منذ بدء الاحتجاجات دخلت على خط الصراع فئاتٌ أبعد ما تكون عن السياسة والصراع القائم بسببها، وربما تكون هذه الفئة الأكثر تضرراً اليوم مما يحدث. هذه الفئة هم الطلبة، سواءً طلبة المدارس أو الجامعات، الذين تفاوتت درجات استهدافهم بدءاً بالاعتقال والفصل وانتهاءً بالحرمان من البعثات وغيرها.
إنهم الجيل الذي يعتمد عليه في نقل الوطن للمرحلة الأجمل بعد مرورنا جميعاً في قلب الرحى الطاحنة، التي أفرزت أسوأ ما قد نمر به في الحياة. ولنقلها اليوم بكل صراحة، آن الأوان ليحكم العقل تفاصيل المشهد السياسي في البحرين، ولابد من تغييب المظاهر الأمنية الطاغية والاستهداف المادي والمعنوي الذي يطال شريحة كبيرة من المجتمع، فهذه الطريقة من التعاطي الأمني مع الاحتجاجات وما ينطوي عليه من تجاوزات وتنكيل وإلحاق أذى بجموع واسعة من المواطنين، لا تبشر بأكثر من توريث الاحتجاجات للأجيال القادمة، التي تدفع اليوم من مستقبلها ثمن هذا التعاطي.
لا يتعلق الأمر بحدث اليوم، فالغضب الشعبي الذي يقوم على ضياع المستقبل وضبابيته، خصوصاً للطلاب الذين يتم اعتقالهم بعشوائية، هؤلاء سيأخذهم المستقبل إلى حيث لا مكان لهم، وحيث تترسّخ مظاهر عدم العدالة في منحنيات حياتهم القادمة.
ما يدفعني اليوم لطرح هذا الأمر حالة طالب متفوق بإحدى المدارس الثانوية، قاده حظه العاثر ليكون في المكان الخطأ في اللحظة الأصعب، حيث لم يكن يعلم حينها أن عودته من المذاكرة الليلية مع صديقه قد تأخذه بعيداً عن مقاعد الدراسة. ولن أخوض في تفاصيل الحادثة، ولا وقائع «الجريمة» المنسوبة إليه، لكني أبحث عن القيم الإنسانية المشتركة، فأسوأ ما قد يواجه الإنسان ضياع غده الذي عمل جاهداً لاستحقاقه، في الوقت الذي تختفي فيه الأدلة الدامغة لارتكاب الفعل، ليحل مكانها شهود قد يصدقون وقد لا يفعلون.
ما يحدث من استهداف الطلبة وتضييع مستقبلهم لا يدور في دائرة التأديب فقط ولا تغليب العدالة والقانون، بل قد يكون دفعاً دون قصد لجريمة أو تمرد في المستقبل، حين يكتشف هؤلاء الطلبة الضحايا أن الماضي بأخطائه الكثيرة أضاع مستقبلهم، وأن قدرهم العيش على أحلام الصبا.
شيءٌ من الإنسانية والرحمة في التعامل مع هذه الحالات لن تصلب القانون أو تعطله، بل قد تكون تقديراً للجانب الإنساني فيه الذي يحمي المواطن ولا يركّز فقط على قمعه ومعاقبته. فمنذ اليوم سيقضي هذا الطالب عقوبة السجن لشهرين ونصف الشهر، استكمالاً للحكم الصادر بحقه وهو أربعة أشهر، وكنا نأمل ومازلنا لو أن القضاء قام بتفعيل استبدال العقوبة بساعات خدمة المجتمع، كتلك المعتمدة في الدول المتقدمة خصوصاً للأحكام البسيطة التي تجعل المواطن ملتصقاً أكثر بالمجتمع ومكتشفاً للجوانب الأخرى المشرقة فيه، وهي عقوبة بالمناسبة مُعتمدة في المملكة ويمكن بها استبدال أي حكم يقل عن الثلاثة أشهر بساعات خدمة مجتمع، فيا حبذا لو استطعنا النظر للجانب المشرق من القانون والحياة على السواء، تماماً كما ننظر لصرامة القانون وسطوته.
