العدد 3879 - السبت 20 أبريل 2013م الموافق 09 جمادى الآخرة 1434هـ

رسائل: أسباب ونتائج فشل ونجاح الحوار الوطني

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

الحوار الوطني قابل للنجاح والفشل، ومن يتوخى نجاحه، لزم عليه تغيير حالة المجتمع لما يمهد له، بحيث يكون تغيير الحالة المجتمعية، بإيقاف كل الإجراءات الأمنية المؤدية للقتل والجرح والاختناق والاعتقالات، وإيقاف كل المنابر الدينية والإعلامية، بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي، المخوّنة للحراك الشعبي، والمحرضة على الطائفية، وتوعّدهم، ومجازاة المتجاوزين منهم بأقصى العقوبات القانونية، وإعلان السلطة رسمياً وعلى الملأ، بقرارها حَقِّية تعويض جميع الضحايا في جانبي الأزمة، بما في ذلك المعتقلين السياسيين، بعد تبييض السجون والمعتقلات السياسية، وتمكينهم من أداء دورهم السياسي، وبتجميد السلطة التشريعية أو بحلها.

فالمعني الأول بأسباب وتجاوز الأزمة هي السلطة، تشاوراً مع ممثلي الشعب من المنتخبين لذات الغرض أو قيادات الحراك المعارض، ففي حين جلوس أطراف المعارضة قبالة السلطة، فهو حوار يستمد شرعية توافقاته باستفتاء شعبي عليها، وحين جلوس مجلس منتخب شعبياً قبالة السلطة، فهو تفاوض ينتهي بقرارات ملزمة للجميع.

وتغيير آلياته، بحيث تكون الآليات محصورة في رؤى طرفي الأزمة المعنيين، الحكم وقيادات الحراك، بمحاكمة الرؤى بنصوص الدستور الحالية ومبتغى تطويرها، أما باقي الأطراف الحالية، فليست معنية به لا من بعيد ولا من قريب، فالحكومة كسلطة تنفيذية وبأشخاصها، هي موضوع خلاف ونزاع بين الطرفين، وطرفي أعضاء الشورى والبرلمان، في حال الحوار الحالي، لا يمثلان السلطة التشريعية، وإلا لكان أولى وبقانون، تصدره السلطة التشريعية، لتمثيلها في الحوار، وهم لا يمثلون غير أشخاصهم كلاً بشخصه لا غير، وفي هذا تنصل من موقف السلطة التشريعية تجاه مخرجات الحوار، إذ إنها لم تشارك فيه رسمياً، وبالتالي حين تحال التوافقات إليها، يكون للسلطة التشريعية موقفها، بسن القانون الذي ترتئيه، لذا وجب تعطيل سلطتها بما ذكر عاليه، إضافة لكون أعضاؤها تربعوا على عروشهم التشريعية، عبر آلية انتخاب ودوائر انتخابية غير دستورية، وهذا يجمع جميع أعضائها السابقين والحاليين.

وكذلك باقي الأطراف من الجمعيات السياسية غير المعارضة، لم تكن لها صلة لا بالمطالب، ولا بالحراك، ولم تقدم متضرراً واحداً، فما بالك بالشهداء، وما حالات التبول اللاإرادي الذي ادعته إلا محض افتراء، فمواطنو البحرين بسنتهم وشيعتهم، أقوى وأشجع مما يدّعون، فما الدور الذي قامت به هذه الجهات غير مناكفة الحراك الشعبي، والتصدّي للمطالبات، وتعليق المشانق لمطالبيها في ساحات شرفاء وغيرهم، وللأسف المخزي، بدوافع وعقلية طائفية، أو في حدها الأدنى تمييزية، وقد أفصح أحد قادتهم المرموقين، بأن المعتقلين السياسيين، هم أي شيء إلا كونهم معتقلي رأيّ! ونحن نسحب موقفه، بمفهوم عبارته على جميع من شارك في الحراك، فلا يرتجى خيراً ممن يخوّن الآخرين، وهم بذلك غير معنيين كما هم الآخرون.

