التعريف الجغرافي للدولة، يتلخص في أمرين، الأول هو أرض معلومة حدودها البرية، لتنتهي ببداية حدود جارتها المتصلة وإياها براً، وقد تمتد إلى مياه إقليمية، أيضاً معلومة الحدود، تنتهي بالمياه الإقليمية للدولة الجارة، في اقتسام يابسة وبحار الكرة الأرضية فيما بين الدول؛ والثاني أنه يلحق بالدولة كل ما في حدودها من ثروات طبيعية، يحق لشعبها التمتع والتصرف بها كيفما شاء، دون أي منازعة من أي دولة أخرى، إلا استخدام تلك الثروات والموارد للإضرار بالدول الأخرى.
أما التعريف السياسي، فيُلحِق بالتعريف الجغرافي، نظام إدارة هذه الدولة في علاقاتها الدولية وعلاقات أفراد شعبها، المتمثل في النظام الاقتصادي والاجتماعي ثم النظام السياسي، فهذه الأنظمة الثلاثة يؤثر واحدها في أخرييها، من حيث التطوير والتغيير، بإرادة شعبها المطلقة، فيتشكل نظامها الاقتصادي من مجموع أنشطة شعبها الاقتصادية، سواء الفردية أو الجماعية، والشعبية أو الحكومية، ويتشكل نظامها الاجتماعي، من مجموع العلاقات الاجتماعية بين أفراد الشعب، وبين مجموعات العائلات والإثنيات والطوائف، التي تتوحد صفة أفرادها في صفة المواطَنَة، التي تتملك الأرض وثرواتها، وبعبارة أخرى يتملك الشعب دولته.
أما النظام السياسي، فمن دون الغور في التاريخ، نلخص النظام السياسي في الدولة المدنية الحديثة، التي يؤسس فيها الشعب، السلطات التي يفوّضها من داخله، لإدارة نظامه السياسي، المبني أساساً على مبدأ المواطنة المتساوية. هذا النظام السياسي، الذي يفوّضه الشعب أيضاً إدارة نظاميه الاقتصادي والاجتماعي، فينتخب الشعب ممثليه في مجلس دستوري تأسيسي، عند كل مفصل دستوري، يفصل بين حقبتين، مثل ما بين الاستعمار أو الحماية الأجنبية وما بين حقبة الاستقلال، كما جرى في أعوام 1971-1973، أو حين ينتاب الأولى منها انحسار القبول والثقة الشعبية في النظام السياسي المواطني، أو في أي من سلطاته، جراء الميل بعيداً عن المبدأ الأساسي وهو المواطنة المتساوية الحقوق والوجبات، في اقتسام ثروات الوطن، أو في فشل أو فساد أي من السلطات السياسية الثلاث، التشريعية والقضائية والتنفيذية. وأضيف إليها رابعة وهي السلطة الإعلامية، المتوجب كونها سلطةً مستقلةً كباقي السلطات، فشلها أو فسادها في تحقيق هذا المبدأ الأساسي، الوضع الذي تنامى خلال الاثنتي عشرة سنة الماضية، وتوجته الحراكات الشعبية وفقد الثقة في السلطات طوال العامين الماضيين، فيتوجب وبنص دستوري، أن تتم الدعوة لينتخب الشعب أعضاء مجلس دستوري بعدد توافقي مع عدد ممثلين عن الحكم لا غلبة فيه، حيث الشعب مصدر السلطات. وهنا لا نفصل أفراد السلطات عن الشعب، فإنهم أفراد منه، يمارس هذا المجلس، الحوار والتدارس والتحليل والخروج بقرارات دستورية، لتعيد للسلطات الثقة الشعبية بها، أو إبدالها بكفاءات شعبية غيرها لإدارة الدولة.
في الدولة المدنية الحديثة، لا تُدار الدولة الدستورية الديمقراطية، سواء كانت رئاسية أو ملكية، من قبل فئة، بالاستحواذ على أيٍّ من سلطاتها، أو عبر السماح بنفوذ أفرادها السياسي، بأي حال من الأحوال، وإلا استحال نظام الحكم إلى النظام الفئوى، البعيد عن الدستوري والديمقراطي، بانفصال هذه الفئة عن بقية أفراد الشعب، فتُختزل الدولة وتُستخدم مواردها في المقام الأول، لمصلحة بقاء هذه الفئة الحاكمة وتشديد قبضتها على السلطة والثروة.
