العدد 2486 - السبت 27 يونيو 2009م الموافق 04 رجب 1430هـ

مراكز تعليمية وصحية وإنتاجية... بتمويل من الخمس والتبرعات والصدقات

تجربة المبرات الخيرية في لبنان...

اكتسبت تجربة مؤسسة المبرّات الخيرية في لبنان سمعة طيبة امتدت إلى خارج القطر اللبناني، جعلها محط أنظار الكثيرين، خصوصا للعاملين في المؤسسات الخيرية، الذين يتطلعون إلى الرقي بالعمل التطوعي خدمة للمجتمع.

«الوسط» التقت المشرف على برنامج الدمج التربوي والجماعي في مؤسسة الهادي، إحدى مؤسسات المبرات الخيرية، وليد حمود، أثناء زيارته للبحرين الشهر الماضي، للاطلاع على هذه التجربة الثرية، حيث بدأ الحديث عن «المؤسسة».

المبرات عبارة عن مجموعة من المؤسسات الرعائية والإنتاجية يبلغ عددها 18، إحداها دار الهادي، التي تقدّم التعليم النوعي لذوي الاحتياجات الخاصة (مكفوفين/ صم وضعاف السمع/ اضطرابات اللغة والتواصل)، والهدف الأساسي تقديم تعليم نوعي ذي جودة، وتوعية المجتمع المحلي بأهدافه، وتزويده بالمعارف والمهارات لتسهيل دمج هذه الفئات.

ويضيف: المبرات إحدى مؤسسات المجتمع المدني التي تقوم بالدور الذي يقع عادة على عاتق الجهات الرسمية، كوزارة التربية والشئون الاجتماعية. وبدأت التجربة في العام 1988 بتأسيس مدرسة للمكفوفين، وفي 1993 تأسست مدرسة للصم، وفي العام2000 تأسست مدرسة ثالثة تعنى بذوي اضطرابات النطق والتواصل. وتضم صفوفا من سن الروضة (4 سنوات) حتى التاسع أساسي للصم والمكفوفين، والعمل على دمجهم بصفوف المدارس المحلية، وينتقل الطلاب بالمرحلة الثانوية والجامعية والمهنية عبر برامج الدمج.

* ما هي أهم المشاكل في هذا المجال؟

- المشكلة الأولى تكييف المناهج وتعديل الكتاب المدرسي العام ليتناسب مع ظروف ذوي الإعاقات، فالكتاب الذي يحتوي على رسوم علمية لا يناسب المكفوفين، وكتاب اللغات لا يتناسب مع الصم.

* وكيف واجهتموها؟

- هناك فريق عمل متخصص بالمؤسسة يتعاون مع المؤسسات الأخرى، عمل على تكييف المناهج للصم والمكفوفين بالتنسيق مع اليونسكو ووزارة التربية اللبنانية، وقدّم ذلك للوزارة في العام 2000 ولكن لعدم تنفيذه على المستوى الرسمي، تم اعتماده في المؤسسات الخاصة بعد أن كان مشروعا وطنيا على مستوى لبنان.

الاستحقاق الثاني الذي واجهنا ضرورة توفير الأخصائيين، لعدم وجود معلمين مختصين في تعليم الصم والمكفوفين، ومدرّسي الاحتياجات الخاصة، فعملنا على توفير أخصائي نفسي واجتماعي وطبيب والمعالج الذي يدرّبهم على المهارات الشخصية. وتم تدريب المعلمين في جامعات خارجية بفرنسا وبريطانيا وبلجيكا، وهو ما يوفر للمؤسسة مزيدا من الخبرات.

* وماذا عن تجربة الدمج؟

- في المرحلة الثانوية يأتي دور الإرشاد المهني لتوجيه الطلاب للاختصاصات المناسبة، وعلى رغم الإيجابيات الكبيرة لبرامج الدمج لاتزال هناك صعوبات كبيرة أهمها عدم وجود خلفية مسبقة لدى المدرسين بشأن ذوي الاحتياجات الخاصة؛ وعدم توفير التقنيات اللازمة لعملية الدمج وبالذات غرفة المصادر التعليمية؛ وعدم قدرة المدرس إعطاء اهتمام خاص للطلاب المدمجين بسبب الأعداد الكبيرة من الطلاب العاديين.

* وماذا عن الخدمات التي تقدّمونها كجهات أهلية للمعاقين... الصم مثلا؟

- في مدرسة البيان للصم، الدراسة من الروضة حتى الصف التاسع، وهناك فريق مختص من الخبراء يعمل على تبسيط المنهج بالخصوص اللغات (العربية والإنجليزية)، وبالتالي يتعامل الأصم مع اللغتين بطريقة متساوية. المدرسة بها 90 طالبا، و15 مدرسا لغويا مختصا يعملون بشكل فردي مع الأصم، وبشكل جماعي داخل الصفوف. ويعمل بهذه الصفوف طبيب الأذن والأخصائي النفسي والمعالج التربوي. ويتواصل الفريق مع الأهل لتسهيل التواصل وتنمية المهارات.

وقد نفذّت مؤسسة الهادي تجربة مفيدة في المرحلة الثانوية في مجال (graphic design) الذي يعتمد على التطبيق العملي، وليس بحاجة إلى تواصل كبير.

* كيف تقيّمون التجربة عموما؟

- تربويا تعتبر تجربة ناجحة، فالنتائج جيدة جدا، وبعد الانتقال للمرحلة الجامعية نستمر في توفير الخدمات اللوجستية والتجهيزات لهم، وشراء أجهزة لابتوب مزوّدة ببرامج ناطقة. من الجانب الاجتماعي كانت هناك مشكلة وهي عدم معرفة المدرسين لغة الإشارة، كما أن زملاءهم بالصف لا يفهمون لغتهم. وأنا على ثقة بأننا يمكن أن نحقق تجربة ناجحة على مستوى البحرين أو لبنان، في مجال إعداد برامج تربوية ناجحة، تراعي حاجات ذوي الاحتياجات الخاصة على أن توفّر الوزارة الكوادر المؤهلة للتعليم.

* ماذا عن التكلفة وطرق التمويل؟

- تكلف دراسة الطالب الواحد 5000 دولار سنويا، تدفع الشئون الاجتماعية 30 في المئة، والثلثان تحصل عليها المؤسسة من التبرعات. وإلى جانب التبرع هناك مشروع التكفّل برعاية المعاق.

* هل لديكم إحصاءات عن أعداد ذوي الإعاقة، وكم نسبة من تغطيهم خدماتكم؟

- لا توجد لديّ إحصاءات دقيقة، ولكن لدينا 3 مدارس، تقدّم خدماتها لـ350 طالبا من أصحاب الإعاقات المختلفة.


الانطلاقة والإسهامات

أنشأ المرجع الديني السيدمحمد حسين فضل الله في العام 1978 أول مؤسسات جمعية المبرّات الخيرية، «مبرّة الإمام الخوئي»، بعدما اشتق لها اسما من «البر». وأعطيت الأولوية لرعاية الأيتام وانتشالهم من واقع التشرد والحرمان والضياع. وتطور العمل من حضانة اجتماعية إلى رعاية تربوية ثقافية شاملة، لتخريج إنسان مؤهل فكريا وروحيا.

ونتيجة لفداحة تأثيرات الحرب الأهلية اللبنانية على الواقع التعليمي والاجتماعي، توجّه الاهتمام لرعاية وتربية الفئات الخاصة، من خلال مؤسسة الهادي بمدارسها الثلاث: «النور للمكفوفين»، «الرجاء للصم» و»البيان للاضطرابات اللغوية»، لتفتح لهم أبواب العلم والعمل والمعرفة. وأردفتها بإنشاء مدارس نموذجية ومعاهد فنية وتقنية لتأمين التعليم بمستوى راقٍ، مع الاهتمام بإنشاء مراكز إعداد المعلّمين والمعلّمات بما يحقق الاكتفاء الذاتي في الأداء التربوي في مسيرة الجمعية.

إلى ذلك أقامت «المبرات» العديد من دور العبادة والمراكز الثقافية والصحية، تعزيزا للرعاية والخدمات الصحية، بفضل عطاءات المحسنين والخيّرين وكافلي الأيتام، حسب توجيهات مرجعية دينية تواكب روح العصر.


نادي المبرة الرياضي

تضم جمعية المبرات الخيرية أكثر من خمسة عشر ألف تلميذ في مدارسها ومؤسساتها المنتشرة من الشمال إلى الجنوب، وتولي اهتماما كبيرا بالجانب التربوي والرياضي، إذ يتولى مجموعة من مدربي ولاعبي الفريق الأول لنادي المبرة تدريب النادي الرياضي، بمشاركة وإشراف عدد من نجوم اللعبة، بمعدل 4 أيام تدريب أسبوعيا، حيث يتم التركيز على أساسيات كرة القدم وتنمية وتطوير الجانب الفني. وقد استقبل فضل الله العام الماضي وفد نادي المبرة الرياضي الذي قدم له لقب بطولة كأس لبنان الذي أحرزه في ختام الموسم.

وتتجه إدارة النادي إلى إقامة مدارس كروية صيفية في عدة مناطق، كما تخطط لتنظيم مدرسة كروية للفتيات.


تجربة المبرات ... المؤسسة والتمويل

المبرات الخيرية من أبرز التجارب التي ارتبطت بحركة المرجع الديني السيدمحمد حسين فضل الله، وهي تضم مؤسسات تعليمية (17 مدرسة موزعة على بيروت والشمال والجنوب والبقاع)، ومراكز ثقافية وصحية ومستشفيات ومؤسسات إنتاجية كالمطاعم، يعود ريعها للأيتام والمعوقين، وهناك مؤسسات تقوم على رعاية الأيتام.

أما من ناحية التمويل، فإلى جانب الحقوق الشرعية (الخمس)، هناك التبرعات والصدقات والهبات المقدمة من مؤسسات عربية وإسلامية، إضافة إلى أرباح المؤسسات الإنتاجية.

العدد 2486 - السبت 27 يونيو 2009م الموافق 04 رجب 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً