ترجّل المناضل الوطني وعضو مجلس برلمان العام 1973 محمد جابر الصباح لمثواه الأخير بمقبرة المحرق صباح أمس الثلثاء (9 أبريل/ نيسان 2013)، الذي توفي يوم أمس الأول (الإثنين) عن عمر ناهز 83 عاماً، ودُفن بجانب رفيقه المناضل المرحوم عبدالرحمن النعيمي بحسب ما جاء في وصيته قبل وفاته.

نواب ووجهاء واقتصاديون تقدموا مراسم تشييع الفقيد لمثواه الأخير أمس

مقبرة المحرق تحتضن المناضل الصباح بجانب رفيقه النعيمي

المحرق - صادق الحلواجي

احتضنت مقبرة المحرق صباح أمس الثلثاء (9 أبريل / نيسان 2013) جسد المناضل الوطني وعضو مجلس برلمان العام 1973 محمد جابر الصباح، الذي توفي أمس الأول (الإثنين) عن عمر ناهز 83 عاماً، ودُفن بجانب رفيقه المناضل المرحوم عبدالرحمن النعيمي بحسب ما جاء في وصيته قبل وفاته.

وحضر مراسم التشييع أمس جمع غفير من معارف الصباح تقدمهم محافظ المحرق سلمان بن هندي وعدد من النواب وأعضاء مجلس الشورى، وممثلو جمعيات سياسية واجتماعية، ورئيس مجلس بلدي المحرق عبدالناصر المحميد، إلى جانب اقتصاديين وتجار ووجهاء.

وانتقل محمد جابر الصباح إلى جوار ربه بعد أن عانى من عدة أمراض مزمنة، حيث واجه مشكلة في الكلى تسببت له بمضاعفات بسبب الأمراض الأخرى التي كان يعاني منها منذ قرابة تسعة أشهر، ثم أصيب بجلطة أدت إلى بتر رجله، وبعد ذلك حصلت له مضاعفات أدت إلى وفاته في مجمع السلمانية عن عمر بلغ 83 عاماً.

ومحمد جابر الصباح امتد تاريخه بحسب ما نقل مقربون منه، إلى ما قبل الخمسينات، فقد كان أحد أبناء جبهة التحرير البحرانية، وكان أحد أعضاء كتلة الشعب في برلمان 1973، وعرف بطرحه المبدئي وساهم إلى جانب رفاقه في طرح العديد من القضايا الوطنية التي ينعم شعبنا بشيء من مخرجاتها. واستمر مناضلاً في أكثر من موقع ومرحلة، ولعب دوراً كبيراً في النضال العمالي، وكان حتى سنواته الأخيرة مشاركاً في مسيرة الأول من مايو/ أيار رافعاً شعارات مطلبية لعمال البحرين جميعاً.

ويُعتبر الصباح أحد القادة الميدانيين لانتفاضة مارس/ آذار 1965 ضد الاستعمار والرجعية، واضطلع بدور كبير فيها بمختلف أشكال النضال، وهو أحد مؤسسي جمعية المنبر التقدمي وأحد وجوهها البارزة، وأول رئيس للهيئة الاستشارية فيها.

والتقت «الوسط» خلال مراسم التشييع أمس عدداً من الشخصيات الذين تحدثوا عن الراحل محمد جابر الصباح.

بن هندي: أتمنى أن تعود المحرق عائلة واحدة

فمن جهته، قال محافظ المحرق سلمان بن هندي إن «محمد جابر الصباح من الأفراد الذين نعتز بتاريخهم وخلقوا لنا الأجواء الحالية، والمحرق ولّادة لمثل هؤلاء الرجال الذين خاضوا أموراً كثيرة ضد الاستعمار، وكونوا بلداً نعتز بها بقيادة ستكون لنا السند بعونه سبحانه».

وأضاف بن هندي «نتمنى أن تعود البحرين كما كانت بشعب واحد وخصوصاً في المحرق، وأنا لا أرضى بالتفرقة بين أي مجموعة أو طائفة أو فئة، فالكل عائلة واحدة بلا تفرقة، والمطالب بإذن الله ستتحقق، والملك أقر بوجودها، ونحن مازلنا على الطريق الإصلاحي ولم يكتمل كل شيء بعد».

المحمود: الصباح عزز وطنيته بجرأته

وقال النائب محمود المحمود: إن «محمد جابر الصباح من الشخصيات المميزة في محافظة المحرق بشكل خاص وبمملكة البحرين بشكل عام، عُرف بوطنيته وبإخلاصه وحبه للوطن ودفاعه عن حقوق المواطنين والمجتمع ككل، علاوة على جرأته في الطرح منذ دستور العام 1973، وحتى هذا الوقت لم يتوقف واستمرت له كتابات ومقالات وأطروحات تلفت النظر».

وأضاف المحمود أن «في هذا اليوم، لا يسعنا إلا أن نعزي شعب البحرين وأهله وذويه، ونتمنى أن يسكن الله الفقيد فسيح جناته، ولأهله وذويه الصبر والسلوان».

الحواج: بصمة الصباح السياسية لن تُنسى

من جهته، قال عضو غرفة تجارة وصناعة البحرين جواد الحواج: إن «المرحوم عزيز علينا جدّاً، وفقدنا أحد أبناء الوطن الذي لن تنسى البحرين بصمته السياسية والوطنية، ونحن نقدم تعازينا إلى أسرته وإلى جميع أهل البحرين».

وأضاف الحواج أن «محمد جابر الصباح ترك بصمة واضحة على صعيد العمل الوطني والسياسي، وهو من أحد الأمثلة التي يحتذى بها من خلال رؤيته المتوازنة وطرحه المتقدم والعقلية التي كانت تنظر إلى مختلف الأمور في الاعتبار وتراعي المصلحة العامة من دون الالتفات لمصلحة فئة دون أخرى، وهو ما كان أساساً لكتابة التاريخ المشرف عن هذا الرجل».

كمال الدين: أدعو للاطلاع على تاريخ الصباح

وأبدى الأمين العام للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان إبراهيم كمال الدين، أسفه البالغ لفقد المناضل الصباح، وقال إن «المرحوم من الرموز الوطنية النادرة، والتي عاشت منذ طفولتها حتى اختارها الله وهي على العهد الوطني والالتزام بالقيم الوطنية والإنسانية، وهو يمثل رمزاً من رموز هذا الوطن الذي كان حتى رحيله كنخيل هذا الوطن لا يموت إلا واقفاً».

ودعا كمال الدين «المواطنين إلى نبش والبحث في تاريخ هذا المناضل الوطني الذي كرس كل حياته من أجل وطن تسوده العدالة وقيم حقوق الإنسان والعدل».

العكري: الصباح قدوة للجيل السياسي الجديد

وتحدث رئيس جمعية الشفافية البحرينية عبدالنبي العكري ابان مراسم التشييع عن المرحوم، وقال: «عرفت المرحوم عن بعد بنهاية الستينات ابان محاولات توحيد المجموعات اليسارية، وبعد ذلك حدث انقطاع بسبب وجودي بالمنفى في أواخر السبعينات، لكن كنت أتابعه ضمن الأنشطة الوطنية، وأتتبع جهوده وهو شخصية وطنية اتسم مسار حياتها بالنضال والثبات على المبدأ الوطني والمطالب الشعبية بعيداً عن الطائفي، حتى أنه جسدها في حياته الأسرية وممارستها بجبهة التحرير وجمعية المنبر».

وتابع العكري: «بعد عودتنا إلى البحرين التقينا بين وقت وآخر، ولا أذكره إلا بكل خير، والعبرة أن على الجيل السياسي الجديد أن يقتبس من حياته مسألة الثبات على المبدأ والاستمرار في النضال الوطني البعيد عن الطائفية، وأن يكون قدوة لهم».

«وعد»: الفقيد أوصى بدفنه قرب النعيمي

من جانبه، لفت القائم بأعمال الأمين العام لجمعية «وعد» رضي الموسوي إلى أن «الفقيد المرحوم أوصى بدفنه إلى جانب رفيقه المناضل عبدالرحمن النعيمي».

وقال: إن «محمد جابر شخصية وطنية بارزة قضى حياته في النضال الوطني الديمقراطي، وأوصى بأن يدفن إلى جانب قبر رفيقه الراحل عبدالرحمن النعيمي، وهي لفتة من هذا الفقيد إلى أن دروب النضال وإن اختُلف فيها بعض الشيء فإنها تبقى وعرة وتحتاج إلى المزيد من الوحدة والتلاحم من أجل إنجاز المرحلة الوطنية الديمقراطية».

وأضاف الموسوي «طوال عقود من الزمن كان محمد جابر الصباح يقدم التضحيات تلو التضحيات، وتحديداً منذ خمسينات وستينات القرن الماضي حيث كان له دور كبير في انتفاضة مارس المجيدة، وكذلك دور في البرلمان حين كان جزءاً من كتلة الشعب، علاوة على المناقبية العالية التي كان يتمتع بها»، مختتماً بأن «على رفاقه وكذلك السياسيين الحاليين أن يسيروا على الدرب الذي عمل به الصباح طوال العقود الماضية».

«الوفاق»: البحرين ستلد مناضلين يقتدون بالصباح

أما رئيس دائرة الحريات بجمعية الوفاق سيد هادي الموسوي، فقد قال: إن «الفقيد هو من الرعيل الأول من المناضلين الوطنيين، وعرفه الناس بصلابته ومبدئيته في الموقف السياسي والاجتماعي، ولم يكن في قاموسه شيء من الانتماء إلى الطائفية أو لهذا اللون أو ذاك».

وأضاف الموسوي أن «الفقيد الصباح دوره السياسي كان مؤثراً وفاعلاً وخصوصاً في المرحلة الأخيرة حين تقدمت المعارضة خلال التسعينات بعريضة إلى الأمير الراحل آنذاك حيث كان موقفه داعماً ووطنيّاً، وللحظاته الأخيرة كان يتابع الأمور بالمنهجية والتفكير والعقلية ذاتها». وختم الموسوي بأن «البحرين خسرت أحد أفضل المناضلين، لكن بهذا النوع من النهج والتفكير من الممكن أن تلد البحرين مناضلين على المنهج ذاته؛ لأن المثل يحتذى به».