الدائرة الأولى في المحافظة الوسطى تمتد على مساحة واسعة وتضم مناطق عدة تتمثل في خليج توبلي وتوبلي، ومنطقة الدفنة الجديدة، والهجير والجبيلات والكورة وبر توبلي وجدعلي الجديدة وجرداب وسند والناصفة، ومجمع واحد في مدينة عيسى، وهي بطيعة الحال تضم خليطا من الشيعة والسنة والمجنسين، ما يعطي مؤشرات على أن الدائرة ستكون محسوبة على طرف معين من هذه الأطراف دون غيره، وهو الأمر الذي لم توافق عليه مترشحة الدائرة أمل الجودر حين رفضت اعتبار الدائرة محسوبة على أي طرف معين، مشيرة إلى أن صناديق الاقتراع هي التي ستحدد ذلك، خصوصا مع دائرة تضم 15 الفا و500 ناخب.
بينما تناول منافسها جلال فيروز الأمر من جانب آخر، حين أشار إلى أن نسبة الزيادة في السكان تبلغ نحو 2.4 في العام الواحد، بينما الزيادة في هذه الدائرة تتعدى الـ 50 في المئة، مبينا أن مجمع 816 في دائرته يضم مجنسين أدرجوا في قائمة الناخبين في هذا المجمع، وهو ما اعتبره محاولة من الحكومة لتغليب أمر ما.
الجودر وفيروز اختلفا بشأن عدة أمور ذات علاقة بالانتخابات، وذلك خلال المناظرة الآتية التي نظمتها “الوسط”:
? كيف ترين حظوظك في الفوز وأنت محاصرة بمنافسين من الرجال؟
- الجودر: أعتقد أن موقفي جيد، وتلقيت مكالمات عدة من أهالي الدائرة ممن أكدوا مناصرتي اثر معرفتهم بي من خلال مشاركتي في الجمعيات المهنية... أنا متفائلة جدا، وهذا شرف لي أن أتنافس مع هذا العدد من المترشحين من الرجال، وهو ما اعتبره دليلا على قوتي وأني أنافس على مستوى الند للند.
? هل يعني ذلك أنك ستعتمدين من خلال مشاركتك في الانتخابات على معرفة أهالي الدائرة بك كطبيبة؟
- الجودر: ليس كوني طبيبة فقط، وإنما لحضوري الاجتماعي في المنطقة على مدى 25 عاما.
? ماذا عنك، بخلاف كونك مدعوماً من الوفاق، هل تستند في دائرتك على قاعدة عريضة من أهالي المنطقة؟
- فيروز: أستند على وعي الناخب باختيار من يستطيع أن يحقق له آماله وطموحه، ويستطيع أن يرتب ملفاته من أجل أخذ حقوق الناس والضغط باتجاه منح المزيد من الحريات والحقوق العامة، وكذلك كوني منخرطا في الأعمال التطوعية والاجتماعية والثقافية. كما أعول على معرفة الناخب بالناس الذين طالما ضحوا بمصالحهم الخاصة من أجل تغليب المصلحة العامة ومصلحة الشعب وتخلوا عن امتيازاتهم الخاصة من أجل ذلك.
? أهالي الدائرة يرون أن الوفاق فرضت عليهم مترشحها فرضا، فما رأيك في ذلك؟
- فيروز: عندما استقصيت المسألة وجدت أن أهالي توبلي لم يتحدثوا في هذا الشأن، إنما كان عدد من أهالي منطقة الكورة ممن تحدثوا عن وجود بعض الشخصيات التي يرون أيضا حضورها وأحقيتها في الترشح، والحقيقة أني لم أتقدم إلى قبول الترشح إلا بعد أن زارني عدد كبير من قيادات الرأي ورؤساء المؤسسات والأعيان والوجهاء في هذه الدائرة، وطلبوا مني الترشح. وأنا إلى اليوم أقول لأهالي الدائرة، إن كانوا يرون من هو أكفأ مني أو ارتأوا ألا أكون ممثلا لهم، فأنا على أتم الاستعداد لسحب ترشيحي.
? هل عبرت عن ذلك خلال لقاءات جمعتك مع أهالي الدائرة؟
- فيروز: اللقاءات مستمرة ولم تبدأ منذ أشهر وإنما منذ سنوات عدة ويحضر الأهالي بكثافة في مجلسي الأسبوعي وفي كل شهر على الأقل أتلقى دعوة لمشاركة في فعاليات اجتماعية ينظمها أهالي المنطقة، إضافة إلى أن هناك تجمعات يتم دعوتي إليها للتحدث معها بشأن المستجدات في الساحة السياسية.
- الجودر: بالنسبة لي فقد التقيت بالأهالي منذ فترة أيضا قبل طرح موضوع الانتخابات على الساحة، خصوصا أثناء مرض انفلونزا الطيور واعتبر هذا الأمر فرصة للاحتكاك بالناس.
? الدائرة فيها خليط من الشيعة والسنة والمجنسين، هل تعتقدون أن الدائرة محسوبة على طرف معين من هذه الأطراف؟
- الجودر: ليست محسوبة على أي طرف معين، وصناديق الاقتراع هي التي ستحدد ذلك، خصوصا أن كل الأسماء المطروحة ذات كفاءة، صحيح أن هناك عناصر أخرى كثيرة ستتدخل في المسألة، لكن في النهاية من سيحدد من سيفوز في هذه الدائرة هي صناديق الاقتراع. فمع وجود 15 الفا و500 ناخب، وهو ليس رقم بسيط، وفيه كل التوجهات بحسب الطائفة أو المذهب، لذلك فإن العملية لن تتضح إلا في الفترة الأخيرة، وسيكون صندوق الاقتراع هو الحكم.
- فيروز: الدائرة يقطنها 27 ألف مواطن بحريني ينتمون إلى غالبية مشارب وأطياف هذا الشعب، وعلى رغم أننا يجب أن ندفع باتجاه المواطن وحب الوطن، إلا أن البحرين تتشكل من نسيج متجانس من أطياف ومذاهب كريمة وكلها متحابة ومتكاتفة متحدة في رؤاها ولها تطلعات واحدة، فلا فرق بين احتياجات منتم إلى مذهب أو لآخر.
والمنطقة بشكل عام تنقسم إلى ثلاثة أقسام، القرى وهي التي كان فيها الناس منذ مئات السنين، وهناك المنطقة التي استحدثت قبل نحو نصف قرن وهي منطقة مدينة عيسى وجدعلي، والثالثة هي منطقة ابتدأ العمران فيها قبل عشرة أعوام، وهي المناطق الجديدة في سند والناصفة وخليج توبلي، وبشكل عام المواطنون في هذه المنطقة أناس طيبون وديعون وتوجهاتهم تنصب باتجاه المصلحة العامة، وأرى أنهم يريدون فعلا من يهتم بحل بعض القضايا العالقة كمشكلة السكن بالدرجة الأولى ثم البطالة ومستوى المعيشة، ومازالت هناك فئة يغلب عليها الفقر إذ ان مدخولها أقل من 240 دينارا وهو ما يساوي خط الفقر في البحرين.
-الجودر: بالحديث عن هموم المواطنين، قمت بإجراء استبيان في المنطقة وكانت مسألة السكن والدخل والتعليم الجامعي هي القاسم المشترك بين العينات التي اخترناها، سواء هذه العينة في توبلي أو أي منطقة أخرى.
? كيف تريان دور المجنسين في دائرتكم في التأثير على نتائج الانتخابات؟
- الجودر: الدائرة فيها امتداد سكاني كبير، إذ ازداد عدد البيوت في الدائرة، وحتى في خليج توبلي، ويجب ألا ننسى أن من لم يشارك في الانتخابات السابقة لأن سنه كان أقل من سن الناخبين القانوني أضيف لقائمة الناخبين في هذه المرة... قد يكونون مجنسين، ولكن قانون الجنسية يعطيهم الحق في التصويت.
- فيروز: لدى وجهة نظر مغايرة، وهي أن نسبة الزيادة في السكان تبلغ نحو 2.4 في العام، بينما الزيادة في هذه الدائرة يتعدى الـ 50 في المئة، أضف إلى ذلك أنه في مجمع 816 لا توجد أرض فضاء منذ 10 سنوات، كما أن هذه الدائرة فيها المئات ممن تزوج وخرج عن بيت والده فكان من المفترض أن عدد الناخبين في هذا المجمع يقل ولا يزيد.
كما أن قانون الجنسية لا يعطى الحق للتصويت ممن لم يمر على تجنيسه 10 سنوات، ولم يأت أي قانون ينسخ قانون الجنسية حتى هذه اللحظة حتى يغير الأمور... الواضح أن هناك تجنيسا متعمدا، وأن هناك مجنسين يدرجون في قائمة الناخبين في هذا المجمع من أجل تغليب أمر ما.
- الجودر:المجنس فور حصوله على الجنسية البحرينية يعتبر مواطنا، والملك من حقه منح الجنسية لأي كان...
- فيروز:... ليس من حق أحد إعطاء الجنسية لأي كان،إلا إذا كان قد قدم انجازات للبحرين، والقانون الخاص يحسب ذا سيادة على القانون العام، كما أن قانون الحقوق السياسية لم ينسخ قانون الجنسية.
?تتحدثان عن مشكلة الإسكان وهي المشكلة التي تفتح جدلية التداخل بين اختصاصات النواب والبلديين...
- فيروز: هناك 19 اختصاصا للبلديين حددتها المادة 25 من قانون البلديات، والاختصاصات واضحة ومحددة، وأتفق مع البلديين بأن نواب البرلمان يجب ألا يتدخلوا في اختصاصات البلديين، وإنما يجب الدفع باتجاه الملفات العالقة إلى الأمام، خصوصا أن العمل النيابي ربما يكون أكثر من البلدي، ومسألة السكن قد لا تدخل في اختصاصات العمل النيابي، وإنما مشكلة لها علاقة بتوزيع الموازنة، إذ لدينا 47 ألف طلب على قوائم الانتظار في وزارة الأشغال والإسكان وهي مشكلة وطنية بحاجة للحل تحت قبة البرلمان، بينما الأمور الخدمية البحتة الأخرى هي في الجانب الأول اختصاصات بلدية. وتستطيع لجنة الخدمات في المجلس النيابي التعاون مع المجالس البلدية من أجل رفع احتياجات هذه المناطق.
- الجودر: دور المجلس هو تشريعي ورقابي بالدرجة الأولى ناهيك عن مسئوليته عن الموازنة، وحين تكون هناك خدمة يمكن سن قانون، لذلك أرى أن هناك تكاملا بين العمل البلدي والنيابي.
- فيروز:إضافة لذلك فهناك ثغرة موجودة في اللائحة الداخلية للمجلس تحتاج إلى معالجة، وهو ما يتعلق بلجنة الخدمات، ومضمون الاقتراحات برغبة ويستطيع حسب اللائحة الداخلية أن ينصرف على القضايا الخدماتية ما يشكل تداخلا على العمل البلدي، لذلك يجب أن تكون خطوط الفصل واضحة بين العملين البلدي والنيابي، وإذا كان هناك تقصير في طرح الخدمات من قبل أية وزارة، فمن واجب نائب الشعب محاسبة الوزير المعني في هذا الشأن.
? ما تقييمكم للتجربة النيابية السابقة؟
- الجودر: يجب ألا ننسى ان التجربة وليدة، قد يكون النواب نجحوا في بعض الجوانب بينما لم يتمكنوا في الأخرى، وعلى سبيل المثال هناك قضايا كادر الأطباء والفحص قبل الزواج، وكادر التمريض، والموازنة وقضية التأمينات والتقاعد، قد لا يكونون تمكنوا من مواصلة العمل بها، لكن ليس من الإنصاف أن نقول ان التجربة كانت فاشلة 100 في المئة، خصوصا أنها تجربة وليدة لا يمكن أن نحكم عليها منذ البداية.
- فيروز: التجربة السابقة على رغم أنها لم تخل من ايجابيات، غير أن السلبيات قد طغت عليها، وهو ما لا يخفى على الجمهور والناخب، الأمر الذي انعكس بطبيعة الحال على احتمال الإقبال على الانتخابات المقبلة.
والمشكلة ليست في قصور أداء النواب فقط على رغم أنهم جاءوا نتيجة للفرز الطائفي في الدوائر الانتخابية، ونتيجة لتوازنات طائفية مدفوعة من قبل المتنفذين، غير أن دستور 2002 قلص من صلاحيات المجلس المنتخب وأوسع من صلاحيات الحكومة وتعطيل القانون لدورتي انعقاد، إضافة إلى أنه كان هناك تلكؤ من الحكومة في التعاون مع البرلمان.
كما لا يمكن تجاهل أن المجلس السابق سيطر عليه الأعضاء الذين يحابون الحكومة ويرفضون قول كلمة لا للفساد المستشري في أجهزة الدولة... لذلك وجدنا أن البرلمان قصر في حل المسألة الأساسية، ومن ذلك مشكلة سرقة المال العام لا سيما في قضية الهيئتين التي لاقت فشلا ذريعا وتعتبر وصمة سيئة على جبين البرلمان السابق، وقضية التجنيس حين فشلت لجنة التحقيق من إبراز ومتابعة التجنيس السياسي والحد من ذلك، وكذلك في سلق الموازنة بشكل بشع لأن الحكومة ضغطت على النواب أن يمرروها على رغم ظلمها لقطاع الخدمات.
