حراك الربيع العربي أطلقه الشباب العربي، ولم تطلقه الأحزاب السياسية القديمة.
هذه الحقيقة البديهية، هي التي تقف اليوم وراء كل تلك الإشكاليات التي تعصف بالبلدان التي حدث فيها التغيير، وفي تلك التي لاتزال تمر بمرحلة المخاض، أو بدأت تشعر بأعراض الحمل الأولى.
الربيع العربي كان إيذاناً ببدء عصر الشعوب وانتهاء عصر الأنظمة التي استبدت بالحكم منذ الاستقلال. ولم يكن في الأمر مبالغة عند وصف ما يجري بالاستقلال الثاني، فذاك استقلال من ربقة المستعمر، وهذا الاستقلال من ربقة حكم النخب المستبدة.
في مصر وتونس (وغيرهما أيضاً)، إنّما تفجّر الربيع العربي على أيدي جيل الشباب الباحث عن عيش كريم وحرية وكرامة يفتقدها في موطنه. وهو جيل لم يستأذن أحداً في بدء حراكه الثوري، ولم ينتظر تحرّك الأحزاب القديمة ومباركة قياداتها الهرمة. وحتى عندما قطع منتصف الطريق، كانت تلك القيادات المثقلة بتجاربها المريرة، تقدّم رجلاً وتؤخّر أخرى.
حين أشرفت الثورة على الوصول إلى خط النهاية، وبانت تباشير النصر، نزلت تلك القوى القديمة إلى الميدان والتحقت بالجمهور، ولم يكن يخطر ببالها أن يُطاح بالرئيسين (المصري والتونسي) بهذه الصورة الخاطفة. وبما أن الطبيعة تأبى الفراغ، كان لابد من قوى تملأ الفراغ الجديد في السلطة. وكانت القوى الأكثر تنظيماً وخبرةً والأطول عمراً، هي المرشّحة للقيام بتلك المهمة. وهكذا وجدنا الإسلاميين يصلون إلى السلطة في البلدين، في ظروفٍ وملابساتٍ قيل وكُتب الكثير عنها، بما فيها نظرية الترتيبات المسبقة مع الأميركان، المتهمين دائماً بعدم الوفاء للأصدقاء!
اليوم، «الإخوان المسلمين»، وصلوا إلى الحكم بعد ثمانين عاماً من تأسيس الحركة، وهي فترةٌ طويلةٌ جداً من الانتظار، هرمت فيها عدة أجيال، وتناوبت عليها عدة قيادات. ومنذ إمساكهم بقرون السلطة، لم تستقر لهم الأمور، بفعل تحالف عدة قوى ضدهم، وفي مقدمتهم فلول النظام السابق. إلا أن استمرار الحراك المناهض للإخوان، يكشف عن تلك الطبقة الشبابية الواسعة، التي قدّمت التضحيات الجسام وألفتها نفسها كالأيتام عند الحصاد.
اليوم يبدو نظام الإخوان في مصر كمن يمتطي ظهر حصان جامح، يطوّح به يميناً ويساراً، ومن المنتظر أن يستمر الوضع كذلك لسنوات، حتى يقلل الإخوان من طموحهم بالاستفراد بالسلطة، وتنال الفئات التي قادت الثورة واصطلت بنارها، حصّتها في الحكم، وخصوصاً مع كل هذا الإحباط في تحقيق ولو الحد الأدنى من الطموحات والأهداف.
المشكلة التي واجهها إخوان مصر، واجهتها حركة النهضة في تونس، حيث لم تمر الذكرى الثانية لسقوط بن علي، إلا والنهضة قد خسرت جزءاً كبيراً من رصيدها الشعبي، وربما لا تحصل اليوم على أكثر من ربع الأصوات التي حصلت عليها قبل عامين.
لم يكن الحراك من صنع الأحزاب القديمة، إسلامية أو قومية أو يسارية، وحين جاءت هذه الأحزاب لملء الفراغ في السلطة، إنما جاءت بعقائدها وعقدها وعللها التي ورثتها من عهود الأنظمة الدكتاتورية، ولم تجد نفسها قادرةً على الخروج من تحت عباءة الاستبداد. كان التحدي الأكبر أن تقدّم تجارب مختلفة، بناءً على خبرتها في خدمة المجتمع، إلا أنها تورطت في محاولات لفرض رأيها ووصايتها على الجميع، وهو ما لم يعد مقبولاً في هذا الزمان.
