تطورات الساحة الكورية ولاسيما الشطر الشمالي منها مثير هذه الأيام للمتابعة وخاصة أن الأخبار والتقارير العالمية تتكلم عن مرحلة تهديد ونقطة تحول قد تأخذ العالم إلى مرحلة أخرى غير تلك التي أفرزتها مرحلة الربيع العربي وما ترتب من تفاقم انقسامات عززت فيها السياسات الممنهجة في المنطقة العربية. هذه الممارسات جاءت كنتيجة لمقاومة أي تغيير يهز ركائز الأنظمة السياسية التي تعتمد على الدكتاتورية طريقاً للبقاء. وكنتيجة لذلك ومنذ أيام فقد أغلقت منطقة صناعية مشتركة مع كوريا الجنوبية تدر عليها ملياري دولار سنوياً، وتمثل هذه الخطوة تصعيداً في مواجهة بدأت قبل شهور مع كوريا الجنوبية وحليفتها واشنطن. كما شكلت العقوبات الأخيرة من الأمم المتحدة شرارة الإنطلاق، لسيل من التهديدات الكورية الشمالية ضد واشنطن وسيئول، ووصلت هذه التهديدات إلى تشغيل مجمعها النووي الرئيسي الذي كان متوقفاً.
وكثيراً ما كانت تستخدم كوريا الشمالية خطاباً عدائياً تجاه من تعتبرهم معادين، ففي العام 1994 هددت كوريا الشمالية جارتها الجنوبية بتحويل عاصمتها سيئول إلى بحر من اللهب؛ الأمر الذي خلق حالة من الرعب لدى الكوريين الجنوبيين.
وبعد أن قام جورج دبليو بوش الرئيس الأميركي السابق في العام 2002 بتصنيفها بأنها إحدى دول «»محور الشر»»، ردت بيونغ يانغ بأنها «»ستمحو المعتدين بلا رحمة»».
المرحلة المنتظرة - بحسب المراقبين - هي حرب عالمية ثالثة محتمل وقوعها في أية لحظة والسبب عقلية قيادة لا تعترف إلا بالعسكر قوة، والأيديولوجية التي تمارس فكراً لا يخرج من إطار عبدة الشخصية. هذه العقلية موجودة في الأنظمة الشمولية، وأيضاً باختلاف أنواعها في المنطقة العربية، منها من سقط ومنها مازال يقاوم إمّا بالتسليح أو بصرف الأموال لتحسين المظهر الخارجي. لكن هناك رأي آخر لا يرى في هذه الخطابات تهديداً حقيقياً، إلا أن آخرين يحذرون من مغبة الإفراط في التوقعات المتفائلة والفهم الجيد لكوريا الشمالية، لأن لديها عدداً من الجبهات الخطيرة.
وهو ما أشار إليه الأكاديمي بجامعة يونسي في كوريا الجنوبية جون ديلوري لـ «بي بي سي»: «»إذا تتبعت وسائل الإعلام في كوريا الشمالية فإنك ستلحظ استمرارية في توجيه اللغة العدائية تجاه الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، وأحياناً اليابان، ومن الصعب أن تحدد ما الذي يمكن أن تأخذه منها على محمل الجد. ولكن عندما تتابع المناسبات عندما يحدث شيء ما مثلما حدث من هجوم بالمدفعية على جزيرة تابعة لكوريا الجنوبية في 2010، فإنك ستجد تحذيرات واضحة».
وتأتي هذه الأنباء بعد تأكيد وزير الدفاع في كوريا الجنوبية، كيم كوان جين، أن الصواريخ التي نقلتها كوريا الشمالية إلى الساحل الشرقي «متوسطة المدى»، مرجحاً أنها بغرض «إجراء اختبارات» أو «تدريبات عسكرية»، مؤكداً أنها لا تستهدف الأراضي الأميركية. ونفى الوزير الجنوبي، خلال اجتماع لجنة الدفاع في البرلمان الخميس الماضي، أن تكون تلك الصواريخ من طراز «كي إن أو 8»، التي يُعتقد أن مداها يصل إلى «10 آلاف كيلومتر»، وفيما استبعد جين أن تشن كوريا الشمالية حرباً شاملة، فقد أعرب عن اعتقاده بأن بيونغ يانغ قد تقوم بـ «استفزازات» عبر الحدود المشتركة.
ورغم هذا النفي إلا أن الولايات المتحدة لم تتجاهل تهديدات كوريا الشمالية وأخذتها على محمل الجد كما بدا ذلك جلياً في تصريحات مسئولي الإدارة الأميركية إذ اتخذت «كل الاحتياطات اللازمة» إزاء التهديدات التي أطلقتها كوريا الشمالية بشن هجوم نووي عليها, مؤكدة أنها لم تفاجأ بتصرف بيونغ يانغ على هذا الصعيد إلا أنه بلا شك مصدر قلق لواشنطن ومزيد من العزل الإضافي لكوريا الشمالية.
وبيونغ يانغ التي يعيش شعبها زمناً طويلاً تحت وطأة النظام الشمولي الذي أفرز ثقافة تشبه تلك التي كانت موجودة في دول عربية وأخرى مازالت تشد وتجذب هي في غالبها لا تختلف كثيراً عن عقلية قيادة بيونغ يانغ التي ترى في نفسها ملاكاً لا يقاوم - إن صح التعبير - وأن ما من أحد يستطيع أن يتجاوز هذا الملاك القاهر الذي لا يأبه باحتياجات شعبه الذي يعيش خوفاً يجعله يصمت في مقابل أن يجوع؛ وبالتالي فجنون العظمة هو من يحرك مصير أمة برمتها وهو من يحرك الهلاك المنتظر بسبب نرجسية عالية تتحكم في كل شيء ويكون كل شيء تحت رحمة هذه النرجسية. هكذا كانت ليبيا أيام الرئيس المخلوع معمر القذافي وهكذا كانت في أيام الرئيس المخلوع الآخر صدام حسين وغيرها من النماذج التي تغرق بها صفحات التاريخ الحديث.
أيّاً كانت الأعذار والأسباب إلا أن القلق وحالة الاستنفار والاستفزاز التي أطلقتها كوريا الشمالية تكشف في جوانبها اللجوء إلى استعراض القوى للتغطية عن المشاكل الداخلية وخاصة على المستوي الاقتصادي، هذا بجانب أن كوريا الشمالية تريد أن تصنع لنفسها مكاناً على الخريطة العالمية وتثير الاهتمام الإعلامي ويكون لها تأثير في المحيط الإقليمي والعالمي وأن تعلن عن نفسها كخصم قوي أمام الولايات المتحدة وخاصة بعد امتلاكها للسلاح النووي والتلويح به أمام القوى العظمى في العالم... وهي سياسة الجوع والجنون في مقابل التسلح.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 3865 - السبت 06 أبريل 2013م الموافق 25 جمادى الأولى 1434هـ
تحية الى
الف الف تحية الى الولايات المتحدة التي حررتنا من رجس الطاغية صدام حسين والتي لولاها لما عرفنا شيئا اسمه الانترنت ولا الموبايل ولا الستلايت , اما قضية كوريا فاقول ان كوريا يقودها ارعن طفل مهووس لا يختلف عن صدام جعل من بلده بلدا متخلفا اما شقيقه الجنوبي لانه سلك مسلك الطغاة والتوجه نحو العسكرة بدلا من التنمية والتطور الصناعي , وهذا الطريق يسير عليه حكام ايران ايضا وهم لا يريدون ان يتعظوا بالمجرم صدام او هذا الابله الكوري لانهم يريدون ان يكونوا فلسطينيين اكثر من الفلسطينيين .
البصرة . العراق
من زاوية اخرى
يجب ان لانغفل ان انظمة ديمقراطية كامريكا وبريطانيا دمرت بلدانا باكملها وتمارس البلطجة والاستعلاء والحكم الشمولي على مستوى العالم وهي بذاتها من تمنع تحول بعض البلدان الدكتاتورية للحكم الديمقراطي حتى لو ثارت شعوب هذه الدول ودفعت دمها ثمنا لذلك الا انها تقف مع حكم الفرد وحكم ذوي النزعات النرجسية فقط لانه يحقق مصالحها.
albeem
لو امريكا طلع من الموضوع كان الدنيا بخير
نظام شمولي في سياسة الجوع والجنون في مقابل التسلح نقيضه الخنوع
لن ألوم كوريا الشمالية في نظامها الشمولي وتسلحها،لأن نقيضه هو الخنوع. من فرض المقاطعة عليها هدفه هو تجويع شعبها لتصب نقمة الشعب على حكومته لتهوى،تماماً كما حصل مع ايران والعراق وسوريا وليبيا والسودان. أبحثي عن المتسبب فب ذلك واعلمي بأن إرادة الشعب في أي مكان لن يهمه لا الجوع ولا الغبن الذي يتعرضون اليه. وصف الجنون بالعظمة هو سياق ليس في موضعه،الشموخ والتحدي هو الوصف الصحيح يقابله الخنوع والانبطاح. شتان المفارقة بأنظمة خانعة وأنظمة شامخة فعذرا أن لا نتفق مع وضع كليهما في ميزان واحد.
أبو احمد
الغطرسة الأمريكية في كل مكان
ظلم المدعين بالحرية
منذ الحرب العالمية الأولى و حتى الآن يستعمل الغرب المقاطعة الإقتصادية و البحرية لإذلال الشعوب. المآسى الناتجة من هذا الفعل ينسى بعد فترة و الظلم يتكرر مرة أخرى. مات الآلاف بسبب حصار الدولة العثمانية و ايران فى شرق البحر الأبيض المتوسط و الخليج . مات نصف مليون طفل عراقى و كان رد الوزيرة مادلين اولبرايت :هذه تكلفة قليلة تدفع. معركة الغرب هى الوقوف أمام أى حركة من الدول النامية للتحرر من إستغلالها. فى سبيل تحقيق هذا الهدف تستغل كل الوسائل لتحريف الحقائق و فرض منافع الغرب. كوريا لا تتحمل أكثر.