سمعت منذ أيّام قليلة شخصاً عابثاً بالكلمات يقول: «لقد بدأ الربيع العربيّ بسقوط بغداد منذ عشر سنوات»، وواصل غير عابئ بتعجّبي: «ولو لم يسقط نظام الدكتاتور الغاشم النمرود صدام حسين ما تحرّكت الشعوب العربية بحثاً عن الديمقراطية ولا سقطت الأنظمة الهشة التي نخرها الفساد والتي لم يعد تنفع معها أرقى الأدوية الأجنبية، بل لولا ذلك ما أدخلت بعض الأنظمة العربية الأخرى حزمةً من الإصلاحات الجوهرية أو حتى الشكلية علّها بذلك تضمد جراحاً أو تسكّن آلاما...».
آنذاك لم أتمالك نفسي، وأنا المدافع عن الربيع العربي- مهما قالوا فيه وتهامسوا عليه أو حتى قذفوه ظلماً وزوراً- وصحت فيه بملء فم الغضب: «أيّ ربيع عربيّ بدأه العراق؟ وهل اختار العراق منذ عقد من الزمن مصيره؟ أم كان قدراً مقدوراً؟ وكدت أسترسل في الدفاع عن رأيي لولا أنّ ضحكة ساخرة تكشّفت عنها شفتاه، وقال: «مالك عصبيّ؟ وكيف تصدّق بسرعة ما أقول؟ ما قلته كان كذبة أبريل بمناسبة مرور العقد الأوّل على احتلال بغداد»، وأردف والألم يعتصره: «ألا ترى أنّ كُثر الهمّ يضحّك».
صدقت يا أخي، إنّ الشيء إذا بلغ إلى حدّه انقلب إلى ضدّه. وفعلاً بعد التشكيك في بوادر الربيع العربي ومنابته الأولى، لم يبق إلاّ أن ننسبه إلى الأميركان والانجليز حين أطاحوا بدكتاتورية صدام بحجة امتلاكه أسلحة الدمار الشامل. وبعد عشر سنوات بم تحتفظ الذاكرة؟ وما الذي يجب أن لا ننساه؟
لكن هل يعلم شباب اليوم أنّ هذه الحجّة واهية؟ هل يعلم شباب اليوم أنّ رجلاً سويدياً مخضرماً يدعى هانز بليكس، كانت الأمم المتحدة قد عيّنته على رأس فريق التفتيش الدولي على أسلحة الدمار الشامل في العراق، قد صرّح في مقال له أنّ الحرب على العراق كانت خطأً فظيعاً.
وكتب بليكس في مقاله: «بينما كنا نشعر بالحزن لإجبارنا على إنهاء مهمتنا التي أوكلها لنا مجلس الأمن الدولي، حيث كنا مازلنا في منتصف الطريق، ورغم قيامنا بعملنا جيداً، كان هناك شعور بالسعادة أيضاً لأننا سنغادر بأمان.. فقد كان هناك قلق من أن يتعرض مفتشونا للاحتجاز كرهائن، ولكن في واقع الأمر كان العراقيون متعاونين جداً أثناء وجودنا هناك». وأضاف أنه بعد عشر سنوات من الحرب على العراق «اليوم... أسأل نفسي مجدداً عن أسباب حدوث هذا الخطأ الفظيع، والمخالفة الصريحة لميثاق الأمم المتحدة؟».
لقد كان الهدف المعلن من الحرب تدمير أسلحة الدمار الشامل التي قيل أنها بحيازة بغداد، إلاّ أنه لم يُعثر على أيّ منها. وقيل الهدف من الحرب مزيد القضاء على تنظيم القاعدة بعد الحرب عليه في أفغانستان، لكن حاد القدر عن هدف الأميركان فغرسوا في العراق تنظيمات جهادية انتحارية كلّفت العراق الشيء الكثير.
هل تعلم أيها الشباب أنّ دراسة تحمل اسم مشروع تكاليف الحرب أعدّها معهد «واطسون» للدراسات الدولية في جامعة براون، أظهرت أنّ الحرب أسفرت عن مقتل 134 ألف مدني عراقي، وربما ساهمت في مقتل أربعة أمثال هذا العدد. وذكرت أنه بإضافة أعداد القتلى بين قوات الأمن والمسلحين والصحافيين والعاملين في المجال الإنساني يرتفع العدد الإجمالي لقتلى الحرب في العراق إلى ما بين 176 ألفاً و189 ألف شخص.
وخلص التقرير إلى أن الولايات المتحدة لم تكسب شيئاً يذكر من الحرب في حين أنها سببت صدمةً للعراق... وذكر أن «الحرب نشطت الإسلاميين المتشددين في المنطقة وأصابت حقوق المرأة بانتكاسة وأضعفت نظام الرعاية الصحية الضعيف أصلاً، مشيراً إلى أن جهوداً لإعادة الإعمار بكلفة 212 مليار دولار فشلت إلى حد كبير مع إنفاق معظم هذا المبلغ على الأمن أو فقدانه بسبب الإهدار والاحتيال».
العراق اليوم يصفه البعض متشائماً «شعب جريح وبلد في مهبّ الريح»، فبعد أن كان لاعباً إقليمياً ودولياً، صار غارقاً في بحر من الفوضى الموسومة بالخلاقة على الطريقة الأميركية، والموسومة بالهدّامة بحسب الأعراف الإنسانية وغير الإنسانية.
وفيم تختلف الذكرى العاشرة لبداية الحرب على العراق عن ذكراها في السنوات السابقة؟ مجازر يومية، وحرب أهلية على الأبواب مع كل تصريح هنا أو هناك، بلد في مهب الاحتمالات أحسنُها أسوأُ: هل تتحوّل إلى دويلات، أم تحتفظ بعراق «موحّد»؟ هل تتبع إيران أم تتبع العرب؟
حقّا لعلّ نهاية العام العاشر تشبه تماماً نهاية العام الأول، فمدينة الفلوجة سجّلت باسمها أولى المعارك الدامية في مواجهة الجيش الأميركي، وها هي تسجل باسمها اليوم التظاهرات التي انطلقت منذ 80 يوماً وتطالب بالحقوق والعدالة والحريات.
إنّ العراق من السيّئ إلى الأسوأ، بحسب المحامي والمحلّل السياسي العراقي صباح المختار، وهو يتعرّض إلى عملية تدمير وتفكيك ممنهجة رغم مرور عقد على احتلاله، ورغم كل ما يقال عن الانسحاب الأميركيّ منه.
في الذكرى العاشرة لاحتلال العراق قد لا أجد سلواي إلاّ في أبيات لشاعر العراق العظيم بدر شاكر السياب حين قال في أروع قصيدة عربيّة في القرن العشرين... قصيدة «أنشودة المطر»:
تثاءبَ المساءُ والغيومُ ما تزال
تسحّ ما تسحّ من دموعها الثقال:
كأنّ طفلاً باتَ يهذي قبلَ أنْ ينام
بأنّ أمّه - التي أفاقَ منذ عام
فلم يجدْها، ثم حين لجَّ في السؤال
قالوا له: «بعد غدٍ تعود»...
لابدّ أنْ تعود.
إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"العدد 3874 - الإثنين 15 أبريل 2013م الموافق 04 جمادى الآخرة 1434هـ
تشاؤم كبير
العراق من السيّئ إلى الأسوأ، بحسب المحامي والمحلّل السياسي العراقي صباح المختار، وهو يتعرّض إلى عملية تدمير وتفكيك ممنهجة رغم مرور عقد على احتلاله، ورغم كل ما يقال عن الانسحاب الأميركيّ منه.
بودبوس على مهلك
شوي شوي معنا , لم يكن دخول الامريكان احتلالا بل كان تحرير من ابشع مجرم في تاريخ البشرية كان من قوانينه القرقوشية قطع الالسن والاذان و وسم الجباه ومنع الانترنت والموبايل والستلايت ومحاكمة 42 كاسب في دقيقتين فقط ومحاكمة 148 متهما في 17 يوم مات منهم في التعذيب 40 فعن اي احتلال تتكلم يا شيخ .. بوش عليه السلام حررنا بعد ان فقدنا الامل بالعربان الذين مازالو الى الان يدافعون عن المجرم حتى سلفية الكويت يدافعون عنه \nالبصرة .
صدام ظالم والامريكان ظلام
والله يضرب الظالم بالظالم.
فأمريكا ليست محررة ولن تكون محررة وهي لا تريد الخير لاي أمة
لكن أعلم أن الله يمهل ولا يهمل.
راحت انظمة عميلة وجتنا أنظمة اكثر عمالة وبأسم الدين
تونس، ليبيا ومصر في مهب الريح
هل هذه الانظمة في هذه الدول تقف مع القضايا العربية؟
هل هذه الانظمة حرة ومستقلة؟
هل هذه الانظمة ديمقراطية؟
هذه الدول أصبحت الممول البشري لارهابيي الفوضى الخلاقة الامريكية الصهيونية.
ودول الخليح هم الممول المادي لهذه الفوضى الخلاقة.
الحقيقة المرة. النظام العربي كان دائما أما دكتاتور مستبد و نظام متخلف عميل.
والشعب العربي كان دائما يأمل من التخلص من الدكتاتورية الأجرامية أمثال صدام ومن الرجعية العميلة أمثال مؤيدي ما يسمى اليوم بالربيع الغربي.
وكان الشعب دائما ينظر إليه نائم في سبات عميق وميت مقبور.
جاء الربيع الغربي وتحرك الشعب المقبور وكشف لنا الستور.
ماذا حدث؟ ماهذه الافكار؟ ما هذا الجهل؟
الشعب العربي في قمة التخلف وقمة الرجعية وقمة الوحشية أسوأ من النظام الدكتاتوري والنظام العميل.
من كان يتوقع أن يخرج لنا سفاحين قتلة سفاكين دماء وبإسم الدين.
الله يهدي هذه الامة.
لابد أن تعود
بأنّ أمّه - التي أفاقَ منذ عام
فلم يجدْها، ثم حين لجَّ في السؤال
قالوا له: «بعد غدٍ تعود»...
لابدّ أنْ تعود
والله
والله لو حكام الخليج وامريكا اشيلون ايدهم من العراق شان العراق ابخير
لو لم تكن هذه الحرب
نظام صدام بالحروب المتتالية ابتلع مئات الالوف من البشر وتلك الحرب مثل ما قال المثل اخر الحل الكي فصدام لايقتلع بسهولة وهو اعان على اقتلاعه عندما دخل الكويت وركوعه في النهاية للغرب حتى الملاعق الذهبية في قصره فحصوها.
نرجو أن لا تنقل العدوى إلى مصر
العراق اليوم يصفه البعض متشائماً «شعب جريح وبلد في مهبّ الريح»، فبعد أن كان لاعباً إقليمياً ودولياً، صار غارقاً في بحر من الفوضى الموسومة بالخلاقة على الطريقة الأميركية، والموسومة بالهدّامة بحسب الأعراف الإنسانية وغير الإنسانية.
يجب ان لا ننساه
يجب ان لا ننساه
لابدّ أنْ تعود
إن شاء الله تعود