إن الجيل العربي الجديد، لم ينزل إلى الميادين ليستبدل دكتاتوراً حليقاً بآخر ملتحٍ، وإنّما لانتزاع حريته من أنظمة الفساد والاستبداد. لذلك لم تنتهِ المعركة بعد، وإنّما هذه هي البدايات.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 3859 - الأحد 31 مارس 2013م الموافق 19 جمادى الأولى 1434هـ
لمن لا يعلم
أصاب الأستاذ قاسم في تحليله،لكنه نسى الثورات المضادة التي يشنها أعداء الشعوب الحرة،فتوظيف المال الخليجي في الثورة المعاكسة واضحة في جميع الدول العربية في سوريا ولبنان والعراق وتونس وليبيا والسودان والبحرين واليمن. كله بسبب الخوف من تمدد هذا الربيع لتخوم أبوابها. هذا الفصل خلق - وهو وظيفته - حالة من التشرذم واليأس من نجاح مطالب الشعوب. لكنني على يقين من أن الحق سينتصر مهما فعلوا
صدقت
-الجيل العربي الجديد، لم ينزل إلى الميادين ليستبدل دكتاتوراً حليقاً بآخر ملتحٍ، وإنّما لانتزاع حريته من أنظمة الفساد والاستبداد. لذلك لم تنتهِ المعركة بعد، وإنّما هذه هي البدايات
قاعدة الثورة والثوار
الثورة يقوم بها الثوار الشجعان ويحصدها الجبناء - الجبناء الذين يفرضون انفسهم على دماء الفقراء البائسين والثكلي المرملات كعادتهم ابان تنظيراتهم التحزبية والوقوف على التل بانتظار ذوبان الثلوج الارضية
وهذا ما ندور نحن فى فلكه اليوم سواء بلدان المحيط او الخليج
خلط وبلط الشارع
قد تكون من الغلطات أخطاء لا تغتفر متى غطة مساحيق التجميل وجه ما، لكن عند غسله بالماء تظهر حقيقة أخرى غير التى حاول واضع المساحيق ومبتكرها أن يخفيه عن نفسه وعن الآخرين. فليس من نسج الخيال ولا من البدع المبتكرة أن النخب المستبدة والمنتخبه والمنتقاه بعناية جاء بها الاستثمار ولم تكن وليدة المستقبل لكنها صنيعة المستعمر. فقد يكون جميل أن نسمع عن إنتخابات شكلية وديمقراطية ليست يونانية ولا اسلامية لكن على أرض الواقع ما كل يمنى المرء يدؤكه فلا يجد الا دعاية واعلان. فهل إنكشف الوجه الجميل للمستثمر الجديد؟
البداية
هكذا تبدو الامور وهذه هي البدايات. المنطقة لن تعود إلى ما كانت عليه والشعوب لن تقبل ببقاء القيود في ايديها. هذه فقط هي البداية.
تعقيب على التعليق تضحيات زائر 3
عزيزي لم أقل مافهمت ولم ـنكر تضحيات ما قبل وما بعد التسعينات وما يتكرها الا
جاحد أو مغرور وناكر للجميل وأنا أنت بعيدين عنهم
ولك تحياتي للتوضيح ووضع الشئ في محله وذلك هو العدل
التضحيات
التصحيات يالحبيب لاتقتصر على التسعينات فقط فهناك تصحيات في الخمسنات والستينات افضت بمجلس تاسيسي في 1973 دائما ماتكون خارج ذاكرتكم وكان تاريخ البحرين توقف عند تلك الحقبه.
الى زائر رقم 3 انعاش للذاكرة
يالحبيب لايوجد من يلغي تضحيات الخمسينات والستينات ونعترف بأنها ثورة ولكن السؤال هل تعترف أنت بثورة التسعينات وهل تؤمن بأن ثوار التسعينات وحدهم من أرجع لك المجلس التأسيسي الذي اغتصب في 1975 .ولمزيد من الايضاح اسأل جدران سجون التسعينات عن من دفع ولا زال يدفع أكبر ضريبة في التضحية من أجل الوطن والشعب ونحن لانفخر فذالك واجب وأي واجب.
أظنك أصبت
تلك وهكذا حال الثورات والثائرين يقوم بها أناس ويخطط لها أناس ويجني ثمارها
أناس وتلك قاعدة ومسلمة تزداد برهانا يوما بعد يوم
فعلى الساحة المحلية من ضحى في التسعينيات ومن جنى ثمار التضحيات
وقبلها طبعا وبعدها وهكذا الامر
الا يخجل جاني الثمار من المضحي ذاك كالجرادة تأكل الورع الأخضر بل تفسده