في الممالك الدستورية الديمقراطية، الملك في جانب هو رأس الدولة بالتوافق الشعبي، الذي يسمو بالملك ونسله إلى مقام الملكية، ولا يكون للشعب بعد ذلك أي تأثير على سمو الأسرة الملكية، إلا في حال انقطاع النسل للتوافق على تنصيب أسرة ملكية جديدة أو التوافق على شخص الولي على نسل الملك القاصر، من بين أفراد السلطة القضائية. وفي الجانب الآخر، الشعب هو سيد ومصدر السلطات، هذان الطرفان يشتركان سوياً في إدارة الدولة، بالتطبيق العملي النزيه، لنصوص الدستور، المختصة بممارسة السيادة ونظام الحكم، المُفَصّلة فيه السلطات وطريقة إنشائها، إما بالانتخاب الشعبي، لبعضها مثل السلطة التنفيذية (الحكومة) والسلطة التشريعية (البرلمان) والتعيين لبعضها الآخر مثل المجلس الاستشاري (ذي الدور الاستشاري البحت)، وإعلان حالات الحروب والطوارئ الاستباقية المرتبطة بها، بتوليه القيادة العليا للجيش الوطني الذي لا يتولى مهامه إلا المواطنون بمعيار الكفاءة وتكافؤ الفرص، وإما الانتخاب الشعبي الحر والعام لجميع السلطات، وفي هذه الحالة يكون للملك حق الاعتراض على كل سلطة منتخبة في أفرادها دون جمعها، بمرسوم ملكي سيادي، بالتصديق على نتيجة الانتخابات، أو بالتصديق على بعضها وعزل بعضها بإرادته الملكية، فإن أعاد الشعب الانتخاب، فلا راد لخياره، إلا قرار الشعب من جديد، وإما بتعيين الملك للسلطات، لتكتسب دستوريتها بالاستفتاء الشعبي العام، وإما بتعيين الملك ثم يحق من بعد ذلك للشعب خلال الدور التشريعي، سحب الثقة من رئاسة أي سلطة فينطبق سحب الثقة على باقي أفرادها، أو سحب الثقة من بعض أفرادها فيختص القرار بهؤلاء الإفراد دون الجمع بالآخرين، ويتم ذلك عبر الاستفتاء الشعبي من بعد أن يسحب ممثلو الشعب في البرلمان الثقة من أي سلطة، أو أفراد منها، ليستحيل القرار دستورياً باستفتاء الشعب عليه، لا بدونه. وفي هذه الحالة، يمارس الشعب سلطته وقراره عبر الاستفتاء الشعبي على أفرادها، إسماً إسماً، أو إن أجمع الشعب واستمر بما لا يقل عن ثلث تعداده عبر التظاهر على عزل أي سلطة، بما في ذلك البرلمان المنتخب، وجب استفتاء الشعب في عزلها بالتصويت على أفرادها فرداً فرداً.
أما فيما يخص انتخاب السلطة القضائية، المتمثلة في مجلس القضاء الأعلى، المهيمن على أفراد القضاء والمحاكم، فيتوجب استقلالها من حيث النشأة والإدارة والقرار، ولميزانيتها الأولوية على باقي بنود الميزانية العامة للدولة، والكفاءة فيها لا يقدّرها إلا أهل الاختصاص، من القضاة والخبراء القانونيين والمحامين، فيتوجب إنشاؤها منهم، عبر انتخابهم الحر المباشر، لمن يمثلهم في هذا المجلس.
وأي استفتاء وتصويت شعبي، لابد أن يخضع لمبدأ مساواة المواطنين في صوتهم الانتخابي، على مستوى الوطن، دون تجزيئه إلى دوائر. هكذا يأتي صوت الشعب، المعبّر عن الإرادة الشعبية، في الاستفتاءات والانتخابات، وينتج عنه حقيقة التمثيل في المجالس لكامل شعب البحرين.
هذه أركان المملكة الدستورية، بالتوافق بين الحكم والشعب، والدولة ليست هي الحكومة، بل الوطن بأرضه وسلطاته وكل مكوّنات شعبه، وما الحكومة إلا إحدى سلطاته لتخدم الشعب، فإن عجزت أو مالت للفساد، فوداعاً من بعد الحساب، والشعب معطاء.
إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"العدد 3858 - السبت 30 مارس 2013م الموافق 18 جمادى الأولى 1434هـ
احسنت.
اجزت واحسنت ، سلمت يداك ، وجزاء الله خيرا ولوألديك.
حكم بلا حدود ولا قواعد - سياجغرافي
ليس من الأسرارأن تاريخ البحرين لا ينكر الانتداب وليس من الحِكم، بينما المعنى الدقيق للحكم وبيانه لا يعني التسلط وإنما الحكم - قانون له قواعد وحدود وهمية كما خطوط الطول والعرض الجغرافية. التناقض الصادر من الجهات المرسومة شكلا وليس معاً وبها خلاف سلطوي بين السلطة و القانون والتشريع شرع ولا أحد له الحق التعدي على سلطة القانون. وهذا ليس مخل بالادب ولا يخالف أو يختلف عليه فهو من أبجديات وبديهيات الحق والقانون. فهل يوجد شهود عيان عدلين؟
المواطنة المتساوية
هذا العنوان لا اراه الا في الصحف فقط والواقع شيء اخر متى الفرج يا ربي ؟ السنا عبيدك وترانا وتسمع اناتنا وترى الامنا تعبنا و انقضى عمرنا ومضى منه 50 عاما بلا سكن وبلا راتب يكفي اصبحنا ننتظر الموت والامل لا يفارقنا لكن لا ارى الا ظلمة ودخان وضباب وطني انا في غربة وانا اعيش فيك