من أولويات المعايير المتوافق عليها دوليّاً، في نظام المؤسسات، اكتساب المؤسسة للشخصية الاعتبارية، مقابل اكتساب الفرد للشخصية الطبيعية، وهي تساويها. فالمؤسسة هي ذات غير أفرادها، فلكلا الطرفين نظامه وموارده وأهدافه، لا يتخالط ما للفرد مع ما للمؤسسة، ولذلك نرى في الجانب المالي مثلاً، في أبسط المؤسسات الاقتصادية، وهي المؤسسة التجارية الفردية، التي يملكها فرد، تُخَصّص لها سجلات مالية، بمعزل عن سجلات مالكها، فلا تتخالط إيراداتها ومصروفاتها، بتلك التي لمالكها، فتبدأ المؤسسة باكتساب شخصيتها الاعتبارية وفصلها عن شخصية مالكها الطبيعية، بالتسجيل الرسمي لها من بعد تخصيص المالك لرأسمال خاص لها، يُسَخّر فقط لأعمال المؤسسة، ويُقاس نمو أو انحسار المؤسسة بمعزل عما للمالك من الأموال ذاتها.
وحين يضخ المالك ببعض من أمواله الخاصة للمؤسسة، تُقَيّد هذه الأموال بحسب الغرض منها، إما في حساب رأس مال المؤسسة، مقابل حساب الموجودات أيّاً يكن فرعه، ولا يعود للمالك الحق في المطالبة بها؛ وإما أن تسجل في حساب الدائنين لصالح المالك مقابل حساب النقد، لتصبح التزاماً على المؤسسة بالسداد إلى المالك. وقد تتحمل المؤسسة في هذه الحالة، كلفة استخدام هذه الأموال المتمثلة في الفوائد، بوجوب سدادها هي الأخرى للمالك، وكذلك حين يسحب المالك أية مبالغ من المؤسسة، فإما أن تُسجل في حساب سحوبات المالك، ليتأثر بها رأسمال المؤسسة، من حيث انحساره، أو تُسجل كاقتراض من المؤسسة، ويجب على المؤسسة تحصيلها، ولا يجوز ألبتة، أن يتصرف المالك بأموال المؤسسة، من دون تسجيلها في سجلاتها المالية وبالإثبات المستندي، وبشرط عدم التأثير على أداء المؤسسة والتزاماتها.
هذه السجلات، هي التي تظهر وضع المؤسسة ومكانها في السوق، بفصلٍ لها عن سجلات المالك الشخصية، إن كان يَتّبِع ذلك، ولا تُشطب أية مديونية للمؤسسة، برغبة فردية لمالكها، بل بناءً على معايير محاسبية دولية، بإثبات استحالة التحصيل القانونية، وتسجيل ذلك في السجلات، في حساب الأرباح والخسائر لتؤثر في انحسار الربحية بمبلغها، وكذلك فيما يخص الجانب الإداري، فهو مفصولٌ في أهدافه ووسائله، عمّا يكون للعاملين فيها، وإن كان المالك واحدهم.
في الأعمال البنكية مثلاً، حين تطلب شركة تمويلاً ماليّاً، تبني إدارة البنك قرارها بناءً على العباءة المالية للمقترض، فيحلل البنك موازنة المقترض لأكثر من سنةٍ مالية، ليتبيّن منها قدرة المقترض الإدارية والمالية، على السداد بحسب الأقساط مضافاً إليها الفوائد، خلال الفترة المفترض منحها للسداد، فلا يكفي أن تمتلك الشركة رأسمال مليار دينار، في ظلّ تَبَيّن البنك، أن الشركة عاجزة عن تحصيل ديون لها لمدد أطول من اللازم، أو أنها سبق وشطبت ديوناً لها، أو أن ربحيتها في تناقص، أو أنها كرّرت زيادة رأسمالها لتغطية عجز مالي، أو أن نموها أبطأ من قدرتها على سداد كامل التزاماتها، أو أن سدادها لالتزاماتها أبطأ من المعتمد دوليّاً، وهذه مهام محللي الموازنات.
