العدد 3871 - الجمعة 12 أبريل 2013م الموافق 01 جمادى الآخرة 1434هـ

القطان: الحوادث والقوارع الكونية توقظ قلوباً غافلة لتراجع توحيدها وإخلاصها

الشيخ عدنان القطان
الشيخ عدنان القطان

قال الشيخ عدنان القطان في خطبته أمس (الجمعة) بمركز جامع الفاتح الإسلامي: «إن المتغيرات الكونية وتتابع الحوادث تعتبر آياتُ الله وأيّامه ونذُره، تظهر فيها عظمةُ ذي الجلال وقدرتُه وقوّته وعظيمُ سلطانِه وعزَّته وتمامُ ملكه وأمره وتدبيره. إنَّ هذه الحوادث والقوارعَ توقِظ قلوباً غافِلَة؛ لتراجع توحيدَها وإخلاصها، فلا تشرِك معه في قوَّته وقدرتِه وسلطانه أحداً، ويفيقُ بعضُ من غرَّتهم قوّتُهم؛ فيتذكَّروا أنَّ الله الذي خلقَهم هو أشدّ منهم قوّة، وبخاصةٍ أولئك المستكبِرون ممّن غرَّتهم قوَّتهم وطال عليهم الأمد، فَرِحوا بما عندهم من العلم».

وتحت عنوان «الاعتبار بالكوارث والأحداث بمناسبة الهزة الأرضية»، ذكر القطان في خطبته «لقد قضَت سنّةُ الله عز وجلّ أن تُبتلى النفوس في هذه الدنيا، تبتلَى بالخير والشرّ والأمن والخوف والمِنَح والمحن والأقرَبين والأبعَدين، وإنّ هذه الابتلاءات بأنواعها تستجيش مذخورَ القوَى، وتستثير كوامن الطاقات، وتفتح في القلوب منافذَ، وفي النفوس مسارب، ما كان ليتبيَّنها أهلُ الإيمان إلا تحتَ مطارقِ هذه التقلّبات والتغيرات».

وبين القطان «يذكُر الراصدون ويتحدَّث الإحصائيّون عن تكاثُر المتغيِّرات الكونيّة على هذه الأرض وتتابُع الحوادث والكوارِث في هذا العصر، حتى قالوا إنّ الزلازلَ في السنوات القريبة الماضية أكثر منها أربع مرّات مما لم يحصل مثلُه سوى مرّة واحدة طوال عشرين سنة أو أكثر في مطلع القرنِ الماضي، ويقولون إنّه كلّما تقدّمت السنوات زادَ عددُ الزلازل والتغِيَرات وأنواع الكوارث والمثُلات، ولعلّ المتأمِّلَ والناظر بعينٍ راصدة وقلبٍ يقِظ يسترجع بعضَ هذه الآيات والحوادِث والكوارثِ والنّذُر ليجدَها ما بين موجٍ عاتٍ، وماءٍ طاغٍ، وخسفٍ مُهلك، وزلزالٍ مدمِّر، ووباءٍ ومرض مميت، يرسل الله الجرادَ والقمَّل والضفادِع والدمَ والطيورَ بأمراضِها، والأعاصيرَ برِياحِها، والفيضاناتِ بمائها في آياتٍ مفصَّلات، أمراضٌ مستعصِية، وأوبِئة منتشرة تحملها طيورٌ وتنقُلها حيوانات، حمّى البقر والغنم، وانفلونزا الطيور والخنازير، والهزّات الأرضيّة والزلازلُ، أمراض وأوبئة وأدواء، لا يملك أحدٌ ردَّها، ولا يستطيع امرؤٌ صدَّها، ولا السيطرةَ عليها، مهما أوتي من علمٍ في مكتشفاته ومختبراته ومخترَعاته وراصِداته، لا يملك السيطرةَ عليها، ولا الحدَّ من انتشارها، ولا دفعَها أو ردَّها؛ إنها جنودٌ من جنود الله في البرّ والبحر والجو، جنودٌ غيرُ متناهية؛ لأنّ قدرة الله غير متناهية، فالكون كلُّه بأنسه وجنِّه وأرضه وسمائِه وهوائِه ومائِه وبرِّه وبحرِه وكواكبِه ونجومِه وكلِّ مخلوقاته ما علِمنا منها وما لم نعلَم كلُّها مسخَّرة بأمره سبحانه، يمسك ما يشاء عمّن يشاء، ويرسِل ما يشاء إلى من يشاء، وكيف لا تُدرَك عظمةُ الجبار جلّ جلاله وضَعفُ جبابِرة الأرض مهما أوتوا من قوة؟ كيف لا تدلُّ على عظمةِ الجبّار ومنها ما يُهلك أمماً ويدمِّر دِياراً في ثوانٍ وأجزاءٍ من الثواني؟ ومنها ما ينتقل عبرَ الماء، ومنها ما يطير في الهواء، ومنها ما يُرى، ومنها ما لا يرى، نُذُر وآيات، وعقوبات وتخويفات، لا تَدفَعها القوى، ولا تطيقها الطاقات، ولا تقدِر عليها القدرات، ولا تتمكَّن منها الإمكانات، ولا تفيد فيها الرّاصدات ولا التنبُّؤات، لا تصِل إليها المضادَّات ولا المصدّات، من حيث يحتسبون ومن حيث لا يحتسبون».

