العدد 3866 - الأحد 07 أبريل 2013م الموافق 26 جمادى الأولى 1434هـ

وتبقى الكلمة أخطر من السلاح

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

في فيلم «الرجل الذي يدعى بيتر» كان الممثل الذي يلعب دور بيتر مارشال يلقي كلمة عن اليقين والإيمان، وعندما انتهى هذا المشهد ظلت الكاميرات تعمل، فقام العديد من أفراد الطاقم من أماكنهم لتهنئة الممثل على أدائه الرائع. وكان من بين الطاقم ممثلة تدعى مارجوري رامبيو التي انفعلت عاطفياً مع الكلمة، وهي التي لا تستطيع السير بعد أن أقعدها حادث مروري تعرضت له لأكثر من عام، وقد استغرقت رامبيو فيما احتوته رسالة الممثل من كلمات عن الإيمان واليقين والتشجيع، فآمنت بها، فنهضت ومشت إليه ومن حينها وهي تستطيع المشي. وقد نقلت الكاميرات الحدث هذا فصار مضرباً للمثل حول أهمية الكلمة الإيجابية في تشجيع الآخرين حين تصدر من شخص يؤمن بها وتصل لأشخاص لا يقلون إيماناً بمحتواها.

ربما يذهب كثيرون إلى أن بعض الكلام المكتوب أو الملقى على الملأ في المحافل مجرد كلام لا يغني ولا يسمن من جوع، وربما يجد كثيرون في المواعظ والكتب التي تعنى بإيقاظ الطاقة الكامنة للمرء مجرد خزعبلات وكلام كتب هدفه «امتصاص» ما في جيوب الآخرين، ولكن الواقع يثبت عكس ذلك تماماً لمن يثق بالله وبنفسه قبل أن يثق بأي شخص آخر.

وعلى رغم ازدهار عصر الصورة، فلاتزال الكلمة اليوم، واحدة من أشرس الأسلحة التي يستخدمها الناس ضد أعدائهم من البشر والشعوب، وضد أعدائهم من العادات أيضاً، باختلاف مجالاتها وأهميتها وتوجهاتها. وتظهر أهميتها وتأثيرها حين يستخدمها المرء بطريقة صحيحة ويعرضها بشكل سليم وجذاب، باعتبارها سلعة لابد من عرضها بشكل مميز.

ومثلما للكلمة الإيجابية تأثيرها، فإن للكلمة السلبية والتحريضية تأثيرها أيضاً، وهو ما أثبتته الأحداث الأخيرة منذ اندلاع ثورات الربيع العربي التي أرادها مناصرو الدكتاتوريات خريفاً يسقط جميع الأوراق الخضراء ويحتفي بيباس العقول والتوجهات. فقد امتهن بعض الفقهاء ورجال الدين وخطباء المنابر التحريض، وصار زادهم اليومي الذي عن طريقه يجنون المال، ويستميلون العقول التي طالما صدقتهم، حتى بات بعضهم لا يجلس على منبره إلا وقد حضّر مسبقاً لفتنة إن اندلعت فلن تخمدها إلا الدماء وإزهاق الأرواح البريئة وتحجر القلوب.

ومثلما اتخذ بعض رجال الدين هذا المسار، فإن الكثير من الصحافيين والإعلاميين قد اتخذوه أيضاً، فهذا يخوّن ذاك وهذا يعلن أن ذاك الحزب شيطاني، وتلك الجمعية ملعونة تأتمر بأمر الشيطان، فيصدّقهم مريدوهم وتنتشر البغضاء والطائفية والتحزبات في المجتمعات التي طالما عاشت سلماً أهلياً أحالته هذي العقول سمّاً.

وهو ذاته ما تفعله الكلمة السلبية في محيط الأصدقاء والأهل، فكم من كلماتٍ كانت سبباً في إلحاق الإحباط بأحدهم، وكم من كلمةٍ جرحت أطفالاً لم يستطيعوا نسيانها حتى بعد نضجهم، فبنوا مستقبلهم على خلفية كلمات سلبية طالما تسبّبت في تثبيط قواهم وشكّهم في قدراتهم وإمكاناتهم، عوضاً عن إمكانات ذويهم واهتماماهم بهم؟

يقول الله تعالى في سورة إبراهيم: «أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرعُها فِي السَّمَاءِ. تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حين بِإِذْنِ ربِّهَا ويضْرِبُ اللهُ الأمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ. وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ من فَوْقِ الأَرضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ. يُثَبِّتُ ألهُِ الذِينَ آَمَنُوا بِالقَولِ الثّابِتِ في الحياةِ الدُّنيا وفي الآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالمِينَ ويفعَلُ اللهُ ما يَشَاءُ».

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3866 - الأحد 07 أبريل 2013م الموافق 26 جمادى الأولى 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 11:56 ص

      بارك الله فيك

      كلمة طيبة خير من صدقة يتبعها أذى ، وكلمة حق أمام سلطان جائر من أعظم الجهاد الكلمة لها دورها الكبير من التشجيع و التنبيه و النذير نحن اليوم أحوج ما نكون إلى كلمة سواء تصلح ذات البين ، لكن الأبواق و الفضائيات تنشر الفواحش من التكفير و التحريض و التفريق بين الأخ و أخيه . حتى أصبحنا لا نسمع إلا أخبار القتل و التنكيل في وطننا العربي في العراق و ليبيا و مصر و اليمن و الدول المسلمة أفغانستان و ايران و باكستان.

    • زائر 2 | 9:29 ص

      مقال جميل

      شكرا لقصصك الجميلة في مقالاتك استمتع كثيراً بقرائتها دائما

    • زائر 1 | 8:11 ص

      الكلمه الطيبه صدقه

      وقال الله في كتابه الكريم. ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتديد.صدق الله العلي العظيم. نرى في هذه الآيه الكريمه التشديد الواضح والوعد والوعيد بأن للكلمه آثارها فإن كانت طيبه فسوف تكون نتائجها حميده وإن كانت خبيثه فنتائجها في بعض الأحيان كارثيه.

اقرأ ايضاً