من الجانب الآخر، يجب ألا يكون السجن سبباً لحرمان الطالب من الامتحانات أو تحويله لنظام المنازل حسب قوانين وزارة التربية والتعليم، ولابد من ترك نافذة الأمل مفتوحة لأولئك الأحداث، سواءً المحكومين بسبب قضايا سياسية أو جنائية، ولا يمكن تهديدهم بالحرمان من البعثات في حال استحقاقها، بسبب تحويلهم لنظام دراسة معين أجبروا عليه بفعل الظروف.
الطالب الذي أشرنا إليه ليس الوحيد، فكثيرون مثله قرأنا قصصهم، واطلعنا على أوضاعهم وصغر سنهم، في قبالة إصرار بعض المسئولين على استمرار تغييبهم عن مقاعد الدراسة حيث يجب أن يكونوا في وضعهم الطبيعي، وحيث لا يمكن لأحد أن يقتنع أن طفلاً لا يتجاوز العاشرة أو أكثر بقليل، يمكن اعتباره مجرماً. فهؤلاء بذكرياتهم السيئة، إنّما ندفعهم بأحكامنا ليكونوا وقوداً لاحتجاجات قادمة، وليس أسوأ بمكان من توريث الغضب.
إقرأ أيضا لـ "مريم أبو إدريس"العدد 3860 - الإثنين 01 أبريل 2013م الموافق 20 جمادى الأولى 1434هـ
استهداف الطلبة يؤطر لأمر خطير جدا
استهداف الطلبة يجعل منهم قنابل خطرة قد تنفجر في اي لحظة وتدمر ما حولها
نحذر ونتكلم ولكن عمك اصمخ والله يستر من الطريق الذي يسيّر ويجر له البلد
انه طريق وعر على الجميع فلا يتوقع احد ان يهنأ بعيش وقد تسبب في فصل مئات من الطلبة وتخريب مستقبلهم.
فهؤلاء الطلبة اذا اصابهم اليأس فمقولة علي وعلى اعدائي لن تكون بعيدة عنهم
بدينا
ربعغنا زادوا علي ألفالي كل مأتم القبض علي احدهم قالوا يائ من المداكره أوالخباز اومن بيت الجيران لا متلثم بعد أكيد مستر اكس
الورثه والجينات الوراثيه
ليس بسر أن عملية النسخ والتقليد قد لا تشبه ما جرت عليه العادات. فعمليات التقليد من الممنوعة، والعالم يحاول محاربتها في البضائع التجارية . إلا أنها في المجتمع قد لا يوجد ما يشير الى التعرض لعمليات النسخ واستنساخ التقليد والعادات والتقاليد منتشره و انتقلت من جيل لآخر. فتجري وتسرح وتمرح بين الناس وعرفاً لا معروفا وصارت جزء من التراث والتخلص من التراث قد لا يرضاه الناس ولا إقبال لأنهم قبلوا وإعتادوا عليها. فهل العادة تراث أم جزء من التراث؟ أو أنها وراثية ومتوارثه؟
التوقعات جري العادة
المتتبع للأحداث يلاحظ أن المتبع عرفاً والعرف ليس من القانون ولا يشبه أو للشرع له دخل في الوضع والموضوع، لأنه عادة وتقليد لإجراءات متبعه. لكنه مشرع ومشروع ومعمول به وبعيداً عن القانون. فالمنطق في القانون يقول أنه لا يجوز حسب المتهم الا إذا ثبتت إدانته لعدم برائته. إلا إننا عرفاً نجد المتهم محبوس على ذمة التحقيق لإثبات برائته. فهل التحقيق عنده ذمة؟ أو لا يزال التحقيق جار كما جرت العادة؟ وأصبح لحرمان الطالب من حق التعلم من موراثات؟