في إطار المنظومة المتداولة والمزدوجة لتفسير مفاهيم العملية السياسية محلياً وحراك عناصرها وبما له علاقة بالحوار الوطني ومتطلباته، لا يكفي قراءة نفي التصريحات الرسمية للتيقن بعدم وجود وساطات عربية أو خليجية بين إيران والبحرين لحل الأزمة، أو أن الحديث عن ذلك يعد «أكاذيب» ومحض افتراء. لماذا؟
لعدة أمور بعضها يتعلق بحال التوازن السياسي على صعيد المنطقة وما يعكسه من تأثيرات على الواقع المحلي، فضلاً عن التوافقات الإقليمية المرحلية منها أو الاستراتيجية.
ففي هذا السياق، ثمة كثافة من الدلالات والمعلومات التي يمكنها فك طلاسم الرسائل السياسية المختلفة والمتداولة إقليمياً ومحلياً، ما يجعل الثقل الانفعالي الزائد نفياً بغرض التعبئة المضادة، وما يرافقها من سجالات حول الإصلاح السياسي أو قرارات تركز على قضايا خارجية كإدراج «حزب الله اللبناني» مثلاً على قائمة «المنظمات الإرهابية» محلياً وغيرها من مواقف، لاشك تمثل هروباً للأمام، كما تستبطن مواقف استباقية تجاه الاستحقاقات الشعبية المتوقعة وغلق قنواتها، ولاسيما عند مقاربة الأزمة السياسية محلياً وملاحظة تكاثر اتهام المعارضة بالخيانة ومطالبتها بعدم زج قضايا الصراع المحلي في إطار التدخلات الخارجية، فيما يعتقد البعض من جهته أن الوحدة الخليجية الاندماجية تعتبر حلاً أمثل للأزمة، وأن الوحدة شأن داخلي وليس تدخلاً خارجياً.
الأمر المؤكد ان البحرين بلد صغير لا يمكن عزله عن محيطه، فهو منفتح اقتصادياً وسياسياً وتاريخياً بمصراعيه على الخارج، وإن لم نبالغ ففي بعض جوانب حالته السياسية يشبه لبنان إلى حد كبير فيما يحدد أوضاعه، ما يجعل مطالبة قوى المعارضة بالنأي به عن التفاعل والتداخل المتشابك مع متغيرات الحراك السياسي الإقليمي والدولي مجرد هراء، ولا أدل على ذلك من رصد إطالة أمد الأزمة السياسية منذ احتجاجات 14 فبراير (شباط) 2011 وتقطيع الوقت في قضية الحوار الوطني غير الجاد حتى اللحظة، وحدة المناقشات ومناوشات التصريحات النارية التي تضع بمجملها، بقصد أو دون قصد، سبل مخارج الأزمة في وضع «احتمالات» التسوية الإقليمية.
إن الواقع يثبت للمتابع أن أطراف الحوار عينها مسلطة على الحراك السياسي المتسارع إقليمياً، وما يسفر عنه من نتائج قد تعزّز الأوراق التفاوضية لهذا الطرف أو ذاك. وفي حقيقة الأمر ان تلك النتائج مرهونة بما ستؤول إليه النقاشات الإستراتيجية بين الروس والأميركان، وما إذا كانت ستأخذ مساراً نحو تسوية تفاوضية في سورية أم باتجاه حل عسكري كسبيل لحل الصراع، فضلاً عما ستتمخض عنه القمة المقبلة في يونيو/ حزيران بين الرئيسين الأميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين، وخصوصاً ان أهميتها تبرز برأي المحللين من كونها تضع أسس التسوية والاستقرار العام في المنطقة والعالم.
وهذا ما جعل الدور الإقليمي (السعودي تحديداً) بحسب التقارير يعود بقوة من خلال حراك مراكز القرار وإعادة تموضعه في السياسة الخارجية في خضم التطورات الإقليمية الجديدة، وما التفاهمات والتوافقات اللبنانية والإقليمية والدولية الأخيرة بشأن تكليف تمام سلام لرئاسة وتشكيل الحكومة اللبنانية، إلا لمنع نشوب حرب أهلية وللحفاظ على الاستقرار السياسي والأمني، والتمهيد لمشاهد إقليمية جديدة.