فما الحال بمؤسسات الدولة، التي هي ملكية عامة للشعب، والتي تقوم على إدارتها السلطة التنفيذية (الحكومة)، بتفويض توافقي ما بين رئيس الدولة وشعبها، وهي مسئولة أمامهما، فهل يجوز فيها تجاوز المعايير الدولية في جانبيها الإداري والمالي، وتتكرر فيها هذه التجاوزات سنةً بعد سنة، من دون رقابة ومحاسبة الفساد والفاسدين والمفسدين؟
وهنا تأتي أهمية التدقيق والمحاسبة الداخلية، للاكتشاف المبكر للأخطاء البشرية دون نية الفساد، وتلك بنية الاستغفال والسرقة والفساد، وتُستكمل برقابةٍ مؤسسيةٍ رقابيةٍ قانونيةٍ محايدة، والإدارة العليا المتمثلة في مجالس الإدارة، هي المنوط بها المحاسبة واجتثاث عناصر وعوامل الفساد. هذا في الشركات، أما في مؤسسات الدولة، فهناك ديوان الرقابة الإدارية والمالية، يقوم بدور التدقيق الداخلي؛ وهناك البرلمان ليقوم بدور الرقابة القانونية المحايدة، إضافةً إلى السلطات المفترض منحها له، للمحاسبة واتخاذ قرارات التصويب.
وأول مظاهر التراخي والفساد يتمثل في غياب المؤسسية الحاكمة بالقرار التصويبي، فتكررت التجاوزات في تقارير ديوان الرقابة لعشر مرات، ولا حياة لمن تنادي. فأعضاء البرلمان همّهم مساومة الحكومة بتجاهل فسادها مقابل تسليمهم مفاتيح خدمات لناخبيهم المباشرين وتعدادهم لا يعادل 0.001 في المئة من تعداد المواطنين، ثم يصرخون بأنهم ممثلون لكامل الشعب البحريني، ويشرعون لزيادة رواتب العاملين في الحكومة وتقاعدهم، أكثر من اهتمامهم بباقي المواطنين، إذ إن كادرهم الوظيفي كنواب يشمله الكادر الحكومي في رواتبهم وتقاعدهم، لذلك يصرّون على مطلبهم هذا لزيادة رواتبهم وإلا فإنهم لن يمرروا الموازنة، ما كأنها موازنة الدولة بكامل الشعب، في ترصيد المبالغ الواجبة لتحسين الخدمات الحكومية في مشاريع الإسكان والتعليم والتوظيف والصحة ومشاريع الأشغال، والمشاريع الإنتاجية لتطوير اقتصاد الوطن وحفظ مستقبل أجياله، ما لم تخنع الحكومة، لابتزازهم فسادها بأضعاف أضعاف رواتب القطاع العام، ولا يعيرون اهتماماً لمصائب المواطن في الفصل من الأعمال وقمع حراكاته المطلبية، في موقف طائفي بغيض.
ولعلي لا أذيع سرّاً، حين أكشف بعض الوسائل للتلاعب بالأموال العامة، مثل حين تتقدم الشركات الكبيرة، لاستصدار ترخيص تجاري، هناك رسوم حكومية يفرضها القانون، لكن هل هذا كل ما في الأمر؟ كلا، فلابد من الدفع من تحت الطاولة، بحسب حجم الشركة وتوقع أرباح أعمالها، يتمثل ذلك في بعض الحالات في إشراك شريك من طرف متنفذ في الحكومة، برأسمال لم يُدفع، بل يحتسب بمبلغ الدفع المفروض من تحت الطاولة، ربما تحت مسمى ضرائب غير معمول بها في البحرين، أو ربما مقابل تسهيلات لوجستية غير رسمية. والأولى فرض ضريبة خدمة المجتمع على هذه الشركات عوضاً عن الابتزاز والرشا.
ثم هناك ما تم تداوله مؤخراً عن التأمينات الاجتماعية، فتُستثمر مبالغ في مؤسسة، وبعد حينٍ يُشطب هذا الاستثمار وهو بعدة ملايين، ويسجل في الدفاتر كمحافظ استثمارية معدومة، من بعد إعلان إعسار المؤسسة المديونة للتأمينات، ويُحمل المبلغ على حساب الأرباح والخسائر ليؤثر في الربحية بنقصها بمبلغ الاستثمار، فتختفي المؤسسة ربما لوهميتها. وهناك إيرادات غير مسجلة في الموازنة العامة للدولة لسنة ما، مثل السعر المحتسب للبترول في الموازنة، ويحكم السوق بزيادته، ولا يعلم غير الله والمستفيد منه، أين ذهب فارق القيمة هذا، فلا يظهر في موازنة السنة التالية كمبالغ مُرَحّلة. وهناك أوامر تصدر لمديري الشركات الحكومية، بتدوير بعض المبالغ، فيما بينها ولا تُستعاد، وربما يتم التصرف بها من خلال الشركة المقترضة. وهناك الديون المعدومة في الشركات، فتستقطع من الحسابات، ومن ثم يتم تحصيلها أو بعضها خارج العملية المحاسبية لصالح متنفذين.
