دعا المدير العام للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء العمل ومجلس وزراء الشؤون الاجتماعية عقيل أحمد الجاسم لإطلاق مبادرة قوية للمسؤولية الاجتماعية تستند على الواقع وتعمل على زيادة الوعي والإدراك بكل أبعاد مفهوم المسؤولية المجتمعية وبلورة مؤشرات لقياسها وتحديد قضاياها وأولوياتها المطلوبة في دول مجلس التعاون. مشدداً على ضرورة تنظيف المفهوم عن التوجهات الخيرية التقليدية القائمة على تلقي الهبات والمساعدات المادية العينية وتوزيعها على المحتاجين، وهذا توجه خاطئ ولكنه مازال سائداً في الثقافة والممارسة لدى الكثيرين في فهم الشراكات وبنائها بين القطاع الخاص والحكومة والمجتمع المدني.
وقال الجاسم في افتتاح ملتقى المسؤولية الاجتماعية الثاني الذي عقد في الرياض مؤخراً تحت شعار " المسؤولية الاجتماعية - تكامل الأدوار"، أن مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أصدر العديد من القرارات في مجال المسؤولية المجتمعية وذلك من منطلق قناعته الراسخة بأهمية تعزيز الشراكة المجتمعية في انجاز مهام ومسؤوليات التنمية الاجتماعية المستدامة وباعتبار أن المسؤولية في التنمية ليست مسؤولية الحكومة وحدها، بل هي مسؤولية مشتركة، متفاعلة، الشراكة في القرار بين القوى الاجتماعية الحية المسؤولة عن ضمان استقرار وأمن المجتمع، هما المجتمع المدني والقطاع الخاص.
وأشار إلى أن الاهتمام المتزايد بموضوع المسؤولية المجتمعية لدى غالبية المشتغلين بالمجالات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية لما له من صلة وثيقة بتطوير المجتمعات وتنميتها، ولما لها من أهمية كبرى تكمن في سبل جذب القطاع الخاص لقضايا المجتمع ليصبح شريكاً أساسياً في عملية التنمية المستدامة، بالأخص الشركات المالية والاقتصادية باعتبارها حليفاً وطنياً أساسياً، وإن واجبها الوطني والاجتماعي يحتم عليها دعم وتمويل المشاريع الاجتماعية تجسيداً لمبدأ الشراكة مؤثر وفاعل في المسيرة التنموية العادلة المبنية على تميكن الناس وتوسعة خياراتهم في بناء حياة كريمة حرة وعادلة. وتابع أن هذين هما المكونين الأساسيان في الشراكة الاجتماعية وبفضلهما يمكن أن تتحقق تنمية مستدامة وعادلة اجتماعياً وداعمة للدولة في تمكين المجتمع ونهضته ورفاهيته.
وأوضح الجاسم أن تاريخ المسؤولية الاجتماعية في دول مجلس التعاون يعود لزمن بعيد، فالدعم المتواصل الذي تقدمه ولا تزال تقدمه المؤسسات والوجهاء والأفراد من القطاع الخاص طوال هذه السنوات للقطاع الحكومي من خلال بناء وتمويل مشروعات كبرى كالمراكز الصحية ودور ومراكز المعاقين والمسنين ومجهولي الأبوين وبناء دور العبادة في شتى المناطق في الدول الخليجية وغيرها من المنشآت التي تساهم في تنمية المجتمعات الخليجية، علاوة على تقديم دعم مالي سنوي لخدمات تلك الفئات. مشيراً إلى ان ذلك كان يحتاج لحراك أوسع من قبل القطاع الحكومي الخليجي لتنشيط أكبر عدد ممكن من مؤسسات القطاع الخاص للمساهمة في البناء والتطور والتوسع في الخدمات.
وأضاف أن دول مجلس التعاون سعت لتطوير المسؤولية الاجتماعية الحديثة من خلال عدد من ورش العمل والإصدارات والدراسات البحثية الداعية لاستقطاب مؤسسات القطاع الخاص للمشاركة مع الوزارات في تطوير الخدمات الاجتماعية التي تحتاجها من خلال تنفيذ مشروعات تعد ذات أولوية قصوى لاسيما المشروعات المتعلقة بالفئات الضعيفة كالمعاقين والمسنين والأسر المتصدعة وغيرها ولكن بأفق وتوجه تنموي يعتمد على تمكين للمستفيدين للاعتماد على ذاتهم.
من جانبه، قال وزير الشؤون الاجتماعية بالإنابة في المملكة العربية السعودية الدكتور عبدالله الربيعة أن الملتقى يطمح إلى تعزيز ونشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية من منظور عملي وعلمي دقيق وإيجاد خطة عمل موحدة بالتعاون بين الوزارة والجهات ذات العلاقة والقطاع الخاص والباحثين والأكاديميين والمهتمين لطرح الآراء والخروج بتوصيات عملية لصياغة واقع جديد لمفهوم المسؤولية الاجتماعية بما ينسجم مع أصول شريعتنا الإسلامية والمبادئ القويمة، مضيفاً أن الشؤون الاجتماعية تدرك المسؤولية الاجتماعية التي باتت المشروع الوطني الأبرز والذي من المفترض أن يسهم في مسيرة التنمية الاقتصادية والعملية وتنمية الموارد البشرية.
يشار إلى أن الملتقى بحث تكامل الأدوار بين القطاعين العام والخاص، ودور مؤسسات العمل الخيري، وسبل تطوير أدائها في مجال المسؤولية الاجتماعية، ودور ومسؤولية وسائل الإعلام تجاه المسؤولية الاجتماعية، ودور القطاع الخاص في تنمية المسئولية الاجتماعية لدى الشباب. ويهدف الملتقى إلى نشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية وأهمية تفعيل دور الشراكة المجتمعية بين كافة القطاعات بالمملكة بما يحقق أهداف التنمية، وبسط مظاهرها داخل قنوات المجتمع وفق استراتيجية وطنية، يسعى الملتقى إلى التوصل لتأسيس بنيتها التحتية، وهيكلة مكوناتها من خلال ورش العمل، ورؤى المشاركين في جلسات الملتقى، منطلقين في ذلك من الإقبال الواضح من القطاع الخاص نحو عمل يرتقي إلى المشاركة الفعلية تجاه المجتمع.