حين قرأت مؤخراً خبر حصول أول باحث بحريني، وهو جميل حسن حسين، على جائزة خليفة التربوية في دورتها السادسة للعامين 2012/ 2013 بدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة لم أتفاجأ مطلقاً؛ لأنني أعرف نشاطه البحثي منذ عشر سنوات عندما كان يحضّر للدراسات العليا في القاهرة، متنقلاً بين المكتبات وهو يقتني آخر الإصدارات من المجلات العلمية المحكّمة في العلوم التربوية والنفسية، لينشر فيها إلى حد الآن 13 بحثاً ودراسة.
لنكن صريحين، هناك الكثيرون من حملة الشهادات العليا (ماجستير ودكتوراه) ولا نكاد نعثر لهم على أي مشروع أو إسهام أو إنتاج علمي أو فكري أو أدبي أو ما شابه ذلك، فهل من المعقول أن يُطلق لقب «الباحث» على مثل هؤلاء؟ ما يميّز الباحث والتربوي جميل حسن الحاصل على دكتوراه الفلسفة في التربية من جامعة القاهرة العام 2010 أنه صاحب رؤية ومبادرات ذاتية ومشروعات نوعية في مجال تخصصه، فهو معلم أول في مادة الرياضيات، وحاز الجائزة المذكورة بمشروعه المعنون بـ «تنمية مهارات التفكير في الرياضيات بالمرحلة الابتدائية في مملكة البحرين».
انطلق مشروع الباحث جميل بتكليف من مركز رعاية الطلبة الموهوبين التابع لوزارة التربية والتعليم لتدريس الطلبة الموهوبين بالمركز، فلم يجد الباحث حينها برنامجاً خاصاً بهم، لذلك بادر بتصميم برنامج يقوم على مدخل التفكير أو العمليات في تنمية العادات الفكرية لدى التلاميذ، وليس على المدخل التلقيني أو البنكي القائم على المحتوى الدراسي، وماذا أدرّس؟ الفئة المستهدفة من مشروع الباحث هم: معلمو ومعلمات المرحلة الابتدائية، وتلاميذ وتلميذات المرحلة الابتدائية، ومديرو ومديرات المرحلة الابتدائية، والمشرفون التربويون والمشرفات التربويات بالمرحلة الابتدائية.
صاغ الباحث أهداف المشروع على النحو التالي: تزويد المعلمين والمعلمات بخلفية نظرية عن التفكير ومهاراته وأنواعه وطرق تنميته، وتدريب المعلمين والمعلمات على طرق تنمية مهارات التفكير، وتوفير بعض البرامج لتنمية مهارات التفكير، وتدريب المعلمين والمعلمات على طرق إعداد أنشطة في كيفية تنمية مهارات التفكير، ومعالجة بعض النواقص التي تشوب المناهج الحالية التي تفتقد لخطة مبرمجة لتنمية مهارات التفكير، وتنمية مهارات التفكير للطلبة بصورة عامة بغض النظر عن مستواهم الدراسي أو سنهم.
لم يضيِّق الباحث جميل - وهو القائد الميداني اللصيق اليومي بالمتعلمين على اختلاف مستوياتهم وأنماط تفكيرهم - إطار مشروعه لتعمّ الفائدة على الطلبة الموهوبين فقط، وإنما ليتم تدريسه للصف الدراسي بالكامل بما هو موجود به من فروقات فردية، إيماناً منه بأن الجميع في حاجة لبرامج التفكير.
يؤمن الباحث بمبدأ «الشراكة من أجل الأداء»، لذا فقد قام بإعداد برنامج أسئلة في مادة الرياضيات لتنمية مهارات التفكير، مستعيناً في مرحلة التنفيذ بالمعلمين الذين يشرف عليهم هو شخصياً، وبالتالي فهو يساهم في رفع الكفاءة المهنية للمعلمين في مدرسته، لا كبعض الباحثين الذين يحتكرون أعمالهم وينسبون الإنجازات لأنفسهم!
يدرك الباحث جميل تماماً عدم جدوى التنظير في تطوير واقع التعليم، وخصوصاً أنه معلّم مادة مهمة كالرياضيات وفي مرحلة بالغة الأهمية ألا وهي المرحلة الابتدائية، لذا قام بإعداد مقطع فيديو تعليمي ليكون خارطة طريق في كيفية تنمية مهارات التفكير لمعلمي مادة الرياضيات في الصفوف الدراسية، وإجراء اختبار لقياس الأثر لما بعد تطبيق المشروع، وهل ثمة تغيّر طرأ على مستوى أداء الطلبة في مادة الرياضيات، تلك المادة التي يصفها الكثيرون من الطلبة بأنها «مادة جافة»، إذ يساورهم القلق وما يصاحبه من المظاهر الجسدية كالإرهاق والتعب، إلى جانب المظاهر النفسية كانخفاض تقدير الذات والدافعية نحو التعلّم، فقد لاحظ الباحث وجود تقدم واضح في المستوى التحصيلي للطلبة في مادة الرياضيات بعد تنفيذ المشروع.
وبالرجوع إلى جائزة خليفة التربوية فهي مهمة لعدة اعتبارات، منها نسبة المشاركة، حيث وصل عدد الترشيحات إلى 500 متسابق من داخل دولة الإمارات وخارجها موزعين على مجالات الجائزة المختلفة، إلى جانب أنها تحمل اسم رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، ومتابعة الفريق أول الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي والذي فاز لأول مرة بجائزة الشخصية التربوية الاعتبارية لهذا العام 2013، كما أن الأمين العام للجائزة هو نائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، ونائب الأمين العام وزير الثقافة والشباب وخدمة المجتمع الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان.
شعار الجائزة لهذا العام هو «لأنك تستحق التكريم... ميِّز نفسك»، ولقد تميّز الباحث البحريني جميل حسن من قرية الدير العامرة بأهلها الطيبين وشبابها المثقفين، هذا الإنسان جميل كما عرفته ولديه طاقة غير محدودة في مجال البحث العلمي والأكاديمي والتحليل الإحصائي، إنما يحتاج فقط إلى الاهتمام والرعاية من المسئولين في البحرين قبل الإمارات!
إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"العدد 3886 - السبت 27 أبريل 2013م الموافق 16 جمادى الآخرة 1434هـ
عجبي!!
عجبي!!
شهادة لله
نعم معلم متميز و لكن وزارتنا تبعد الكفاءات الوطنية و تستورد من هم دون البحريني
عجبي!!
اين انت من احداث مدرسة الجابريه! لطالما كتبت وتفننة عن حقوق الطالب والتعليم ايه الحقوقي الاكاديمي!!!
الله يكثر من امثاله
كنت سعيدا جدا وانا اقر هذا المقال الجميل ،وكيفية مبادة د. جميل في الوصول للمعلومة