العدد 3885 - الجمعة 26 أبريل 2013م الموافق 15 جمادى الآخرة 1434هـ

مسعود آل علي: ملامح السينما الخليجية القادمة بدأت تتضح

شهدت الدورة السادسة من مهرجان الخليج السينمائي التي أقيمت خلال الفترة من 11 إلى 17 أبريل/نيسان 2013، إقبالا كبيراً من قبل صانعي الأفلام والمهتمين بالسينما في الخليج، إذ تم عرض 169 فيلماً من 43 دولة منها 93 فيلماً من منطقة الخليج. وفي دلالة واضحة على مدى تصدّره قائمة خيارات المشاركة بين صنّاع الأفلام، شهد 78 فيلماً في عرض عالميّ أوّل، و15 فيلماً في عرض دوليّ أوّل، و42 فيلماً تُعرض للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط.

فضاءات «الوسط» حاورت مدير المهرجان مسعود أمرالله آل علي حول القفزة الملحوظة التي شهدها المهرجان في دورته الجديدة من حيث عدد المشاركات ومستواها، حول تراجع بعض الأسماء وظهور أسماء أخرى، حول فيلم «وجدة» وحول مدى نجاح المهرجان في تحقيق أهدافه.

الآن وقد أكمل مهرجان الخليج السينمائي عامه السادس، ما الذي تمكن من تحقيقه على مستوى السينما الخليجية؟

- من الصعب أن نجزم بما تحقق وما لم يتحقق بشكل قاطع، فنحن مراقبون تماماً كما الإعلاميون وصانعو الأفلام، والأمر يحتاج إلى نظرة واضحة وثاقبة لكن إذا كنا قادرين على جذب صناع الأفلام ليصنعوا أفلاماً للمهرجان فأعتقد اننا حققنا أمراً مهمّاً جداً وهو عملية الإنتاج. صحيح أننا لا ننتج أفلامنا بأنفسنا لكن المهرجان أصبح محفزاً أساسيّاً لصنع الفيلم. المهرجانات الأخرى في المنطقة لا تحفز صناعة الأفلام كما هو مهرجان الخليج، والدليل عدد الأفلام التي تشارك في عروضها العالمية الأولى في المهرجان، والذي وصل هذا العام الى 93 فيلماً، وهذه إشارة إلى أن حركة الإنتاج تحدث فعليا بسبب المهرجان وحين يتكرر الأمر نعرف أن دورة الانتاج في الخليج أصبحت مرتهنة بالمهرجان، وهي من شهر ديسمبر/ كانون الأول إلى مارس/ آذار وهو آخر موعد لتسليم الأفلام.

خلال الأعوام الستة من عمر المهرجان، ما تمكن من فعله هو تنظيم حركة الإنتاج وجعلها سنوية. كما أن المتابع للأفلام يجد أن هناك لغة سينمائية بدأت تتحقق. في مكان ما حركة الإنتاج في الخليج بدأت تأخذ شكل أكثر حرفية واكثر قرباً للسينما التي نفتش عنها.

كذلك هناك أسماء أصبح لها اسم وكيان على مستوى السينما، هناك أسماء جديدة ظهرت، ففي هذه السنة وجدنا أن الأفلام في قسم الطلبة أقوى من أي أفلام قدمت في الأعوام السابقة، وهو مؤشر إيجابي على أن هناك جيلاً جديداً قادماً يريد أن يصنع سينما مختلفة ولديه نَفَس سينمائي.

بالنسبة لي أعتبر مسابقة أفلام من الامارات مرحلة أولى تأتي بعدها مرحلة الدورات الخمس الأولى من مهرجان الخليج والآن بدءاً من هذه الدورة دخلنا المرحلة الثالثة. نريد أن ندفع باتجاه السينما المصنوعة بشكل صحيح سواء من خلال مبادرات سوق السيناريو او سوق الخليج الذي يضم 23 ورشة نقدمها للمرة الأولى. كذلك الدفع بالسينما الروائية الطويلة سواء من خلال مبادرة اي دبليو سي التي أطلقناها في مهرجان دبي، والآن من خلال التعاون مع مشروع وطني في انتاج أربعة أفلام روائية وهو دفع باتجاه المرحلة الثالثة حيث تتضح ملامح سينما قادمة في الخليج.

في ضوء هذه المنجزات، هل يمكننا الحديث عن نشوء صناعة سينما خليجية أم صناعة للسينما في الخليج؟

- ما يوجد في الخليج حركة سينمائية جادة بدأت تتضح ملامحها أكثر من كونها صناعة، ولا يمكننا الحديث اليوم عن الصناعة كمفردة، فالصناعة بعيدة الأمد ولا تتحقق في هذه السنوات البسيطة التي مرت على دول الخليج في الاهتمام بالسينما. الصناعة أمر مختلف تماماً ولها خصائص وعوامل تختلف تماماً عما نفعل، تحتاج إلى سن قوانين جديدة في رفع الضرائب عن الفنادق وعمل تسهيلات ويجب أن يكون لديك (بلاتو تصوير) وتقنيون وفننيون بحيث تصبح الصناعة مصدر دخل في اقتصاد الدولة. أعتقد أن هذا لن يكون سهلاً أو سريع التحقق في المستقبل القريب. الدولة الوحيدة التي توجد فيها صناعة سينمائية ولديها مقومات الصناعة هي مصر وهي أيضا تشهد اخفافات كثيرة.

ليس لدينا في الخليج سوى مخرجين، لكن لا يوجد مديرو تصوير وكتّاب سيناريو وكثير من المهن المرتبطة بصناعة السينما مثل الكومبارس وغيره. كذلك ليس لدينا كمّاً من الافلام يمكن أن تنافس في شباك التذاكر. مقومات الصناعة كبنية في مدينة مثل دبي موجودة، لدينا مدينة دبي للاستوديوهات، فيها استوديوهات صوت وصورة، وهناك فنادق وصالات لكن الجمهور غير متوافر.

لا يزال المهرجان يحتفي بأفلام ممولة خليجيّاً لكن صنعها مخرجون غير خليجيين. هل يعني استمرار قبول هذه الأفلام أن هناك قناعة لدى القائمين على المهرجان بعدم إمكانية إقامة مهرجان قوامه من الخليجيين فقط؟

- إذا إستوفى الفيلم شروط دخول المهرجان يتم قبوله، منذ الدورة الأولى فعلنا ذلك، نقبل في المسابقة أفلام المخرجين الخليجيين بغض النظر عن الموضوع، ونقبل الأفلام التي تناقش الموضوعات الخليجية حتى لو جاءت من مخرجين غير خليجيين. يأتي هذا الأمر من مبدأ كون دبي تضم جنسيات عديدة، وهناك من نشأ في هذا البلد ويعتبرون أنفسهم أبناء المنطقة ولهم الحق في أن يتحدثوا عن مكان يعرفونه تماماً وعاشوه، وهذا نوع من التماهي والتمازج مع الاشخاص الذين عاشوا بيننا. أسباب كثيرة تتشابك تشعرك في النهاية أن هذا الشخص عاش معك ويتكلم في قضاياك، صعب جدّاً أن تفصله. حين نقول إن مهرجان الخليج يفرز؛ فإننا نراهن على أن نخرج بمخرج أو مخرجين من كل دولة خليجية ليصبح لدينا 12 مخرجاً خليجيّاً، وهذا رقم جيد ليحمل راية السينما. هذا هو رهاننا أكثر منه على حمل الأفلام التي نشاهدها أسماء خليجية. الرهان ليس على الأسماء، ولا يهم أن تعرض ما ينتجه الخليج، أو أن تختار الأفلام السينمائية تماماً. لتعرف التطور الحاصل، عليك أن تشاهد الحركة السينمائية وسواها. يجب ان تشاهد كل شيء لتعرف اتجاه هذا الكم من الأفلام، إن كان نحو الفيلم الجيد أم غير الجيد. جزء من تفكيرنا في مهرجان الخليج أن نؤرخ لتطور الحركة فنختار أفلاماً قد لا تكون بالضرورة جيدة، فيها شيء جيد لكن ليست متكاملة العناصر.

هل هناك أسماء خليجية معينة برزت من خلال المهرجان ويمكن المراهنة عليها؟

- كمخرجين أعتقد هناك أسماء كثيرة، لكن في التخصصات الأخرى لا يوجد الكثير وهذا عائق لوجود صناعة. حتى الأسماء الموجودة تفكر أن تتجه إلى الإخراج، بسبب فهم خاطئ يتعلق بأنه إذا أصبحت مخرجاً فأنت تحصل على الاهتمام والأضواء وغير ذلك، وإن لم تكن كذلك لن يلتفت إليك أحد. هذا الفهم الخاطئ لآليات المهرجان هو عرف أثر على كل شيء، فحتى لو برز أحد في الصوت او التصوير فسرعان ما يتحول الى الإخراج، في حين أنه لا يمكن لأي فيلم أن يتم بدون مدير تصوير ومونتير، كما أن المخرج لا يمكنه أن يصنع سوى فيلم قصير واحد في عامين، أما مدير التصوير فيقدم خمسة إلى ستة أفلام في العام.

ألا يمكن للمهرجان أن يساهم في تصحيح هذا الفهم الخاطئ؟

- في العام الماضي خصصنا ليلة لأصحاب المهن الأخرى، لكن المهرجان لا يمكنه حل هذه المشكلة عبر دعوة كل طاقم الفيلم. وعموماً الأمر لا يتعلق بالمهرجان فقط، إذ ليس هناك اهتمام من قبل العاملين في الأفلام أو الصحافة بالمشتغلين بالتخصصات الأخرى. نحتاج لكل المهن والتخصصات وإلا لن تستقيم السينما. أحد التخصصات المهمة التي لا يتجه إليها الشباب مهنة المنتج الذي يشكل حلقة وصل بين المخرجين وصناع الأفلام من جهة والمستثمرين والتجار من جهة أخرى. هذا التخصص غائب، وأعتقد لو كان لدينا منتجون، فستكون لدينا أفلام أكثر.

الدعم الذي يقدمه المهرجان لفيلم «وجدة» السعودي ملحوظ وواضح، ما جعل البعض يستهجنون منح جوائز هذه الدورة للفيلم، واعتبروا أن ذلك جاء على حساب أفلام أخرى، ربما لم يكن «وجدة» أفضل منها سينمائيّاً. هل هذا الأمر صحيح، وهل يعود إلى تحمس المهرجان للمخرجة على اعتبار أنها امرأة خليجية وتأتي من السعودية، أم لموضوع الفيلم الذي يتعرض لقضايا محرمة؟

- ليس هناك أي سبب مما ذكرتِ. نحن نبحث عن فيلم خليجي جيد وهذا بيت الخليجيين، فكيف أحرمه من ان يتواجد في بيته وهو فيلم جيد. ليس هناك منطق. مهرجان الخليج أصبح البيت الأول والرئيسي للخليجيين، فهل من المعقول ألا يختار فيلم هيفاء. هذا عرف المهرجان، ومنذ بدايته نقول إن هناك بوابتين للخلجيين لعرض أفلامهم، بوابة دولية وبوابة خليجية. لماذا نعتبر ان المهرجانين واحد، الإدارة واحدة لكن المهرجانين مستقلان وكل له أهدافه ورؤاه. ثم لماذا يثار الأمر حول فيلم «وجدة» فقط، ماذا عن الأفلام الأخرى التي فازت في دبي وتفوز الآن. هذا الفيلم انطلق من مهرجان الخليج، منذ أول كتابته، ولذلك من الطبيعي أن يرجع الى بيته الأول، فلماذا نحرمه. ثم لماذا نطالب بصناعة أفلام جيدة ثم لا نشجعها وندعمها، هذه كلها تناقضات غير مفهومة. ثم إن لجان التحكيم في مهرجان دبي مختلفة عنها في مهرجان الخليج.

عدد لا بأس به من الأفلام التي قدمت للمسابقة الخليجية هذا العام تم تحويلها إلى قسم أضواء. ألم تكن الأفلام بالمستوى الذي يؤهلها لدخول المسابقة؟

- الأفلام هي التي تطرح نفسها بشكل ما، لسنا نحن من يقرر أنها دون المستوى وأنها خارج المسابقة أو ما شابه. هناك شكل للفيلم يجعله يصلح للمسابقة وقادراً على المنافسة وشكل آخر يجعله خارج المسابقة.

كيف ترى مستقبل المهرجان بعد أعوام من الآن؟

- طموحنا بعيد وليس مربوطاً بسنوات. أعيننا على سينما تمثلنا، ولا أعرف كم هو دور المهرجان في هذا وكم هو دور المؤسسات التي تحيط بالمهرجان. هل يقع على عاتقنا أن نصنع هذه السينما أم تمتد أيادٍ وتساعد بدلا من أن تكون الجهود منصبة على جهة واحد. اذا ظل الأمر على المهرجان فلا يمكن ان يكون مكاناً لعرض الأفلام فقط، ولا يمكن أن يكون مطالباً بكل شيء: بالانتاج، بدفع الحركة، باصدار الكتب. المهرجان قد يأخذ عبئاً أكثر مما يتحمل في سبيل ان تكون هناك حركة لكن بما هو موجود لديه. أعتقد أن هناك جمالاً قادماً بالتأكيد لهذه الحركة، اليوم حين تجلس مع غالبية المخرجين الذين بدأوا مع المهرجان تراهم جميعاً يشتغلون على مشروعهم الروائي الطويل، في البداية كان شرطنا ان تكون هناك خمسة افلام روائية لنفتح المسابقة الدولية. في هذه الدورة أصبح لدينا 13 فيلما، وهو دليل على ان هناك أمراً يتطور ويتحقق.

العدد 3885 - الجمعة 26 أبريل 2013م الموافق 15 جمادى الآخرة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً