العدد 3876 - الأربعاء 17 أبريل 2013م الموافق 06 جمادى الآخرة 1434هـ

أول حلبة سيارات في البحرين شيدت العام 1968

نصف قرن... تاريخ البحرين في رياضات السيارات

قد يظن الكثير بأن سباقات السيارات من الرياضات الحديثة التي دخلت البحرين مع الشروع في عملية التنمية وإنشاء الطرق والعمران، وتزايد أعداد السيارات وتنوعها في البلاد.

ولكن الحقيقة مغايرة لذلك، فقد أقيمت أول سباقات السيارات في البحرين مع مطلع الخمسينات من القرن الماضي. عندما كانت السيارات في تلك الحقبة مقتصرة على فئات معينة في المجتمع، تشمل أبناء العائلة الحاكمة والانجليز الذين كانوا يعملون في شركة نفط البحرين (بابكو)، مع عدد من أبناء العائلات أو التجار البحرينيين، وهو ما دفعهم لإقامة سباقات يتنافسون فيها بسياراتهم المتواضعة آنذاك.

ومما ساعد على تنظيم هذه السباقات بشكل منظم ودوري تأسيس نادي البحرين للسيارات في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 1952 على يد مجموعة من الشباب البحرينيين والانجليز. وكان المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه الرئيس الفخري للنادي حينما كان ولياً للعهد آنذاك، وترأس أول مجلس إدارة للنادي أحمد كانو، والسكرتير ر أ. إيلين، والأمين المالي جي ثرموسون، وضم مجلس الإدارة في عضويته: مرول، وسميث، وخليل كانو، وعبدالرحمن الزياني.

بتأسيس النادي بدأت رياضات السيارات في التنظيم، إذ قام مجلس الإدارة بجهود كبيرة في صياغة قوانين وقواعد للمنافسة. وهو ما انعكس على حجم نشاطاته وفعالياته الرياضية الكثيرة التي زادت من اهتمام الشباب ومتابعتهم سباقات السيارات، على الرغم من محدودية انتشارها؛ بسبب ارتفاع أسعار السيارات وعدم انتشارها في البحرين. عموماً، كانت السباقات تقام في مناطق متفرقة بمنطقة العوالي والصخير.

في 12 ديسمبر/كانون الأول 1952 أقيمت فعالية للنادي، وكانت عبارة عن دعوة مفتوحة لأصحاب السيارات والدراجات النارية للمشاركة في سباق عام، وأتبعت بفعالية أخرى يوم التاسع من يناير/كانون الثاني 1953 وهي سباق البحث عن الكنز الذي استمر ساعتين.

واهتم النادي آنذاك بالجانب الإعلامي وإبراز أنشطته وأهدافه في المجتمع، إذ نشر في مارس/آذار 1953 الأهداف والخطوط العريضة لبرامج النادي في مجلة القافلة والخميلة بأنها تهدف إلى توفير عضوية مفتوحة لكل عشاق رياضة السيارات وكل الجهات المعنية لتشجيع الروح القيادية، ووضع معايير جديدة للقيادة الجيدة، والتي ستعود بالنفع على جميع الأفراد ولمصلحة مستقبل البلاد.

وخلال الفترة 1952 وحتى العام 1953 عقد المجلس 5 اجتماعات إدارية، وأقام 3 راليات. وبلغ حينها عدد الأعضاء 34 عضواً، وكان رسم قبول العضوية في النادي 25 روبية، ورسوم الاشتراك السنوية 10 روبيات.

طوال الخمسينات أقام النادي عدة فعاليات وسباقات، ما ساهم في زيادة عدد الأعضاء إلى 100 عضو. فتضاعفت العضوية 3 مرات في العام 1958 لتصل إلى 306 أعضاء. ومن أهم الشخصيات التي ضمها النادي: الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة، والشيخ عيسى بن محمد بن عبدالله آل خليفة، والشيخ راشد بن خليفة آل خليفة، والشيخ عيسى بن محمد آل خليفة. كما ضم عدداً من أبرز العائلات التجارية كالقصيبي والوزان والمؤيد وفخرو والكوهجي وأشرف وجاشنمال.

ومن المحطات التاريخية الهامة لرياضة السيارات في البحرين مارس 1954 عندما أصبح المغفور له بإذن تعالى الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة رئيساً للنادي، والشيخ خليفة بن محمد آل خليفة مدير الشرطة والأمن العام نائباً للرئيس.

وفي تلك الفترة بدأ النادي يتجه نحو تطوير علاقاته الدولية مع الأندية والاتحادات الرياضة المعنية باللعبة في دول العالم. فحصل في أغسطس/آذار 1953 على عضوية في اتحاد السيارات البريطاني، وأبرم اتفاق بين الطرفين يسمح بموجبه لأعضاء الناديين بتبادل الزيارات، واستخدام مرافق الناديين، واستطاع نادي البحرين للسيارات بفضل هذه العلاقة أن يطور من أنشطته، ونجح في الحصول على تخفيضات لمركبات أعضائه من قبل شركات التأمين المحلية.

ولم يقتصر التعاون الدولي على اتحاد السيارات البريطاني، وإنما امتد ليشمل فرنسا، فأصبح النادي يتبع الاتحاد الفرنسي السياحي (AIT) في ابريل/نيسان 1957، كما تمكن من الحصول على تصريح لاستيراد المركبات بين البحرين وبريطانيا.

محطات تاريخية هامة

أهم وأكبر سباقات السيارات في البحرين خلال حقبة الخمسينات كان في العام 1959، إذ شاركت فيه أعداد كبيرة من السيارات، وتابعه جمهور غفير من محبي الرياضة.

وخلال عقد الستينات شهدت دول العالم هبوطاً في الطلب العالمي على السيارات بشكل عام، وتراجع الاهتمام الدولي برياضات السيارات، وهو ما أثر بالفعل على الرياضة في المنطقة. وكان نادي البحرين للسيارات يسعى بخطط طموحة لبناء مقر خاص به في منطقة ساحل بابكو بالزلاق، ولكن نتيجة للظروف الصعبة التي مرت بها الرياضة آنذاك، ولقلة الإمكانات المادية اللازمة لتمويل المشروع فإن نشاط النادي تراجع، وضعف الحماس الذي عاشه في الخمسينات.

ومع ذلك فقد أقام النادي سلسلة سنوية من سباقات كانت مثيرة في تلك الفترة تشمل التحدي والإثارة لصعود التلال الرملية. وفي العام 1966م جرى سباق صعود التلال السنوي السابع الذي اعتبر أكثر السباقات نجاحاً آنذاك اذ اشترك فيه 55 متسابقاً على 7 مستويات.

أيضاً للبحرين تاريخ في مجال إنشاء حلبات سباق السيارات، إذ شيدت أول حلبة خاصة لسباقات السيارات العام 1968 بلغ طولها نحو 300 ياردة، وعرضها 10 ياردات وتم تبليطها بالإسفلت، وتم توفير مواقف للسيارات بجوارها تتسع لنحو 3000 سيارة.

وقد رعى المغفور له بإذنه تعالى الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة حاكم البحرين وتوابعها آنذاك في يوم الجمعة 15 نوفمبر/تشرين الثاني 1968 السباق النهائي للعربات الصغيرة الذي يعد الأول من نوعه بمشاركة 28 شبلاً وكشافاً، وجرى على 21 مرحلة: 6 للأشبال، 14 للكشافة، وذلك بدعم وتمويل من مؤسسات القطاع الخاص، وقد شهد السباق أكثر من 5000 مشاهد.

أما في السبعينات ومع استقلال البحرين فقد رجعت رياضات السيارات إلى النشاط مجدداً، وتقدم النادي بطلب رسمي إلى وزارة العمل والشئون الاجتماعية تمهيداً لإشهاره.

وعاود النادي أنشطته بسباق هضبة الرفاع الشرقي الواقعة شمال شارع عوالي وسترة العام 1972 برعاية شركة بابكو وكالتكس شاركت فيه 56 سيارة قسمت على 7 مجموعات، وكان هذا التقسيم لأول مرة على معيار فني محدد، وذلك بحسب قوة محرك كل سيارة. وفي العام 1974 أقام النادي سباق هضبة الرفاع يوم الجمعة الموافق 18 يناير من ذلك العام شارك فيه أكثر من 70 متسابقاً برعاية شركة كالتكس.

وفي العام التالي احتشد جمع غفير من المشاهدين لمشاهدة سباق هضبة الرفاع الشرقي الذي شارك فيه 85 متسابقا، وفي هذا السباق استحدث لأول مرة في البحرين جهاز الكتروني لتسجيل الوقت بدقة متناهية بدلاً من ساعة التوقيت اليدوية التي استعملت في سباقات النادي خلال السنوات الماضية.

استطاع بعد ذلك النادي العمل بلائحة جديدة في يونيو/حزيران من العام 1973 نظمت أنشطته وفعالياته ومسابقاته. وفي تلك الفترة شهد النادي اهتماماً لافتاً من حكومة البحرين لتفعيل دوره، إذ دعا مدير أمن الشرطة آنذاك الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة لتمثيل النادي في لجنة أمن الطريق.

وكانت قوة دفاع البحرين هي التي تقوم بتنظيم رالي السيارات، ولكن النادي تقدم بطلب إقامة هذه البطولة وتنظيمها وبالفعل فقد حصل على موافقة بإقامتها. وفي العام 1974 تمت الاستعانة بالنادي في تنظيم أسبوع المرور العالمي.

وأهم الانجازات التي حققها النادي خلال السبعينات تنظيم أول رالي دولي في البحرين العام 1978، واعتبر أطول رالي دولي يقام في منطقة الخليج العربي في تلك الفترة.

ويعتبر العام 1984 انتهاء لتلك الحقبة من السباقات والنشاط الحافل وبداية حقبة جديدة أخرى بحصول النادي على الاعتراف من الاتحاد الدولي للسيارات (FIA)، وهو ما أعطى رياضات السيارات في البحرين دفعة قوية، وإمكانية تطوير أنشطتها إلى المستوى الدولي. بعد ذلك استمر النادي في المحافظة على دوره في تنظيم سباقات السيارات طوال عقد الثمانينات، وخصوصا بعد حصوله على دعم حكومي لتنظيم راليات واختبارات ومسابقات بصفة مستمرة.

في التسعينات نتيجة للظروف التي مرت بها منطقة الخليج العربي فقد تراجعت رياضات السيارات من جديد. ولكن خلال عامي 1996 – 1997 بدأت في البروز مرة أخرى مع تولي رئاسة النادي الشيخ فواز بن محمد بن خليفة آل خليفة، إذ أقام النادي العديد من بطولات الأوتو كروس وذلك على مركز بابكو للتدريب بالعوالي، واستقطبت هذه البطولات المواهب المحلية من جميع أرجاء المملكة وآلاف الجماهير. وفي العام 1997 أقيم أول سباق (للدراغ ريس) حظي بمشاركة واسعة من جميع السائقين المقيمين في البحرين، وحضور جيد من دول العالم.

مع حلول الألفية الجديدة أقام النادي لأول مرة بطولة رالي البحرين الدولي الذي يعتبر مرحلة من مراحل راليات الشرق الأوسط خلال العام 2000 برعاية صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الأمير سلمان بن حمد آل خليفة. وقد استقطبت البطولة أبرز السائقين من البحرين ومختلف دول الخليج العربية، وحظيت بتغطية إعلامية دولية مميزة. وضم الرالي نجوماً محليين مثل مايك فويس، تشارلز والس، ويوسف موسى، إبراهيم مطر، مارك نيونارد. وأبطالاً دوليين مثل أستاهاج، توني لانفرانشي، روزيل بروكيز، سعيد الهاجري، ومحمد بن سليم.

ونظراً لتطور أنشطة النادي وطموحاته نحو العالمية فقد تم تغيير مسمى نادي البحرين للسيارات إلى الاتحاد البحريني للسيارات في 2 يناير 2001 ليصبح الجهة الرسمية المشرفة على كافة نشاطات هذه الرياضات في البحرين.

بذلك أقام الاتحاد سلسلة من بطولات راليات البحرين الدولية التي تحظى بمشاركة دولية واسعة في الشرق الأوسط. وحرص على الاهتمام بالفرق البحرينية وتطوير مستوياتها الفنية والمهارية لتكون قادرة على المنافسة في البطولات المحلية والمشاركات الخارجية. واعتنى كذلك برياضات السيارات الأخرى وأهمها الكارتنغ، فأسس نادي الكارتنج الذي تمكن من إقامة عدة بطولات دولية للكارتنج مثل البطولة الوطنية للمركبات الصغيرة، وبطولة مملكة البحرين الدولية للكارتنغ التي استمرت لمدة 24 ساعة متواصلة شارك فيها متسابقون من دول الشرق الأوسط.

واليوم فإن الاتحاد البحريني للسيارات يعد الاتحاد الوحيد في منطقة الشرق الأوسط الذي ينظم جميع أنواع سباقات السيارات. وهذا ما جعل هذه الرياضة تحظى بشعبية جماهيرية واسعة تتابع مختلف السباقات بالحضور أو المتابعة من خلال وسائل الإعلام.

العدد 3876 - الأربعاء 17 أبريل 2013م الموافق 06 جمادى الآخرة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً