يدرس مجلس النواب فرض ضرائب، ويزعم خبراء اقتصاديون يحركهم السياسيون كالدمى، أن الضرائب على الشركات والأنشطة التجارية، ولن تمس المواطنين، وهي واحدة من أكبر الأكاذيب في اللعبة السياسية الاقتصادية في الحياة البشرية.
الضرائب في جوهرها تؤخذ على المواطنين أو بكلمة أدق «المستهلك»، وليس على الشركات، وإنّما تكتب في التشريعات وبنودها كنصوص قانونية «ضريبة على الشركات»، لكن الحقيقة الخفية هي انها ضرائب على المستهلك.
الضريبة على الأنشطة التجارية عملياً تعني، أن الحكومة تأخذ من التاجر 100 دينار، وتقول له، هذه الـ100 دينار خذها من المستهلك، فيقوم التاجر برفع الأسعار ليسترجع الـ100 دينار. أي ان الحكومة لا تأخذ الضريبة من المواطن مباشرة، بل تأخذها من التاجر، والتاجر بدوره يأخذها من المستهلك عبر زيادة الأسعار.
وفي هذه اللعبة يترك الأمر للتاجر في كيفية تحميل المستهلك كلفة الضريبة، وإذا لم يستطع عليه أن يتحملها أو يخرج من اللعبة.
مثال، الملابس التي ترتديها، من دفع رسوم الجمارك عليها البالغة 5 في المئة، الحكومة أخذت المبلغ من التاجر، والتاجر أضاف هذا المبلغ إلى سعر الملابس، وجئت أنت واشتريت هذه الملابس بتلك الأسعار، وبالتالي فإن التاجر استرجع الرسوم، وأنت من تحمل تكاليف الرسوم، وهو ما يعني عملياً أنت من دفع الرسوم البالغة 5 في المئة وليس التاجر.
قرأت على الانترنت خبراً عن مجلس النواب أنه يدرس فرض ضرائب لتعزيز الموازنة العامة، وأن هذه الضرائب ستكون على الشركات، وأن هذه الأموال ستوجه إلى خدمة المواطن. والسؤال الجوهري هو: من هو المستفيد من الضرائب وزيادة الموازنة العامة (الاستفادة من حيث توزيع الأموال)؟ الجواب من وجهة نظري، أن المستفيد الأكبر هم السياسيون ذوو النفوذ ومن يدور في فلكهم وكبار المستثمرين، أما المستهلك فهو الخاسر الأكبر.
فعندما تزداد الموازنة العامة، فإن السياسيين ذوي النفوذ سيكون لهم نصيب في المزايا والرواتب والعلاوات، أما المستثمرون الكبار أو كبار التجار، فإنهم سيحصلون على عقود ضخمة بملايين الدنانير في تنفيذ البنى التحتية، بينما المواطن هو وحظه، إن كان موظفاً في الحكومة قد يناله فتات زيادة الرواتب، وأما الذي في القطاع الخاص فما عليه إلا أن يمارس رياضة رفع الأثقال لتقوية ظهره وحمايته من الانكسار.
على سبيل المثال، عندما تأخذ الدولة ضرائب على الشركات وترتفع الموازنة، فإن من ضمن مشاريعها بناء 2000 وحدة سكنية، وسيحصل كبير المستثمرين على عقد بنائها، وهو ما يعني عملياً أن هذه الضرائب ساهمت في تحريك نشاط كبير المستثمرين ومضاعفة ثروته، من جيوب الآخرين. أما المواطن فلا يملك شركة لدخول مناقصة للحصول على عقود، وحتى لو كانت لديه شركة صغيرة، فسيكون خارج اللعبة، لأن الطبيعة تقول ان السمكة الكبيرة تلتهم السمكة الصغيرة.
فالقول ان الضرائب تؤخذ على الشركات ولا تمس أموال المواطنين هو كذبة كبرى. والحقيقة أن الضرائب تؤخذ على المواطنين أو بالأحرى «المستهلك».
وأحد انعكاسات فرض الضرائب، أن الفقراء يزدادون فقراً، والأغنياء يزدادون غنى، والغرب رغم محاولاته في توزيع الثروة فشل في وقف هذا الانعكاس، إلا أنه نجح في خلق طبقةٍ متوسطةٍ يعتمد عليها في تحريك الاقتصاد.
الضرائب ستفرض عاجلاً أو آجلاً، لأنها أمور تتعلق بوجود الدولة، فوجود دولة يعني حاجةً إلى موازنة عامة لإدارة البلاد، وإذا كانت الثروات الطبيعية غير كافية، فإن اللجوء إلى خيار فرض الضرائب هو الأقرب.
إقرأ أيضا لـ "عباس المغني"العدد 3872 - السبت 13 أبريل 2013م الموافق 02 جمادى الآخرة 1434هـ