خلق الله هذا الكون الذي لا يعلم أحد مداه ووضع فيه القوانين الطبيعية ومن بين هذا الكون الضخم الكرة الأرضية الصغيرة جداً بالمقارنة ببقية الكواكب والنجوم وفي هذا الكون العظيم وعلى هذه الأرض أوجد الله المخلوقات التي من بين بينها، مخلوق اسمه الإنسان والذي عند خلقه فضله الله تعالى على بقية مخلوقاته بالعقل والنطق وترك له حرية البحث والعمل فالذي يعمل منهم يحصل على مردود، وأما الكسلان عن العمل فمن دون مردود وهذه هي المعادلة التي وضعها الله للإنسان في الأرض «لا حصاد من دون زرع « أي أن الله تعالى خالق وواضع القوانين الطبيعية في الأرض وضع شروطاً للحصول على منتج من أهمها العمل والبحث والنتيجة، أن الله تعالى يساعد الإنسان الذي يطبق قوانينه وليس الذي لا يطبق القوانين وينتظر من الله عونه بمخالفته لهذه القوانين.
وليس من المبالغة إذا قلنا إن عقل هذا الإنسان الذي أودعه الله فيه حدوده لا نهاية لها فكما كنا نقرأ قصة علي بابا والأربعين حرامي عندما كنا أطفالاً ونعتبرها من المستحيلات أنه كان يقف أمام قطعة صخر تشكل باباً للكهف الذي كان يودع فيه مسروقاته ويقول «افتح يا سمسم» وكانت الصخرة بناءً على الأوامر تتحرك لتفسح المجال للولوج داخل الكهف فإننا اليوم عندما نقترب من بعض الأبواب الكهربائية ومن دون أن نقول لها «افتح يا باب» هي تحترمنا وتفتح لنا على مصراعيها مرحبة بقدومنا وعندما ندخل تغلق من دون أوامر لفظيه. نعم لاشك في أن هذا الإنسان العظيم.
هذا الإنسان الذي كان منذ بدء وجوده وهو يفترش الأرض ويتغطى بالسماء ويحتمي بالكهوف من الحيوانات والظواهر الطبيعية ويأكل حشائش الأرض لا تفوته لحظه لا يفكر فيها كيف يطور نفسه فمن تلك الحالة إلى تغيير هائل ضخم ما كان في التصور ولا الخيال ويحاول الآن بجهوده وعمله وبحثه الولوج إلى الكواكب السماوية الأخرى لمعرفة أسرارها.
فتحية تعظيم وإجلال للعقل الإنساني المتحرر الذي بدائعه لا تنتهي ويتحفنا كل يوم باكتشافات واختراعات جديدة وهو من المطيعين لله لأنه يعمل ويكتشف ويستغل قوانينه التي أودعها الله في الطبيعة كل يوم، وأما العقل المقيد بأغلال الماضي والذي يرفع يديه ليل نهار إلى السماء يلتمس الفرج من دون أداء ما فرض الله عليه من عمل وبحث ومع أنه جرب هذا الأسلوب لفترات طويلة ولم ينجح ولكنه مصر على المضي فيه بعناد عجيب غريب فيا ليته يغير منهجه ويطيع الله طاعة حقيقية محاولاً تحقيق الكلام المأثور عندنا «اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً».
ومن الله نسأل الهداية والرشاد.
عبدالعزيز علي حسين
إنها ليست المناسبة الأولى «عيد الأم» التي أحييها من غير أم، إن كنتم تعيشون مناسبة عيد الأم مع والدتكم فأنتم سعداء وأمكم موجودة بينكم بابتسامتها وأسنانها البراقة ومجوهراتها اللامعة، أما أنا فأمي تحت الثراء، إنني أشعر بحزن وكآبة كلما مرت ذكرى رحيلها، إلا أن الحزن والألم يتلاشى مع مرور الوقت ولكنه لن يزول بل سيستمر، بل يزاد اشتياقي لها كلما اقتربت المناسبة وتزايدت بطاقات المعايدة والهدايا وتبادل الناس الزهور والورود الزاهية، وأرى زملائي في الصف ممسكين بيدي أمهاتهم فرحين مستبشرين ولم أكن أعتقد أن فراق الأم يمكن أن يكون أسوأ من عيد الأم.
حينما كبرت وجاء ذاك اليوم «عيد الأم» كنت دائماً أسمع من المحيطين بي «ما سوف يشترونه هذه المرة لأمهم» أما أنا فلا، إنها حقاً مناسبة جميلة لكنها صعبة من أي وقت مضى بالتأكيد أن عيد الأم يوم حزين وصعب عليّ من دونها ولكنني يمكنني تعويض ذلك كالقيام بما أقوم به كل عام فاحتضن العطلة أو أختزل المناسبة مع الذاكرة، والتفكير في الأنشطة والهوايات، أو المواهب المفضلة لديها والتي كانت تمارسها؟ لكنها مسكينة لم تكن لها هوايات سوى قراءة سور من القرآن على روح أخي والتفكير في طريقة موته ورحيله عنها اختناقاً، والأشياء المفضلة لديه والاحتفاظ بها في كتابها لتتذكره بها أو جلب باقة من الزهور المفضلة لديه أو إنشاء ألبوم واحد سنوياً تحتوي على صور ذكرياتي معها والكتابة عليه «عيد الأم 2013».
بهذه الطريقة سأتذكر أن أمي دائماً معي حتى لو كانت في الصور فقط، قد تكون أمي في يد الله، لكنها ستبقى دائماً في بالي وفي العقل والقلب وسأتذكر الأوقات الحلوة التي عشتها معها!
مهدي خليل
هنا سأكتب لكم من عبق المأساة... جمعت أحرفي لأنثرها بين هشيم الذاكرة... لأحيلها رماداً لتعبث بها أصابع الريح... أحيل كلماتي لحطام أبجدية خجلي المتواري من الظهور أمام هذه المحبرة كلمات ذات همهمات حزينة منسدلة على أكفة الورق... ولسطورها نار يكسو عرى الأرصفة...
ماتت الخواطر والأحاسيس... انكسر القلم وجف الحبر على شفاه الزمن... ماتت وضوء القمر بات يعكس بريق معناها بين أحضان الأمنية...
رحلت... إنها رحلتْ ولم يتبقَ سوى الذكريات... ودعت العالم اليوم مع إشراقة شمس الحياة... فأصبحت الدنيا سراباً...
هكذا فجأة!
الموت لا يفهم أنني أحببتها... ولا يعلم القدر أنني لا أستطع استيعاب رحيلها... يا الله!
الموت... كم هو قاسٍ بكل معانيه... بكل ما يحمل من طيات الأحزان... يأخذ منا أجمل الأشياء من دون أن يسأل... ومن دون أن يكترث للآخرين... هكذا هي الدنيا... فكل شيء جميل له نهاية على رغم قسوته...
ولكن هكذا هي إرادة الله عز وجل، فلا اعتراض على حكمة خالقي... رحمك الله يا من رحلتِ وسكنتِ فسيح جناته...
إهداء إلى خالتي المرحومة مريم بتاريخ 19 مارس/ آذار 2013.
زهور السيدحسن إبراهيم حسن
إِنَّ المتأمِّل في أحوال الأفراد والأمم الماضية والحاضرة، ولاسيَّما الغارقين في طلب الدنيا، والمبتلين بالركض وراء سرابها، سيجدهُم أكثر الناس حِرصاً، ولا يقفون عند حدٍ أو منتهى، وهذا ما تُثبتُه الأخبار المتضافرة، والتي يكفي فيها ما ورد عن رسول الله الأعظم محمد (ص) قوله: «لَوْ كَانَ لابْنِ آدَمَ وَادٍ مِنْ ذَهَبٍ الْتَمَسَ مَعَهُ وَادِياً آخَرَ، وَلَنْ يَمْلأَ فَمَهُ إِلاَّ التُّرَابُ ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ». ولكن السؤال يبقى لماذا؟
الحرص في اللغة
قال ابن منظور في لسانه: «الحِرْصُ: شدّةُ الإِرادة والشَّرَه إِلى المطلوب»، فيما عرَّفه صاحب القاموس المحيط بقوله: «الحِرْصُ، بالكسر: الجَشَعُ»، وكذا جاء في تعريف الجواهري في الصحاح.
الحرص في الاصطلاح الأخلاقي
قال العلامة الراغب الأصفهاني في مفردة الحرص: «فرط الشره وفرط الإرادة»، وقال المولى النراقي في تعريفها: «الحرص معنى راتب في النفس، باعث على جميع ما لا يحتاج إليه ولا يفيده... من دون أن ينتهي إلى حد يكتفى به، وهو أقوى شعب حب الدنيا وأشهر أنواعه».
صفات الحرص
وصف النراقي الحرص بقوله: «ملكة مهلكة وصفة مضلة، بل بادية مظلمة الأرجاء والأطراف، وهاوية غير متناهية الأعماق والأكناف، من وقع فيها ضل وباد، ومن سقط فيها هلك وما عاد»، وهذا وصفٌ يكشف خطورة هذه الآفة المهلكة.
لماذا الحرص مذموم؟
علل جمع من أكابر علماء الأخلاق والرياضة والسلوك أَنَّ الحرص هو «إفراط في القوة الشهوية»، وهذا الإفراط ضارٌ بالنفس والدين والمجتمع، كونه سبباً لرذيلةٍ أخرى هي الإفراط في القوة الغضبية. فعلى سبيل المثال؛ طلب الحُكمِ والرئاسة من دون شكٍ هو من حب الدنيا وشهواتها، والطالب لهما حريصٌ على أن يبلغهما بِأيَّةِ طريقةٍ كانت، مهما اختلفت السُبُلُ أو تباينتِ الطُرُق، إذ الغاية تبررها الوسيلة، وهذا مما قد يتسبب في بروز القوة الغضبية وتناميها، وتوظيفها ضد الخصوم، من دون مراعاة للضوابط الإنسانية والحدود الدينية، ولعلَّ ما نراه اليوم في عصرنا الحاضر خير شاهدٍ ودليلٍ على هذا الأمر. وعليه نستطيع فهم الحديث الذي يرويه الإمام الصادق (ع) عن جده المصطفى (ص) حول علامات الشقاء حيث يقول: «من علامات الشقاء: جمود العين، وقسوة القلب، وشدة الحرص في طلب الدنيا، والإصرار على الذنب».
استنارة قرآنية
قال الله العظيم في سورة المعارج: «إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً، إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً، وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً» (19-21)، الهلوع صفة مشتقة من الهلع، وهو «شِدَّةُ الحِرْص»، وقال المفسرون إِنَّ الهلوع هو الجزوع عند الشر، والمنوع عند الخير.
القناعة ضد الحرص
تعتبر القناعة والرضا علاجاً ناجعاً من مرض الحرص، وذلك قول أمير البلاغة علي (ع): «ابن آدم: إِنْ كُنْتَ تُرِيِدُ مِنَ الَدُنْيَا مَا يِكْفِيِكَ فَإِنَّ أَيْسَرَ مَا فِيِهَا يَكْفِيِكْ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيِدُ مَا لا يَكْفِيِكَ فَإِنَّ كُلَّ مَا فِيِهَا لا يَكْفِيِكْ»، فالحريص لو جمَعَ تسعة أعشار الدنيا لطلب العُشرَ الباقي. إِنَّ حياة الإنسان قانعاً راضياًَ، تاركاً للطمع والحرص المذموم، المؤدي به إلى أن يكون ظلوماً، يضمن له عيشاً مطمئناً خالياً من الهموم عصمنا الله منها. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
أحمد عبدالله
يهدف القانون الجنائي البحريني إلى حماية الناس، ومن ضمنهم القاصرون، وقد حدد عقوبة الحبس التي قد تصل إلى 3 سنوات على من يقوم بالاحتيال على قاصر وسلب ماله وذلك في المادة 392 في قانون العقوبات البحرين الذي نص على أن «يعاقب بالحبس من انتهز حاجة قاصر أو محجور عليه أو من حكم باستمرار الوصاية أو الولاية عليه، أو استغل هواه أو عدم خبرته وحصل منه إضرار بمصلحته أو بمصلحة غيره على مال أو على إلغاء سند أو تعديله، فإذا وقعت الجريمة من وليه أو وصيه أو قيم عليه أو من ذي سلطة عليه عد ذلك ظرفاً مشدداً، ويفترض علم الجاني بقصر المجني عليه أو استمرار الولاية أو الوصاية عليه، ما لم يثبت من جانبه أنه لم يكن مقدوره بحال الوقوف على الحقيقة».
وهذا التجريم حماية للقاصر من الاستغلال المادي من قبل الذين ينتهزون عدم خبرة وصغر سن القاصر فيحملونه على تصرفات ضارة به ويحصلون منه على مزايا مادية أو نقدية لا تتناسب مع ما تم تقديمه من خدمات وما كان يتاح لهم الحصول عليها لو كان تعاملهم مع شخص بالغ، وقد لاحظ المشرع البحريني أن البطلان الذي يقرره القانون المدني لهذه التصرفات غير كافٍ لذلك أوجد هذه المادة الجنائية.
أركان الجريمة
تقوم هذه الجريمة على أركان ثلاثة (حالة المجني عليه إذ يتعين أن يكون قاصراً، والركن المادي الذي يفترض العناصر التالية الفعل الذي يتمثل في انتهاز فرصة احتياج أو ضعف أو هوى في نفس المجني عليه (القاصر) والنتيجة التي تتمثل في حصول المتهم على كتابة أو ختم سندات تمسك أو مخالصة متعلقة بمبلغ من النقود أو شيء من المنقولات أو على تنازل عن أوراق تجارية أو غيرها من السندات المالية أو إلغاء السند أو تعديله المهم هو الإضرار بمصلحة القاصر المادية، والركن المادي يفترض الإضرار بالمجني عليه في صورة القصد الجنائي).
انتهاز فرصة احتياج المجني عليه
يمثل هذا العنصر الفعل الذي تقوم به الجريمة ويعني انتهاز الاحتياج أو الضعف الاحتيال والنصب لاستغلال أموال القاصر، والاستغلال هو الاستفادة على نحو غير عادل من ظروف القاصر الخاصة فالمتهم المحتال ينتهز معاناة المجني عليه احتياجاً أو ضعفاً أو هوى ليستنزف ثروته ويجني بذلك ربحاً لا يستحقه، وأهم دليل في الواقع العملي على ذلك هو انتفاء التناسب بين ما يقدمه المتهم وما يحصل عليه، ثم كون ربحه لم يكن متاحاً لو تعامل مع شخص بالغ والاحتياج يعني ظروفاً اقتصادية سيئة جعلت المجني عليه لا يستطيع بالوسائل العادية إشباع متطلبات حياته المشروعة كالطعام أو السكن أو التعليم والضعف تعبير متسع يشمل جميع صور العجز عن الوقوف موقف التعادل إزاء المتعاقد الآخر، فلكونه صغير سن (قاصر) يجعله في صورة الضعف وعدم الخبرة ونقص في المعلومات وقصور المقدرة عن التبصر بالنتائج المحتملة للتصرفات القانونية ومن ضمنها المادية.
وقد ألحق المشرع البحريني هذه الجريمة بجرائم الاحتيال والنصب لأن مسلك المتهم في هذه الحالة ينطوي على الغش والتدليس والكذب وانتهاز ظروف صغر سن المجني عليه واستغلالها لحمله على تصرف ضار بمصلحة القاصر حتى يحقق المتهم لنفسه نفعاً مالياً غير مشروع، وعلى هذا النحو، فإن ما يقرب بين هذه الجريمة والنصب أن فعل المتهم هو صورة من الاحتيال على المجني عليه والاستغلال السيئ لظروفه، ولكن يفرق بينهما أن ما تفترضه هذه الجريمة من احتيال لم يرقَ إلى مرتبة الطرق الاحتيالية وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الجريمة لا تفترض وقوع المجني عليه في غلط، فقد يكون على بينة من الضرر الذي سوف يصيبه بالعمل الذي يحمل عليه، ولكنه لا يستطيع تفاديه لخضوعه لضغط الاحتياج أو الضعف أو الهوى. ويشدّد القانون في العقوبة إذا وقعت هذه الجريمة من ولي القاصر أو القيم عليه أو من ذي سلطة عليه، وبذلك يكون قانون العقوبات البحريني تنبهاً إلى ضرورة حماية حقوق القاصر وحقوق صغير السن.
وزارة الداخلية
يا مرايا الليلِ بالأنوار
قومي هائمةْ
وأسرّي عن نجاوى
وعيونٍ حالمةْ
أطلقي فينا حياة
وحنيناً باسقاً
كلّما اشتقنا إلى طه
نظرنا فاطمة
ربّةَ النورِ ومن غيرُكِ
للنور مضى
فتلاقى النورُ بالنورِ
وكنتِ المُلْهِمة
وتنحى عنكِ جبريلُ
حياءً خَجِلاً
وَحْيُكِ اللهُ فما أحلاهُ
بَلْ ما أعظمه
يا دعاءَ العرشِ في
محرابكِ المُمْتَثِل
أيُّ سرٍّ أنتِ فينا؟
لسماء غائِمةْ
وهج الزهراء فينا سرمدٌ
لا ينتهي
وكأنّ النور في فاطم
يقضي موسمه
أبو أحمد
العدد 3871 - الجمعة 12 أبريل 2013م الموافق 01 جمادى الآخرة 1434هـ