قال الشيخ عيسى قاسم في خطبته أمس (الجمعة) بمسجد الإمام الصادق (ع) بالدراز إن المطالبة بإنزال أقسى العقوبات بمتهمي حادثي كرزكان والمعامير لا تستند إلى أسس شرعية، مشيرا إلى أن المتهمين شملهم العفو الملكي كما ورد.
وقال قاسم: «بين وقت وآخر تجدد مطالبات البعض بإنزال أقسى العقوبة بمتهمي قضية كرزكان والمعامير والأخذ بالقصاص، ولابد من التنبيه إلى أن ثبوت حكم في الشريعة أو القانون لا يثبت موضوعه، وما من قضية تثبت موضوعها في الفكر والعقل، والدين يقول إن القتل العمد بغير حق حرام، ويقول لو حدث ذلك فرضا ثبت القصاص، ولكن القصاص ممن لم يثبت أنه قتل فعلا هو قتل عمد حرام، يعاقب عليه بالقصاص، فإذا اقتصصت من رجل لم يثبت عليه القتل عمدا ولم يثبت شرعا أنه قتل عمدا فأنت قاتل قتلا عمدا تستحق به القصاص، وتجميع بعض القرائن لو تم وهو غير تام في المورد وتناقضات الدعاوى، فإنه غير مجد، فالحدود تدرأ بالشبهات».
ونوه «للقضاء الشرعي مقوماته المعلومة في اعتبار الحكم الصادر عن القاضي، فإذا غاب منها شيء ليس لها اعتبار في الحكم. فلا يأتي أي أحد من الطريق ليحكم على أحد بالقتل لينفذه، فالحكم بالقتل راجع لقضاء له مواصفاته الشرعية الخاصة، وهذه المقومات مفقودة في مورد الكلام، فالحكم بإدانة المتهمين في حادثي كرزكان والمعامير بما رموا به غير وارد بحسب المقاييس الشرعية، والمناداة بإنزال العقوبة الصارمة بالمتهمين باسم الشريعة المقدسة مع اعتماد طرق إثبات غير شرعية هو أخذ ببعض الكتاب دون بعض وتلاعب بالدين وهزء به وهذا من أكبر الموبقات».
وتابع «أما الوعد بتسوية الحكومة قضية المتهمين المشار إليهم من ناحية الحق الخاص، فقد كان الوعد ولا شك في أنه كان، ولكن لا أدري ما الذي عطل ما كان وعدا مقطوعا. أما ما قالوا عنه من حق عام فقد كان المتهمون مشمولين بالعفو كما هو مصرح به».
وانتقل قاسم إلى الحديث عن تطورات الوضع الإيراني، فقال: «إن الحدث الداخلي في إيران يمكن أن يحدث في كل مكان ويأخذ حجمه الطبيعي وينتهي من غير انحياز من قوى الشر في الأرض إلى طرف بهذه الصورة المبالغ فيها، ومن غير هذا التلهيب من أجل الفتنة وإيجاد محرقة شاملة في بلد آمن».
وأشار إلى أن الحقد هنا والبغضاء هنا بغضاء للإسلام، والصيغة الإسلامية للحكم، وفاعلية هذه الصيغة في تثبيت أصالة الأمة وعزتها وكرامتها والحفاظ على استقلالها ومصالحها، ووراء هذا الحقد خوف من عودة أو السعة للإسلام الحق من قبل الأمة، وما تعنيه الأمة للإسلام من انقلاب موازين القوى في الأرض وتغير الحسابات لصالح الأمة والمستضعفين. ثانيا لابد من العلم وتلقي الدرس بأنه كلما كان واقع دولة إسلامية أو جهة من جهات الإسلام أو قيادة من قيادات المسلمين أصدق إسلاما، وأقوى لحياة الإسلام والمسلمين ازداد غيض الطغاة وشراستهم في عدائها.
وأضاف «كلما جاء الموقف لهذه القوى الاستكبارية أشد عنفا وضراوة دل على أهميته البالغة وكفاءته وصدقه. يستدل على عظمة الشخصية وخطرها على الكفر، ويستدل على عظمة الحزب على الكفر ويستدل على عظمة الدولة على الكفر أن توجه إليها سهام الكفار والانتهازيين بعنف وقوة واستمرار. لنا أن نكتشف عظمة الجهة من استهداف الكفر وأتباعه لإسقاطها. فالحملة التي واجه بها الكفر أعمدة الحكم في إيران، هي شهادة شموخ يتمتع بها هذا النظام».
وأكد أن شباب الأمة محتاج إلى تحصين دائم وواسع، وتزويده بالبصيرة الكافية على جميع الصعد ومنها الصعيد السياسي حماية له من استغلال الأعداء. ولأهمية تربية الشباب المسلم من الجنسين التربية الواعية يحرص الكفر العالمي اليوم وتستجيب له سياسات كثيرة في بلاد المسلمين على فرض الهيمنة على مراكز الإمداد الفكري حتى تأتي الأجيال الشبابية من صناعة الأجيال الكافرة.
وقال: «يصر الكفر هذه الأيام ويتعاقد مع حكومات إسلامية على أن تزوده بالعقول المتميزة لتصنع على منأى من الإسلام في أجواء جاهلية الكفر الظالم. ويأتي من هؤلاء الشباب الدارسين من يحارب فكر الأمة ويستهدف مصلحتها لصالح الأجنبي، وهناك من ينجو من شبابنا العزيز وإن عاش في تلك الأجواء ويعد من نفسه من خلال النصب والتعب بطلا من أبطال هذه الأمة ولكن الكثيرين يسقطون تحت وطأة التربية والهندسة المظللة».
وأوضح أن القضاء على الجمهورية الإسلامية هدف للدول الغربية ومن يدور في فلكها، ولكن ربما كان منظور هذه الدول من خلال هجمتها الشرسة هو وضع الجمهورية في وضع حرج، إما أن تترك الأمور تتسيب كيفما شاء الغرب، وتتدهور كيفما يحلو له ويحقق الغرب مأربه، وإما أن تلجأ حكومة الجمهورية الإسلامية وتضطر اضطرارا لمواجهة الموقف بالقوة وتظهر أنها دولة دكتاتورية وتظلم الشعب.
العدد 2486 - السبت 27 يونيو 2009م الموافق 04 رجب 1430هـ