون أن نضيف له بقية المسار الذي يجب على الطائرات الإسرائيلية أن تسلكه في منطقة الخليج العربي وسواحله الممتدة.
أما مصر، فهي في الاحتمال الأبعد. فالقاهرة اليوم عاكفة على ترتيب علاقاتها مع طهران بهدوء وعينها على ما بعد إيران، حيث الهند والصين، وفي الأمام حيث العراق وسورية، وشمالاً حيث منطقة قزوين، والدول المتشاطئة فيه. وهو ما يعني أن المصريين لا يُمكن أن يُجازفوا بهكذا وضع في سبيل ضربة عسكرية ليس لهم فيها ناقة ولا جمل.
ثم نتساءل أيضاً: أين ستُوضَع المطارات والقواعد العسكرية الثابتة والمتحركة، القادرة على تزويد الطائرات الإسرائيلية بالوقود؟ وأين سنُصب الرادارات لتحديد الأهداف كمنصات الصواريخ والمنشآت العسكرية؟ وأين سترسو البوارج الحربية؟ هل في الخليج العربي حيث مضيق هرمز، الذي ما فَتِئ الإيرانيون وهم يُلوِّحون بإغلاقه وإقلاقِه؟
ثم الاستفهام الأخير والأكبر الذي يعنينا نحن سكَّان هذه المنطقة: فإذا كانت «إسرائيل» قد فكَّرت بأمنها القومي ومستقبلها، فهل فكَّر أحدٌ في مستقبل وأمن منطقة الخليج العربي، الذي يُعتبر الضفة الغربية لإيران، والذي قد تكون مساحات واسعة منه عُرضَة لضربات إيرانية بحجة استهداف القواعد العسكرية الأميركية؟
إن هذه المنطقة هي جزء مهم من هذا العالَم. ونكاد نجزم، أن خيرها قد عمَّ الكثير من البلدان، وبالتحديد في مجالات النفط والغاز، ومن العيب أخلاقياً أن يتم حشرها في هكذا وضع أمني خطير يهدد مستقبلها ومستقبل أهلها، وبالتالي فإن الواجب هو إبعادها عن طبول الحرب وخبب الخيول، وجعلها منطقة سلام ما دامت هي مقصد العالَم.
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 3887 - الأحد 28 أبريل 2013م الموافق 17 جمادى الآخرة 1434هـ
شوفتك ايراني!!
يااخي خاطري يوم تكتب عن البحرين !دائما مواضيعك عن ايران ليكون ايراني واحنا انحسبك بحريني ؟نورنا الله يخليك اقول من راقب الناس مات هما /موذابحتنكم الاايران مرة رجلكم!!!!
العقل والجهل
الحمد لله الذي حبانا بالعقل ووقانا شر الجهل
الحرب منيتهم فيها
ستهزم الروم . هذه الأرض حباها الله بشعب لا يمل من الحرب وقادة معهم أناس كزبر الحديد . سيموت الافرنجة على أبواب بلاد فارس
تنبأ
الأساطير الإسرائيلية تتنبأ بإنتهاء اسرائيل بعد حكم اليهود فيها لفترة 70 عاما. يعنى عام 2018 . كل الحركات الإسرائيلية فى المنطقة تتمجور فى تأخير أو إلغاء ازالتها. لكن هيهات. اسرائيل قوة استعمارية زائلة حالها حال كل القوى الإستعمارية التى أحتلت مركز العالم الحضارى (الشرق الأوسط) طال الزمان أوقصر. لربما هناك من لا يصدق هذا التصريح. لكن لو كان فى عصر أية قوة إستعمارية و كان يسمع بإنتهاء و ازالة الإستعمار، هل كان يصدق ذلك؟ ليحتذر من يربط مصالحه بإسرائيل.
hi
لا تخوفونا بالحرب يا أستاذ محمد . الله يبعد الحرب عن العالم كله
تحليلك منطقي
تضارييس صعبه جدا
ايضا ايران لهاتضاريس صعبه من جبال زاجروس وجبال اخرى لا يمكن بسهوله اختراقها والله يبعدها ويبعد منطقتنا عن طبول وخبب الخيول.....