في هذا الصدد تنسب صحيفة «السفير» اللبنانية إلى أحد مصادرها أن «السعودية جادة في تعزيز وترسيخ مناخات الوفاق بين اللبنانيين، وليس هناك مناورة في ذلك على الإطلاق، وهذه الإيجابية تزامنت بمد يد تيار المستقبل إلى حزب الله»، كما تساءلت تقارير تحليلية أخرى: عن وجود صفقة ما بين السعودية وطهران في لبنان، «وان لا معلومات تؤكدها» إلا انها تشي بحسب كاتب لبناني: «عن تقاطعات بينها وبين الطرف الإيراني إثر زيارة أوباما الأخيرة وتوسطه في إعادة العلاقات التركية - الإسرائيلية تمهيداً لتتويجهما بوكالة إقليمية مشتركة بينهما كقوتين إقليميتين لحماية المصالح الأميركية في المنطقة، الأمر الذي يجعل السعودية وإيران أكبر المتضررين من تقاسم هذا النفوذ، وهو ما قد يدفعها لاحقاً إلى تفاهمات سرية قد لا تخطر على بال، ليس في لبنان فقط بل في العديد من البلدان الأخرى، فضرورات الأمن القومي تبيح محظورات التنافس الإقليمي والصراعات الايديولوجية».
إلى هنا كشفت حصيلة عدة تقارير عن انزعاجات لأطراف خليجية من دور بعض الأطراف المتحالفة مع الأتراك في المنطقة، ولاسيما بما يمثله دور هذه الأطراف المنزعجة من ثقل عربي وإسلامي ليس من مصلحتها تأجيج الصراع المذهبي أو دعم القوى التكفيرية التي لو تمددت فسوف تهدّد أمن دول الخليج نفسها. وفي هذا الشأن يشير رئيس تحرير «السفير» في مقالة مؤخراً إلى انه «ليس سراً أن الكثير من القرارات المتصلة بأمن المنطقة، بممالكها وجمهورياتها وإماراتها والمشيخات، تتخذ بقدر من التنسيق بين (الخصوم) في المعسكرات المختلفة، أو عبر الإبلاغ المسبق بمضمونها، أو أقله عبر الإيحاء باتجاه الريح». ماذا يعني كل ذلك؟ ببساطة شديدة يعني انه لا خطوط حمراء محرمة ومطلقة في احتمالات تقارب دول المنطقة مع إيران أو غيرها، والتواصل معها بالتحاور أو التفاوض معها كخصم، فأولويات وضرورات الأمن القومي كما أشرنا أعلاه، «تبيح المحظورات»، إضافة إلى أن تفاعل الوضع المحلي ونتائجه له صلة مباشرة ومضمرة بلعبة توازنات الأقطاب الإقليمية والدولية، والأوضاع الحالية ليست كما كانت، ولم يعد مجدياً ولا مناسباً النفي المتكرر لما يعد من أصحاب القرار الإقليمي والدولي، الأهم، ليس من المنطقي ولا المعقول بقاء البحرين مصدر قلق لجيرانها بجعل الأزمة مفتوحة الأمد.
لقد انتهت مرحلة من حياة الشعوب، وبدأت مرحلة سياسية بعناصرها وتركيبتها وتوجهاتها الجديدة، والفطنة تكمن في قراءة هذه المتغيرات بواقعية وموضوعية.
إقرأ أيضا لـ "منى عباس فضل"العدد 3875 - الثلثاء 16 أبريل 2013م الموافق 05 جمادى الآخرة 1434هـ
الى من يهمه الامر
والله هذه قراء مستفيضه في الواقع الذي نعيشه ولكن مشكلتنا في البحرين مزمنه مع اناس تعودو على نمط من الحياة واليوم من الصعب عليهم فهم الواقع والتعايش معه,ومن هذا المنضور تراهم بحل المشكله السياسيه في البلاد وأعطا الشعب حقه في العيش الكريم ودون منه او مكرمه يكلفهم الكثر وخاصة المتنفدين والمتمصلحين من ابقاء الاج على هاذا الوضع وهذا بنسبه لهم حياة اوموت يعن نكون اولانكون,لانهم لم يقراؤ التاريخ واليوم الدول مصالح.
السياسة الواهية تضع البلد رهن التغيرات والتقلبات الاقليمية والدولية
لو كانت هناك سياسة حكيمة وواعية ومقتدرة في البحرين لما وصل الحال الى ما وصلنا اليه.
من المؤكد ان هناك حلول وسط كان بالامكان التوصل اليها قبل ان يحصل ما حصل لو كانت النوايا سليمة ولكن هناك احقاد سياسية
يا رب الفرج
يارب الفرج الي شعب البحرين
التغيير قادم مهما نفوا
عادتهم ينفون اي حوار أو ضغوط أو تغيير... والتغيير قادم قادم.