وأشار القطان إلى أنها «آياتُ الله وأيّامه ونذُره، تظهر فيها عظمةُ ذي الجلال وقدرتُه وقوّته وعظيمُ سلطانِه وعزَّته وتمامُ ملكه وأمره وتدبيره. إنَّ هذه الحوادث والقوارعَ توقِظ قلوباً غافِلَة؛ لتراجع توحيدَها وإخلاصها، فلا تشرِك معه في قوَّته وقدرتِه وسلطانه أحداً، ويفيقُ بعضُ من غرَّتهم قوّتُهم؛ فيتذكَّروا أنَّ الله الذي خلقَهم هو أشدّ منهم قوّة، وبخاصةٍ أولئك المستكبِرون ممّن غرَّتهم قوَّتهم وطال عليهم الأمد، فَرِحوا بما عندهم من العلم».

وأضاف «مِن مواقف العِبَر والادِّكار في هذه الآيات والنّذُر ما يرسِل الله فيها من التخويفِ والتحذير، فكم من إنسانٍ يرَى أفراداً من الناس مِن حوله يُتَخطَّفون ويُقتَلون، وهي من آيات الله لكنّه لا يعتبر، فإذا ما رأى من هذه الآيات الكبار المخوِّفات تذكَّر وادَّكر. فهي ذكرى لمن كان له قلب، يستوي في ذلك من حضَرها وشاهدها ومن وقع فيها ونجا منها ومن سمع بها. أعاصيرُ وزلازلُ وفيضانات وانهيارات وأوبِئَة وأمراضٌ من آيات الله وجنوده، تذكِّر الغافلين، وتنذِر الظالمين، وتوقظ المستكبرين، ويعتبر بها المؤمنون، ويرجع بها المذنبون».

وأوضح القطان أنّ «هذه الآيات والحوادثَ والكوارثَ ولو عُرفت أسبابها المادّية وتفسيراتها العلميّة فلا ينبغي أن يُظَنّ أنّ هذا صارِف عن كَونها آياتٍ وتخويفات والنظر فيما وراءَ الأسباب والتعليلات من أقدارِ الله وحُكمِه وحِكمته؛ فهي آياتُ الله ومقاديرُه يقدِّرها متى شاء ويرسِلها كيف شاء ويمسِكها عمن يشاء، يعجز الخلق عن دفعِها ورفعِها مهما كانت علومُهم ومعارِفهم وقُواهم واحتياطاتهم واستعداداتهم. وإنّ مما يُخشى أن يكونَ الركونُ إلى التفسير المادّي والاستكانةُ إلى التحليل العلميّ والبعد عن العِظَة والذِّكرى من تزيينِ الشيطان، إنّ من تأمَّل أحوالَ بعضِ الناس ومواقفَهم ومسالكهم رأى أموراً مخيفة؛ فيهم جرأةٌ على حرمات الله شديدة، وانتهاكٌ للموبِقات والمحرمات عظيمة، وتضييعٌ لأوامر الله، وتجاوزٌ لحدودِه، وتفريطٌ في المسئوليات في العبادات والمعاملات وإضاعة للحقوق، فالحذر الحذر من مكر الله، فلا يأمن مكر الله إلا القومُ الخاسرون».

وقال القطان: «إنَّ عظمَ الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحبَّ قوماً ابتلاهم، فمن رضِي فله الرضا، ومن سخط فعليه السخط، وإذا أراد الله بعبده الخيرَ عجَّل له العقوبةَ في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشرّ أمسَك عنه بذنبه حتى يُوافي به يوم القيامة. بهذا جاءت الأخبار عن سيد الأبرار نبيِّنا محمد (ص)، وهذه الآيات والنذر والحوادث والنوازل، التي تحدث في هذا الكون، يخوفنا الله تعالى بها وتحتاج منا إلى مراجعة جادة؛ لأنه ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة، ونحن نرى واقعنا وما نحن فيه، ومن الغفلة أن نخدع أنفسنا بأننا على خير، ونُخَدِّر بعضنا بأننا خير من غيرنا. فنكون جمعنا بين سوءتين عظيمتين: سوءة الإعراض عن مراجعة النفس والتوبة، وسوءة الاستهانة بآيات الله ونذره، بل الواجب أن نعترف أننا قد أسرفنا على أنفسنا بالذنوب والتقصير، وأننا مستحقون للعقوبة، وأن نلجأ إلى الله بصدق، ونجأر إليه بمسكنة وتذلّل، أن يرفع عنا ما أصابنا من محن ومصائب، وأن نعلم أن ذلك بما كسبت أيدينا».

العدد 3871 - الجمعة 12 أبريل 2013م الموافق 01 جمادى الآخرة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 3:02 ص

      من علامات الأخره

      كلها هذا أنما هو من علامات قروب الساعة ولكن هل من متعظ؟؟؟؟

    • زائر 2 | 10:35 م

      عن اي كوارث كونية تتكلم

      تكلم عن الكوارث اللتي على الارض وهي كثيرة وكبيرة
      الكوارث اللتي على الارض اشد من الكوارث الكونية ومنها :
      الظلم تقاتل المسلمين بعضهم ببعض مثل كلمة جهاد وهم
      لايعونها وتأتي عن طريق عالم دين .وجهاد على المسلمين
      فقط . والكثير الكثير :

    • زائر 1 | 10:27 م

      الحوادث والقوارع الكونية توقظ قلوباً غافلة لتراجع توحيدها وإخلاصها

      وهل هناك كوارث او حوادث اكثر من هدم بيوت الله ؟

اقرأ ايضاً