? من المعروف ان دائرتكما تمتد على مساحة واسعة وتضم قرى عدة، هل تعتقدان أنكما ستتمكنان من حسم الأمور لصالحكما في المناطق التي قد تكون بعيدة عن مقاركما الانتخابية؟
- الجودر: سأكون على تواصل مع كل الأهالي في المقر الانتخابي وأتوقع المشاركة في الانتخابات من الشباب اكثر من الكبار، لأنها ستكون تجربة جديدة لكن أتوقع أن يعزف الكبار عن المشاركة.
- فيروز: لدي أهل وأقارب في كل مجمع من مجمعات دائرتي، إضافة إلى الآلاف من الناخبين الذين يعرفوني عن قرب منذ أعوام طويلة، والذين كنت أحافظ على تواصلي معهم منذ أكثر من عشر سنوات، إضافة إلى أن بعض الوجهاء في الدائرة، قد أخبروني بأنهم شكلوا فرق عمل تنتمي إلى كل مجمعات الدائرة، ليكونوا أعضاء في فرق عمل الجهاز الذي ينظم عمل الحملة الانتخابية.
لاشك أنني أتوقع أن تكون هناك حال من الإحباط نتيجة للأداء السيئ للمجلس السابق والتعامل الفظ من قبل الحكومة مع احتياجات الناس، ناهيك عن القوانين الجديدة التي سنها البرلمان والمقيدة للحقوق والحريات، كلها عوامل ستساعد على تقليص إقبال الناس على صناديق الانتخابات، على رغم أني أرى توجها جديا في تشجيع بعضهم بعضا لا سيما بعد صدور البيان الرسمي من المجلس الإسلامي العلمائي الداعي إلى المشاركة الفاعلة في هذه الانتخابات واختيار المترشحين المخلصين والتداعي إلى قائمة موحدة تخدم الناس.
- الجودر: قد يكون هناك شبه عزوف بسبب أداء المجلس السابق، لكني متأكدة انه مع قرب العملية الانتخابية ستتغير الأمور، غير أني لا أتوقع أن تزيد نسبة المشاركة عن 60 في المئة.
- فيروز: أوافقها الرأي، فهناك هواجس عدة لدى الناس من تدخل أياد من وراء الستار في محاولة لتغيير بعض الأمور، ومن بينها المراكز العامة التي تسهل عملية التزوير في الانتخابات، والمترشح لن يتمكن من تعيين11 مندوبا عنه في كل مركز انتخابي لمراقبة مجريات الأمور... البحرين مساحتها الجغرافية صغيرة لذلك لسنا بحاجة لهذه المراكز العشرة.
والهاجس الآخر يكمن في المجنسين الذين يملكون جنسيات مزدوجة، وهؤلاء لا يستطيع الناخب أن يأمن ألا ينصاعوا وراء مال أو ضغط من أطراف متنفذة هنا أو هناك من أجل تغليب كفة على أخرى.
? حتى بعد بيان المجلس العلمائي الذي دعا إلى المشاركة؟
- فيروز:هذا البيان ساهم في التخفيف من هذا الإحباط.
- الجودر:أرى أن المراكز العامة ستسهل من العملية الانتخابية.
- فيروز: لا نحتاج لها لأنها تزيد من مصروفات العملية الانتخابية، كما أن هناك تخوفا من “لخبطة” الناخب في أن يتوجه لصندوق تابع لدائرة أخرى غير دائرته، أو أن تتداخل الأصوات هنا وهناك. نأمل من جلالة الملك أن يعمل على إيقاف العمل في المراكز العامة وتنفيذ قانون الجنسية لسنة 63 بمنع المجنسين حديثا من التصويت حتى تمر10 سنوات على منحهم الجنسية.
بعد انتهاء المناظرة، ذكّرت أمل الجودر منافسها جلال فيروز بوعد سابق كان قد وعده إياها على حد قوله، حين قالت له: لقد قلت لي في إحدى المرات انك ستتنازل عن الترشح لصالحي، فرد عليها فيروز الذي بدا أنه لم يتذكر ذلك بالقول: أنا أحترمك وأقدرك... ولكن ما حدث أن مسألة الترشح للانتخابات أصبحت تكليفا على كاهلنا، وإذا شاء الله سنمضي فيها..?
العدد 1532 - الأربعاء 15 نوفمبر 2006م الموافق 23 شوال 1427هـ