ولو افترضنا جدلاً بأن أطراف الحوار، عدا الوزراء وأعضاء الشورى (جانب الحكم)، تتبقى الفصائل الشعبية في قبالتها، فجمعيات المعارضة وجمعيات ائتلاف الفاتح، (تسمية موفقة خلاف جمعيات الموالاة، وإن كانت مفردة -الفاتح- تثير شكوكاً انتقامية طائفية، ومثلها عبارة تقاطع الفاروق)، وكذلك أعضاء البرلمان، الممثلين بكتلة البحرين وآخرين، هم حقيقةً فصائل شعبية، والمتوجب لقائهم فيما بينهم، لتقريب وجهات النظر والتوافق على معايير وآليات الحوار وتنفيذ مخرجاته، قبل الجلوس على طاولة الحوار قبالة أطراف الحكم، إلا أن رفض جمعيات ائتلاف الفاتح وربما أعضاء البرلمان، (طرف نِيّة التغيير من الداخل)، رفضهم الجلوس مع جمعيات المعارضة الممثلين في الحوار، وتخوينهم والآخرين خارج غرفة الحوار، إنما دليل على موالاتهم للسلطات، وعليهم نفي الصفة عن أنفسهم بالاستجابة للالتقاء والتواصل بالآخرين قبل الولوج في غرفة الحوار، أما شرطهم بإدانة العنف فهو متحقق بوثيقة اللاعنف، والذي ترفضه جميع الأطراف، أما التنديد بأطراف بعينها، ووصمهم بالخيانة والصفوية، وتجريدهم من المواطنة، كونها تمارس عنفاً محدوداً مدروساً، بإغلاق شوارع وحرق إطارات واحتكاكات أمنية، للرد على عنف رسمي غير محدود، يطال أذاه الجميع، وبأقصى النتائج ليصل إلى القتل والتعذيب وقطع الأرزاق، والعقاب الجماعي العشوائي، فأمره لدى أصحابه، وغير مفهوم للآخرين؛ لذا وجب أيضاً الالتقاء والتواصل بهم، لأن العنف إنما نبتة تنمو في تربة تُخصِبُها، مثل السلمية لها تربة تخصبها، فلتعمل الفصائل الشعبية في مواجهة عنف السلطات بالمطالبة الصريحة بوقف عنفها، لتهيئة الأجواء للحوار والتفاوض، لنجد انحسار العنف المقابل.

الأزمة دستورية سياسية، تم فرضها على المواطنين من طرف الحكم، وإن كان فيما سبق تَحمّل شعب البحرين واصطبر، فللصبر حدود، خصوصاً من بعد تجاوزات الدستور والقوانين.

الأزمة أزمة حقوقية مواطنية، فجرتها التجاوزات الأمنية لأطراف يُمايزون في تطبيق القوانين، ويَفلتون من العقاب، ووضوح سياسات التمييز بين المواطنين.

الأزمة أزمة هوية وطنية، يُخَوّن فيها المواطن، ويُستبدل الشعب الأصيل بأفراد يُستجلبون من كل أصقاع الأرض، ويُحرم الشعب من الدفاع عن وطنه بإبدال دوره وإيكاله للأغراب.

الأزمة أزمة ثقة بين الشعب والسلطات، ويأس من الإصلاح، نتيجة غياب نظام المؤسسات والقانون، وإبداله بالنفوذ الفردي لأطراف الحكم.

الأزمة أزمة طائفية، تتمثل في علو أصوات قلة من المتمصلحين، المدعومين من بعض المتنفذين، لتخوين أكثر من نصف شعب البحرين، ليس ارتباطاً بالطائفة فحسب، بل كل من ينادي بإحقاق الحقوق، وكل مَن يتجرد مِن الطائفة ويتمسك بالمواطنة.

فأفيقوا أيها المعنيون، من نشوة غَلَبَة أوشكت على الانتكاس، فلا تُنادوا بالشنق لئلا تُشنقوا بعد حين.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 3879 - السبت 20 أبريل 2013م الموافق 09 جمادى الآخرة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 4:22 م

      from euroba

      thnx for your good word you are good bahriny mr syady ilikeyour word thnx thnx and good luk

    • زائر 9 | 1:43 م

      المصلي

      مشكلتنا في هذا الوطن هذا الأسلام المتئمرك الطالع علينا في هذا الزمن بفكره الأقصائي المتنفد بمفاصل الدولة وهو سبب المشاكل والتي تعصف بالوطن حاليا ونصيحتي كمواطن لمن له عقل ومن يمسك زمام الأمر التحرك السريع لأنقاد الوطن من قيظة هؤلاء النفر حتى ترجع البحرين لعهدها جزيرة الحب والتعايش السلمي غير هذا لايمكن للبحرين أن تستقر

    • زائر 8 | 10:50 ص

      نور

      نعيش التمييز في كل جوانب الحياة لن ترفع راية لهذا البلد في ظل هذا التمييز

    • زائر 7 | 8:31 ص

      لافض فوك

      سلمت يا ابن سيادي يا دكتور (ياريت قومي يعلمون الله ينور قلبهم ويخليها من الحقد)

    • زائر 6 | 6:47 ص

      كلام موزون ودقيق

      صح الله لسانك يا ابن سيادي الشريف والحريص على هذا الوطن من كل المتمصلحين والمتنفدين والذينه يقتاتون على تخوين كما تقول كل من ينادي بحقوقه لان هذا يعني عندهم خائن.ولكن نحن شعب البحرين المسالم الطيب والمتمسك بحقوقه اذا شاالله طال الزمن او قصر سوف ينال ما يصبوا اليه وكل هائلاء سوف يذهبون الى مزابل التاريخ مثل الذينه سبقوهم في البلدان الاخرىووهم يعرفون ذلك ولهذا السبب تراهم يقاتلون من اجل ابقاء الحال على ماهوعليه لانه بالنسبه لهم حياة او موت والله يحفظ البحرين من مكرهم.

    • زائر 5 | 3:14 ص

      الحقيقة لا يغطيها المغالطون شعب طيب مؤمن يطالب بحقوق

      الحقيقة التي يعرفها العالم كل العالم والتي على اساسها سوف نحاسب امام الله هي اننا شعب مسلوب الحقوق لذلك قمنا بما امرنا الله به من المطالبة بحقوقنا . الجماعة قالوا عنا خونة صفيون عملاء وغيرها من المقولات هذا كله ينمّ عن ما في انفسهم هم اي ان الأزمة اظهرت لنا خفايا النفوس والاحقاد التي في القلوب وكل كلمة يسبّ بها هذا الشعب يرجعها اصلها الى من تفوه بها.
      اللسان مغرفة لما في القلوب والنفوس من امر تنطوي عليه جنواحهم.
      الحمد لله كل اناء بالذي فيه ينضح

    • زائر 4 | 2:24 ص

      عساك على القوه

      كم نحتاج الى امثالك فعندما اقرأ لك او لمريم الشروقي احس ان البحرين بخير وفي امل

    • زائر 3 | 1:19 ص

      أنت دائما في القلب يا يقعوب

      سابقا كان وصف خونة يطلق على فئة محددة من الشعب لمجرد مطالبته بحقوق شرعبة أقرها الدستور ، أما الآن فهذا المصطلح أصبح يطلق على كل من يساند الحراك الشعبي المطالب بالحقوق الشرعبة للمواطنين ومن أي فئة أو مذهب أو دين ، اختلط الحابل بالنابل في عقلهم وقلبهم وأصبحت على قلوبهم غمامة ،يمقتون المواطن المطالب بالعدالة والتوزيع العادل للثروة ويرفعون شأن المواطن المنافق والمتسلق والمتمصلح والذي لا يفقه من أمره شيئا غير تنفيذ التعليمات والأوامر حتى لو كانت ستؤدي به في النهاية إلى الهاوية. أنت في القلب يا يعقوب

    • زائر 2 | 12:51 ص

      كلام من ذهب عزّ فيه صوت الحكمة

      من سيسمع كلامك من سيقرأ مقالك منهم من سيتمعن في ما قلت؟
      لا امل لنا فيهم وقد مسكوا بمفاصل البلد وعلى البلد السلام
      اذا مسك امثال هؤلاء البلد فهو يسير من حال سيء الى اسوء

    • زائر 1 | 11:42 م

      كلام منطقي

      شكرا استاذ على مقالك الاكثر من رائع ،جبتها في الصميم

اقرأ ايضاً