قال عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة إن البحرين لا تعادي أحداً ولا تتحدى ولا تتدخل في شأن الناس، والمجتمع البحريني مجتمع طيب، مجتمع خير ولاشك في ذلك، ولابد من بعض النواقص، ولا بد من بعض المشاكل، لكن هذه كلها في طريقها إلى الحل، يبقى هذا على أهل البحرين اذا اجتمعوا وقرروا أن يسيروا في هذا الطريق، فالأمور ستسلك بلاشك مسلكاً طيباً، ونحن نشجعه ولا نقف في وجهه.
جاء ذلك لدى استقبال جلالة عاهل البلاد في قصر الصخير أمس الأحد (28 أبريل/ نيسان 2013) رئيس المجلس الأعلى للشئون الاسلامية سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة الذي قدم إلى جلالته وزراء الشئون الإسلامية والأوقاف المشاركين في المؤتمر العالمي الثاني لتعليم القرآن الكريم الذي يقام تحت شعار: «المنهج النبوي في تعليم القرآن الكريم» والذي ينظمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالتعاون مع وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف والهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم التابعة لرابطة العالم الإسلامي.
وقد ألقى جلالة الملك كلمةً قال فيها: «نشكركم على حضوركم، وإن قوتنا وأساس وحدتنا وأساس تجمعنا على الخير وجودكم الذي هو تشجيع للكلمة الطيبة والموعظة الحسنة، ونحن متأكدون أن هذه هي المدرسة الصحيحة في دين الاسلام الكريم، مع بداية الرسالة، وإلى يومنا هذا، وبلدكم البحرين كونها جزراً كانت عبر التاريخ معبراً لجميع الحضارات، لكن أهلها مسلمون وعلى ما عبروا ، عبروا بجميع ما لديهم من تجارة وعلوم ومبادئ وعادات، لكن أهل البحرين استقبلوهم وتعايشوا معهم ولكنهم ظلوا على دينهم ومحافظين عليه».
وأضاف أن «البحرين كما تعلمون لما وصلت رسالة الرسول (ص) دخلت في دين الاسلام من دون قتال أو جدال عن اقتناع وقناعة بأن هذه الرسالة الكريمة التي تؤدي الى الخير وهكذا استمررنا وحمينا مجتمعنا وجاءت فئات كثيرة تدعو إلى غير ذلك، لكن الجواب كان واحداً نحن نسمع ما يقولون ولكن نحن على ما عليه».
وقال جلالته «أهلاً وسهلاً بكم في بلدكم وبين إخوة لكم يضمرون لكم كل خير وكل تعاون، وأنا أعتقد أن هذا الأسلوب ودعوة خادم الحرمين الشريفين إلى الحوار وإلى إنشاء المركز المهم للأديان، ونحن كذلك في البحرين انطلقنا ودعونا الى هذا التجمع وحضر الكثير من مختلف الثقافات والأديان واجتمعت كلها، وكان هدفها خدمة الانسان، وأن يعيش حياة كريمة آمنة مستقرة يهنأ بعيشه ويعيش أبناؤه من بعده».
وذكر جلالته «هذه الرسالة هي بلا شك هي مسئوليتنا الأولى كمسئولين، ونحن كمسئولين منكم ولسنا من الخارج ولسنا بالقوة القادمة من وراء البحار، نحن مسئولون من نفس مجتمعنا، وكل ما تعلمناه من مجالسنا أو عند أهلنا، نحن لا نبحث في الأمور السيئة، كنا نركز في بحوثنا على الأمور الطيبة، فالأبناء الصغار والشباب ما سمعوا من أهلهم، وهذا يمكن هو السر، الكلام الشديد، الكلام الضد، الكلام المعادي».
وقال جلالته «إن البحرين لا تعادي أحداً ولا تتحدى ولا تتدخل في شأن الناس أرادوا حياة ما، لكنها تسعى مع الأشقاء والأصدقاء الى الخير، هذا ما أكرره لأنه أصعب من الانزلاق في طريق التطرف لاسمح الله والعنف والمشادات والعداوات التي طبعاً تستمر جيلاً بعد جيل، فنحن نرحب بكم ترحيباً كبيراً ونشكركم على جهودكم، وان اساس حياتنا القرآن الكريم والرسالة المحمدية، ونحن على الفطرة ولسنا على غير ذلك، سمعنا هذا وأطعنا ومشينا وحفظنا هذا الأمر».
وأضاف جلالته «ولله الحمد، المجتمع البحريني مجتمع طيب، مجتمع خير ولاشك في ذلك، لابد من بعض النواقص، ولا بد من بعض المشاكل، ولكن هذه كلها في طريقها إلى الحل، يبقى هذا على أهل البحرين اذا اجتمعوا وقرروا أن يسيروا في هذا الطريق، فالأمور ستسلك بلاشك مسلكاً طيباً، ونحن نشجعه ولا نقف في وجهه».
وقال: «نحن نسمع كلام أهلنا أهل البحرين، ونسمع كل كلمة يقولونها. البحرين صغيرة في الواقع ونحن على صلة، وإننا نسمع أي شخص يبدي رأيًا أو نصيحة تكون للخير، وقيل إن هناك من يتحدث بغير ذلك، حاولنا أن نسمعه الكلمة الطيبة كنصيحة لا أكثر ولا أقل، فهذا التوجه الذي مشينا عليه أباً عن جد، واستقرت البحرين وكانت مركزاً مهمّاً للتعليم والتطوير وأثنى على البحرين القاصي والداني بأن إمكانياتها هي في شعبها في العلوم وفي الاطلاع، واليوم نستفيد منكم ومن الكثير من علومكم، وإن التقدم الهائل الذي حدث في الجزيرة العربية والعالم العربي أوجد المراكز والبحوث والأساتذة، هذا كله نعتبره قوة لنا في البحرين، والناس بطبيعتهم وعلمهم يميزون بين الصح والخطأ».
وأضاف جلالته «نحن في الحقيقة حفظنا القرآن والاسلام، وكان هذا أساساً تعلمناه وتربينا عليه، وكل المناسبات الدينية منذ أن خلقنا الله الى اليوم، نشارك فيها ونشعر بها، ولدينا اجازات لها، والأمور تسير بشكل طيب، ولم نقم فجأة بتغيير نمط الحياة، وهذا الذي نفتخر به في بلدكم البحرين وتفتخر به كل الدول العربية والإسلامية».
وقال جلالة الملك: «اليوم في موضوع العلمانية ليست هناك دولة علمانية في أوروبا، فملكة بريطانيا هي رئيسة الكنيسة، وفرنسا دولة مبنية على الدين الكاثوليكي وكذلك اسبانيا وايطاليا والفاتيكان، أنا لا أعرف من أين جاء مصطلح الدولة العلمانية، ففي المفهوم الخاطئ دولة مبنية على العلم، والاسلام يؤيد العلم ويتفق معه، لكن ما ان تقول هذه دولة علمانية كأنك تقصد استغفر الله لا دين لها وهذا لا يجوز، فإن فصل الدين عن السياسة مفهوم خاطئ، فليس هناك انسان يفصل دينه عن سياسته، هم في الغرب لم يفصلوا الدين عن السياسة، قالوا الحد من سيطرة الكنيسة على حياة الناس المدنية، لم يقولوا لرؤسائهم لا تصلّوا في الكنائس او اي مسئول يؤمن أو لا يجب ان يؤمن».
وقال جلالته: «نحن اليوم لا نطلب إلا شيئاً واحداً، وإن المنابر غير المتكاملة هي التي يجب أن نبعدها عن السياسة، أما المنابر التي تدعو الى الخير والعمل المشترك والتطور، هذه بلا شك نؤيدها فليس هناك فصل، كيف نمنع انساناً مؤمناً برب العالمين عن العمل في السياسة، بالعكس، فالرجل المؤمن في السياسة يكون أوسع أفقاً، أوسع صدراً، أطيب خلقاً، قرارته تكون صائبة ودائمة ومنصفة، أما الانسان الذي ليس لديه ذمة كيف يؤتمن على المال والحلال والبشر».
وذكر جلالته «الحمدلله على كل حال نحن ندعو لكم بالخير والتوفيق ونعتبركم في الحقيقة اساتذة لتكملوا لنا الذي نعرفه وتعطونا مجالاً أكبر وكلنا ولله الحمد دعاة لهذا الدين وليس لدينا اختصاص فيه وكل مسلم مسئول، ولدينا درجات من العلم، بحيث ان الذي يصل الى المنبر يتكلم مع المئات، يتكلم دون تحريض أو فتن أو أمور تسيء إلى وحدة الناس، اليوم يجب أن نتجه الى الاعتدال ونحن في البحرين عمل الناس هو الذي أوصانا به رب العالمين، تكامل، تعاون، تواصل، مشاركة، وتوسط في الخير و»فزعة»، ونحن لنا قيم ولله الحمد لم تتأثر مهما زادت وسائل التواصل والاتصال المريبة، وغالبيتنا تتجه الى التواصل الطيب، وتركنا الناس يحكمون بأنفسهم على الصحيح والخاطئ».
وبين جلالته «الحمدلله أهلنا في البحرين كانت لهم مواقف مشرفة مع أمتهم العربية والاسلامية ومشهود لها بالتفاعل في الجوانب الطيبة والصحيحة ولا ترضى بالظلم؛ لأنه مجتمع متماسك ويخاف على نفسه، والكل يعرف الآخر والجار ويحرص على ألا يخطئ ولاجاره يخطئ عليه».
وأضاف جلالته أن «هناك ناساً تأتي من بقاع بعيدة ولاتهتم ومروا مرور الكرام أو مرور الشياطين، وهم الخطرون الذين يجب على الشخص أن يتحذر منهم على ما يبثونه، ونحن ولله الحمد مجتمعنا في الخليج والعالم العربي أساساً مجتمع طيب وقنوع ويرفع يده الى رب العالمين وقت المحن، ويطلب الفرج ولا يلجأ إلى الآخرين ويضايقهم بمشاكله ويعتمد على الله سبحانه وتعالى».
وكان الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس مجلس إدارة الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم عبدالله بن عبدالمحسن التركي ألقى في مستهل اللقاء كلمة قال فيها: «هؤلاء الذين يتشرفون بالسلام على جلالتكم يشكرونكم ويقدرون هذه الجهود ونحن معهم في الرابطة حريصون كل الحرص على التعاون مع البحرين ومع جلالتكم ومع المجلس الأعلى للشئون الاسلامية ووزارة العدل والشئون الاسلامية والأوقاف؛ لأننا نعرف حرصكم على وحدة كلمة المسلمين والتعاون فيما بينهم، والبحرين لها تاريخ اسلامي عريق من الناحية الاسلامية والعربية والتعاون الكبير بين الدول الخليجية والعربية. لاشك ان الجمعيات الاسلامية والمراكز وان كانت جهودها جهوداً شعبية لكن لابد أن يتكامل الجهد الشعبي مع الجهد الرسمي لهدف واحد وكما هي توجيهات خادم الحرمين الشريفين لنا في المناسبات العديدة تقول هذه المؤسسات أو العلماء أو الجهود الشعبية لها تأثير كبير في حياة الناس وهو جهد ينبغي تحمل مسؤليته».
وأضاف «نحن على استعداد للتعاون مع البحرين لإبعادها عن أي نزاع أو خلاف أو تدخلات أجنبية او طائفية نحن في بلدنا سنة وشيعة وعدة طوائف، عاشت تاريخاً طويلاً متعاونين متكاملين من مئات السنين وفق أنظمة الدول والقوانين ورعاية المصلحة العامة، نعرف أن أصول الدين أصول واحدة حتى وان اختلف بعض الناس في بعض الجزئيات فأساس الدين الإسلامي واحد والأمة الاسلامية واحدة، لذلك أي دعوة أو تصرف تريد أن تحدث فرقة داخل المجتمع ينبغي أن نواجهها مواجهة حادة حتى نبين رسالة الاسلام المبنية على الوسط والاعتدال ضد الارهاب والتطرف، وتحرص كل الحرص على الحوار سواء كانوا مسلمين او غير مسلمين وان مبادرة خادم الحرمين للحوار تهدف إلى إظهار حقيقة الاسلام وان الدين منفتح على العالم».
بعد ذلك ألقى رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة كلمةً قال فيها: «إن مشاركتنا في هذا المحفل الكبير بفضل دعم جلالتكم واستضافة البحرين لهذا المؤتمر الذي نرجو من الله أن يوفق الجميع وأن يجمع كلمتهم على الخير والبركة لما فيه خير المسلمين وتقدمهم».
العدد 3887 - الأحد 28 أبريل 2013م الموافق 17 جمادى الآخرة 1434هـ