هذه بعض من قنوات التسريبات المالية، وهناك الكثير ما لم يقم ديوان الرقابة المالية والبرلمان بدورهما الحقيقي دون استفادات شخصية، مباشرة وغير مباشرة، بكشفها ومحاسبة مقترفيها واستعادتها بما كان لها من مداخيل مفترضة طوال فترة غيابها في غير مكانها، وإلا أين دور البرلمان من متابعة ملف أراضي الدولة، مما كشفته لجان التحقيق البرلمانية في الدور التشريعي الثاني، فأين الشفافية؟ وأين النتيجة؟ وأين المحاسبة؟ وأين استعادة ما صرحت به اللجنة الحكومية بالاعتراف بجزء يسير منها؟ ثم أين الشفافية الحكومية، التي تستوجب نشر الموازنة إلى عموم الشعب لكي لا يُساء اجتزاؤها في النيل منها. ثم أين شفافية البرلمان من إخفائها في مكاتبهم، وعرض فقط ما يساومون به الحكومة لحاجة في نفس يعقوب، وكذلك موازنات الشركات الحكومية، فهل هي من أسرار الدولة العسكرية، قياساً بموازنات الشركات المساهمة العامة؟
إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"العدد 3861 - الثلثاء 02 أبريل 2013م الموافق 21 جمادى الأولى 1434هـ
المقاس واحد ما دام الميزان واحد
الفرد والمجتمع ولكل إنسان شخصيته لها كيان، بينما الشخص الظل قد يكون ضال ومتغوي الطريق ولا يرى أن له ظل وأن الانا العلي بدون صيانه قد تكون خربانه. يقال أنه يعتبر ومعتبر و عبارة عن، وهذا لم يكن من واحد ما عنده منطق للقيمة المحدده لكل انسان. ويظهر أن المنطق له مناطق عديدة في القانون، في الطب وفي الهندسه .. وفي الوفاء والصدق والكذب والأمانه. فالكشف الدقيق للمنطق ينطق بمنطق ليظهر أنه لكل فرع أو باب من أبواب المعرفة. فهل قانون لغه بها كلمات ومصطلح بدون فتاوي فليس له لسان ينطق لكن ميزان ومقياس
ليسوا أكفاء وهمهم الوحيد= عطونا ربيتين ولتذهب موازن الدولة بل الدولة كلها للجحيم
من ليس كفؤ لا تتوقع منه ان يناقش ميزانية الدولة بندا بندا لكي يمحصها جيدا ويعرف اين المزالق واين المختلسات واين التسريبات واين السرقات؟
نحن اذا طالبنا هؤلاء بهذه الامور فكأننا نطلب حليب من تيس وربما نحصل على الحليب من التيس ولكن لن تحصل من هذه النوعيوية من النواب الا على المرّ والبلاوي والمشاحنات.
حتى تسمية نواب العازة تخق عليهم اذا عندكم تسمية اقل من نواب العازة
ربما تصلح لامثالهم
الحل في حكم الشعب
و تدوير الحكم و المؤسسات القائمة على القانون المحمي من الشعب
اصبت الحقيقة ولكن؟؟؟
تقارير الرقابة المالية هي فقط حبر على ورق لا اكثر
في الدوائر الحكومية بوق اكثر تترقى اكثر
ارجوك
ارجوك لاتفتح جروح
اصبت كبد الحقيقة ولهذا نشىء هكذا مجلس ليتم تغطية شفط الهبرات
مجلس مفصل على المقاس لايستطيع يوى الكلام لايملك صلاحية التشريع والرفابة لدبها تباع بالسوق واقول لقد اقبت كبد الحقيقة والمفرح بان رياييل المجلس اقسموا على كتاب الله بحماية المال العام المشاركين بخوفهم باهداره.