العدد 3875 - الثلثاء 16 أبريل 2013م الموافق 05 جمادى الآخرة 1434هـ

التبرّع بالأعضاء... ظاهرة إنسانية ورؤية شرعية «مبهمة»

يبدو جلياً في ظل التطوّر العلمي والطبي في الآونة الأخيرة مدى التقدم الذي حل في هذا المجال والذي انعكس طبعاً على حياة المرضى المترددين على المستشفيات؛ بهدف تلقي أفضل أنواع العلاج؛ إذ صرنا نرى حتى الأمراض الميئوس منها سابقاً وقد وُجِدت لها المعدات الطبية المناسبة للشفاء منها.

وفي خضم هذه التطورات في المجال الطبي اليوم، انتشرت ظاهرة التبرّع بالأعضاء في الآونة الأخيرة في مجتمعاتنا العربية، وهي عبارة عن عملية نقل عضو كامل أو جزء منه من جسم شخص إلى آخر يعاني من تلف أو فشل في عضوه.

سابقاً كنا نرى أن مثل هذه التبرعات تتم في حالة وفاة الشخص المتبرِّع بينما الآن تتم حتى إن مازال الشخص على قيد الحياة، على رغم المخاطر التي تسببها على حياة المتبرِّع نفسه، علماً أن هناك الكثير ممن لا يقبل الخوض في هذا المعترك؛ وذلك لأسباب شرعية وصحية أيضاً.

«الوسط الطبي» تعرض لكم قراءنا الأعزاء استطلاع رأي جمع آراء مختلفة بشأن مبدأ التبرع بالأعضاء وذلك بين مؤيد ومعارض.

معانٍ سامية وأيقونة تضحية

تقول بتول حميد: «أؤيد إجراء عمليات التبرع بالأعضاء طالما لا تضر بصحة المتبرِّع وتساعد على دعم صحة المتبرَّع له، فهذه العملية تحمل معاني سامية وأيقونة ثمينة للتضحية من أجل الآخر».

وتواصل: «في الحقيقة لا أستطيع أن أجزم بهذا فلا أملك خلفية طبية وإلماماً أكاديمياً كما يملك الأطباء، لكن بعد التأكد من عدم الإضرار بصحة المتبرِّع، تكون قد تحققت الغاية المرجوة وهي دعم صحة المتبرَّع له».

صدقة جارية وإيثار

وتؤيد مريم العريبي عمليات التبرع بالأعضاء بقولها: «طبعاً أنا من المؤيدين، إذ تُعتبَر في نظري كصدقة أو عمل خيري، فبعد إرادة الله تعالى طبعاً لا توجد أي مضار لمثل هذه العمليات طالما يجريها خبراء ومختصون بشكل مدروس».

وتضيف العريبي: «من إيجابيات التبرع برأيي اعتباره عملاً نبيلاً من شأنه أن يكون سبباً في إطالة عمر المتبرَّع له أو إنهاء معاناته؛ إذ تُعتبَر عمليات التبرع بالأعضاء تعزيزاً لمبدأ الإيثار لدى الفرد بشكل أساسي، وهذا ما يؤكد أهمية مساعدة الآخرين التي تتحدث عنها كل الديانات السماوية».

عمل إنساني نبيل

ولرملة جواد رأي مماثل، إذ أفادت: «أنا من مؤيدي التبرع بالأعضاء وخصوصاً تلك التي وهبنا الله سبحانه بها بعدد مثل الكليتين أو حتى أي عضو آخر نستطيع التبرع به لشخص يعاني ألماً أو فشلاً في عضوه الجسدي. حقاً قد تكون هناك بعض المضار الصحية ولكن على المتبرع دراسة الموضوع جيداً قبل القيام بتلك الخطوة وذلك حتى يكون على بينة مما سيجري له وما سيجري عليه».

وواصلت جواد: «إيجابيات العملية تكمن في التبرع بعضو من جسمك لإنسان آخر حياته بين يديك وأنت من سيسترجع له صحته وسعادته، أما سلبياتها فتكمن في وجود بعض السلبيات الصحية على جسم المتبرع. أنا شخصياً كثيراً ما يدور هذا الموضوع في ذهني، حتى مبدأ التبرع بالأعضاء لما بعد الموت، فلماذا لا نترك غيرنا يستفيد بجزء من جسدنا إن كنا قد فارقنا هذه الحياة؟! فالتبرع بالأعضاء يبين لنا كم أن المتبرع إنسان محب للخير ويعتبر حياة الآخرين متصلة بحياته».

وبينما تؤكد بتول سيدعلي تأييدها بقولها: «نعم أنا من المؤيدين لإجراء عملية التبرع بالأعضاء»، فهي تبرر لذلك بأنه «بهذا التبرع سيتم إنقاذ حياة شخص آخر، ولا أنكر وجود بعض المضار الصحية من خلال إجراء هذه العملية لكن لابد من إجراء بعض التحاليل سابقاً وبشكل جيد إلى جانب أخذ فارق السن بين الطرفين في الحسبان».

وتردف: «النقطة الإيجابية في إجراء هذه العملية هي قدرة المتبرَّع له مواصلة حياته بشكل سليم، لكن تكمن النقطة السلبية في إمكانية رفض جسم المتبرَّع له لهذا العضو، وبالتالي فإن ذلك سيؤدي إلى انتكاسة في حالته الصحية».

رؤية شرعية غير واضحة

ويعارض أحمد سلمان عمليات التبرع بالأعضاء بقوله: «لا أؤيد إجراء هذه العمليات، فالمجتمع لا يتقبل هذه الفكرة عموماً والرؤية الشرعية بشأنها غير واضحة إلى جانب أن التوعية الطبية بشأنها قليلة، فمن الممكن أن تكون هناك أضرارٌ لها وخصوصاً عندما يتبرع المتبرِّع بأحد أعضائه الذي يملك اثنين منه كالكلى، وبذلك يكون العمل مضاعفاً على العضو الآخر المتبقي».

ويكمل سلمان: «على رغم وجود تجربة واحدة أعرفها لأم تبرعت لابنها بكلية لتمكنه من العيش الكريم وذلك في ظل معاناته من مشكلة خلقية في الكلى، إلا أن الفكرة ليست واضحة تماماً عن الإيجابيات والسلبيات، فلعل الإيجابيات تكون هي الأكثر بالنسبة للمستقبل القادم أكثر؛ لكون المتبرَّع له سيكون في حالة صحية أفضل، بيد أنه من جهة أخرى تكمن السلبيات في إمكانية رفض الجسم للعضو المنقول وبذلك تكون الخسارة بالنسبة للطرفين وتقليل المناعة؛ هذا ما يؤثر على الصحة العامة إلى جانب شعور المتبرِّع بالنقص مقابل الآخرين وقد تكون هناك آثارٌ سلبية أخرى».

بريق أمل لحياة جديدة

وفيما تؤكد رباب الشهابي رأيها في قولها: «نعم أؤيد إجراء عمليات التبرع بالأعضاء»، فهي تبرر: «لأن هناك أملاً في إعطاء الحياة لإنسان آخر بحاجة إلى ذلك، وهي فرصة لمساعدته على الشفاء من المرض والاستمرار في حياته، غير أني لا أنكر وجود بعض المخاطر أحياناً جراء هذه العملية ومدى استعداد المتبرِّع للقيام بها؛ إذ بالإمكان أن تسبب بعض المخاطر في حياة المتبرِّع والمتبرَّع له في حال عدم نجاح العملية».

وتواصل الشهابي: «في بعض الدول النامية يتاجر الأفراد بالأعضاء ويضطرون إلى بيعها من أجل الحصول على الأموال وليس بقصد التبرع والمساعدة، والهدف من ذلك هو الحاجة المادية؛ لذلك فإنه يُعتبَر أمراً غير أخلاقي، بينما الجيد في إجرائها هو المساعدة على شفاء المريض وعودته إلى مزاولة حياته بشكل طبيعي».

الملاءمة الطبية ضرورة

وتقول سوسن محمد جواد: «نعم أؤيد إجراء عمليات التبرع بالأعضاء طالما كان لا يضر الشخص المتبرِّع صحياً، فإجراء هذه العملية لا تتم إلا إذا كان المتبرَّع له بحاجة ماسة إلى ذلك وقد تكون سبباً في إنقاذ حياته، بيد أن هذا لا يجب أن يتم إلا بعد الكشف عن مدى الضرر التي قد يسببه في صحة الإنسان نفسه وذلك عن طريق إجراء بعض الفحوصات الطبية على جسمه لبيان مدى ملاءمة هذا العضو إليه من عدمه».

وتضيف أن «الإيجابية في إجراء هذه العملية معنوية، فالمتبرِّع استطاع أن ينقذ حياة المتبرَّع له في حين كاد أن يفقد حياته، بينما السلبية تكمن في حال التبرع، فإذا أجريت اختبارات مختبرية خاطئة فإنها قد تودي بحياة كلا الطرفين».

موافقة المتبرِّع شرط

ويؤكد مهدي المدحوب رأيه: «أنا من مؤيدي التبرع بالأعضاء لإنقاذ شخص آخر لكن بشرط الحصول على موافقة المتبرِّع وتحديد الجهة المستفيدة منها، وتتحدد مدى مناسبة إجراء هذه العملية بعد إجراء الطبيب الفحوصات المناسبة بأخذ العينات لمطابقتها ومعرفة مدى تقبل الجسم الآخر لذلك الجزء المراد نقله أو استبداله. نعم إنه لأمر محمود ويثاب المرء عليه عندما يكون سبباً في إنقاذ إنسان من خطر أو عاهة».

ويسترسل: «من جهة أخرى فإن هذه العملية من وجهة نظري يساء بسببها أحياناً استغلال بعض أعضاء الجسم وعدم تقنينها؛ ما يؤدي إلى فتح الباب على مصراعيه للعب بأجسام العباد والاصطياد في الماء العكر، أو تتم أحياناً المتاجرة بالأعضاء على حساب الغافلين والمستضعَفين؛ لذا لابد أن تتوافر جهات محايدة للإشراف على تلك العمليات وضمان شفافيتها بعيداً عن الاستغلال والمتاجرة».

العدد 3875 - الثلثاء 16 أبريل 2013م الموافق 05 جمادى الآخرة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً